او ادب سلطان احدا من رعيته ولم يسرف واحد من هؤلاء في التأديب ومات المؤدب لم يجب فيه ظمان على المؤدب. لانه فعل ما له فعله شرعا ولم يتعدى فيه بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة وخمسة وثمانون. بسم الله الرحمن الحمد لله رب العالمين لا رب لنا سواه ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحابته وجميع اتباعه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نتحدث اليكم في هذه الحلقة كسابقاتها في موضوع الجنايات وما يترتب عليها قد انتهينا الى موضوع الديات فليكن هو موضوع حديثنا الان الديات جمع دية وهي المال المؤدى الى مجني عليه او وليه بسبب جناية تقول وديت القتيل اذا اعطيت ديته الدية مصدر ودا والهاء فيها بدل من الواو لما حذفت مثل عدة وصلة من الوعد والوصف والدليل على وجوب الدية الكتاب والسنة والاجماع. قال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية الى اهله الاية في الحديث الصحيح من قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما ان يفتدي واما ان يقتل رواه الجماعة فتجب الدية على كل من اتلف انسانا بمباشرة كما لو ضربه او دهسه بسيارة او قتله بتسبب كمن حفر بئرا في طريق او وضع فيه حجرا فتلف بسبب ذلك انسان سواء كانت تالف مسلما او ذميا او مستأمنا او مهاداة لقوله تعالى وان كان من قوم عدو لكم لقوله تعالى وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق هدية مسلمة الى اهله فان كانت الجناية التي تلف بسببها المجني عليه عمدا محضا فان الدية تجب كلها في مال الجاني حاله لان الاصل يقتضي ان بدل المتلف يجب على متلفه. قال الموفق ابن قدامة رحمه الله اجمع اهل العلم على ان دية العمد تجب في مال القاتل لا تحملها العاقلة وهذا يقتضيه الاصل قال تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى انتهى وانما خولف هذا الاصل في دية الخطأ لكثرة الخطأ فان جنايات الخطأ تكثر ودية الادمي كثيرة فايجابها على الجاني في ماله تجحف به فاقتضت الحكمة ايجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل تخفيفا عنه لانه معذور والعامد لا عذر له فلا يستحق التخفيف عنه ولانه قد وجب عليه القصاص فاذا عفي عنه فانه يتحمل الدية فداء عن نفسه وتجب عليه الدية حالة كسائر بدل المتلفات. وعن ما دية القتل شبه العمد ودية القتل الخطأ فانهما يكونان على عاقلة القاتل لحديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اقتتلت امرأتان من هذيل ورمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها متفق عليه فدل الحديث على ان دية شبه العمد تتحملها عاقلة القاتل واما دية الخطأ فقال ابن منذر اجمع كل من نحفظ عنه من اهل العلم انها على العاقلة وقال الموفق ابن قدامة لا نعلم خلافا انها على العاقلة. وكذا دية ما يجري مجرى الخطأ كالقلاب النائم على انسان فيقتله وكحفر البئر تعديا فيقع فيها انسان فيموت وما ترتب على الفعل المأذون به شرعا من تلف فهو غير مظمون كما لو ادب الرجل ولده او زوجته اما ان اسرف في التأديب فزاد فوق المعتاد فتلف المؤدب ظمنه المؤدب لتعديه في ذلك وان كان التأديب لامرأة حامل فاسقطت حملها بسببه وجب على المؤدب ظمان الحمل بغرة عبد او امة لما في الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قضى في املاس المرأة بعبد او امة وهو قول اكثر اهل العلم وكذا من افزع حاملا فاسقطت جنينها بسبب بسبب ذلك كما لو طلبها سلطان او استعدى عليها رجل بالشرط وجب ظمان الجنين على من افزعها لهلاكه بسببه لما روي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه بعث الى امرأة مغيبة كان يدخل عليها فقالت يا ويلها ما لها ولعمر فبينما هي في الطريق اذ فزعت فظربها الطلق فالقت فالقت ولدا فصاح صيحتين ثم مات استشار عمر اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم ليس عليك شيء فقال علي رضي الله عنه ان كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك ان ديته عليك لانك افزعتها فالقته ومن امر شخصا مكلفا ان ينزل بئرا او يصعد شجرة ونحوها ففعل ذلك وهلك بسبب نزوله او صعوده لم يضمنه لانه لم يجني ولم يتعدى عليه في ذلك اما ان كان المأمور غير مكلف فانه يظمنه الامر لانه تسبب في اتلافه ولو استأجر شخصا لنزول البئر وصعود الشجرة فمات بسبب ذلك لم يضمنه المستأجر لانه لم يجني ولم يتعدى عليه ومن دعا من يحفر له بئرا في داره فمات بهدم ولم يلقه عليه احد فهو هدر لعدم التعدي عليه ايها المستمعون الكرام ندرك مما سبق مدى اهتمام الاسلام بحفظ الارواح وحقن دماء الابرياء لكن في وقتنا هذا كثر التهاون هذه المسئولية على ايدي اولئك الذين يتهورون في قيادة السيارات ويعرضون ارواحهم وارواح غيرهم للهلاك وكم هلك بسبب ذلك التهور من الارواح البريئة المحترمة فقد تذهب الجماعة باسرها او العائلة باكملها على يد طائش متهور لا يقدر المسؤولية ولا ينظر في العواقب وقد يكون السبب في ذلك اباء هؤلاء الاطفال المتهورين حين يشترون لهم السيارات الفارهة ويسلمونها لهم يزهقوا بها الارواح البريئة انهم بذلك يسلمونهم سلاحا فتاكا يعبثون به ويحصدون به الانفس ويروعون به الامنين فيجب على هؤلاء ان يتقوا الله في اولادهم وفي ارواح المسلمين ويجب على ولاة الامور وفقهم الله ان يأخذوا على يد الجميع بما يظمن سلامة الجميع واستتباب الامن فان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وفي الختام نسأل الله ان يبصر الجميع ويوفقهم الى طريق الخير والرشاد والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين