بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال الامام البخاري باب قول النبي صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم بالله هكذا بوب الامام البخاري وجعل بابه حديثا نبويا اخذ من الحديث جزءا فوضعه في الباب وهذا منهج معروف البخاري. ثم قال عقبه وان المعرفة فعل القلب. لقوله تعالى ولا يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم. علق النووي يرحمه الله تعالى هنا في شرحه لصحيح البخاري فقال في الاية دليل للمذهب الصحيح المختار الذي عليه الجمهور. ان افعال القلوب اذا استقرت يؤاخذ بها. وقوله صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لامتي ما حدثت به انفسهم ما لم يتكلموا او يعملوا به قال النووي محمول على ما اذا لم يستقر ذلك قال محمول على ما اذا لم يستقر وذلك معفو عنه لانه لا يمكن الانفكاك عنه بخلاف استقرار هكذا قال النووي يرحمه الله تعالى وابن رجب الحنبلي بحث هذه المسألة في كتابه النفيس العلوم والحكم وعلق الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه ايضا على تبويب البخاري ما نصه في كتابه النفيس فتح الباري. قال بهذا التبويب ان المعرفة بالقلب التي هي اصل الايمان فعل للعبد وكسب له واستدل بقوله تعالى بما كسبت قلوبكم. في الاية الخامسة والعشرين بعد المائتين من سورة البقرة. فجعل قلوب كسبا كما جعل للجوارح الظاهرة كسبا. والمعرفة مركبة من تصور وتصديق. فهي علما وعملا وهو تصديق القلب. فان التصور قد يشترك فيه المؤمن والكافر والتصديق يختص به المؤمن فهو عمل قلبه وكسله انتهى. اذا نحصل كلام ابن يرحمه الله تعالى ان المعرفة هي اصل الايمان. وانها تتضمن علما وعملا. ثم اخي الكريم انه قال بعدها وهو تصديق القلب. اي مجموع هذا التضمن من العلم والعمل هو تصديق القلب وهذا على قول من يقول من اهل السنة ان الايمان بمعنى التصديق. ويقصدون به التصديق المتضمن للاسلام اجابة فيكون معنى التصديق ما تضمن القول والعمل. فالخلاصة اذا ان المعرفة بالقلب تتضمن القلب وعمله. وهذا المعنى هو ما اشار اليه البخاري يرحمه الله تعالى بقوله وان معرفة فعل القلب. فان الفعل يطلق على القول والعمل. وهذا الامر مستقر عند بخاري ودليل ذلك ما قاله يرحمه الله تعالى في كتابه خلق افعال العباد بعد حديث جبريل المشهور قال فسمى الايمان والاسلام والشهادة والاحسان والصلاة بقرائتها وما فيها من حركات الركوع السجود فعلا للعبد. وقال شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم. فاطلق رحمه الله القراءة وهي قول انها فعل. وعلى الركوع والسجود وهما عمل انهما فعل. اما مناسبة الاية لما سبق وتزداد وضوحا لمعرفة معنى الكذب في الاية. وقد بين ابن القيم يرحمه الله تعالى هذا الامر في كتابه شفاء العليل فقال فكسب القلب المقام للغو اليمين هو عقده وعزمه. ومعلوم ان عقد القلب وعزمه هما قوله وعمله كظمت المناسبة ثم ان كلام ابن رجب يرحمه الله في مراد البخاري من التبويب يدور حول تظمن المعرفة لقود القلب وعمله خلافا لقول الجهمية ان الايمان مجرد المعرفة. فيأتي السؤال هنا هل هذا هو مراد البخاري يرحمه الله تعالى من تبويبه فقط؟ ام ان هناك مرادا اوسع من ذلك يرى بعضهم ان مراد البخاري يرحمه الله اوسع من هذا. وانه اراد الرد على قول الجهمية كله في وبيان ذلك ما قاله وكيع ابن الجراح يرحمه الله تعالى قال القدرية يقولون الامر مستقبل وان الله تعالى لم يقدر الكتابة والاعمال والمرجئة يقولون القول يجزئ من العمل الجهمية يقولون المعرفة تجزئ من القول والعمل. ومعلوم ان السلف يطلقون القول والعمل ويريدون بهما قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح. فتحصن من هذا ان الجهمية كما انهم خالفوا في القلب وعمله كذلك خالفوا في قول اللسان وعمل الجوارح. فاراد البخاري يرحمه الله تعالى ان يرد عليه في هذا كله خصوصا ان استحضرت كلام البخاري يرحمه الله في السير للذهب اذ قال الذهبي عن البخاري فلما طعنت في ست عشرة سنة كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع عرفت كلام هؤلاء اذا انظر الى ان البخاري قد انتفع من كتب الامام الكبير عبد الله ابن المبارك وانتفع من كتب الامام وفي ابن الجراح عالرئاسي. فمن هذا الاثر ننتفع ان من كان هذا حاله لابد لابد ان يتأثر بكلام وشيع حتى في تأليفه. ومما يزيد تأكيد هذا المعنى انه لو كان المراد الاول فقط وهو المعني فما عرف ان المعرفة فعل القلب على قوله قول النبي صلى الله عليه وسلم انا انا اعلمكم بالله احداهما دليله دليلها الاية والاخرى دليلها الحديث وسيأتي بيان ذلك وكذلك مناسبة الحديث في الباطل. مر معنى كلام ابن رجب يرحمه الله في الرد على الجهمية في مسألة قول القلب وعمله. والان بعون الله نلتمس وجه الرد عليه في مسألة قول اللسان وعمل جوارح. يقول احد الباحثين اما قول اللسان فدلت عليه الاية حيث ان الله قال جعل المؤاخذة في الحلف وهو قول باللسان متعلقا بكسب القلب وجودا وعدما. فلما اراد القلب عقد اليمين وعزم على ذلك امر اللسان فتكلم به فاظهر ما في القلب. فكذلك اذا وجد الايمان كذلك اذا وجد الايمان في القلب فلابد ان يأمر اللسان فيظهره وهذه هي قاعدة اهل السنة والجماعة في التلازم بين الباطل والظاهر واما عمل الجوارح فدل عليه حديث الباب ووجهه ما اشار اليه ابن رجب يرحمه الله تعالى بقوله فيفتح الباري فكونه اتقاهم لله يتضمن شدة اجتهاده في خصال التقوى وهو العمل. وهذا ايضا على قاعدة اهل السنة والجماعة في التلازم بين الباطن والظاهر اذا قال الحافظ ابن حجر فيفتح الباب بعد هذا تحت هذا الباب ما نصبه فظهرت المناسبة بين الاية والحديث وظهر وجه دخولهما في مباحث الايمان فان فيه دليلا على بطلان قول الكرامية ان الايمان قول رقم فقوله فان فيه دليل على بطلان قول الكرامية يشعر ان البخاري اراد بهذا الباب قد رد على الكرامين لانه علل ذلك بقوله فان وهذا المراد فيه نظر. ذلك انه جاء في ترجمة البخاري كما في مقدمة فتح الباري ان ابا جعفر محمود ابن عمرو العقيلي قال لما الف البخاري كتاب الصحيح عرضه على احمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم. فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة الا في اربعة احاديث. قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة. فعلم من هذا النص ان البخاري يرحمه الله الف الصحيح في حياة الامام احمد رحمه الله. وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية يرحمه الله تعالى في كتاب الايمان ما نصه. ولم يكن ابن ابن تيران في زمن احمد ابن حنبل وغيره من الائمة. فلهذا يكون اجماع الناس على خلاف هذا القول. كما ذكر ذلك ابو عبد الله احمد ابن محمد وابو ثور وغيرهما والله سبحانه وتعالى اعلم. اذا هذه المقدمة فيما يتعلق بالباب قال البخاري حدثنا الحديث عشرون وهو حديث اليوم حدثنا محمد بن سلام قال اخبرنا عبده عن هشام عن ابيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا امرهم امرهم من الاعمال بما يطيقون قالوا انا لسنا كهيئتك يا رسول الله ان الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه. ثم يقول ان اتقاكم واعلمكم بالله انا. الحديث وفيه من الفقه ان للانسان ان يخبر عن نفسه بما فيه من الفضل لضرورة تدعوه الى ذلك. لان كلامه صلى الله عليه وسلم بذلك وقع في حال عتاب لاصحابه. ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الفخر. اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر اصحابه باي شيء. يأمرهم بما يطيقون من الاعمال وكانوا لشدة حرصهم على الطاعات يريدون الاجتهاد في العمل. فربما اعتذروا عن امر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق واستعماله له في نفسه ان باعتبار انه غير محتاج الى العمل بضمان المرجع لو وهم غير مضمون لهم المغفرة. فهم يحتاجون الى الاجتهاد ما لا يحتاجه والى ذلك فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغضب من ذلك. ويخبرهم انه اسقاهم. وانه اعلمهم بالله فكونه اتقاهم لله يتضمن شدة اجتهاده في خصال التقوى وهو العمل. وكونه اعلمهم به تضمن ان علمه بالله افضل من علمهم بالله وانما زاد علمه بالله معنيين. احاديث زيادة معرفته بتفاصيل اسمائه وصفاته وافعاله واحكامه وعظمته وكبريائه وما يستحقه من الاجلال والاكرام والاعظام. والثاني ان علمه بالله مستند الى حق بما منحه الله تعالى من المواهب. ولهذا سأل ابراهيم عليه السلام ربه ان يرقيه من مرتبة علم اليقين. الى مرتبة بعين اليقين بالنسبة الى رؤية احياء الموتى. فلما زادت معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بربه زادت خشيته لله تعالى وزاد تقواه لله تعالى. لان العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء. فمن كان بالله وباسمائه وصفاته وافعاله واحكامه اعرف كان له اخشى واتقى. وانما تنقص الخشية والتقوى بحسب نقص المعرفة بالله. وفي هذه احاديث كلها. الانكار على من نسب اليه التقصير في العمل للاتكال على المغفرة. فانه كان يجتهد في الشكر اعظم الاجتهاد. فانه فاذا عثر على ذلك وذكرت له المغفرة اخبر انه يفعل ذلك شكرا لله تعالى كما في الصحيحين عن المغيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى تتفطر قدماه فيقال له تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول افلا اكون عبدا شكورا ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل في الصيام وينهاهم ويقول اني لست في هيئتكم اني اظل عند ربي يطعمني فنسبة التقصير اليه في العمل لاستكاله على المغفرة وهم وهو امر غير موجود. لانه يقتضي ان هديه ليس هو اكمل الهدي وافظله وهذا خطأ عظيم. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. ويقتضي ايضا هذا الخطأ ان الاقتداء به في العمل ليس هو افضل بل الافضل الزيادة على هديه في ذلك. وهذا خطأ عظيم جدا. فان الله تعالى قد امر بمتابعته وحث عليها قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغضب من ذلك غضبا شديدا. لما في هذا الظن من القبح في هديه متابعته والاقتداء به. اذا ايها الاخوة اهل الحديث حديث عظيم. وقد رواه البخاري عن شيوخ وللبخاري في هذا الخبر لطيفة. وشيخ البخاري ابو عبد الله محمد ابن سلام ابن الفرج السنن البخاري سمع ابن عيينة وابن المبارك وغيرهما من الاعلام وعنه الاعلام والحفاظ البخاري. ونحو الامام البخاري من الاجلة. من سق فيه طلب العلم اربعين الف وانفق في نشر علم اربعين الف درهم. وقال ادركت مالكا ولم اسمع منه. وكان الامام احمد يعظمه ويقول عن نفسه محمد ابن سلام احفظ اكثر من خمسة الاف حديث كذب ثم ان لمحمد ابن سلام رحلة ومصنفات في ابواب العلم. وانكسر قلمه في مجلس شيخ فامر ان ينادى قلم بدينار فطارت اليه الاقلام. توفي سنة سبع وعشرين ومائتين يرحمه الله تعالى وانفرد البخاري به عن الكتب الستة. ثم اعلموا ان سلاما والد محمد المبتور بالتخفيف على الصواب وبه قطع المحققون منهم الفضيل وابن ماكولا وهو ما ذكره غنجار في تاريخ بخارى وهو اعلم اهل في بلاده في هذا وحكاه ايضا عنه فقال سهل بن المتوكل فقال قال سهل بن المتوكل سمعت محمد بن سلام يقول محمد ابن سلام بالتخفيف ولست بمحمد ابن سلام. وذكر بعض الحفاظ ان تشديده لحم. وذكر اخرون ان الصواب التجديد والراجح ما ذكرنا. وهنا محمد ابن سلام يرويه عن عبده. وهو ابو محمد عبده تكون الباء ابن سليمان ابن حاجب ابن زرارة ابن عبد الرحمن ابن ابن سمير ابن بليد ابن عبد الله ابن بكر ابن كلاب الكلاب الكوفي. هكذا نسبه محمد ابن سعد في الطبقات. وقيل اسمه عبدالرحمن وعبدة لقبر وقد سمع جماعة من التابعين منهم هشام والاعمش وروى عنه الاعلام احمد وغيره قال احمد ثقة ثقة وزيادة مع صلاح وقال العز ثقة رجل صالح صاحب قرآن يقرئ حقيقة هذه عظيمة انه يقرئ توفي بالكوفة في جمادى وقيل في رجب سنة ثمان وثمانين ومئة. وقال الترمذي وقال البخاري سنة سبع وثمانين ومئة. وقد روى له الجماعة. اما الروى الثالث فهو هشام ابن عروة وقد مر عندنا واما الرابع فهو ابو عروة والد هشام اللي هو عروة ابن الزبير ابن العظام اما الخامسة فهي عائشة ام المؤمنين وسنقف عند عندها حينما نتحدث في كيفية رواية الحديث اما بيان رضاعة الاسناد فمنها ان فيه تحديثا واخبارا وعنعنة. والاكبار في قوله اخبرنا عبد ابن سليمان وفي رواية الاصيل حدثنا ومنها ان اسناده مشتمل على بخاري مكشوفي ومدني ومنها ان رواثه ائمة اجلاء. وهذا الحديث من افراد البخاري عن مسلم. وهو من غرائب في الصحيح لا يعرف الا من هذا الوجه وهو مشهور عن هشام فرد مطلق من حديثه عن ابيه عن عائشة وقوله بما يطيقون من اطاق يطير اضافة وضوقتك الشيء اي كلفتك به وقوله في هيئتك الهيئة الحال والصورة وفي العباب الهيئة الشاردة وفلان حسن الهيئة والهيئة بالفتح والكسر على فيعل الحسن الهيئة من كل شيء يقال يهاء هيئة اما قوله ان الله قد غفر لك فالغفر في اللغة الستر. وفي عباب الغفر التغطية. والغفر والغفران والمغفرة واحد الله لعباده الباسه اياه العفو وستر ذنوبه. ولذلك على المسلم حينما يقول استغفر الله اي اطلب مغفرة الله. اي ستر الله من الذنب وان يكفيني شر الذنب. فهي معاني مهمة على من يستكثر وانت عقب الصلاة الله فعليك ان تدرك هذا المعنى. قوله فيغضب من غضب عليه غضبا ومغضبة اي سخط وقال ابن عرفة الغضب من المخلوقين شيء يداخل قلوبهم. ويكون منه محمود ومذموم. والمذموم ما كان في غير الحق وقال الطحاوي يرحمه الله ان الله يغضب ويرضى لا كاحد من الورى فنحن نقف بهذه الصفة لكنها لا تشبه صفات المخلوقين. قال في العباب واصل الترتيب يدل على شدة قوة قوله ان اتقاكم اي اكثركم تقوى وخشية من الله تعالى واتقاكم اثم ان واعلمكم حق علي. وقوله انا خبرهم وفي كتاب ابي نعيم واعلمكم بالله لان بزيادة باب التأكيد. وقوله لامره من الاعمال اي اذا امر الناس بعمل امره بما يطيقون ظاهره انه كان يكلفهم بما يطاق فعله. ولذلك الشارع لا يكلفه بشيء فوق الطاقة لكن السياق دل على ان المراد انه يكلفهم بما يطاق الدوام على فعله. يعني الامر اسهل انه يكلفهم ما يطاق ويكلفهم ما يطاق الدوام على فعله. وقوله انا لسنا كهيئتك ارادوا بهذا الكلام طلب الاذن في الزيادة من العبادة. والحقيقة هذا يدل على ان الصحابة كانوا يهتمون العمل وانتم تذكرون اننا قد اخذنا سلسلة من الخطب في جامعنا خايفة من الانبياء والمرسلين في قضية الاهتمام بالعمل الصالح وعدم التفريط بالعمل الصالح. اذا ارادوا الكلام طلب الابن في الزيادة من العبادة والرغبة في الخير يقولون انت مغفور لك لا تحتاج الى عمل وما مع هذا انت مواظب على الاعمال فكيف بنا وذنوبنا كثيرة؟ فرد عليهم وقال بما معناه انا اولى بالعمل لماذا لاني اعلمكم واخشاكم. قولهم ان الله قد غفر لك ارتباس من قوله ليغفر الله لك ما تقدم من ذنب وما تأخر وهكذا ايها الاخوة ينبغي على الانسان ان يكثر من قراءة القرآن وان يمر على كتاب الله مرارا وتكرارا متدبرا ويقتبس الايات في كلامه. وقوله اتقاكم اشارة الى كمال القوة العملية واعلمكم الى كمال القوة العلمية. ولما كان عليه الصلاة والسلام جامعا لاقسام التقوى خاويا العلوم ما خصص التقوى ولا العلم واطلق وهذا يعني جمع الاثنين وهذا مما قال علماء المعاني قد يقصد بالحرف افادة العموم والاستغراق. ويعلم منه انه صلى الله عليه وسلم كما انه افضل من كل واحد هو اكرم عند الله واكمل لان كمال الانسان منحصر في الحكمتين. العلمي والعملية. ولذلك انت تسعى لتقوية ملكتك العلمية والعملية كلاهما. وهو الذي بلغ الدرجة العليا والمرتبة القصوى منهن. يجوز ان يكون افضل واكرم واكرم من الجميع حيث قال اتقاكم واعلمكم خطابا للجميع. بل هذا خطاب لجميع الامة الى يوم الدين. فالنبي صلى الله عليه وسلم اتقى هذه الامة وهو اعلم هذه الامة. والمقتدي به صلى الله عليه وسلم يحرص لان اعلم الناس واتقى الناس بل يسابق استفادوا من الحديث ان الاعمال الصالحة لا ترقي صاحبها الى المراتب الثنية من رفع درجات ومحو القظيات. ولذلك من اسباب عدم التثبيت والعمل اننا نعرف اهمية الاعمال الصالحة حتى لا نفرط فيها. ولذلك لما علم عبد الله ابن عمر علم من فضل الصلاة على الجنازة قال لقد فرطنا في قراريط كثيرة. اذا الصالحة ترقي صاحبها الى المراتب العالية. وفي ذلك رفع الدرجات ومحو الخطيئات. لان النبي الله عليه وسلم لم ينكر عليهم استدلالهم من هذه الجهة بل من جهة اخرى. الثاني ان العبادة الاولى فيها القصد وملازمة ما كان الدوام عليه حتى لا يترك المرء العبادة كالكاره لها حقيقة يعني الشارع حينما امروا الاقتصاد حتى لا تترك العبادة لان الانسان اذا فعل شيء ثم ترك هذا الشيء كأنه قد كره عبادة ربهم. الثالث ان الرجل الصالح ينبغي ان لا يترك الاجتهاد في العمل اعتمادا على صلاحه. على الانسان ان يترقى دائما عليه لم يترقى بالعمل الصالح. الرابع ان الرجل يجوز له الاخبار بفضيلته اذا دعت الى ذلك حاجة عند الحاجة فقط العجب والغرور وان لا يكون من باب الفخر. الخامس انه ينبغي ان يحرص على كتمان العمل الصالح لان الانسان اذا تحدث به ربما تزول وربما يعجب الانسان بنفسه ربما يدخل الانسان في الضياء ربما انسان بعمله يحاول ان يتطلع الى كسب دنيوي والدنيا كلها قليل امام الاخرة. الثالث فيه جواز الغضب عند رد امر ونفوذ الحكم في حالة الغضب والتغير ولذلك نقل عن الشافعي انه قال من استغضب فلم يغضب فهو حمار. يعني في امور دين لابد يعني يكون هكذا متحمسا لدينه بالحق ايظا الانسان حينما يغظب حينما وتنزهت حرمات الله عليه ان لا يتجاوز حدود الشريعة. السابع فيه دليل على رفق النبي صلى الله عليه وسلم بامته وان الدين يسر وان الشريعة حنيفية سمحة. الثامن فيه الاشارة الى شدة رغبة الصحابة في العبادة وطلبهم الازدياد من الخير ولذلك حينما يذكر الصحابي او التابعي او الراوي ونذكر ما لديه من الفضائل حتى يقتدى اذا ايها الاخوة من المهم معرفة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الناس من الاعمال بما يطيقون الدوام عليهم شفقة عليهم ورفقا بهم ورحمة لهم. لئلا يتجاوزوا بذلك طاقتهم فيعجز وخير العمل ما دام وان قل. واذا حملوا ما لا يضيقونه تركوه او تركوا بعضهم على ذلك فصاروا في صورة ناقضي العهد. بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين وايضا يخشى ان يكون الانسان كالكارث للعبادة والطاعة. واللائق بطالب الاخرة الترقي. الانسان كلما تقدم به العمر عليه ان يترقى بالعمل الصالح. او ان الانسان يبقى على الحال اما التراجع فلا لمن شاء منكم ان يتقدم او يتأخر التأخر مذموم. ولان الانسان اذا اعتاد من الطاعة ما يمكنه الدوام عليه دخل فيه بانشراح واستنزاز ونشاط ولا يلحقه ملل. وقد ذم الله من اعتاد عبادة ثم فرض كما قال تعالى ورهبانية متى نبتدعها؟ ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله. فما رعوها حق رعايتها. فاتينا الذين امنوا منهم اجرهم وكثير منهم فاسقون. اذا ايها الاخوة حديث عظيم وكل اخبار النبي صلى الله عليه وسلم علينا ان نذكرها من باب ذكر النعمة. فاذا الحديث فوائد ان الاعمال الصالحة ترقي صاحبها الى العالية وعلى الانسان ان لا يفرط حتى الحسنات وتمحى السيئات. ان العبد اذا بلغ الغاية في العبادة وثمرات العبادة هذا ادعى له في المواظبة عليها لاجل استبقاء النعمة والاستزادة لها وطلبا للشكب عليها لان النعمة شكر النعمة نعمة تتجدد على العبد. فيه من الفوائد انه ينبغي للانسان ان يقف عندما هد الشرع ولا يتجاوز الانسان ما حده الشرع. ولذا العلماء يقولون كثيرا ان السنة سنتان سنة فعل وسنة فعلى الانسان ان يأخذ بسنة النبي وعليه ان يأخذ بالارفق للشرع. بالارفق الموافق للشر وهو اولى من ان يأخذ بالاشق المخالف للشرط. كذلك من المهم ان الاولى في العبادة القصد والملازمة لا المبالغة المقتضية للشرك. وايضا يعني هذا الخبر وغيره من الاخبار يدلنا على مكانة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فكما ان النبي هو اعلى من امة واثق الامة كذلك صحابته هم هم تاج رأس هذه الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم. ايضا على الانسان ان يكون سهلا على الاخرين لكن في مواطن لا بد ان يغضب اذا حقوق الله تعالى وحدوده. الانسان لا بد ان يتحدث بالنعمة من باب التحدث بها. واما بنعمة ربك كيف احذر؟ اين الانسان عليه ان يحافظ على العمل الصالح ويحافظ الانسان على اجتهاده وان ينظر الى سير الصالحين حتى يسير على سيرهم. وان الانسان يسعى لان يعني حتى في طول العمر والدعاء للاخر في طول العمر من اجل العمل الصالح. خير الناس من طال عمره وحسن عمله وحقيقة نبينا صلى الله عليه وسلم قد حان الكمال الكمال الانساني. وقد قلنا بان الكمال الانسان اما بالعلم واما بالعمل. وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الكمالين. واشار الى القول بقوله اعلمكم بالله والى اتقاكم فهو صلى الله عليه وسلم اعرف خلق الله بالله واتقى خلق الله لله. ومعرفة الله هي تحقيق العلم باثبات الوحدانية. من المهم جدا في هذا الحديث انه لا يذم قول انا في كل حال. يعني بعض الناس في الحديث يقول اعوذ بالله من شريمتي انا فلا يذم قول انا في كل حال اخذا من هذا الخبر العظيم وهذا الحديث العظيم. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول انا كما قال في هذا الخبر ان اتقاكم واعلمكم بالله انا. والحديث في صحيح البخاري كما عندنا وهو ايضا في صحيح مسلم وكذلك من بعده من الصالحين. قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات يشرك بالله شيئا النار. يقول ابن مسعود وقلت انا من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. شف هذا الكلام من كلام ابن مسعود وهذي الحقيقة مسألة مهمة جدا بعض الناس يتوسع حينما يقول الصحابي قولا مما لا يقال بالرأي. ويأتي على الموقف يقول هذا موقوف له حكم مرفوع. نقول لا تتعجل لان الكثير من الموقوفات ممكن ان يجتهد الصحابي فيها وهنا ابن مسعود قد اجتهد حينما قال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. اخذه من مضمون قول النبي صلى الله عليه وسلم من مات يشرك بالله شيئا دخل النار. اذا النبي صلى الله عليه وسلم قال انا عبد الله ابن مسعود قال انا والامثلة على ذلك كثيرة. وانما يذم قول اهل انا في حال التعالي والاستكبار والغرور والاعتداد بالنفس والتفاخر ونحو ذلك من امور الدنيا فان الانسان متى ما بنفسه ووثق بها وكل اليها. واذا وكل اليها وكل الى عجز وضعف وعورة. لذلك الانسان يسأل ربه ان يمده. يا حي يا قيوم برحمتك استغيث لا تكلني الى نفسي طرفة عين. قال ابن القيم يرحمه الله وليحذر كل الحذر من طغيان انا ولي وعلمي. فان هذه الالفاظ الثلاثة ابتلي بها ابليس. وفرعون وقارون انا اقول نحن كما نقرأ سير اهل الخير والصلاح لنترقى بالعمل كذلك نقرأ سير هؤلاء الذين ضلوا واضلوا كثيرة حتى نحذر ان نقع بما وقعوا فيه. يقول ابن القيم وليحذر كل الحذر من طغياني انا ولي وعندي فان هذه الالفاظ ابتلي بها ابليس وفرعون وقارون. فانا خير من اهل ابليس ولي ملك مصر لفرعون. وانما اوتيته على علم عندي لقارون واحسن ما وضعت انا في قول العبد هكذا يقول ابن القيم انا العبد المذنب المخطئ المستغفر المعتل ونحوه ولي في قوله لي الذنب ولي الجرم ولي المسكنة. ولي الفقر والذل وعندي في قوله اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي. اذا ايها الاخوة كان سلف هذه الامة في غاية التواضع مع هم فيه من علو ورفعة. وقال رجل للامام احمد يرحمه الله بلغني انك من العرب فقال نحن قوم وكان شيخ الاسلام ابن تيمية يكثر ان يقول انا المجدي وابن المجدي وهكذا كان ابي وجدي واين حال اولئك النجوم الزاهرة في مقابل عقول لم تستمر بنور العلم تتباهى بالعلم وتتشبع بما لم يعطى ويكون همها ان يكتب على اسمه الشيخ او الدكتور او الف دال وما اشبه ذلك. واين ذلك من نفوس تتكبر تعالى وهي ليس فيها الا البدع والخرافة. نسأل الله السلامة. اذا ايها الاخوة لابد لنا من الوقوف على فقه هذا الحديث منيا وكل حديث من احاديث النبي الصحيحة الثالثة علينا ان نأخذ منها النصيب الاوفر اذ مهما بلغت مرتبة العبد. ودرجته ومكانته عند الله فانه لا يترك العمل او يقصر فيه او يفهمه بل هذا يستوجب منه على العكس. انا شاهدت في حياتي بعض المتصوفة في العراق وقد ادخلهم اقاربنا الى بيوتنا. ولما ياتي وقت نقول له هيا لنصلي يقول انا معفون من الصلاة. اعوذ بالله من الخذلان فهذا كله من الخذلان ومن الضياع. وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هي الصواب. وما خالف سنة النبي فهو الضلال فمهما بلغت مرتبة العبد ودرجته ومكانته عند الله عز وجل فانه لا يترك العمل ولا يقصر فيه ولا يهمله. بل هذا يستوجب منه على العكس. وهو الاستزادة في العمل والمداومة عليه شكرا للخالق على نعمته وفضله. لان النبي صلى الله عليه وسلم كما مر عندنا من حيث المغيرة ابن شعبة وكذا حديث عائشة انها ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقالت عائشة لم تسمع هذا يا رسول الله؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال افلا احب ان اكون عبدا شكورا. واذا مر عندنا حديث نحوه فرفع الدرجات لا يوجب التقصير بل رفع الدرجات ينبغي على الانسان ان يكثر من شكر الله على هذه النعم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر اصحابه بما يطيقونه ويسهل عليهم ليداوموا عليه. ولا يصابوا بالفتور والملل فينقطعوا. واتباع النبي صلى الله عليه وسلم. وطاعته واجبة. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وانتم تسمعون. وقال تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا. واتقوا الله ان الله شديد العقاب. والرسول صلى الله عليه وسلم اعلم بشرع الله وحكمته وما يجتنب وما يجب وهو اتقى وهو الاتقى لله تعالى فلابد من الاقتداء به صلى الله عليه وسلم ولابد من اتباعه فعلا وتركا. وعن عائشة رضي الله عنها قالت رخص النبي صلى الله عليه وسلم رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في امر فتنزه عنه ناس من الناس. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب حتى بان الغضب في وجهه ثم قال ما بال اقوام يرغبون عما رخص له فيه. فوالله لانا اعلمهم بالله واشدهم له خشية. قال النووي يرحمه الله وانما يكون القرب اليه سبحانه وتعالى والخشية له على حسب ما امر لا بمخيلات النفوس وتكلف الاعمال لم يؤمر بها. ومر عندنا حينما تحدثنا عن ان هذا الخبر فرد من الافراد. وانا اريد من ظاهر الحديث ان يجمع بين صنعة الحديث وفقه الحديث. فهذا الحديث من افراد البخاري كما قال ابن حجر في الفتح قال وهذا الحديث من افراد البخاري عن مسلم. وهو من غرائب الصحيح يقول لا اعرف له لا اعيبه الا من هذا الوجه. يقول فهو مشهور عن هشام. فرد مطلق من حديثه عن ابيه عن عائشة والله اعلم عند ابن منده في كتاب الامام من طريق عبده بن سليمان عن هشام. فالحديث ايها الاخوة حديث عظيم وهو حديث مهم واوصيكم ثم اوصيكم ثم اوصيكم ان تعلموا اهليكم هذه الاخبار العظيمة وهذه الامور عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان اذا امر الصحابة بشيء امرهم بما عليهم دون ما يشق عليهم وهذا من رحمته صورة من صور المشرقة في رحمته صلى الله عليه وسلم بامته من المسائل المهمة الوقوف عندما حدث الشارع وان لا يثق وان لا يتنطع الانسان. وآآ ام عاشنا واعدت ان اتحدث وقفات مع عائشة في هذا الحديث. فامنا عائشة رضي الله عنها وجزاها الله الله عنا خيرا. روت هذا الحديث العظيم. وذكرت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الصحابة بما يطيقون من ومنه نرى حرصها رضي الله عنها في معرفة ما كان يأمر به نبينا صلى الله عليه وسلم اصحابه وما يجيبنا وهذا من تدبر القرآن الذي نحث عليه ليل نهار بل ان خطابنا في الجمعة اصبحت خاصة في تفسير القرآن لنزرع في قلب المؤمن تدبر القرآن. ربنا خاطب نساء نبيه قال واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ايات الله والحكمة فهذا تطبيق عملي لما في كتاب الله تعالى وتطبيق عملي لتدبر القرآن. فقولها فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه. فيه انها رأت غضبه ووجهه وروت لنا صفة غضبه ليكون ابلغ. وهذا مما يدل على ان الصحابة حينما نقلوا لنا السنة النبوية نقلوها لنا. كما هي حالا ومقالا وايضا نرى حقيقة ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها على تعلم العلم وانها كانت تحب ان لا يفوتها الخير فكانت تحظر ما يجري بين النبي صلى الله عليه وسلم وتحفظه تاما وتبثه رضي الله عنها وارضاها. عائشة رضي الله عنها قدوة عظيمة لنا. وتبقى قدوتها للرجال والنساء لا يرث الله الارض ومن عليها. فكان يهمها ما يجري بين النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة. وكانت تحب ان تنهل من مشكاة النبوة وكانت تحرص على ان لا يفوتها العلم والخير. فنسأل الله جل جلاله ان يجمعنا بها في اعلى عليين مع النبي صلى الله عليه وسلم. والشهداء والصديقين هذه هذا اليوم وهذه الليلة ليلة عظيمة مباركة. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يحفظ بلادنا وان يعصم دماءنا وان يمن علينا بالعمل الصالح وان يوسع علينا وعلى امة محمد اجمعين الرزق والخير والفضل. وصلي وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه به اجمع