بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد نقل المصنف رحمه الله في باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم الى قوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فمن شهد منكم الشهر فليصمه. ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر اه تقدم الكلام على اول هذه الايات وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم انكم تتقون اياما معدودات فمن كان منكم مريظا او على سفر فعدة من ايام اخر. ثم قال عز وجل وعلى الذين يضيقونه فدية طعام مسكين. وعلى الذين يطيقونه ان يستطيعونه. وهذا باعتبار الحال الاولى من فرض الصيام فان الصيام اول ما فرض كان الانسان مخيرا بين الاطعام وبين الصيام. فان شاء صام وان شاء واطعم كما في الصحيحين من حديث سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال لما انزل الله عز وجل قوله وعلى الذين يطيقونهم فدية طعام مسكين. كان كان من اراد ان يصوم فعل. ومن اراد ان يفطر ويفتدي فعل. حتى نزل الاية بعدها فمن شهد منكم الشهر فليصمه ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال ليست منسوخة هي في الشيخ والشيخة اذا لم يستطيع الصيام افطر واطعم عن كل يوم مسكينا. قال وعلى الذين يطيقونهم فدية طعام مسكين. فمن يعني فعل الطاعة فهو خير له. يعني ان فعل الطاعة خير له عند الله عز وجل. وان تصوموا يعني صومكم خير لكم ان كنتم تعلمون. ثم قال عز وجل شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. بين سبحانه وتعالى في هذه الاية انه انزل هذا الكتاب العظيم وهو القرآن في شهر رمضان. وكان انزاله في ليلة القدر. كما قال عز وجل فانا انزلناه في ليلة القدر شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ثم بين اوصاف هذا القرآن فقال هدى يعني فيه من الهداية والدلالة والارشاد وبينات من الهدى والفرقان يعني فيه الدلائل الواضحات صفات الله فيه الدلائل الواضحات التي تدل على وحدانية الله عز وجل وغير ذلك. فيه ايات بينات شهر رمضان قال الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. يعني وفيه الفرقان الذي يفرق الانسان فيه بين الحق وبين الباطل. فهذا القرآن هداية لناس. وهو ايات كما قال عز وجل بل هو ايات في صدور الذين هنا اوتوا العلم ثم قال عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه. من شهد قيل من حضر وقيل من شاهد يعني رأى الهلال ويدل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته. فمن شهد منكم الشهر فليصمه. ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وتقدم الكلام عليها. ثم قال يريد الله بكم اليسر. يعني بما شرع لكم وما هداكم اليه يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. ولتكملوا العدة يعني ويريد منكم اتمام العدة واكمالها. وذلك شكر نعمة الله عز وجل على بلوغ رمضان وعلى اتمامه واكماله. ولتكملوا العدة على ما هداكم ولعلكم تشكرون اي تقوم بطاعة المنعم. فهذه الايات الكريمة فيها فوائد من اهمها وجوب وجوب صيام رمضان ومنها ايضا ان الحكمة من ايجاب صيام رمضان هي تقوى الله عز وجل لاجل ان يحقق الانسان تقوى الله لقوله لعلكم تتقون. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع عن طعامه وشرابه ومنها ايضا ان المسافر لا يجب عليه الصوم في قوله فمن كان منكم مريضا او على سفر لكن تقدم ان المسافر اذا لم يشق عليه الصيام فالافضل ان يصوم فداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ايضا ان المريض يجوز له الفطر. ولكن المرض الذي يبيح الفطر هو المرض الذي يشق معه الصيام. بحيث يكون المرض بحيث يكون الصيام سببا لتأخر البرء او في زيادة مرضه واعلم ان العاجز عن الصيام لا يخلو من حالين. الحال الاولى ان يكون عجزه مستمرا لا يرجى زواله. فهذا يجوع فهذا الواجب عليه ان يفطر وان يطعم عن كل يوم مسكينا. فان شاء اطعم عن كل يوم في يومه وان شاء اخر الاطعام الى اخر رمضان. وقد كان انس بن مالك رضي الله عنه لما عجز عن الصيام وكبر كان يجمع في اخر رمضان بعدد ايام رمضان ويطعم عن كل يوم مسكينا. والحال الثاني ان يكون العجز مما يرجى زواله المريض مرضا يرجى برؤه فالواجب عليه ان يؤخر حتى يبرأ ثم يصوم. فمن لم يستطع الصيام لما او كبر او نحو ذلك فهذا هو الواجب عليه. اما الشخص الكبير لانه الكبير في السن فالكبير من حيث الصيام لا يخلو ايضا من احوال. الحالة الاولى ان يكون مطيقا للصوم فيجب عليه الصوم. والحال ان يكون عاجزا عن الصوم لكن عقله معه. فحينئذ يطعم عن كل يوم مسكينا. والحال الثالث ان يكون عقله قد ذهب يعني ان يكون كبيرا قد بلغ من الكبر عتيا بحيث سقط تمييزه وزال تكليفه فهذا لا يجب وعليه شيء لا صيام ولا اطعام. وذلك لانه غير مكلف. وفيه ايضا دليل على وجوب صوم رمضان عند رؤية هلال لقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام اذا رأيتموه فصوموا واذا رأيتموه فافطروا وصيام رمضان يجب بواحد من امرين. اما برؤية هلاله واما باكمال شعبان ثلاثين يوما فمتى رؤي الهلال وجب الصيام لقوله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه. ولقوله اذا رأيتموه فصوموا. ومتى تم شعبان ثلاثين يوما واكملنا شعبان ثلاثين يوما فانه يجب الصوم. لقول النبي عليه الصلاة والسلام صوموا لرؤيته افطروا برؤيته فان غم عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما. وفي هذه الايات ايظا بيان منة الله عز وجل على بانزال هذا القرآن العظيم الذي هو كلام الله عز وجل وهو اعظم الكتب بما فيه من الايات البينات والدلائل الواضحات الذي جعله الله عز وجل هدى للناس. وبينات من الهدى والفرقان. وفيه ايضا دليل على ان شريعة الله الله تعالى مبنية على اليسر. فالشريعة مبنية على التيسير والتسهيل على المكلفين. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه. وقال يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وفيه ايضا دليل على مشروعية شكر نعمة الله عز وجل على فرضية هذا الصيام وعلى نعمته باتمام الصيام فالمشروع للانسان ان يشكر الله عز وجل في بداية رمضان على ان بلغه هذا الشهر العظيم الذي حرم منه كثير من الناس. وان يشكر الله عز وجل في اخر الشهر على ما من به عليه من اتمام نعمة الصيام والقيام والاعمال الصالحة. ولهذا قال ولعلكم تشكرون يعني لاجل ان تقوموا بشكر نعمة الله تعالى. وشكر نعمة الله الشكر نعمة الله يكون بالقلب واللسان والجوارح. فيكون بالقلب بان تعتقد ان مسدي هذه النعم والمتفضل بها هو الله عز وجل. ويكون باللسان بالثناء على الله. ويكون بالجوارح باستعمال نعمه فيما يرضيه سبحانه وتعالى. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد