واصبروا ان الله مع الصابرين والزموا طاعة الله وطاعة رسوله في اقوالكم وافعالكم وجميع احوالكم ولا تختلف في الرأي فان الاختلاف سبب لضعفكم وجبنكم وذهاب قوتكم واصبروا عند لقاء عدوكم ان الله مع الصابرين بالنصر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم والتأييد والعون ومن كان الله معه وهو الغالب والمنتصر لا محالة اذا ربنا جل جلاله قد امر بطاعته فقالوا اطيعوا الله ورسوله فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله تعالى لان الله قد امر بطاعة رسوله وجاء النهي عن الاختلاف فقال ولا تنازعوا فتفشلوا لان الشقاق يضعف الامم القوية ويميت الامم الضعيفة ولا تنازعوا فتفشلوا اذا المنازعة نتيجتها الفشل وتذهب ريحكم اي تذهب قوتكم واصبروا ان الله مع الصابرين. جاء الامر بالصبر على جميع الامور ثم قال تعالى ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط ولا تكونوا متل المشركين الذين خرجوا من مكة كبرا ومراءة للناس ويصدون عن دين الله ويمنعونهم من الدخول فيه والله بما يعملون محيط لا يخفى عليه شيء من اعمالهم وسيجازيهم عليها اذا الانسان لا يتشبه بافعال الكفار وينبغي على الانسان ان يعلم ان الله سبحانه وتعالى عالم بامره محيط باحواله واذ زين لهم الشيطان اعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال اني بريء منكم اني ارى ما لا ترون. اني اخاف الله والله شديد العقاب واذكروا ايها المؤمنون من نعم الله عليكم ان حسن الشيطان للمشركين اعمالهم فشجعهم على ملاقاة المسلمين وقتالهم وقال لهم لا غالب لكم اليوم واني ناصركم ومجيركم من عدوكم. فلما التقى الفريقان فريق المؤمنين معهم الملائكة ينصرونهم وفريق المشركين معهم الشيطان الذي سيخذلهم ولا الشيطان هاربا وقال للمشركين اني بريء منكم اني ارى الملائكة الذين جاءوا لنصرة المؤمنين اني اخاف ان يهلكني الله. والله شديد العقاب. فلا يقدر على تحمل عقابه احد اذا الانسان في كل عمل من الاعمال يسعى لاجل ان ينال نصرة الله تعالى فمن اخذ امر الله تعالى فان الله ينصره ويسخر له الاسباب التي تنصره اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم واذكروا اذ يقول المنافقون مضاعفة الايمان خدع هؤلاء المسلمين دينهم الذي يعدهم بالنصر على اعدائهم مع قلة العدد وضعف العدة وكثرة عدد اعدائهم وقوة عتادهم ولم يدرك هؤلاء ان من يعتمد على الله وحده ويثق بما وعد به من النصر فان الله ناصره ولن يخذله مهما كان ضعفه والله عزيز لا يغالبه احد. حكيم في قدره وشرعه ولو ترى اذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم. وذوقوا عذاب الحريق ولو تشاهد ايها الرسول الذين كفروا بالله وبرسله حين تقبض الملائكة ارواحهم وتنتزعها وهم يضربون وجوههم اذا اقبل ويضربون ادبارهم اذا ولوا هاربين ويقولون لهم ذوقوا ايها الكافرون العذاب المحرق لو شاهدت ذلك لشاهدت امرا عظيما ذلك بما قدمت ايديكم وان الله ليس بضلام للعبيد ذلك العذاب المؤلم عند قبظ ارواحكم ايها الكفار والعذاب المحرق في قبوركم وفي الاخرة سببه كسب ايديكم في الدنيا فالله لا يظلم الناس وانما يحكم بينهم بالعدل فهو الحكم العدل والمؤمن ايها الاخوة من كل شيء يأخذ العبرة فهؤلاء بسبب المعاصي قد حصل لهم ما حصل فالمؤمن يحذر المعاصي جميعها فجذورة المعاصي والخبث الذي يتراكم على وجه القلب من كثرة الشهوات المحرمة يمنع صفاء القلب ويمنع جلاءه وحين ذاك يمتنع ظهور الحق فيه لظلمته وتراكمه ولذلك هذا الوقت ينبغي على الانسان ان يحفظ فيه انفاسه السنة شجرة والشهور فروعها والايام اغصانهم والساعات اوراقها والانفاس ثمرها فمن كانت انفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة ومن كانت انفاسه في معصية فثمرته حنظل وانما يكون الجداد الكامل يؤمى المعاد فان الجداد يتبين حلو الثمار من مرها فينبغي على الانسان ان يحفظ انفاسه وان يراقب اعماله وان يحذر ان يضيع وقته في شيء مما حرم الله وربنا لما ذكر هذه الاية الكريمة قال بعدها مبينا على سنته فيمن سبق ونحن نعلم ان سنته متجددة قال كذأ بال فرعون والذين من قبلهم كفروا بايات الله فاخذهم الله بذنوبهم ان الله قوي شديد العقاب وليس هذا العذاب النازل بهؤلاء الكافرين خاصا بهم. بل هو سنة الله التي امضاها على الكافرين في كل زمان ومكان فقد اصاب ال فرعون والامم من قبلهم حين كفروا بايات الله سبحانه فاخذهم الله بسبب ذنوبهم اخذ عزيز مقتدر فانزل بهم عقابه ان الله قوي لا يقهر ولا يغلب. شديد العقاب لمن عصاه من فوائد الايات البطر مرض خطير. البطر مرض خطير ينخر في تكوين شخصية الانسان ويعجل في تدمير كيان صاحبه الصبر يعين على تحمل الشدائد والمصاعب. وللصبر منفعة الهية وهي اعانة الله لمن صبر امتثالا لامره وهذا مشاهد في تصرفات الحياة التنازع والاختلاف من اسباب انقسام الامة وانذار بالهزيمة والتراجع وذهاب القوة والنصر والدولة الايمان يوجب لصاحبه الاقدام على الامور الهائلة التي لا يقدم عليها الجيوش العظام نسأل الله تعالى ان يقوي ايماننا وان يجعلنا واياكم على خير وان يبارك الله تعالى لنا ولكم في شهر رمضان. وان يجعله خير شهر مر على امة الاسلام انه ولي ذلك والقادر عليه هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته