ظلمه فانه لا يصلح الوجود الا على اله واحد. كما انه لم يوجد الا برب واحد. ولهذا قال الهة الا الله لفسدتا. لو كان فيهما اي في السماوات والارض الهة الا الله لفسدتا المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يخبر تعالى انه ما خلق السماوات والارض عبثا ولا لعبا من غير فائدة. بل خلقها بالحق وللحق. ليستدل بها العباد على انه الخالق العظيم المدبر الحكيم الرحمن الرحيم الذي له الكمال كله والحمد كله والعزة كلها الصادق في قيله صادقة رسله فيما تخبر عنه. وان القادر على خلقهما مع سعتهما وعظمهما. قادر على اعادة الاجساد بعد موتها المحسنة باحسانه والمسيء باساءته لو اردنا ان نتخذ لهوا على الفرض والتقدير والمحال لاتخذناه من لدنا اي من عندنا ان كنا فاعلين ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو لان ذلك نقص ومثل سوء لا نحب ان نريه اياكم فالسموات والارض اللذان بمرأى منكم على الدوام لا يمكن ان يكون القصد منهما العبث واللهو. كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة واقناعها بجميع الوجوه المقنعة فسبحان الحليم الرحيم. الحكيم في تنزيله الاشياء منازلها ولكم الويل مما تصفون. يخبر تعالى انه تكفل باحقاق الحق وابطال الباطل وان كل باطل قيل وجودل به فان الله ينزل من الحق والعلم والبيان ما يدمغه فيضمحل ويتبين لكل احد فلان فاذا هو زاهق اي مضمحل فان. وهذا عام في جميع المسائل الدينية. لا يورد مبطن شبهة عقلية ولا نقلية في احقاق باطل او رد حق الا وفي ادلة الله من القواطع العقلية والنقلية ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه. فاذا هو متبين بطلانه لكل احد. وهذا يتبين باستقراء المسائل. مسألة مسألة. فانك تجدها كذلك. ثم قال ولكم ايها الواصفون الله بما لا يليق به. من اتخاذ الولد والصاحبة ومن الانداد والشركاء. حظكم من ذلك ونصيبكم الذي تدركه الويل والندامة والخسران. ليس لكم مما قلتم فائدة ولا يرجع عليكم بعائدة تؤملونها. وتعملون لاجلها وتسعون للوصول اليها الا عكس مقصودكم. وهو الخيبة والحرمان ثم اخبر انه له ملك السماوات والارض وما بينهما. فالكل عبيده ومماليك فليس لاحد منهم ملك ولا قسط من الملك. ولا معاونة عليه. ولا يشفع الا باذن الله. فكيف يتخذ من هؤلاء الهة وكيف يجعل لله منها ولد؟ فتعالى وتقدس المالك العظيم الذي خضعت له الرقاب وذلت له الصعاب وخشعت له الملائكة المقربون واذعنوا له بالعبادة الدائمة المستمرة اجمعون. ولهذا قال ومن عنده اي من الملائكة اي لا يملون ولا يسأمونها بشدة رغبتهم وكمال محبتهم قوة ابدانهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون اي مستغرقين في عبادة والتسبيح في جميع اوقاتهم فليس في اوقاتهم وقت فارغ منها ولا خال منها. وهم على كثرتهم بهذه الصفة. وفي هذا من بيان عظمته وجلالة سلطانه. وكمال علمه وحكمته ما يوجب الا يعبد الا هو. ولا تصرف العبادة لغيره لما بين تعالى كمال اقتداره وعظمته وخضوع كل شيء له انكر على الذين اتخذوا من دون الله الهة من الارض. في غاية العجز وعدم القدرة هم ينشرون. استفهام بمعنى النفي. اي لا على نشرهم وحشرهم يفسرها قوله تعالى واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. ولا يملكون انفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. واتخذوا من دون الله الهة لعلهم ينصرون. لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون. لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا. فسبحان الله فسبحان الله رب العرش عما يصفون. فالمشرك يعبد المخلوق الذي لا ينفع ولا يضر ويدع الاخلاص لله الذي له الكمال كله وبيده الامر والنفع والضر. وهذا من عدم توفيقه وسوء حظه وتوفر جهله في ذاتهما وفسد ما فيهما من المخلوقات. وبيان ذلك ان العالم العلوي والسفلي على ما يرى في اكمل ما يكون من الصلاح والانتظار الذي ما فيه خلل ولا عيب ولا ممانعة ولا معارضة. فدل ذلك على ان مدبره واحد وربه واحد والهه واحد فلو كان له مدبران وربان او اكثر من ذلك فاختل نظامه وتقوضت اركانه فانهما يتمانعان ويتعارضان واذا اراد احدهما تدبير شيء واراد الاخر عدمه فانه محال وجود مرادهما معا. ووجود مراد احدهما دون الاخر. يدل على عدم للاخر وعدم اقتداره واتفاقهما على مراد واحد في جميع الامور غير ممكن. فاذا يتعين ان القاهر الذي يوجد مراده وحده من غير ممانع ولا مدافع هو الله الواحد القهار. ولهذا ذكر الله دليل التمانع في قوله ما اتخذ الله من ولد وما كان معه ومن اله اذا لذهب كل اله بما خلق. ولعلى بعضهم على بعض. سبحان الله عما يصفون. ومنه على احد التأويلين قوله تعالى قل لو كان معه الهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ولهذا قال هنا اي تنزه وتقدس عن كل نقص لكماله وحده سبحان الله رب العرش عما يصفون. رب العرش الذي هو سقف المخلوقات واوسعها واعظمها. فربوبية يشهدونه من باب اولى عما يصفون. اي الجاحدون الكافرون من اتخاذ الولد والصاحبة. وان يكون له شريك بوجه من الوجوه لا يسأل عما يفعل لعظمته وعزته وكمال قدرته لا احد ان يمانعه او يعارضه لا بقول ولا بفعل. ولكمال حكمته ووضعه الاشياء مواضعها واتقانها. احسن شيء يقدره العقل فلا يتوجه اليه السؤال. لان خلقه ليس فيه خلل ولا اخلال. وهم اي المخلوقون كلهم يسألون عن افعالهم واقوالهم لعجزهم وفقرهم ولكونهم عبيدا. قد استحقت افعالهم وحركاتهم. فليس لهم من التصرف والتدبير في انفسهم ولا في غيرهم مثقال ذرة. ثم رجع الى تهجين حال المشركين. وانهم اتخذوا من دونه الهة فقل لهم موبخا ومقرعا. اي حجتكم ودليلكم على صحة ما ذهبتم اليه اليه ولن يجدوا لذلك سبيلا. بل قد قامت الادلة القطعية على بطلانه. ولهذا قال هذا ذكر من معي وذكر من قبلي. اي قد اتفق الكتب والشرائع على صحة ما قلت لكم من ابطال الشرك. فهذا كتاب الله الذي فيه ذكر كل شيء بادلته العقلية والنقلية. وهذه هي الكتب السابقة كلها برهان وادلة لما قلت. ولما علم انهم قامت عليهم الحجة والبرهان على بطلان ما ذهبوا اليه بما انه لا برهان لهم. لان البرهان القاطع يجزم انه لا معارض له. والا لم يكن قطعيا. وان وجد معارضات فانها لا تغني من الحق شيئا. وقوله بل اكثرهم لا يعلمون الحق اي وانما اقاموا على ما هم عليه. تقليدا لاسلافهم يجادلون بغير علم ولا هدى. وليس عدم علمهم الحق لخفائهم وغموضه وانما ذلك لاعراضهم عنه. والا فلو التفتوا اليه ادنى التفات. تبين لهم الحق من الباطل تبينا واضحا جليا ولهذا قال ولما حول تعالى على ذكر المتقدمين وامر بالرجوع اليها في بيان هذه المسألة انها اتم تبين في قوله وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم زبدة رسالتهم واصلها. الامر بعبادة الله وحده لا شريك له. وبيان انه الاله الحق المعبود وان عبادة ما سواه باطلة. وقالوا اتخذ الرحمن ولدا مكرمون. يخبر تعالى عن سفاهة المشركين المكذبين للرسول. وانهم زعموا قبحهم الله ان الله اتخذ ولدا فقالوا الملائكة بنات الله تعالى الله عن قولهم واخبر عن وصف الملائكة بانهم عبيد مربوبون مدبرون ليس لهم من الامر شيء وانما هم مكرمون عند الله قد اكرمهم الله وسيرهم من عبيد كرامته ورحمته. وذلك لما خصهم به من الفضائل التطهير عن الرذائل وانهم في غاية الادب مع الله والامتثال لاوامره فلا يسبقونه بالقول اي لا يقولون قولا مما يتعلق بتدبير المملكة حتى يقول الله لكمال بادبهم وعلمهم بكمال حكمته وعلمه. وهم بامره يعملون. اي مهما امرهم امتثلوا لامره. ومهما دبرهم عليه فعلوا فلا يعصونه طرفة عين ولا يكون لهم عمل باهواء انفسهم من دون امر الله. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم فهم لا يشفعون الا لمن اقتضى. وهم من خشية مشفقون. ومع هذا الله قد احاط بهم علمه فعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. اي امورهم الماضية والمستقبلة فلا خروج لهم عن علمه. كما لا خروج لهم عن امره وتدبيره. ومن جزئيات وصفهم بانهم لا يسبقونه بالقول انهم لا يشفعون لاحد بدون اذنه ورضاه. فاذا الذين لهم ما ارتضى من يشفعون فيه شفعوا فيه. ولكنه تعالى لا يرضى من القول والعمل الا ما كان خالصا لوجهه. متبعا فيه الرسول وهذه الاية من ادلة اثبات الشفاعة وان الملائكة يشفعون. اي خائف وجلون قد خضعوا لجلاله وعنت وجوههم لعزه وجماله كونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين. فلما بين انه لا حق لهم في الالوهية ولا يستحقون شيئا من العبودية بما وصفهم به من الصفات المقتضية لذلك. ذكر ايضا انه لا حظ لهم ولا بمجرد الدعوة فمن قال منهم اني اله من دونه على سبيل الفرض والتنزل الظالمين. واي ظلم اعظم من ادعاء المخلوق الناقص. الفقير الى الله من جميع الوجوه. مشاركة الله في خصائص الالوهية والربوبية ها هنا وجعلنا من الماء كل شيء حي فلا يؤمنون اي اولم ينظر هؤلاء الذين كفروا بربهم وجحدوا الاخلاص له في العبودية ما يدلهم دلالة مشاهدة على انه الرب المحمود الكريم كريم معبود فيشاهدون السماء والارض فيجدونهما رتقا. هذه ليس فيها سحاب ولا مطر. وهذه هامدة ميتة لا نبات فيها ففتقناهما السماء بالمطر والارض بالنبات. اليس الذي اوجد في السماء السحاب بعد ان كان الجو صافيا لا قزعة فيه واودع فيه الماء الغزير ثم ساقه الى بلد ميت قد اغبرت ارجائه وقحط عنه ماؤه فامطره فيها فاهتزت وتحركت وانبتت من كل زوج بهيج مختلف الانواع متعدد المنافع. اليس ذلك دليلا على انه الحق؟ وما سواه باطل وانه محي الموتى وانه الرحمن الرحيم. ولهذا قال اي ايمانا صحيحا ما فيه شك ولا شرك ثم عدد تعالى الادلة الافقية فقال وجعلنا فيها فجاجا سبل لعلهم يهتدون. اي ومن الادلة على قدرته كماله ووحدانيته ورحمته انه لما كانت الارض لا تستقر الا بالجبال ارساها بها واوتدها لان لا تميل بالعباد اي بالا تضطرب فلا يتمكن العباد من السكون فيها ولا حرثها ولا الاستقرار بها فارساها بالجبال فحصل بسبب ذلك من والمنافع ما حصل. ولما كانت الجبال المتصل بعضها ببعض قد تتصل اتصالا كثيرا جدا. فلو بقيت بحالها جبالا شامخات لتعطل الاتصال بين كثير من البلدان فمن حكمة الله ورحمته ان جعل بين تلك الجبال فجاجا سبلا اي طرقا سهلة لا حزن. لعلهم يهتدون الى الوصول الى مطالبهم من البلدان. ولعلهم يهتدون هنا بالاستدلال بذلك على وحدانية المنان. سقفا محفوظا. طيب جعلنا السماء سقفا للارض التي انتم عليها محفوظا من السقوط. ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. محفوظا ايضا من الشياطين للسمع وهم عن اياتها معرضون اي غافلون هنا لاهون وهذا عام في جميع ايات السماء من علوها وسعتها وعظمتها ولونها الحسن واتقانها العجيب وغير ذلك من المشاهد فيها من الكواكب الثوابت والسيارات وشمسها وقمرها النيرات المتولد عنهما الليل والنهار. كونيهما دائما في وكذلك النجوم فتقوم بسبب ذلك منافع العباد من الحر والبرد والفصول ويعرفون حساب عباداتهم عمالاتهم ويستريحون في ليلهم ويهدأون ويسكنون وينتشرون في نهارهم ويسعون في معايشهم. كل هذه الامور اذا دبرها اللبيب وامعن فيها النظر جزم جزما لا شك فيه. ان الله جعلها مؤقتة في وقت معلوم. الى اجل محتوم. يقضي منها مآربهم وتقوم بها منافعهم. وليستمتعوا وينتفعوا. ثم بعد هذا ستزول وتضمحل ويفنيها الذي اوجدها ويسكنها الذي حركها وينتقل المكلفون الى دار غير هذه الدار. يجدون فيها جزاء اعمالهم كاملا موفرا. ويعلم وان المقصود من هذه الدار ان تكون مزرعة لدار القرار. وانها منزل سفر لا محل اقامة