المأمور به وعمل صالحا من واجب ومسنون. فلا يخاف ظلما اي سادة في سيئاته ولا هضما. اي نقصا من حسناته. بل تغفر ذنوبه وتطهر عيوبه. وتضاعف حسناته. وان تك حسنة المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لبثتم الا يوما. اي اذا نفخ في الصور وخرج الناس من قبورهم كل على حسب حاله. فالمتقون يحشرون الى الرحمن وفد والمجرمون يحشرون زرقا الوانهم من الخوف والقلق والعطش يتناجون بينهم ويتخافتون في قصر مدة الدنيا وسرعة في الاخرة فيقول بعضهم ما لبثتم الا عشرة ايام. ويقول بعضهم غير ذلك. والله يعلم تخافتهم ويسمع ما يقولون اذ يقول امثلهم طريقة اي اعدلهم واقربهم الى التقدير. والمقصود من هذا ان عظيم كيف ضيعوا الاوقات القصيرة؟ وقطعوها ساهين لاهين. معرضين عما ينفعهم. مقبلين على ما يضرهم. فها قد حضر حق الوعيد ولم يبق الا الندم والدعاء بالويل والثبور. كما قال تعالى قال كم لبثتم في الارض عدد سنين؟ قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين. قال ان لبثتم الا قليلا. لو انكم كنتم تعلمون. ويسألونك عن جبال فقل ينسفها ربي نسفا. يخبر تعالى عن اهوال يوم القيامة وما في فيها من الزلازل والقلاقل. فقال ويسألونك عن الجبال اي ماذا يصنع بها يوم القيامة؟ وهل تبقى بحالها ام لا فقل ينسفها ربي نسفا. اي يزيلها ويقلعها من اماكنها. فتكون كالعهن وكالرمل ثم يدقها اجعلها هباء منبثا فتضمحل وتتلاشى ويسويها بالارض ويجعل الارض قاعا صفصفا مستويا انت لا ترى فيه ايها الناظر عوجا. هذا من تمام استوائها. اي اودية واماكن منخفضة او مرتفعة فتبرز الارض وتتسع للخلائق ويمدها الله مد الاديم. فيكونون في موقف واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ولهذا قال وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا يومئذ يتبعون الداعي وذلك حين يبعثون من قبورهم ويقومون منها يدعوهم الداعي الى الحضور والاجتماع للموقف فيتبع مهضعين اليه لا يلتفتون عنه. ولا يعرجون يمنة ولا يسرة. وقوله اي لا عوج لدعوة الداعي بل تكون دعوته حقا وصدقا لجميع الخلق. يسمعهم جميعهم ويصيح بهم اجمعين فيحضرون لموقف القيامة خاشعة اصواتهم للرحمن آآ اي الا وطأ الاقدام او المخافة سرا بتحريك الشفتين فقط. يملكهم الخشوع والسكون والانصات. انتظارا لحكم فيهم وتعنوا وجوههم اي تذل وتخضع. فترى في ذلك الموقف العظيم الاغنياء والفقراء والرجال والنساء الاحرار والارقاء والملوك والسوقة. ساكتين منصتين خاشعة ابصارهم خاضعة رقابهم. جاثين على ركبهم وجوههم لا يدرون ماذا ينفصل كل منهم به. ولا ماذا يفعل به. قد اشتغل كل بنفسه وشأنه عن ابيه واخيه صديقه وحبيبه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. فحينئذ يحكم فيهم الحاكم العدل الديان. ويجازي المحسن باحسانه والمسيء بالحرمان والامل بالرب الكريم الرحمن الرحيم ان يري الخلائق منه من الفضل والاحسان والعفو والصفح والغفران ما لا تعبر عنه الالسنة ولا تتصوره الافكار ويتطلع لرحمته اذ ذاك جميع الخلق لما يشاهدونه فيختص المؤمنون به بالرحمة فان قيل من اين لكم هذا الامل؟ وان شئت قلت من اين لكم هذا العلم بما ذكر؟ قلنا لما نعلمه من بمثابة رحمته لغضبه ومن سعة جوده الذي عم جميع البرايا. ومما نشاهده في انفسنا وفي غيرنا من النعم المتواترة في هذه الدار وخصوصا في فصل القيامة فان قوله الا من اذن له الرحمن مع قوله الملك يومئذ الحق للرحمن. مع قوله صلى الله عليه وسلم ان لله مئة رحمة انزل لعباده رحمة بها يتراحمون ويتعاطفون. حتى ان البهيمة ترفع حافرها عن ولدها خشية ان تطأ اي من الرحمة المودعة في قلبها. فاذا كان يوم القيامة ضم هذه الرحمة الى تسع وتسعين رحمة. ورحم بها العباد مع قوله صلى الله عليه وسلم الله ارحم بعباده من الوالدة بولدها فقل ما شئت عن رحمته فانها فوق ما تقول وتصور ما شئت فانها فوق ذلك. فسبحان من رحم في عدله وعقوبته. كما رحم في فضله واحسانه ومثوبته. وتعالى من وسعت رحمته كل شيء شيء وعم كرمه كل حي وجل من غني عن عباده رحيم بهم وهم مفتقرون اليه على الدوام في جميع احوالهم فلا غنى لهم عنه طرفة عين. وقوله اي لا يشفع احد عنده من الخلق الا اذا اذن في الشفاعة. ولا يأذن الا لمن رضي قوله اي شفاعته من الانبياء والمرسلين وعباده المقربين. لمن ارتضى قوله وعمله وهو المؤمن المخلص. فاذا اختل واحد من هذه الامور فلا سبيل لاحد الى شفاعة من احد الماء ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما. ومن يعمل من الصالحات وينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين ظالمين بكفرهم شرهم فهؤلاء لا ينالهم الا الخيبة والحرمان. والعذاب الاليم في جهنم وسخط الديان. والقسم الثاني من امن الايمان ان يضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون او يحدث لهم ذكرا اي وكذلك انزلنا هذا الكتاب باللسان الفاضل العربي. الذي تفهمونه وتفقهونه ولا يخفى عليكم لفظه ولا معناه وصرفنا فيه من الوعيد اي نوعناها انواعا كثيرة. تارة بذكر اسمائه الدالة على العدل والانتقام. وتارة بذكر المثلات التي احلها الامم السابقة وامر ان تعتبر بها الامم اللاحقة وتارة بذكر اثار الذنوب وما تكسبه من العيوب وتارة بذكر اهوال القيامة وما فيها من المزعجات والمقلقات وتارة بذكر جهنم وما فيها من انواع العقاب واصناف العذاب. كل هذا رحمة بالعباد لعلهم يتقون الله فيتركون من الشر والمعاصي ما يضرهم. فيعملون من الطاعات والخير ما ينفعهم فكونه عربيا وكونه مصرفا فيه من الوعيد. اكبر سبب واعظم داع للتقوى والعمل الصالح. فلو كان غير عربي او غير مصرف فيه لم يكن له هذا الاثر وقل رب زدني علما. لما ذكرت الله تعالى حكمه الجزائي في عباده. وحكمه الامري الديني الذي انزله في كتابه. وكان هذا من اثار ملكه. قال فتعالى الله اه اي جل وارتفع وتقدس عن كل نقص وافة. الملك الذي الملك وصفه والخلق كلهم مماليك له. واحكام الملك القدرية والشرعية نافذة فيهم الحق. اي وجوده وملكه وكماله حق. فصفات الكمال لا تكون حقيقة الا لذي الجلال من ذلك الملك فان غيره من الخلق. وان كان له ملك في بعض الاوقات على بعض الاشياء فانه ملك قاصر باطل يزول الرب فلا يزال ولا يزول ملكا حيا قيوما جليلا اي لا تبادر بتلقف القرآن حين يتلوه عليك جبريل. واصبر حتى يفرغ منه. فاذا فرغ منه فان الله قد ضمن لك جمعه في صدرك وقراءتك اياه. كما قال تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به. ان علينا جمع هو قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه. ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم على تلقف الوحي ومبادرته اليه يدل على محبته التامة للعلم وحرصه عليه. امره الله تعالى ان يسأله زيادة العلم. فان العلم خير كثرة الخير مطلوبة. وهي من الله والطريق اليها الاجتهاد والشوق للعلم. وسؤال الله والاستعانة به والافتقار اليه في كل وقت ويؤخذ من هذه الاية الكريمة الادب في تلقي العلم. وان المستمع للعلم ينبغي له ان يتأنى ويصبر يفرغ المملي والمعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض. فاذا فرغ منه سأل ان كان عنده سؤال ولا يبادر بالسؤال وقطعه في كلام ملقي العلم فانه سبب للحرمان. وكذلك المسؤول ينبغي له ان يستملي سؤال السائل. ويعرف المقصود منه قبل الجواب فان ذلك سبب لاصابة الصواب. اي ولقد قد وصينا ادم وامرناه وعهدنا اليه عهدا ليقوم به فالتزمه واذعن له وانقاد وعزم على القيام به ومع ذلك نسي ما امر به وانتقضت عزيمته المحكمة فجرى عليه ما جرى. فصار عبرة لذريته وصارت طبائعهم مثل طبيعته. نسي ادم نسيت ذريته وخطأ فخطأ ولم يثبت على العزم المؤكد وهم كذلك. وبادر بالتوبة من خطيئته واقر بها واعترف فغفرت له ومن يشابه اباه فما ظلم. ثم ذكر تفصيل ما اجمله فقال اي لما اكمل خلق ادم بيده وعلمه الاسماء وفضله وكرمه امر الملائكة بالسجود له. اكراما وتعظيما واجلالا. فبادروا بالسجود ممتثلين. وكان بينهم ابليس. فاستكبر عن امر رب وامتنع من السجود لادم وقال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. فتبينت حينئذ عداوتها البليغة لادم وزوجه لما كان عدوا لله وظهر من حسده ما كان سبب العداوة. حذر الله ادم وزوجه منه قال فتشقى اذا خرجت منها فان لك فيها رزق الهني والراحة التامة اي تصيبك الشمس بحرها فضمن له استمرار الطعام والشراب والكسوة والماء وعدم التعب والنصب فلم يزل الشيطان يسول لهما ويزين اكل الشجرة ويقول فوسوس اليه الشيطان قال يا ادم هل ادل على شجرة الخلد وملك لا يبلى. هل ادلك على شجرة الخلد؟ اي الشجرة التي من اكل منها خلد في الجنة اي لا ينقطع ان اكلت منها فاتاه بصورة ناصح وتلطف له في الكلام واغتر به ادم فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخسفان عليهما من ورق الجنة واكل من الشجرة وسقط بايديهما وسقطت كسوتهما واتضحت معصيتهما. وبدا لكل منهما سوءة الاخر بعد ان كانا مستورين. وجعل الا يخصفان على انفسهما من ورق اشجار الجنة؟ ليستتر بذلك. واصابهما من الخجل ما الله به عليم فبادرا الى التوبة والانابة وقال ربنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. فاجتباه ربه واختاره ويسر له التوبة فكان بعد التوبة احسن منه قبلها ورجع كيد العدو عليه وبطل مكره. فتمت النعمة عليه وعلى ذريته ووجب عليهم القيام بها والاعتراف وان يكونوا على حذر من هذا العدو المرابط الملازم لهم ليلا ونهارا. يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما. انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يؤمنون. قال اهبطا منا جميعا بعضكم لبعض فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى يخبر تعالى انه امر ادم وابليس ان يهبط الى الارض. وان يتخذ ادم وبنوه الشيطان عدوا لهم. فيأخذوا الحذر منه ويعد له عدته ويحاربوه. وانه سينزل عليهم كتبا ويرسل اليهم رسلا يبينون لهم الطريق المستقيم الموصلة اليه والى جنته ويحذرونه من هذا العدو المبين. وانهم اي وقت جاءهم ذلك الهدى الذي هو الكتب والرسل. فان من اتبعه اتبع ما امر به واجتنب ما نهي عنه. فانه لا يضل في الدنيا ولا في الاخرة. ولا يشقى فيهما. بل قد هدي الى صراط مستقيم في الدنيا والاخرة وله السعادة والامن في الاخرة. وقد نفى عنه الخوف والحزن في اية اخرى. لقوله فمن تبع هداي فلا خوف ولا هم يحزنون. واتباع الهدى بتصديق الخبر. وعدم معارضته بالشبه. وامتثال الامر بالا يعارضه بشهوة اعمى ومن اعرض عن ذكري اي كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية. وان يتركه على وجه الاعراض عنه. او ما هو اعظم ذلك بان يكون على وجه الانكار له والكفر به. اي فان فجزاءه ان نجعل معيشته ضيقة مشقة ولا يكون ذلك الا عذابا. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر. وانه يضيق عليه قبره ويحصر فيه ويعذب. جزاء لاعراضه عن ذكر ربه. وهذه احدى الايات الدالة على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى الا ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم. والثالثة قوله ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب العذاب الاكبر والرابعة قوله عن ال فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا. والذي اوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط من السلف وقصرها على ذلك. والله اعلم اخر الاية. وان الله ذكر في اخرها عذاب يوم القيامة. وبعض المفسرين يرى ان المعيشة الضنك عامة في دار الدنيا. بما يصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والالام. التي هي عذاب معجل وفي دار البرزخ وفي الدار الاخرة لاطلاق المعيشة الضنك وعدم تقييدها ونحشره اي هذا المعرض عن ذكر ربه يوم القيامة اعمى. اعمى البصر على الصحيح كما قال تعالى ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما. قال على وجه الذل والمراجعة والتألم والضجر من هذه الحالة وقد كنت في دار الدنيا بصيرا. فما الذي صيرني الى هذه الحالة الشنيعة