بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين امين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الحج في باب صفة الحج ودخول مكة في حديث جابر رضي الله عنه قال فلما كان يوم التروية توجهوا الى منى وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس. فاجاز حتى اتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى اذا زاغت الشمس امر بالقصواء رحلت له فاتى بطن الوادي فخطب الناس ثم اذن ثم اقام فصلى الظهر ثم اقام فصلى العصر ولم يصلي بينهما شيئا. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى في سياق حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما كان يوم التروية كان هنا تامة اي وجد يوم التروية ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة. سمي بذلك لانهم كانوا وهنا الماء يعني يتزودون الماء لذهابهم الى منى لانه لم يكن فيها ماء في ذلك الزمن. واعلم ان كل يوم من ايام الحج له اسم خاص. فكانوا يسمون اليوم السابع مع انه ليس من المناسك يسمى فيوم الزينة لانهم يزينون مراكبهم ورواحلهم ويهيئونها استعدادا للخروج للحج اليوم الثامن يسمى يوم التروية. لانهم كانوا يتروون الماء. واليوم التاسع يسمى يوم عرفة. لانهم بعرفة واليوم العاشر يسمى يوم النحر. ويسمى يوم الحج الاكبر. لان اكثر مناسك الحج تفعل فيه ففيه خمسة مناسك رمي ونحر وحلق او تقصير وطواف وسعي. واليوم الحادي عشر يسمى يوم القر. لان الحجاج قارون في منى. يعني مستقرين فيها. ويسمى ايضا يوم والرؤوس بانهم ينتفعون برؤوس الهدايا والظحايا. واليوم الثاني عشر يسمى يوم النفر الاول اليوم الثالث عشر يسمى يوم النفل الثاني. لما كان يوم التروية توجه الى منى اي قصدوا منى فمن كان على احرامه من قارن او مفرد ذهب وهو على احرامه. ومن لم يكن على احرامه بان كان متمتعا وحل احرم ضحى يوم التروية ثم توجهوا الى منى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها اي بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر يصلي كل صلاة في وقتها. صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين والمغرب ثلاثا عشاء اربعا فلما طلعت الشمس بعد ان مات بها لما طلعت الشمس سار الى عرفة فاجاز حتى اتى عرفة. يعني جاوز المزدلفة. وانما قال جابر رضي الله عنه فاجاز حتى اتى عرفة لبيان مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم للحمس من قريش فانهم كانوا لا يخرجون عن حدود الحرم يقولون نحن اهل الحرم فلا نخرج منه حمية وجاهلية. فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فاجاز حتى اتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة. ونمرة هو منتهى الحد الجنوبي للحرم. وليست من عرفة. فوجد ان القبة قد ضربت له فمكث بها فلما زاغت الشمس اي مالت عن كبد السماء اتى بطن الوادي يعني بطن وادي عرنة وهو في جهة القبلة من المسجد فمسجد نمرة بعضه في عرفة وجزء منه وهو ما يكون جهة القبلة بعضهم في نمرة وليس من عرفة. اتى بطن الوادي عليه الصلاة والسلام فخطب بالناس خطبة عظيمة بليغة بين فيها قواعد الاسلام ودعائم. وكان مما قال ان دماءكم واموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهر كم هذا ثم اذن قام فصلى الظهر ثم اقام فصلى العصر ولم يصلي بينهما شيئا. وقد صادف ان كانت وقفته يوم الجمعة ومع ذلك لم يصلي النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة. لانه ليس من هديه ان يقيمها في السفر فيستفاد من هذه القطعة من الحديث فوائد منها مشروعية الاحرام يوم التروية بغير القارن والمفرد او لمن اراد ان يقرن او يفرد ابتداء. ومنها ايضا مشروعية التوجه الى منى ضحى اليوم الثامن لان النبي صلى الله عليه وسلم توجه اليها ومنها ايضا ان التمتع المشروع ينقطع بدخول ضحى اليوم الثامن لان الله عز وجل قال فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي. وعلى هذا فمن جاء اليوم الثامن فلا يشرع له ان يتمتع بل المشروع في حقه اذا اراد ان يجمع بين النسكين ان يكون قارنا ومن فوائد هذا الحديث ايضا مشروعية البيتوتة ليلة التاسع في منى. وهذا المبيت او البيتوتة سنة باتفاق العلماء بل حكي الاجماع على ذلك. فمن لم يأتي الى منى يوم الثامن ومن لم يبت بها فلا شيء عليه ومنها ايضا مشروعية التوجه الى عرفة اذا طلعت الشمس من اليوم التاسع اقتداء بالرسول صلى الله الله عليه وسلم ومنها ايضا مشروعية المكث والبقاء في نمرة ان تيسر قبل الزوال فان لم يتيسر فانه يتوجه الى عرفة مباشرة. ومنها ايضا مشروعية الخطبة في يوم عرفة. فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس فيها والخطب المشروعة في الحج ثلاث الاولى في يوم عرفة. كما هنا والثانية في يوم النحر. فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم النحر وعلمهم ما يحتاجون اليه من المناسك في هذا اليوم. والثالثة في اليوم الحادي عشر. ولهذا في حديث رضي الله عنها قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس. وقال اليس هذا اوسط ايام التشريق ويوم الرؤوس هو اليوم الحادي عشر. وينبغي ان تشتمل كل خطبة من هذه الخطب على ما يحتاجه الناس فيما يتعلق بمناسكهم وغير ذلك. ومن فوائده ايضا ان من جمع او قضى فوائت فانه يؤذن بالاولى ويقيم بكل فريضة. فالنبي صلى الله عليه وسلم جمع هنا بين الظهر والعصر. فاذن اذانا واقام لكل فريضة. ولهذا قال ثم اذن فاقام فصلى الظهر. ثم اقام فصلى العصر منها ايضا انه لا يشرع التنفل بين المجموعتين. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل بينهما ولا بعده ايضا لان هدي النبي صلى الله عليه وسلم اذا سافر انه لا يصلي السنن الرواتب. وانما يقتصر منها على سنة الفجر. فالسنة للمسافر ان يدع راتبة الظهر القبلية والبعدية. وراتبة المغرب وراتبة العشاء اما بقية السنن كسنة الضحى والوضوء وقيام الليل والوتر فهذا فيه كغيره وما اشتهر عند بعض العامة من ان المسافر لا يصلي السنن فهذا ليس بصحيح لان سنة النبي صلى الله عليه وسلم ترد ذلك. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد