ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين فعلم الله عظيم علم الخالق جل وعلا عظيم وهذا العلم ازلي سابق على المخلوقات كلها المرتبة الثانية الكتابة من ليلة القدر الى العام الاخر من ليلة القدر وهو المعني في قوله تعالى انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم يفرق كل امر حكيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره الى يوم الدين وبعد نبدأ في هذه المحاضرة الثانية ما كنا قد وقفنا عليه من مراتب الايمان بالقدر المقصود بهذه المراتب المراتب التقديرية التي وقعت بها وعلى نحوها ووفقها قدر الله تبارك وتعالى ونحن اليوم نشاهد الصانعين قبل ان يصنعوا سيارة نعلم ان عندهم علما بالمصنوع ثم يكتبون هذا المصنوع ثم يأذنون لمن يعمل معهم ان ينشئ المصنوع على وفق ما كتبوه ووفق ما علموه وهذا مشاهد ايضا في بنيان المباني فان المهندسين المعماريين يعملون يعلمون ثم يكتبون ويخططون كيف تكون البناية ثم يأذنون بالعمل ويبدأ الناس الذين معه بالعمل وفق ما خططوا له وآآ اذا كان هذا مدركا في الحس فانه موجود في النص فمراتب الايمان بالقدر الاربعة هي الاولى العلم وهو ان الله جل في علاه علمه محيط بكل شيء عالم بالعباد واجالهم وارزاقهم وحركاتهم سكناتهم يعلم ما كان في الماضي وما يكون اليوم وما سيكون في المستقبل وقد ذكر الله هذا في القرآن في اية الطلاق لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما بل انه جل وعلا يعلم ما كان لو ما لم يكن لو كان كيف يكون فقال سبحانه في سورة الانعام ولو ترى اذ وقفوا على النار يعني الكفار فقالوا وهم يوم القيامة سيقولون فاخبر الله عن قولهم قبل ان يقولوه وهذا دليل على عظيم علم الله جل وعلا فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين فقال جل وعلا بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل يعني ظهر لهم ما لم يكون ظاهرا لهم ظهر لهم ما كانوا يخفونه من يقينهم بالقيام او صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك كانوا يجحدون ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون ففي هذه الاية اخبار عن علم الله بما سيقوله الكفار يوم القرار واخبار عن تمني الكفار العودة الى الدنيا وان الله يعلم انهم اذا ردوا لو ارجعهم الله لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون اخبار عن علم الله عنهم في الحال فهذا يدل على عظيم علم الله. واذا اراد العبد ان يتأمل في علم الله بل ينظر لدقة الصنعة في كل شيء في عينه بسمعه في بصره في شعره في ظفره في لحمه في شحمه في جلده فيه وفيه وفيه كل شيء له اية تدل على انه الواحد في علمه وخلقه ومشيئته وقدرته بل يتأمل العاقل في قوله جل وعلا وما تسقط من ورقة الا يعلمها ورقة من اوراق الشجر ونحن لا نبالي بها اذا سقطت يعلمها الله وهذه المرتبة معناها الايمان لان الله جل وعلا كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء وكلمة مقادير كل شيء تشمل ما يكون من المخلوقات والمصنوعات وافعال لهم وما يكون من الخالق جل وعلا فعلا وايجادا واعداما وما يكون من الله جل وعلا خطابا وشرع الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير وهذا الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي قال الله جل وعلا عنه بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ فالقرآن الكريم مكتوب في اللوح المحفوظ عند الله جل وعلا قال جل وعلا والطور وكتاب مسطور فرق منشور والبيت المعمور فكل شيء مكتوب ما يفعله الله جل وعلا مكتوب وما يقوله تبارك وتعالى مكتوب وما يكون من فعله تبارك وتعالى من المفعولات مكتوب وما تفعله المفعولات والمخلوقات والمصنوعات مكتوب وهذا دليل على عظيم علمه جل وعلا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وهذا تقدير عام قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة كتب في اللوح المحفوظ وهذا يدل على سبق اللوح المحفوظ على السماوات والارض في الايجاد و هذا الحديث ان الله كتب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والارض خمسين الف سنة لا يعارض ما جاء في حديث محاجة موسى وادم عليهما السلام حيث قال ادم لموسى اتجد ذلك مكتوبا علي قبل ان يخلقني باربعين سنة فذاك تقدير خاص منزوع من تقدير العام الموجود المكتوب قبل خمسين الف سنة كما ان كل واحد منا في بطن امه يكتب له رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد وهذه كتابة خاصة منزوعة من الكتابة العامة التي كانت قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة اذ الكتابات متنوعة وهذا له مثل في واقعنا فانا نجد ان الملوك والامراء يريدون ان يتكلموا بكلام يأمرون بكتب كلامهم ثم يأمرون بحفظ هذا الكتاب في سجلات او في سجل عام ثم بعد ذلك اذا جاء وقت الخطاب يتكلم به او يرسل الخطاب في كتب اخرى في اوقات اخرى ويأمر بالنشر ورب العالمين جل وعلا اجل واعظم واكرم سبحانه وتعالى فالكتب متنوعة مرتبة العلم ومرتبة الكتابة لم ينكرهما عامة الخلق وانما وقع الانكار من غلاة القدرية الذين ادرك رؤوسهم صغار الصحابة رضوان الله عليهم فكفروهم بهذه المقالة الشنيعة حيث زعموا ان الله لا يعلم الاشياء الا بعد وقوعها وهذا مثل الذي يقول ان صانع السيارة لا يعلم كيف ستسير السيارة الا بعد ما تسير وهذا الكلام لا يقبله الانسان في صانع سيارة فكيف يقبله في خالق السماوات والارض جل في علاه اما المرتبة الثالثة وهي المشيئة فمعناها الايمان بمشيئة الله النافذة وان كل ما يجري في هذا الكون فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهذا الذي يقوله العلماء رحمهم الله تعالى وهذا هو الذي يقوله العلماء رحمهم الله تبارك وتعالى مقولة مشهورة حتى عند العامة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن كما قال جل وعلا انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ان يكون له كن فيكون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قلوب بني ادم ان قلوب بني ادم كلها بين اصبعين من اصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء حيث يشاء ثم قال صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك وهذه المرتبة يعني مرتبة الماشية اي ان الله جل وعلا يعلم سبحانه وتعالى وكتب ذلك ثم انه سبحانه وتعالى شاء ذلك الذي علمه وكتبه فهو يوقعه سبحانه وتعالى كما شاء المرتبة الرابعة مرتبة الخلق والايجاد وهذه المرتبة تعني من حيث المفهوم ان الله خالق كل شيء سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه ذلكم الله ربكم خالق كل شيء. وقال الله خالق كل شيء وقال هل من خالق غير الله؟ الجواب لا خالق الا الله وهذه المرتبة يعني الخلق نحن نعترض لماذا جعلت فلانا الاول فانت قد قلت انك تعلم الاول ووقع علمك كما اخبرت ليس لهم الحق لان هؤلاء اجتهدوا فحق لهم ذلك وهؤلاء لم يجتهدوا فحق لهم ذلك معناه وجود المصنوع ووجود المخلوق كما علمه سبحانه وشاءه كما علمه سبحانه وكتبه وشاءه فهذه المراتب الاربعة لابد للمسلم ان يؤمن بها من شك وانكر شيئا من ذلك فانه يكون قد كفر بالقدر الزوم مو شغال يا شيخ من المدرسات من شك وانكر شيئا من ذلك فقد كفر بالقدر ومن كفر بركن من اركان الايمان الاربعة هذه او بمرتبة من هذه المراتب الاربعة فانه لا شك لم يأتي الايمان بالقدر على الوجه المطلوب وحينئذ يقع منه النقصان في مرتبة الايمان بالقدر ومتى ما وقع عنده النقصان في مرتبة الايمان بالقدر وقع عنده نقصان في الايمان ثم ذكروا في هذه المادة المباركة قواعد مهمة متعلقة الايمان بالقدر. الاولى وجوب الايمان بالقدر بمراتبه الاربعة الثانية الاعتماد في معرفة القدر على الكتاب والسنة وترك الاعتماد في ذلك على نظر العقول فلا يجوز للانسان ان يخوض في القدر بعقله ولهذا جاء في الحديث الذي رواه ابو داوود وغيره باسناد صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج على بعض الصحابة وهم يخوضون في القدر فغضب عليهم واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الامة بخير ما لم يخوضوا في القدر والمقصود بالخوض في القدر ان يخوضوا في مسائله بغير نصوص الكتاب والسنة يخوضوه بعقولهم وحينئذ يستجريهم الشيطان فيلعب بهم ومن هنا جاءت القاعدة الثالثة ترك التعمق في البحث بالقدر ومعنى ترك التعمق في البحث في القدر ان نعلم ان الله علم الاشياء كلها قبل وجودها وشاء ذلك وكتب ذلك وشاء ذلك واوجد ذلك هذا القدر كافي فاذا جاءت الاعتراضات فنرجعها الى هذه الاصول الاربعة عندنا نرجعها الى هذه الاصول الاربعة عندنا فنقول علم الله عظيم مبني على حكمة مبني على القدرة مبني على المشيئة وانما انكر من انكر من الفرق الضالة مشيئة الله في خلق العبد وايجاده لخلق العبد كالقدرية الغلاة كالقدرية او عامة القدرية وبذلك كانوا ضلالا فزعمت المعتزلة ومن وافقهم ان العبد يخلق فعل نفسه. لو قالوا العبد يفعل فعل نفسه ما عندنا اشكال فعلا العبء العبد يفعل فعل نفسه لكن العبد لا يخلق فعل نفسه اذ الخلق معناه الايجاد والايجاد هو فعل الرب تبارك وتعالى فحينما يفعل العبد فعلا فالله خالق. ولهذا قال جل وعلا والله خلقكم وما تعملون ثم في الدرس الثاني ذكروا القدر اقسامه واحكامه القدر اقسامه واحكام حينما ننظر الى تقدير الله جل وعلا نجد ان هذا التقدير عام وخاص متعلق بشيء ومتعلق باخر ومن هنا ينقسم القدر الى اربعة اقسام التقدير العام وهو ما تعلق بجميع الكائنات فانه مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال جل وعلا في سورة الحديد ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبراها ان ذلك على الله يسير هذا التقدير يسمى التقدير العام او التقدير في اللوح المحفوظ وهو كما ذكرت يدخل فيه ما يكون من فعل الرب خلقا وايجادا وما يكون من قول الرب كلاما وخطابا وتشريعا ويدخل فيه مفعولات فعل المفعولات وفعل المخلوقات والمصنوعات الثانية التقدير العمري وهو ما يكتب على الانسان وهو في بطن امه قبل ان يبدأ هذه الحياة التقدير العمري وهذا خاص لكل انسان بمفرده وهو ينفصل عن التقدير العام او نسخ لما يكون في التقدير العام متعلق به في كتاب خاص مخصوص به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح او فينفخ فيه الروح يجوز فينفخ فيه الروح لا للملك او فينفخ فيه الروح يعني غير هذا الملك ويؤمر باربع كلمات ايؤمر هذا الملك ان يكتب اربع كلمات بكتب رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد ومن هنا تبدأ صحيفة هذا الانسان ولا يتغير هذا ابدا التقدير الثالث تقدير عام في الوجود خاص في الزمان وهو التقدير السنوي هذا التقدير السنوي هو عام يشمل ما يكون في الارض كله لعموم الخلق لكنه من حيث الزمان خاص التقدير الاخر التقدير اليومي وهو ايضا عام في الموجودات خاص في الزمان وهذا ايضا منسوخ منا التقدير العام في اللوح المحفوظ فالله جل وعلا كل يوم هو سبحانه في شأن فيحيي ويميت ويعطي ويمنع ويعز ويذل ويشفي ويعافي ويغني ويفقر يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى وهذه مسائل مهمة لابد ان ندرك هناك تقدير شرعي وهو ما يكون في الكتب المنزلة ففي القرآن مكتوب ما هو شرع لنا مقدر فيه ما هو شرع لنا وفي التوراة مقدر فيهما وشرع لبني اسرائيل اتباع موسى عليه السلام قبل ان يدخله التحريف وفي الانجيل مكتوب شرع ما شرعه الله من اللوح المحفوظ من كلامه المنزل على عيسى عليه السلام في الانجيل مكتوب فيه ما ينبغي ان يسير عليه وفق وفقه بنو اسرائيل من اتباع عيسى عليه السلام قبل ان يدخله التغيير ومن هنا ينبغي ان نفهم ان الكلام والخوظ في قضائي والقدر غير ممنوع اذا كان بالنص الشرعي وانما الممنوع ان نضرب كتاب الله بعضه ببعض فيدعي قوم اثبات القدر ويغلو ويغلون فيلغون مشيئة العبد او طائفة اخرى تدعي اثبات مشيئة العبد وتنفي مشيئة الرب في فعل العبد فتقع في الظلالة ومن هنا ندرك ان الايمان بالقدر ركن من اركان الايمان اذا هو مطلوب شرعا ان نفهمه كيف يكون ركنا من اركان الايمان ثم لا نتكلم فيه لا نتكلم فيه وفق ما جاء في الكتاب والسنة ثانيا ان القرآن مليء بذكر القدر وتفاصيله ففيه ذكر علم الله ذكر الكتاب فيه ذكر مشيئة الله فيه ذكر مشيئة العبد فيه ذكر فعل الله وخلقه جل وعلا فيه ذكر فعل العبد وافعالهم سواء كانت افعالهم قبيحة او كانت افعالهم حسنة مليحة ان الايمان بالقدر جاء في حديث عمر في قصة جبريل وقد قال عليه الصلاة والسلام في اخر الحديث اتاكم يعلمكم دينكم فسمى تعلم هذه المسائل دينا ومن ضمنها مسألة الايمان بالقدر رابعا ان الصحابة رضي الله تعالى عنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن مسائل في القدر وهذا يدل على انه مطلوب ان الانسان يؤمن بالقدر وفق ما جاء بالكتاب والسنة فعن علي رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فاتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعد حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته المخصرة عصاة في اخرها حديدة يحك بها الناس جلوده ثم قال ما منكم من احد او ما من نفس منفسة الا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار والا وقد كتبت شقية او سعيدة تأمل الان هذه المسألة النبي صلى الله عليه وسلم يبين لهم فقال رجل يا رسول الله فمن افلا نمكث على كتابنا يعني ليش نجتهد وندع العمل فقال صلى الله عليه وسلم من كان من اهل السعادة فسيصير الى عمل اهل السعادة ومن كان من اهل الشقاوة فسيصير الى عمل اهل الشقاء هذا امر مفروغ منه فقال اعملوا فكل ميسر اما اهل السعادة فيسرون لعمل اهل السعادة واما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة ثم قرأ فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وحتى نفهم هذا الحديث ساضرب لكم مثالا لو ان معلما خبيرا عنده خبرة تدريس درس صفا من الصفوف في الجامعة او في المدرسة اسبوعا ثم في الاسبوع الثاني قال لهم اعلم الاوائل منكم واعلم الراسبين منكم واعلم من يكون بين هل هذا الخبر عن علمه سبب لان يترك الطلاب المذاكرة والاجتهاد الجواب لا فلو ان الاستاذ كتب في كتاب عنده مخفي ان فلان سيكون الاول وفلان سيكون راسب وفلان سيكون الثاني وفلان سيكون الراسب وفلان وفلان وفلان بين بين ثم جاء الاختبار فوقع الاختبار كما اخبر الاستاذ غير انه اخطأ في اثنين ممن قال عنهم بين بين واذا بهم راسبين او ممن قال عنهم بين بين واذا هم ناجحون فهذا دليل على خطأ تقديره وعلمه لكن هل هذا مدعاة لان يقول الراسب يا ايها الاستاذ انت الذي رسبتنا لانك اخبرت ان هناك من يرسب وهل هناك وجه اعتراض لان يقول احد يا استاذ فاذا كان الانسان المعلم الظعيف ذو العلم الضعيف والخبرة الضعيفة يعلم من معاشرة الانسان حاله كيف سيكون مآله فكيف بالعليم الخبير اللطيف جل في علاه سبحانه وتعالى فان قال قائل فما معنى نهي اهل العلم عن الكلام في القدر فالجواب ان هذا النهي الذي جاء عن بعض اهل العلم في الكلام والقدر منصب على ما يأتي. اولا الخوض في القدر بالباطل وبلا علم ولا دليل يعني يخوضون في القدر وفق اهواء اهل الباطل من المناطق والفلاسفة ونحوه ثانيا نهيهم لاجل ان لا يخوض الناس في القدر بعقولهم وان يبحثوا عن مسائل القدر في قال الله فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وايضا محمول على ترك التسليم والاذعان لله في قدره فان في قدر الله جل وعلا سر لا يمكن الايمان به الا بالتسليم. والانقياد والاذان فكما نحن نذعا ونؤمن ونستسلم انا لا نعلم حقيقة الروح التي بين جنبينا فيجب ان لا نخوض فيما لا نعقله من مسائل القدر ونقف فلو ان انسانا لم يعقل كيف يكون فعل العبد هو فعلا للعبد يجازى عليه وهو خلق للرب فعليه ان يستسلم وان ينقاد ما دام لم يفهم واما اهل العلم والراسخون في العلم فهم يعلمون ان العبد انما نسب اليه الفعل لانه باشر لانه بذل السبب لانه نوى لانه استخدم قوته استخدم الته سعى في شهوته فاراد ذلك وهو خلق الله لان الله اعطاه القوة. اعطاه الارادة ولو شاء ان يشله لشله ولو شاء ان يعميه لاعمى ولو شاء ان يبكمه لابكمه ولو شاءني ميته لماته ولما فعل لكنه تركه وقواه ثم رفع عنه الموانع فاوجد فعله فكان الفعل للعبد والخلق للرب تبارك وتعالى كذلك نهي بعض اهل العلم عن الكلام في القدر منصب على الجانب الخفي في القدر الذي هو سر الله تبارك وتعالى في خلقه هناك جانب متعلق بسر الله تبارك وتعالى في خلقه اذا لم يفهمه الانسان عليه ان يستسلم بعض الناس لا يفهم الحكمة من كون الله اوجد المخلوقات مع علمه بالاشقياء والسعداء ولو سألوا العالم والعلماء لاجابوه بان الله انما خلق الخلق في دار الابتلاء ولم يدخل السعداء الجنة ولا الاشقياء الجنة لانه لو فعل ذلك لقال اهل الشقاوة لقال اهل الشقاوة اي ربنا عاملتنا بعلمك ولم يصدر منا جرم حتى تعاقبنا وهذا معلوم حتى في دنيا الناس لو ان اميرا او مسئولا علم ان فلان من الناس سيخالف اليوم الاشارة المرورية فاوقفه قبل الاشارة المرورية وهو لم يتجاوز الاشارة المرورية فعاقبه لاعترض قال لكني اعلم انك تخالف الاشارة المرورية كعادتك قال وان كنت فليس لك الحق ان تعاقبه هذه مسألة واضحة فلو ان الله جل وعلا جاز اهل السعادة بعلمهم لربما كان اهل السعادة كان لاهل الشقاوة اعتراضا على اهل السعادة اما وقد اوجدهم في دار البلاء واختبرهم في دار الابتلاء فظهر السعداء بايمانهم وتجلى الاتقياء بتقواهم وصلاحهم وتبين الكفار والمشركون والمنافقون بفعالهم فقد اعذر الله خلقه ورفع عنهم العذر ولله الحجة البالغة هذه مسألة اخرى مذكورة في الدرس وهي الاحتجاج بالقدر على المعاصي والعيوب ممنوع الانسان في دنياه تقع عليه مصائب بدون ارادة منه فليس له ان ان يعترض وانما يقول قدر الله وما شاء فعل لكن انسان يقع في المصايب بارادته وبفعله وقوته فليس له ان يحتج بالقدر انسان يسرع ويتعدى الاشارة الحمراء فيقتل انسانا اخر عمدا فنريد ان نقيم عليه القصاص فيقول يا جماعة لماذا تقتصون مني؟ هذا بقضاء الله وقدره نقول نعم هذا بقضاء الله وقدره واقامتنا الحد عليك ايها المتهور هو بقضاء الله وقدره فالاحتجاج بالقدر على المعاصي والعيوب ممنوع لكن لو ان انسانا كان يمشي بالسرعة المطلوبة ثمت انقلبت السيارة بدون اي سبب منه فحينئذ يأتوا الناس اليه ويقولون له قدر الله وما شاء فعل اصبر واحتسب لانه لا دخل له في هذا الفعل فنفرق بين فعل الفاعلة الذي يكون عامدا متعمدا وبين من لا يتعمد الفعل ويقع منه فليس للسارق ان يحتج بالقدر على سرقته ولهذا لما جيء برجل سارق الى عمر رضي الله عنه فقال يا امير المؤمنين اليس قد سرقت بقضاء الله وقدره فقال له عمر ونحن نقطع يدك بقضاء الله وقدره ولهذا ايها الاخوة والاخوات لابد ان ندرك ان الاحتجاج بالقدر على المعاصي والعيوب صنيعة المشركين وفعيلة الفاسدين والفاسقين قال الله جل وعلا عن المشركين سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء يعني هم احتجوا ليش الله ما منعنا يعني كأنهم يريدون ان الله يغصبهم الايمان فجاء الرد عليهم من الله قل فلله الحجة البالغة. فلو شاء لهداكم اجمعين. لو اراد ان يجبركم على الايمان لا اجبركم لورد ان غصبا عن انوفكم ان تكونوا مؤمنين فيفعل كما قال جل وعلا ان نشأ ننزل عليهم من السماء اية يعني على رؤوسهم يشوفون الجبل فوقهم فظلت اعناقهم لها خاضعين وفعل هذا مع بني اسرائيل وان نطقنا الجبل فوقهم كانه ظلة. خذوا ما اتيناكم بقوة ففعلوا خافوا عند الجبل يسقط عليه فإذا الاحتجاج بالقدر على المعاصي والعيوب فعل المشركين وليس فعل المؤمنين الموحدين وهذه مسألة مهمة فان قال قائل فان ادم وموسى قد فان ادم قد احتج بالقدر يقول احتج بالقدر لانه وقع منه التوبة واذا تاب المشرك من توبته فقيل له قد كنت مشركا فيقول قدر الله قد تبت من ذاك فهذا يجوز له ان احتج بقدر الله بعد ما تاب فان التوبة تجب ما قبلها فليس لاحد ان يحتج على احد في معصية بعد ما تاب منها ولا ان يعيبه بها بعدما تاب منها والا وقع العيب على كثير من الناس فانه ليس معصوم الا الانبياء والرسل وهذه مسألة مهمة لابد ان ننتبه لها مسألة اخرى وهي ان كل قدر الله خير وتقسيم القدر الى خير وشر انما هو باظافته الى الناس باظافته الى المخلوق فمثلا اذا نظرنا الى وقع كورونا فنقول قدر الله كله خير لكن كورونا بالنسبة لبعض الناس شر اذ خسر تجارته فصار شرا له في ماله وبالنسبة لبعض الناس شرا في الانفس اذ فقد قريبه وبالنسبة لاخرين خير رابح اموال اصحاب المواد الغذائية وصاروا تجار وربح اخرون من اصحاب الادوية وربح الاطباء الذين كانوا يعملون الليل والنهار بدوامات اضافية وغيره فاذا تقدير الله لا يقال عنه انه شر تقدير الله خير كله وانما الشر والخير في التقدير بالنسبة للمخلوقات وهذه مسألة مهمة عظيمة حتى خلق الله للنار ليس شرا فالنار خلقها الله جل وعلا ونحن نستفيد منها في الطبخ افرأيتم النار التي تورون انتم انشأتم شجرة ام نحن المنشئون وهذه النار قد يحرق الله بها الكفار فصار النار بالنسبة للكفار شرا عليه وخلق النار ليس شرا وقد يستخدم البعض الكفار والفجار النار في غير ما خلقه الله فيضر الناس فيحرقون الغابات ويفسدون في الارض فهؤلاء استخدامهم هو الذي وقع فيه الشر فهذه مسألة عظيمة لابد ان ندرك ان مصايب والبلايا التي قدرها الله جل وعلا هذه كلها بقدر الله وقدر الله خير لذلك قال صلى الله عليه وسلم والشر ليس اليك فالله لا يوصف في فعله انه شر افعال الله كلها خير اي خلق اوجده الله فهو خير وانما الشر يكون في المخلوق في المصنوع يعني مثلا الحديد خلقها الله خير ان صنع منه الانسان ما ينتفع به كسنارة فصاد كان خيرا له ان صنع الانسان من الحديد سيفا فضرب به الكفار كان خيرا له ان صنعا من الحديد قنبلة ذرية فهلك العباد كان شرا عليه فالماء الشر انما يكون في مفعولات المخلوقات في مفعولات المخلوقات والله جل وعلا ابتلى العبادة واختبره كما قال سبحانه وتعالى حسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون امتحان خير كيف امتحان خير ليميز الله الخبيث من الطير الامتحان خير نعم هو شر بالنسبة للراسبين لكن هم يستحقون ذلك ولهذا قال جل وعلا ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين وكذلك لابد ان ندرك ان في ما يقع في قدر الله جل وعلا مما هو مقدر للعبد من المعاصي ان تاب منها كان في ذلك رفعة له والتائب من الذنب كمن لا ذنب له بل من تاب فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فتكفير الذنوب ورفع الدرجات انما يكون بالابتلاءات و لهذا لابد ان ننتبه ان الانسان المسلم عليه ان يعلم ان قدر الله كله خير فليس في افعال الله شر ابدا كما ليس في شرع الله شر ابدا فليس في قول الله شر وليس في فعل الله شر فاين يكون الشر في اقوال العباد؟ في افعال العباد اين يكون الشر في مفعولات المخلوقات ولهذا ننتبه خلق الله عز وجل ابليس فخلقه لابليس خير ليس بشر لو لم يكن من خلق ابليس الا انه يميز الله به الخبيث من الطيب لكان خيرا. اما بالنسبة لابليس نفسه فانه يرتكب المعاصي والاثام والذنوب والكفر فهذا شر عليه وشر بالنسبة لاتباعه الذين يتبعونه ثم يقودهم الى جهنم وبئس المصير ثم قود الشيطان الكفار والفجار الى النار خير للمؤمنين لان المؤمنين ابتلى الله ابتلاهم الله بالكفار فارتفعت درجاتهم فاذا لا يوجد في تقدير الله شر محض ابدا ثم آآ لعلنا نكتفي بهذا القدر لان الباقي على الاذان ست دقائق نقف على الارادة الكونية الدرس الثالث نأخذه في الغد ان شاء الله وصل اللهم وسلم ابارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين