وان كانت تلك الدول تملك من الاسلحة والاجهزة الدقيقة ما تملك فان ذلك لا يغني عنها شيئا حتى تقيم حدود الله التي شرعها لمصالح عباده فان المجتمعات لا تحكم بالحديد والالة فقط على نبينا محمد واله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادت مائة وواحد وتسعون. بسم الله الرحمن رحيم الحمد لله رب العالمين على فضله واحسانه شرع لعباده ما يصلحهم ويحمي مصالحهم من الحدود والعقوبات الشرعية التي تحمل فضيلة وتقمع اصحاب الرذيلة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اما بعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم عبر هذا البرنامج ونخص في حلقتنا هذه وما بعدها التحدث عن الحدود الشرعية وبيان منافعها للخلق في دينهم ودنياهم الحدود جمع حد وهو لغة المنع وحدود الله تعالى محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها والحدود في الاصطلاح الشرعي عقوبة مقدرة شرعا في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها والاصل في مشروعيتها الكتاب والسنة والاجماع قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الحدود صادرة عن رحمة الخلق وارادة الاحسان اليهم. ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم ان يقصد بذلك الاحسان اليهم والرحمة لهم كما يقصد الوالد تأديب ولده وكما يقصد المريض وكما يقصد الطبيب معالجة المريض انتهى والحكمة في تشريع الحدود انها شرعت زواجر للنفوس ونكالا وتطهيرا فهي عقوبة مقدرة لحق الله تعالى ثم لاجل مصلحة المجتمع الله تعالى اوجبها على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع البشرية فهي من اعظم مصالح العباد في المعاش والميعاد فلا تتم سياسة الملك الا بزواجر وعقوبات لارباب الجرائم فبها ينزجر العاصي ويطمئن المطيع وتتحقق العدالة في الارض ويأمن الناس على ارواحهم واعراضهم واموالهم فما هو المشاهد في المجتمعات التي تقيم حدود الله فانه يتحقق فيها من الامن والاستقرار والعدالة وطيب العيش ما لا ينكره منكر بخلاف المجتمعات التي عطلت حدود الله. وزعمت انها وحشية وانها لا تليق بالحضارة المعاصرة فحرمت مجتمعاتها من هذه العدالة الالهية ومن نعمة الامن والاستقرار وانما تحكم بشريعة الله وحدوده وانما الحديد والاجهزة الة لتنفيذ الحدود الشرعية اذا احسن استعمالها وكيف يسمي هؤلاء المنحرفون حدود الله التي هي هدى ورحمة للعالمين كيف يسمونها وحشية ولا يسمون عمل المجرم المعتدي وحشية وهو يروع الامنين ويجني على الابرياء ويخلخل الامن ان هذا هو الوحشية حقا وان الذي يشفق عليه اظلم منه واشد منه وحشية ولكن اذا انتكست العقول وفسدت الفطر فانها ترى الحق باطلا والباطل حقا كما قال الشاعر قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم هذا ولا يجوز تطبيق الحدود على الجناة الا اذا توفرت شروط تطبيقه تطبيقها وهي كما يلي الشرط الاول ان يكون مرتكب الجريمة بالغا عاقلا لقوله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة الصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ رواه اهل السنن وغيرهم فاذا كانت العبادة لا تجب على هؤلاء فالحد اولى بالسقوط لعدم التكليف ولانه يدرأ بالشبهة الشرط الثاني ان يكون مرتكب الجريمة عالما بالتحريم. فلا حد على من يجهل التحريم لقول عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لا حد الا على من علمه ولم يعلم لهم مخالف في الصحابة. وقال الموفق ابن قدامة رحمه الله هو قول عامة اهل العلم فاذا توفرت هذه الشروط في مرتكبي الجريمة التي يترتب عليها الحد الشرعي فانه يقيمه عليه الامام او نائبه لان النبي صلى الله عليه وسلم يقيم الحدود ثم خلفاؤه من بعده كانوا يقيمونها وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم من يقيم الحد نيابة عنه حيث قال واغدوا يا انيس الى امرأة هذا فان اعترفت جمعة. وامر صلى الله عليه وسلم برجم ماعز رضي الله عنه ولم يحضره وقال في سارق اذهبوا به فاقطعوه ولان الحد يحتاج الى اجتهاد ولا يؤمن فيه الحيث فوجب ان يتولاه الامام او نائبه ضمانا للعدالة في تطبيقه سواء كانت الحدود لحق الله تعالى كحد الزنا او كانت او كانت لحق الادمي كحد القذف قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله الحدود التي ليست لقوم معينين تسمى حدود الله وحقوق الله. مثل قطاع الطريق والسراق والزناة ونحوهم. ومثل الحكم في الاموال السلطانية الوقوف والوصايا التي ليست لمعين فهذه من اهم امور الولايات يجب على الولاة البحث عنها واقامتها من غير دعوى احد بها وتقام الشهادة من غير دعوة احد وتجب اقامتها على الشريف والوظيع والقوي والضعيف انتهى ولا تجوز اقامة الحد في المسجد وانما تقام خارجه. لحديث حكيم بن حزام ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان يستقاد بالمسجد وان تنشد الاشعار وان تقام فيه الحدود وتحرم الشفاعة في الحد بعد ان يبلغ السلطان لاجل اسقاطه وعدم اقامته ويحرم القبول ولي الامر ويحرم على ولي الامر قبول الشفاعة في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في امره. وقال صلى الله عليه وسلم الذي اراد ان يعفو عن السارق فهل قبل ان تأتيني به قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا يحل تعطيله اي الحد لا بشفاعة ولا هدية ولا غيرها ولا تحل الشفاعة فيه ومن عطله لذلك وهو قادر على اقامته فعليه لعنة الله وقال رحمه الله ولا يجوز ان يؤخذ من السارق والزاني والشارب وقاطع الطريق ونحوه مال يعطل به لا لبيت المال ولا لغيره. وهذا المال المأخوذ لتعطيل الحد سحت خبيث واذا فعل ولي الامر واذا فعل ولي الامر ذلك جمع بين فسادين عظيمين تعطيل الحد واكل السحت وترك الواجب وفعل المحرم. واجمعوا على ان المال المأخوذ من الزاني والسارق والشارب والمحارب ونحو ذلك. لتعطيل الحد سحت خبيث وهو اكثر ما يوجد من افساد امور المسلمين وهو سبب سقوط حرمة المتولي وسقوط قدره وانحلال امره. انتهى كلامه رحمه الله فالجرائم لا يحسمها ويقع ويقي المجتمع من شرها الا اقامة الحدود الشرعية على مرتكبيها. واما اخذ الغرامة المالية منهم وسجنهم وما اشبه ذلك من العقوبات الوضعية فهي ظياع وظلم وزيادة شر وفق الله ائمة المسلمين للعمل بكتابه وسنة نبيه والحكم بشريعته انه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم