موهمين انهم على جزم من ظهورهم عليه. باي حالة كانت. فقال لهم موسى فالقوا حبالهم معصيهم اليه اي الى موسى من سحرهم البليغ. اي انها حية تسعى. فلما خيل الى موسى ذلك المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. يخبر تعالى انه ارى فرعون من الايات والعبر والقواطع جميع انواعها العيانية والافقية والنفسية. فما استقام ولا ارعوى وانما كذب وتولى. كذب الخبر وتولى عن الامر والنهي وجعل الحق باطلا والباطل حقا. وجادل بالباطل ليضل الناس لتخرجنا من ارضنا بسحرك يا موسى. زعم ان هذه الايات التي اراها اياه موسى سحر وتمويه المقصود منها اخراجهم من ارضهم. والاستيلاء عليها ليكون كلامه مؤثرا في قلوب قومه. فان الطباع تميل الى اوطانها. ويصعب يصعب عليها الخروج منها ومفارقتها. فاخبرهم ان موسى هذا قصده ليبغضوه ويسعوا في محاربته فلنأتينك بسحر مثل سحرك فامهلنا. واجعل لنا موعدا لا نخلفه نحن ولا انت مكانا سوى. اي مستو علمنا وعلمك به او مكانا مستويا معتدلا ليتمكن من رؤية ما فيه. فقال موسى موعدكم يوم الزينة وهو عيدهم الذي يتفرغون فيه ويقطعون شواغله اي يجمعون كلهم في وقت الضحى وانما سأل موسى ذلك لان يوم الزينة ووقت الضحى منه يحصل فيه من كثرة الاجتماع ورؤية الاشياء على حقائقها ما لا يحصل في غيره اي جميع ما يقدر عليه مما يكيد به موسى فارسل في مدائنه من يحشر السحرة الماهرين في سحرهم وكان السحر اذ ذاك متوفرا وعلمه علما مرغوبا فيه. فجمع خلقا كثيرا من السحرة. ثم اتى كل منهما للموعد واجتمع الناس للموعد وكان الجمع حافلا حضره الرجال والنساء والملأ والاشراف والعوام والصغار والكبار وحظ اسعد الاجتماع وقالوا للناس هل انتم مجتمعون؟ لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين. فحين اجتمعوا من جميع البلدان وعظهم موسى عليه السلام واقام عليهم الحجة وقال لهم وقد خاب من افترى. اي لا تنصروا ما انتم عليه من الباطل بسحركم وتغالبون الحق. وتفترون على الله الكذب. فيستأصلكم بعذاب من عنده ويخيب سعيكم وافتراؤكم. فلا تدركون ما اتطلبون من النصر والجاه عند فرعون وملأه؟ ولا تسلمون من عذاب الله اجواء وكلام الحق لابد ان يؤثر في القلوب. لا جرم ارتفع الخصام والنزاع بين السحرة. لما سمعوا كلام موسى وارتبكوا ولعل من جملة نزاعهم الاشتباه في موسى هل هو على الحق ام لا؟ ولكن هم الى الان ما تم امرهم ليقضي الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. فحين اذ اسروا فيما بينهم النجوى وانهم يتفقون على مقالة واحدة لينجحوا في مقالهم وفعالهم. وليتمسك الناس بدينهم والنجوى التي اسروها فسرها بقوله ارضكم بسحرهما ويلهبا بطريقتكم المثلى. كما قالت فرعون السابقة فاما ان يكون ذلك توافقا من فرعون والسحرة على هذه المقالة من غير قصد. واما ان يكون تلقينا منه لهم مقالته. التي صمم عليها واظهرها للناس وزادوا على قول فرعون ان قالوا اي طريقة السحر حسدكم عليها واراد ان يظهر عليكم ليكون له الفخر والصيت والشهرة. ويكون هو المقصود بهذا العلم الذي اشغلتم زمانكم فيه. ويذهب عنكم ما كنتم تأكلون بسببه وما يتبع ذلك من الرياسة. وهذا حظ من بعضهم على بعض على الاجتهاد في مغالبته. ولهذا قالوا فاجمعوا وكيدكم اي اظهروه دفعة واحدة متظاهرين متساعدين فيه. متناصرين. متفقا رأيكم وكلمتكم. ثم اتوا صفا ليكون هنا امكن لعملكم واهيب لكم في القلوب. ولان لا يترك بعضكم بعض مقدوره عن العمل. واعلموا ان من افلح اليوم ونجح وغلب غيره فانه المفلح الفائز. فهذا يوم له ما بعده من الايام. فلله درهم ما اصلبهم في باطلهم واشدهم فيه. حيث اتوا وبكل سبب ووسيلة وممكن ومكيدة يكيدون بها الحق. ويأبى الله الا ان يتم نوره ويظهر الحق على الباطل. فلما تمت عقيدتهم وانحصر مقصدهم ولم يبق الا العمل قالوا يا موسى اما ان تلقي عصاك كما هو مقتضى الطبيعة البشرية والا فهو جازم بوعد الله ونصره قلنا لا تخف انك انت الاعلى. قلنا له تثبيتا وتطمينا انك انت الاعلى عليهم. اي ستعلو عليهم وتقهرهم. ويذلوا لك ويخضعوا. والقنا في يمينك والقي ما في يمينك اي عصاك اصنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث اتاك. اي كيدهم ومكرهم ليس بمثمر لهم ولا ناجح انه من كيد السحرة الذين يموهون على الناس ويلبسون الباطل ويخيلون انهم على الحق. فالقى موسى عصاه فتلقفت ما صنعوا كله واكلته. والناس ينظرون لذلك الصنيع. فعلم السحرة علما يقينا ان هذا ليس بسحر. وانه من الله فبادروا للايمان فالقي السحرة سجدا قالوا امنا برب هارون وموسى. فالقي السحرة ساجدين قالوا امنا برب العالمين. رب موسى وهارون. ووقع الحق وظهر وسطع. وبطل السحر والمكر والكيد. في ذلك المجمع العظيم فصارت بينة ورحمة للمؤمنين وحجة على المعاندين آآ ولتعلمن اشد عذابا وابقى. قال فرعون للسحرة امنتم له قبل ان لكم اي كيف اقدمتم على الايمان من دون مراجعة مني ولا اذن. استغرب ذلك منهم لادبهم معه. وذلهم وانقيادهم له في كل امر من امورهم وجعل هذا من ذاك. ثم استلج فرعون في كفره وطغيانه بعد هذا البرهان. واستخف عقول قومه نرى لهم ان هذه الغلبة من موسى للسحرة ليس لان الذي معه الحق بل لانه تمالأ هو والسحرة ومكروا ودبروا ان يخرجوا فرعون وقومه من بلادهم وقبل قومه هذا المكر منه وظنوه صدقا واستخف قومه فاطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين مع ان هذه المقالة التي قالها لا تدخل عقل من له ادنى مسكة من عقل. ومعرفة بالواقع. فان موسى اتى من مدين وحيدا وحين اتى لم يجتمع باحد من السحرة ولا غيرهم بل بادر الى دعوة فرعون وقومه واراهم الايات فاراد فرعون ان يعارض ما جاء جاء به موسى فسعى ما امكنه. وارسل في مدائنه من يجمع له كل ساحر عليم. فجاؤوا اليه ووعدهم الاجر والمنزلة عند الغلبة وهم حرصوا غاية الحرص. وكادوا اشد الكيد على غلبتهم لموسى. وكان منهم ما كان. فهل يمكن ان يتصور مع هذا ان يكونوا دبروه ثم موسى واتفقوا على ما صدر. هذا من امحل المحال. ثم توعد فرعون السحرة فقال كما يفعل بالمحارب الساعي بالفساد. يقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ولاصلبن في جذوع النخل اي لاجل ان تشتهروا وتختزوا يعني بزعمه هو او الله. وانه اشد عذابا من الله وابقى. قلبا للحقائق وترهيبا لمن لا عقل له. ولهذا لما السحرة الحق ورزقهم الله من العقل ما يدركون به الحقائق اجابوه بقولهم جاءنا من البينات والذي فطرنا. اي لن نختارك وما وعدتنا به من الاجر والتقريب. على ما الله من الايات البينات الدالات على ان الله هو الرب المعبود وحده. المعظم المبجل وان ما سواه باطل. ونؤثرك على الذي فطرنا وخلقنا هذا لا يكون. فاقض ما انت قاض مما اوعدتنا به من القطع والصلب والعذاب انما تقضي هذه الحياة الدنيا. اي انما توعدنا به غاية ما يكون في هذه الحياة الدنيا ينقضي ويزول ولا يضرنا بخلاف عذاب الله لمن استمر على كفره فانه دائم عظيم. وهذا كأنه جواب منهم لقوله. وفي هذا الكلام من السحرة دليل على انه ينبغي للعاقل ان يوازن بين لذات الدنيا ولذات الاخرة وبين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة خطايانا. اي كفرنا ومعاصينا فان الايمان مكفر للسيئات والتوبة تجب ما قبلها. وما اكرهتنا عليه من السحر والله خير وابقى وما اكرهتنا عليه من السحر الذي عارضنا به الحق. هذا دليل على انهم غير مختارين في عملهم المتقدم. وانما اكرههم فرعون اكراما والظاهر والله اعلم ان موسى لما وعظهم كما تقدم في قوله ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب اثر معهم ووقع منهم موقعا كبيرا. ولهذا تنازعوا بعد هذا الكلام والموعظة. ثمان فرعون الزمهم ذلك. واكرههم على المكر الذي اجروه ولهذا تكلموا بكلامه السابق قبل اتيانهم حيث قالوا ان هذان لساحران يريدان ان يخرجاكم من ارضكم بسحرهما فجروا على ما سنه لهم واكرههم عليه. ولعل هذه النكتة التي قامت بقلوبهم من كراهتهم لمعارضة الحق بالباطل فعله ما فعلوا على وجه الاغماض هي التي اثرت معهم ورحمهم الله بسببها ووفقهم للايمان والتوبة والله خير مما وعدتنا من الاجر والمنزلة والجاه. وابقى ثوابا واحسانا لا ما يقول فرعون. ولتعلمن اشد عذابا وابقى. يريد انه اشد عذابا وابقى. وجميع ما اتى من قصص موسى مع فرعون. يذكر الله فيه اذا اتى على قصة السحرة ان فرعون توعدهم بالقطع والصلب ولم يذكر انه فعل ذلك ولم يأتي في ذلك حديث صحيح والجزم بوقوعه او عدمه يتوقف على الدليل والله اعلم بذلك وغيره. ولكن توعده اياهم بذلك مع اقتداره. دليل على وقوعه. ولانه لو لم يقع لذكره الله والاتفاق الناقلين على ذلك يخبر تعالى ان من اتاه وقدم عليه مجرما اي وصفه الجرم من كل وجه وذلك يستلزم الكفر. واستمر على ذلك حتى مات فان له نار جهنم. الشديد نكالها العظيمة اغلالها البعيد قعرها الاليم حرها وقرها. التي فيها من العقاب ما يذيب الاكباد والقلوب. ومن شدة ذلك ان كذب فيها لا يموت ولا يحيى. لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة يتلذذ بها. وانما حياته محشوة بعذاب القلب والروح والبدن الذي لا يقدر قدره ولا يفتر عنه ساعة يستغيث فلا يغاث ويدعو فلا يستجاب له. نعم اذا استغاث اغيث بماء كالمهل يشوي الوجوه وان دعا اجيب باخسئوا فيها ولا تكلمون جنات عدن تجري من تحت ومن يأتي ربه مؤمنا به مصدقا لرسله متبعا لكتبه قد عمل الصالحات الواجبة والمستحبة اي المنازل العاليات وفي الغرف المزخرفات واللذات المتواصلة والانهار السارحات والخلود الدائم والسرور العظيم. فما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وذلك الثواب جزاء من تزكى اي تطهر من الشرك والكفر والفسوق والعصيان. اما الا يفعلها بالكلية او يتوب مما فعله منها. وزكى ايضا نفسه ونماها الايمان والعمل الصالح. فان التزكية معنيين. التنقية وازالة الخبث والزيادة بحصول الخير. وسميت الزكاة زكاة لهذين الامرين تخاف دركا ولا تخشى لما ظهر موسى بالبراهين على فرعون وقومه مكث في مصر يدعوهم الى الاسلام ويسعى في تخليص بني اسرائيل من فرعون وعذابه. وفرعون في عتو ونفور. وامره شديد على بني اسرائيل. ويريه الله من الايات والعبر ما قصه الله علينا في القرآن وبنو اسرائيل لا يقدرون ان يظهروا ايمانهم ويعلنوه. قد اتخذوا بيوتهم مساجد. وصبروا على فرعون واذاه. فاراد الله تعالى ان ينجيهم من عدوهم. ويمكن لهم في الارض ليعبدوه جهرا. ويقيموا امره. فاوحى الى نبيه موسى انسر او سيروا اول الليل ليتمادوا في الارض واخبره ان فرعون وقومه سيتبعونه فخرجوا اول الليل بني اسرائيل هم ونسائهم وذريتهم. فلما اصبح اهل مصر اذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب. فحنق عليهم عدوهم فرعون وارسل في المدائن من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في اثر بني اسرائيل. ليوقع بهم وينفذ غيظه. والله غالب على امره وتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني اسرائيل فاتبعوهم مشرقين. فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون وقلقوا وخافوا. البحر امامهم وفرعون من ورائهم. قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا. وموسى مطمئن القلب ساكن البال. قد وثق بوعد ربه فقال كلا ان معي ربي سيهدين. فاوحى الله اليه ان يضرب البحر بعصاه فضربه انفرق اثني عشر طريقا وصار الماء كالجبال العالية. عن يمين الطرق ويسارها. وايبس الله طرقهم التي فرق عنها الماء وامرهم الله الا يخافوا من ادراك فرعون. ولا يخشوا من الغرق في البحر. فسلكوا في تلك الطرق. فجاء فرعون وجنوده سلكوا وراءهم حتى اذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين امر الله البحر فالتطم عليهم وغشيهم من فيما غشيهم وغرقوا كلهم ولم ينجح منهم احد. وبنو اسرائيل ينظرون الى عدوهم. قد اقر الله اعينهم بهلاكه. وهذا عاقبة الكفر والضلال وعدم الاهتداء بهدي الله. ولهذا قال تعالى واضل فرعون قومه بما زين لهم من الكفر. وتهجين ما اتى به موسى واستخفافه اياهم. وما هداهم في وقت من الاوقات اوردهم موارد الغي والضلال. ثم اوردهم مورد العذاب والنكال وواعدناكم جانب الطور الايمن ونزلنا عليكم يذكر تعالى بني اسرائيل منته العظيمة عليهم باهلاك عدوهم ومواعدته لموسى عليه السلام بجانب الايمن لينزل عليه الكتاب الذي فيه الاحكام الجليلة والاخبار الجميلة. فتتم عليهم النعمة الدينية بعد النعمة الدنيوية ويذكر منته ايضا عليهم في التيه. بانزال المن والسلوى والرزق الرغد الهني الذي يحصل لهم بلا مشقة. وانه قال لهم غضبي فقد هوى. كلوا من طيبات ما رزقناكم اي واشكروه على ما اسدى اليكم من النعم. ولا تطغوا فيه اي في رزقه ستستعملونه في معاصيه وتبطرون النعمة فانكم ان فعلتم ذلك عل عليكم غضبي اي غضبت عليكم ثم عذبتكم اي ردى وهلك وخاب وخسر لانه عدم الرضا والاحسان وحل عليه فيه الغضب والخسران. ومع هذا التوبة معروضة. ولو عمل العبد ما عمل من المعاصي. فلهذا قال واني لغفار اي كثير المغفرة والرحمة لمن تاب من الكفر والبدعة والفسوق. وامن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وعمل صالحا من اعمال القلب والبدن واقوال اللسان. اي سلك الصراط المستقيم وتابع الرسول الكريم. واقتدى بالدين القويم. فهذا يغفر الله اوزاره ويعفو عما تقدم من ذنبه واصراره. لانه اتى بالسبب الاكبر للمغفرة والرحمة. بل الاسباب كلها منحصرة في هذه الاشياء فان التوبة تجب ما قبلها. والايمان والاسلام يهدم ما قبله. والعمل الصالح الذي هو الحسنات. يذهب السيئات. وسلوك طرق الهداية بجميع انواعها. من تعلم علم وتدبر اية او حديث. حتى يتبين له معنى من المعاني يهتدي به. ودعوة الى دين الحق ورد بدعة او كفر او ضلالة. وجهاد وهجرة وغير ذلك من جزئيات الهداية. كلها مكفرات للذنوب صلات لغاية المطلوب. كان الله تعالى قد وعد موسى ان يأتيه لينزل عليه ثورات ثلاثين ليلة اتمها بعشر. فلما تم الميقات بادر موسى عليه السلام الى الحضور للموعد شوقا لربه. وحرصا على وعوده فقال الله له اي ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى انت وهم. هم اولاء على اثره اي قريب مني وسيصلون في اثري. والذي عجلني اليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك. وشوقا اليك. فقال الله له فان قد فتنا قومك من بعدك اي بعبادتهم للعجل. ابتليناهم واختبرناهم فلم يصبروا كفروا واضلهم السامري. فاخرج لهم عجلا جسدا وصاغه فصار له خوار. فقالوا لهم هذا الهكم واله موسى فنسي. فنسيه موسى. فافتت به بنو اسرائيل فعبدوه ونهاهم هارون فلم ينتهوا. فلما رجع موسى الى قومه وهو غضبان اسف. اي ممتلئ غيظا وحنقا وغما. قال لهم موبخا ومقبحا لفعلهم. قال يا قوم وذلك بانزال التوراة افطال عليكم العهد اي المدة فتطاولتم وهي مدة قصيرة. هذا قول كثير من المفسرين. ويحتمل ان معناه افطال عليكم عهد النبوة والرسالة. فلم يكن لكم بالنبوة علم ولا اثر واندرست اثارها فلم تقفوا منها على خبر ثمحت اثارها لبعد العهد بها فعبدتم غير الله لغلبة الجهل وعدم العلم باثار الرسالة اليس الامر كذلك؟ بل النبوة بين اظهركم والعلم قائم والعذر غير مقبول ام اردتم بفعلكم ان يحل اليكم غضب من ربكم. اي فتعرضتم لاسبابه واقتحمتم موجب عذابه. وهذا هو الواقع حين امرتكم بالاستقامة ووصيت بكم هارون فلم ترقبوا غائبا ولم تحترموا حاضرا اي قالوا له ما فعلنا الذي فعلنا عن تعمد منا وملك منا لانفسنا ولكن السبب الداعي لذلك اننا تأثمنا من زينة القوم التي عندنا وكانوا فيما يذكرون استعاروا حليا كثيرا من القبط وخرجوا وهو معهم والقوه اجتمعوه حين ذهب موسى ليراجعوه فيه اذا رجع. وكان السامري قد بصر يوم الغرق باثر الرسول. فسولت له نفسه ان يأخذ قبضة من اثره وانه اذا القاها على شيء حي فتنة وامتحانا فالقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل. فتحرك العجل وصار له خوار وصوت وقالوا ان موسى ذهب يطلب ربه. وهو ها هنا فنسيه. افلا يرون الا وهذا من بلادتهم وسخافة عقولهم حيث رأوا هذا الغريب الذي صار له خوار بعد ان كان جمادا فظنوه اله الارض والسماوات. افلا يرون ان العجل لا اليهم قولا اي لا يتكلم ويراجعهم ويراجعونه. ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا. فالعادم للكمال والكلام والفعال لا يستحق ان يعبد وهو انقص من عابديه. فانهم يتكلمون ويقدرون على بعض الاشياء. من النفع والدفع باقدار الله لهم