بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وامام المتقين. وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين. اما بعد فقد تقدم في اول كتاب الحج الاحاديث التي تدل على فضيلة الحج. ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم الحج المبرور ليس له جزاء الا الا الجنة وكقوله صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي خبث الحديد والذهب والفضة. وليس للحجة المبرورة جزاء الا الجنة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه. والحج انما يجب بشروط خمسة الشرط الاول الاسلام فلا يجب الحج على الكافر بل ولا يصح منه لوجود مانع يمنع من صحته وهو الكفر قال الله عز وجل وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله. والشرط الثاني من شروط وجوب الحج العقل. فغير العاقل كالمجنون لا يجب عليه الحج. ولا يصح ومن لان الحج عبادة وكل عبادة لا بد فيها من نية وارادة وقصد. والنية والقصد لا تتصور من المجنون او ممن زال عقله. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق. والشرط الثالث من شروط وجوب الحج البلوغ. فغير البالغ لا يجب عليه الحج. ولكن يصح منه كما سيأتي. ولكن لا يجزئه عن حجة الاسلام. لقوله النبي صلى الله عليه وسلم ايما صبي حج ثم بلغ الحنف. يعني بلغ سن الرشد وهو البلوغ فعليه هي حجة اخرى وسواء كان الصبي مميزا ام غير مميز؟ فكل من كان دون البلوغ فان حجه اذا حج يكون صحيحا كما يأتي في في احاديث الباب ان شاء الله تعالى. والشرط الرابع من وجوب الحج الحرية الرقيق الذي هو العبد لا يجب عليه الحج عند جمهور العلماء. والشرط الخامس وهو الاهم الاستطاعة. لقول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. فلا بد لوجوب الحج من القدرة والاستطاعة والقدرة والاستطاعة بالنسبة للمكلف لابد ان تكون قدرة مالية وقدرة بدنية وها هنا اربعة اقسام. القسم الاول ان يكون الانسان قادرا بماله وبدنه. فيجب عليه ان حج بنفسه. والقسم الثاني ان يكون عاجزا بماله وبدنه. فلا يجب عليه الحج لقول الله عز وجل ولله الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. والقسم الثالث ان يكون قادرا بماله عاجزا ببدنه. فحينئذ ينظر فان كان عجزه مما يرجى زواله. كما لو اصيب بحادث وحصل له كسور ونحو ذلك. بحيث لا يتمكن من اداء النسك في هذا العام فانه ينتظر حتى يبرأ ثم يحج بنفسه. واما اذا كان عجزه مما لا يرجى زواله كالمريض مرضا لا يرجى برؤه والكبير فانه حينئذ ينيب من يحج ويعتمر عنه والقسم الرابع ان يكون قادرا ببدنه عاجزا بماله. كالفقير. فهذا ان توقف فعل الحج على المال فانه لا يجب عليه. كما لو كان بعيدا عن مكة. واما اذا لم يتوقف فعل النسك والذهاب الى المشاعر على المال كما لو كان مثلا في مكة ويتمكن من اداء المناسك فانه يجب عليه لعموم قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. وهذا مستطيع ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة ان يوجد معها محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافر امرأة الا مع ذي محرم ومن الاستطاعة ايضا ان في وقتنا الحاضر ان يحصل الانسان على تصريح للحج فمن لم يتمكن من الحصول على هذا التصريح فانه لا يجب عليه الحج. لانه لا يمكن ان يحج حج النظام الا بالتسريح. وهذه التصاريح قد وضعتها الحكومة وفقها الله تنظيما للحج. وتيسيرا على ان يؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة. لانه من المعلوم ان المشاعر واماكن المشاعر لها نسبة محدودة من الاشخاص فلا يمكن ان يوجد فيها ما يفوق طاقتها. ولو وجد ذلك فانه يترتب على ذلك من المفاسد ما لا يعلمه الا الله من التزاحم والتقاتل اهلاك النفوس. واتلافها فعلى هذا من لم يجد او لم يتمكن من الحصول على هذا التصريح فانه لا يجب عليه لقول الله عز وجل من استطاع ضاع اليه سبيلا وهو غير مستطيع. وكون الانسان يذهب حج النظام ويحج بالتصريح ومن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة اولي امره. لان الله عز وجل امر بطاعتهم في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فامر سبحانه وتعالى بطاعته في ولاة الامر وطاعتهم تجب في غير معصية الله. فاذا امروا بامر او سنوا نظاما لمصلح المصلحة العامة انه تجب طاعتهم في ذلك. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد