ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين واتيناه اهله اي رددها عليه اهله وماله ومثلهم معهم بان منحه الله مع العافية من الاهل والمال شيئا كثيرا. رحمة من عندنا به المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي واذكر عبدنا ورسولنا ايوب مثنيا معظما له رافعا لقدره. حين ابتلاه الله ببلاء شديد. فوجده صابرا راضيا عنه وذلك ان الشيطان سلط على جسده ابتلاء من الله وامتحانا فنفخ في جسده فتقرح قروحا عظيمة ومكث مدة طويلة واشتد به البلاء ومات اهله وذهب ماله. فنادى ربه فتوسل الى الله بالاخبار عن حال نفسه. وانه بلغ الصبر منه كل مبلغ. وبرحمة ربه الواسعة العامة فكشفنا ما به من ضر. فاستجاب الله له وقال له اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب بارك الله برجله فخرجت من ركضته عين ماء باردة فاغتسل منها وشرب. فاذهب الله ما به من الاذى حيث صبر ورضي فاثابه الله ثوابا عاجلا قبل ثواب الاخرة. اي جعلناه عبرة للعابدين الذين ينتفعون بالعبر فاذا رأوا ما اصابهم من البلاء ثم ما اثابه الله بعد زواله ونظروا السبب ووجدوا الصبر ولهذا اثنى الله عليه به في قوله انا وجدناه صابرا. نعم العبد انه اواب. فجعلوه اسوة وقدوة عندما يصيبهم الضر اي واذكر عبادنا المصطفين وانبياءنا المرسلين باحسن الذكر واثني عليهم ابلغ الثناء. اسماعيل ابن ابراهيم وادريس وذا الكفل. نبيين من انبياء بني اسرائيل كل من الصابرين. كل من هؤلاء المذكورين من الصابرين والصبر وحبس النفس ومنعها. مما تميل بطبعها اليه. وهذا يشمل انواع الصبر الثلاثة. الصبر على طاعة الله. والصبر عن معصية الله. والصبر على اقدار الله المؤلمة فلا يستحق العبد اسم الصبر التام. حتى يوفي هذه الثلاثة حقها. فهؤلاء الانبياء عليهم الصلاة والسلام قد وصفهم الله بالصبر فدل انهم وفوها حقها وقاموا بها كما ينبغي ووصفهم ايضا بالصلاح. وهو يشمل صلاح القلوب بمعرفة الله ومحبته. والانابة اليه كل وقت. وصلاح اللسان بان يكون رطبا من ذكر الله وصلاح الجوارح باشتغالها بطاعة الله وكفها عن المعاصي. فبصبرهم وصلاحهم ادخلهم الله برحمته وجعله مع اخوانهم من المرسلين واثابهم الثواب العاجل والاجل. ولو لم يكن من ثوابهم الا ان الله تعالى نوه بذكرهم في العالمين وجعل لهم لسان صدق في الاخرين. لكفى بذلك شرفا وفضلا فنادى في الظلمات ان لا اله الا فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اي اذكر عبدنا ورسولنا ذا النون وهو يونس اي صاحب النون وهي الحوت بالذكر الجميل والثناء الحسن فان الله تعالى ارسله الى قومه فدعاهم فلم يؤمنوا فوعدهم بنزول العذاب بامد سماه لهم فجاءهم العذاب ورأوه عيانا. فعجوا الى الله وضجوا وتابوا. فرفع الله عنهم العذاب. كما قال تعالى فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين وقال وارسلناه الى مئة الف او يزيدون. فامنوا فمتعناهم الى حين. وهذه الامة العظيمة الذين امنوا بدعوة يونس من اكبر فضائله ولكنه عليه الصلاة والسلام ذهب مغاضبا. وابق عن ربه لذنب من الذنوب التي لم يذكرها الله لنا في كتابه. ولا حاجة لنا الى تعيينها لقوله اذ ابق الى الفلك لقوله وهو مليم. اي فاعل ما يلام عليه. والظاهر انه وعجلته ومغاضبته لقومه وخروجه من بين اظهرهم قبل ان يأمره الله بذلك. وظن ان الله لا يقدر عليه اي يضيق عليه في الحوت او ظن انه سيفوت الله تعالى ولا مانع من عروض هذا الظن للكمل من الخلق. على وجه لا يستقر ولا يستمر عليه فركب في السفينة مع اناس فاقترعوا من يلقون منهم في البحر. لما خافوا الغرق ان بقوا كلهم. فاصابت القرعة يونس الحوت وذهب به الى ظلمات البحار. فنادى في تلك الظلمات فاقر لله تعالى بكمال الالوهية ونزهه عن كل نقص وعيب وافة. واعترف بظلم نفسه وجنايته. قال الله تعالى فلولا انه كان من المسبحين ما لبث في بطنه الى يوم يبعثون. ولهذا قال هنا فاستجبنا له ونجيناه من الغم. اي الشدة التي وقعت فيها وكذلك ننجي المؤمنين. وهذا وعد وبشارة لكل مؤمن وقع في شدة وغم. ان الله تعالى سينجيه منها. ويكشف عنه ويخفف لايمانه كما فعل بيونس عليه السلام لا تذرني فردا. اي واذكر عبد ورسولنا زكريا منوها بذكره ناشرا لمناقبه وفضائله. التي من جملتها هذه المنقبة العظيمة. المتضمنة لنصحه للخلق ورحمة الله اياه وانه نادى ربه رب لا تذرني فردا. اي قال ربي اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم اكن بدعائك ربي شقيا. واني خفت الموالي من ورائي. وكانت امرأتي عاقرا. فهب لي من لدنك وليا. يرثني ويرث من ال يعقوب واجعله ربي رضيا من هذه الايات علمنا ان قوله رب لا تذرني فردا انه لما تقارب اجله خاف الا يقوم احد احد بعده مقامه في الدعوة الى الله. والنصح لعباد الله وان يكون في وقته فردا. ولا يخلف من يشفعه ويعينه على ما قال اي خير الباقين وخير من خلفني بخير. وانت ارحم بعبادك مني ولكني اريد ما يطمئن به قلبي وتسكن له نفسي ويجري في موازين ثوابه احيا واصلحنا له زوجه. فاستجبنا له ووهبنا له يحيى النبي الكريم الذي لم يجعل الله له من قبل سميا واصلحنا له زوجه بعدما كانت عاقرا. لا يصلح رحمها للولادة. فاصلح الله رحمها للحمل. لاجل نبيه زكريا وهذا من فوائد الجليس والقرين الصالح انه مبارك على قرينه. فصار يحيى مشتركا بين الوالدين. ولما ذكر هؤلاء الانبياء المرسلين كلا على انفراده اثنى عليهم عموما فقال انهم كانوا يسارعون في الخيرات ان يبادرون اليها ويفعلونها في اوقاتها الفاضلة. ويكملونها على الوجه اللائق الذي ينبغي. ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها الا انتهزوا الفرصة فيها. انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ويدعوننا رغبا ورهبا ان يسألوننا الامور المرغوبة من مصالح الدنيا والاخرة ويتعوذون بنا من الامور المرهوب منها من مضار للدارين. وهم راغبون راهبون لا غافلون لاهون ولا مدلون. وكانوا لنا خاشعين. اي خاضعين متذللين متضرعين. وهذا لكمال معرفتهم بربهم بهم والتي احسنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها اية للعالمين ايوه اذكر مريم عليها السلام مثنيا عليها مبينا لقدرها شاهرا لشرفها قال والتي احصنت فرجها اي حفظته من الحرام وقربانه بل ومن الحلال فلم تتزوج لاشتغالها بالعبادة واستغراق وقتها في الخدمة لربها وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا فجازاها الله من جنس عملها ورزقها ولدا من غير اب. بل نفخ فيها جبريل عليه السلام. فحملت باذن الله اية للعالمين. حيث حملت به ووضعته من دون مسيس احد. وحيث تكلم في المهد رأها مما ظن بها المتهمون واخبر عن نفسه في تلك الحالة. واجرى الله على يديه من الخوارق والمعجزات ما هو معلوم. فكانت وابنها ها اية للعالمين يتحدث بها جيلا بعد جيل. ويعتبر بها المعتبرون. ولما ذكر الانبياء عليهم السلام قال مخاطبا الناس وان هذه امتكم امة واحدة. اي هؤلاء الرسل المذكورون هم امتكم وائمتكم الذين بهم وبهديهم تقتدون كلهم على دين واحد وصراط واحد والرب ايضا واحد. ولهذا قال نعبد وانا ربكم الذي خلقتكم وربيتكم بنعمتي في الدين والدنيا. فاذا كان الرب واحدا والنبي واحدا والدين واحدا وهو عبادة الله وحده لا شريك له بجميع انواع العبادة. كان وظيفتكم والواجب عليكم القيام بها ولهذا قال فرتب العبادة على ما سبق بالفاء ترتيب المسبب على سببه وكان اللائق الاجتماع على هذا الامر وعدم التفرق فيه. ولكن البغي والاعتداء ابيا الا الافتراق والتقطع. ولهذا قال وتقطعوا امرهم بينهم كل الينا راجعون. وتقطعوا امرهم بينهم اي تفرق الاحزاب المنتسبون لاتباع الانبياء فرقا وتشتتوا. كل يدعي ان الحق معه. والباطل مع الفريق الاخر. وكل حزب بما لديهم فرحون. وقد علم ان المصيبة منهم من كان سالكا للدين القويم والصراط المستقيم. مؤتما بالانبياء وسيظهر هذا فاذا انكشف الغطاء وبرح الخفاء وحشر الله الناس لفصل القضاء. فحينئذ يتبين الصادق من الكاذب. ولهذا قال انا راجعون. كل من الفرق المتفرقة وغيرهم الينا راجعون. اي فنجازيهم اتم الجزاء. ثم فصل الجزاء فيهم منطوقا ومفهوما فقال فمن يعمل من الصالحات اي الاعمال التي شرعتها الرسل وحثت عليها الكتب وهو مؤمن بالله وبرسله. وما جاءوا به فلا كفران لسعيه. اي لا نضيع سعيه ولا نبطله. بل نضاعف له اضعافا كثيرة. اي مثبتون له في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي الحفظة اي ومن لم يعمل من الصالحات او عملها وهو ليس بمؤمن فانه محروم خاسر في دينه ودنياه. حرام انهم لا يرجعون. ان يمتنعوا على القرى المهلكة المعذبة. الرجوع الى الدنيا تدركوا ما فرطوا فيه. فلا سبيل الى الرجوع لمن اهلك وعذب. فليحذر المخاطبون ان يستمروا على ما يوجب الاهلاك فيقع بهم. فلا رفعه وليقلعوا وقت الامكان والادراك هذا تحذير من الله للناس ان يقيموا على الكفر والمعاصي. وانه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج وهما قبيلتان عظيمتان من بني ادم. وقد سد عليهم ذو القرنين لما شكي اليه افسادهم في الارض. وفي اخر الزمان ينفتح السد عنهم فيخرجون الى الناس في هذه الحالة والوصف الذي ذكره الله من كل مكان مرتفع وهو الحدب. ينسلون اي يسرعون. وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة واسراعهم في الارض. اما بذواتهم واما بما خلق الله لهم من الاسباب التي تقرب لهم البعيد. وتسهل عليهم وانهم يقهرون الناس ويعلون عليهم في الدنيا وانه لا يداني لاحد بقتالهم واقترن الوعد الحق اي يوم القيامة الذي الذي وعد الله باتيانه ووعده حق وصدق. ففي ذلك اليوم ترى ابصار الكفار شاخصة من شدة الافزاع والاهوال المزعجة. والقلاقل للمفظعة وما كانوا يعرفون من جناياتهم وذنوبهم. وانهم يدعون بالويل والثبور والندم والحسرة على ما فات. ويقولون قد كنا في غفلة من هذا اليوم العظيم فلم نزل فيها مستغرقين وفي لهو الدنيا متمتعين حتى اتانا اليقين ووردنا القيامة فلو كان يموت احد من الندم والحسرة لماتوا. اعترفوا بظلمهم وعدل الله فيهم فحينئذ يؤمر بهم الى النار هم وما كانوا يعبدون. ولهذا قال