ومعنى الاية في ذلك المقام وفي ارض المحشر يوم القيامة تعلم كل نفس ما قدمت من خير او شر وتجده مكتوبا لتحاسب عليه ومما يخيف الانسان من معاصيه قوله تعالى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيدا. فهذه المعصية التي يكون الانسان بقربها يتمنى انه لو كان وفي سورة الرعد لهم عذاب في الحياة الدنيا ولا عذاب الاخرة اشق وما لهم من الله من واق ثم قال تعالى كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلمة اي كانما البست وجوههم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهب وجوههم قتر ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون للذين احسنوا بالقيام بما اوجبه الله عليهم من الطاعات وترك ما حرم عليهم من المعاصي المثوبة الحسنى وهي الجنة ولهم زيادة عليها وهي النظر الى وجه الله الكريم ولا يغشى وجوههم غبارا ولا يغشاها هو ان ولا خزي اولئك المتصفون بالاحسان اصحاب الجنة قم فيها ماكثون وهذه الاية العظيمة قد سيقت بيانا لما قبلها فربنا جل جلاله يبين ان الذين احسنوا في الدنيا في عبادة الله تعالى بفعل ما امروا بفعله وترك ما امروا بتركه لهم الجنة في الاخرة ولهم زيادة على ذلك ومن الزيادة بل اعظم تلك الزيادة النظر الى وجه الله الكريم ولا يغشى وجوههم غبار ولا هوان ولا صغار اولئك اصحاب الجنة هم فيها ماكثون ابدا لا يزولون عنها ولا يخرجون منها ولا يموتون فيها فاذا هذه الاية العظيمة فيها بشارة. اما مناسبتها اولا لما دعا الله تعالى عباده الى دار السلام كما في الاية السابقة والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم. وتأمل ان الاية السابقة فيها مقطعان والله يدعو الى دار السلام المقطع الاخر ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم. فربنا لما دعا عباده الى الجنة وهي دار السلام. ذكر السعادات التي تحصل لهم فيها ومن ذلك ان لهم الحسنى وهي الجنة وفيها النظر الى الله تعالى ثانيا لما ختمت الاية السابقة وهو المقطع الثاني من الاية السابقة ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم ان من الناس من يهديه سبحانه وتعالى وهو الذي يطلب امور الهداية ويستمع الى الوحي فربنا جل جلاله بين في هذه الاية الكريمة ان اولئك الذين يدعون الله تعالى الهداية الى وعلى الصراط وفي الصراط ان هذا الطريق سيقودهم الى الجنة والى رؤية الله سبحانه وتعالى ثالثا لما دعا تعالى الى دار السلام فان النفوس تتشوف الى الاعمال الموجبة لها الموصل اليها فاخبر ربنا جل جلاله بان الانسان ينال الجنة بالاحسان في عبادته لربه فقال تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة اي للذين احسنوا في الدنيا بالايمان واحسن في طاعة الله سبحانه وتعالى وامتثلوا اوامره واجتنبوا نواهيه على وجه المراقبة له سبحانه وتعالى فربنا جل جلاله امرنا ان نراقبه لانه سبحانه وتعالى يراقبنا وحينما خاطب الناس اجمعين قال يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا الخطاب لجميع الناس من الاسرة الواحدة التي هي ادم وحواء ثم نتج منها الان مليارات الخظار بالجميع لمن مضى ولمن هو حاليا ولمن سيأتي ان الله كان عليكم رقيبا فربنا جل جلاله يراقبنا. فعلينا ان نراقبه نراقبه بالطاعات بان نأتي بها اخلاصا ومتابعة نراقبه بالمستحبات بان نفعلها. نراقبه بالمحرمات بان نتركها وهكذا الانسان يراقب ربه في كل حق لله اذا ربنا جل جلاله قد امر الناس بضاعته على وجه المراقبة وهؤلاء الذين قد استجابوا واحسنوا الى عبادة الله تعالى فادبوا العبادة كما يريده الله تعالى. واحسنوا الى عباد الله تعالى لهم الجنة ولهم زيادة على ذلك واعظم تلكم الزيادة النظر الى وجه الله تعالى وربنا قال هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ يعني ما جزاء الاحسان الا الاحسان؟ فمن احسن في عبادة ربه احسن الله اليه وربنا قال وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فهي وجوه مبتهجة تتمتع بالنظر الى وجه الله الكريم وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبدالرحمن ابن ابي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل اهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا ازيدكم؟ فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى ربهم عز وجل ولذلك نفس الحد ساقه مسلما بعده قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة قال حدثنا يزيد ابن هارون عن حماد ابن سلمة بهذا الاسناد السابق حماد ابن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن ابن صهيب قال بهذا الاسناد وزاد ثم تلا هذه الاية. للذين احسنوا الحسنى وزيادة ولذلك هذا الحديث هو حديث جليل. طبعا اذا دخل اهل الجنة الجنة اذا اذن الله تعالى لعباده المؤمنين بدخول الجنة واستقروا فيها ووجدوا ما وعدهم ربهم من النعيم الذي لا ينفد يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا ازيدكم اي ازيدكم من النعيم فوق ما انتم عليه فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار وذلك لان يعني يبعد عن خواطرهم ان يجدوا نعيما اعظم مما هم من النعيم وهو ان انجاهم من النار وادخلهم الجنة وهذه هي الغاية العظمى التي يسعى اليها كل مؤمن قال في كشف الحجاب. فما اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى ربهم عز وجل ان يكشفوا حجاب النور الذي كان يفصل بينه وبينهم ويمنعه من رؤيته في وجهه الكريم وهو الحجاب المذكور وجاء ايضا في احاديث صحيحة حجابه النور لو كشفه لاحرق السبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه فاذا مكنهم الله من رؤية وجهه ورأوا بهاءه وعظمته وجلاله استشعروا اعظم نعيم لهم فلا يزالون ينظرون الى وجهه تبارك وتعالى ليتنعموا بذلك ولذلك الصحابي قرأ هذه الاية للذين احسنوا الحسنى والزيادة فدل ذلك على انه يقصد من الزيادة في هذه الاية هي النظر الى وجه الله تبارك وتعالى ولذلك هذا الحديث يعني فيه اولا اثبات اثبات لعقيدة اهل السنة والجماعة من رؤية المؤمنين لوجه الله اي تبارك وتعالى في الجنة ثانيا دل الحديث على ما اعده الله لعباده المؤمنين في الجنة وهذا يجعل المؤمن محبا لربه تبارك وتعالى حريصا على اخلاص العبودية مبتغيا لمرضاة الله في اقواله وافعاله ايضا فيها ان السنة النبوية مفسرة للقرآن مبينة لهم فحري بالمؤمن ان يتعلم تفسير القرآن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم رابعا سعة رحمة الله تبارك وتعالى وعظيم فضله وكرمه على عباده المؤمنين خامسا بما انه قد جاء في الحديث ذكر مسألة النظر الى وجه الله الكريم في جنات النعيم ناسب ان نذكر ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان الاسباب التي تعين المؤمنة على بلوغ هذه المنزلة الرفيعة ومن ذلك ان يسأل العبد ربه النظر الى وجهه الكريم لحديث عمار ابن ياسر وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وفي من من الحديث واسألك لذة النظر الى وجهك الكريم والشوق الى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة نعم هذا الحديث رواه احمد والنسائي والحاكم. الامر الثاني المحافظ على صلاة الفجر والعصر وذلك في حديث جرير ابن عبد الله قال كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم اذ نظر الى القمر ليلة البدر فقال انكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا يضامون في رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا على صلاة قبل الشمس وقبل غروبها فافعلوا. اذا النبي صلى الله عليه وسلم حث على الاعمال ومن ذلك ان يحافظ الانسان على الصلاة في جماعة ولا سيما الصلوات التي تتزاحم عليها بعض الاعمال اذا قلنا ان هذا الحديث هو من ضمن الزيادة فمن الزيادة ان الله سبحانه وتعالى يكرمهم بالنظر اليه ومن الزيادة ان يعطيهم غرفا من لآلك وان يزيدهم غفرانا ورضوانا. كل ذلك من زيادات عطاء الله اياهم على الحسنى التي جعلها الله لاهل جناته نعم فهنا هذا الحديث من الزيادة ومن الزيادة طبعا تضعيف الثواب تضعيف ثواب الاعمال بالحسنة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة بما لا يعلمه الا الله تعالى كما يعطيه الله في الجنان من القصور والحور والرضا وما اخفاه الله لهم من قرة اعين اذا ربنا جل جلاله كريم رحيم فعلى العبد ان لا يقصر في طاعة الله ثم قال ولا يرهق وجوههم قتروا ولا ذلة فربنا جل جلاله لما شرح ما يحصل لاهل الجنة من السعادات شرح بعد ذلك في الافات التي صامهم الله بفضله عنهم فمن النعيم الذي يناله اهل الجنة ان الله سبحانه وتعالى يجعلهم في جنة سليمة من الافات ومن المنغصات ومن المجدرات ولا يرهقوا وجوههم قتروا ولا ذلة فهنا ولا يرهقنا بالوجه عن الجملة لكونه اشرفها ولظهور اثر السرور والحزن فيه ومعنى الاية لا يغشى وجوه اهل الجنة غبار ولا كآبة ولا حزن ولا هوان ولا صغر ولداتهم لما عظموا امر الله تعالى صانهم الله تعالى من الاهانة ومن لم يعظم امر الله تعالى فان الله يهينه ومن يهن الله فما له من مكرم ولذلك ربنا قال في سورة الانسان وهي السورة التي تذكر تاريخ الانسان ووقاهم فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وفي سورة عبس وتولى حينما ذكر الملائكة قلة انها تذكرة في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة تأملوا يا اخواني لما ذكر الملائكة وان هذه الصحف بايدي سفرة كراما بررة ذكر في اخر السورة وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ولذلك اهل القرآن ومن يخدم القرآن ومن يبلغهم احرصوا يعني هم اسعد الناس بالسعادة يوم القيامة. فينبغي على الانسان ان يهتم بكتاب الله تعالى غاية الاهتمام وفي سورة المطففين قال تعرف في وجوههم نظرة النعيم اذا وجوههم نتابيا ويزداد بهاؤها كلما اطلعوا على نعيم جديد قال اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون اي اولئك الذين احسنوا اهل الجنة كن فيها ماكثون لا يزولون عنها ولا تزولا عنهم وتأمل التعبير باصحاب الجنة فهم المصاحبون لها وهذا من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين ثم قال تعالى والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كانما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلمة اولئك اصحاب النار قم فيها خالد والذين عملوا السيئات من الكفر والمعاصي لهم جزاء السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الاخرة وتغشى وجوههم ذلة وهوان ليس لهم مانع يمنعهم من عذاب الله اذا انزله بهم كانما البست وجوههم سوادا من الليل المظلم. من كثرة ما يغشاها من دخان النار وسوادها اولئك المتصفون بتلك الصفات اصحاب النار هم فيها ماكث اذا لما اخبر ربنا جل جلاله عن حال السعداء عطف بعد ذلك بذكر حال الاشقياء والقرآن مثاني فربنا ذكر عدله تعالى فيهم وانه يجازيهم على السيئة بمثلها. لا يزيدهم على ذلك. اذا ربنا يعامل المؤمنين بالرحمة ويضاعف لهم الحسنات ويعامل العصاة بعدله ولا يضاعف عليهم السيئات وربنا جل جلاله كما شرح حال المسلمين في الاية المتقدمة شرح حال من اقدم على السيئات في هذه الاية الكريمة فقال والذين كسبوا السيئات. وتأمل جاء التعبير عن عمل السيئات بكلمة كسبوا ليؤكد اختيارهم وارادتهم يعني هم ارادوا الكفر وارادوا المعاصي فما عملوا السيئات مكرهين بل هم مسؤولون عنها مجزيون بها. فقال والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وفي هذا التنبيه تذكير بكرم كريم اذ ان الحسنة تضاعف اما السيئة فهي بمثلها طبعا انا لما كنت في الرابع الابتدائي كان عمري عشر سنوات وكنت اقرأ في سورة الانعام. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون. وقرأت في السورة نفسها في السورة نفسها مضاعفة الحسنات ازداد حبي لربي يعني في ذات الوقت تذكرت كرم الكريم سبحانه وتعالى ولذلك نحن بامس الحاجة ان نبصر الناس بفضل الله وبرحمته اذا والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها. ايها الذين عملوا السيئات في الدنيا فعصوا وكفروا بالله ورسوله فلهم جزاء يسوءهم. طبعا السيئة ما سمي السيئة الا لانها يسوء الانسان وتسود وجهه فلهم جزاء يسوءهم بحسب ما عملوا من السيئات دون زيادة على ما يستحقون قال وترهقهم ذلة اي يغشاهم هو ان وخزي وربنا قال ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء ثم قال تعالى ما لهم من الله من عاصم. اي ليس لهم من الله من يمنع عنهم سخطه وعذابه وربنا قال يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم من شدة سوادها اجزاء من الليل في حال ظلمته. فهذا تعبير يبين السواد الذي يلحق وجوه هؤلاء وربنا قال ويوم القيامة ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة وربنا قال يوم تبيض وجوهه وتسود وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ثم ختمت هذه الاية الكريمة بقوله تعالى اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون اي اولئك الموصوفون بهذه الصفات الذميمة اهل النار هم فيها ماكثون ابدا ولذلك كما ان اصحاب الجنة اصحاب هم اصحاب الجنة وانهم لا يخرجون منها كذلك اصحاب النار عياذا بالله تعالى الاسم بذلك لشدة الحال التي هم فيها ثم قال تعالى ويوما نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا مكانكم انتم وشركائكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون واذكر ايها الرسول طبعا هذا الخطاب للرسول وكل وكل مؤمن مطالب بهذا واذكر ايها الرسول يوم القيامة حين نحشر جميع الخلائق ثم نقول للذين اشركوا بالله في الدنيا الزموا ايها المشركون مكانكم انتم ومعبوداتكم التي كنتم تعبدونها من دون الله ففرقنا بين المعبودين والعابدين وتبرأ المعبودون من العابدين قائلين لم تكونوا تعبدوننا في الدنيا. وهذا فيه يعني زيادة عذاب هؤلاء وهذا من الخزي الذي يزيدهم عذابا وحزنا ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا مكانكم. هذا اسم فعل امر اي اثبتوا مكانكم فربنا جل جلاله لما ذكر في الايتين السابقتين ما يختص به كل فريق من الفريقين من الجزاء وما يتعلق به للذين احسنوا والذين كسبوا السيئات جاءت هذه الاية باجمال حالة جامعة للفريقين ثم بتفصيل حالة ينماز بها المشركون ليحصل بذلك ذكر فظيع من احوال الذين بلغوا الغاية في كسب السيئات وهي والعياذ بالله سيئة الشرك بالله والشرك بالله اعظم الظلم لان الشرك وضع الشيء في غير محله واعلم الظلم ان يعبد الانسان غير خالقه. فالخالق هو الذي له العبادة. الا له الخلق والامر اذا سيئة الاشراك اكبر الكبائر وبدايتي حصلت المناسبة مع الجملة التي قبلها المقتضي عطفها عليها. فقال ويوم نحشرهم جميعا اي اذكر يا محمد ويا كل داعية يوم نجمع جميع الخلق لموقف الحساب يوم القيامة الانس والجن. المؤمنين والكافرين العابدين والمعبودين وربنا قال وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا ثم نقول للذين اشركوا مكانكم انتم وشركاؤكم اي ثم نقول للمشركين الزموا مكانكم وقفوا مواضعكم انتم والذين زعمتم انهم شركاء لله في عبادته في سورة الانعام وهي ايضا سورة فيها تقرير العقيدة وتلقين العقيدة ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا اين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون اذا المسئولية على كل عمل يعمله الانسان وكل موقف يحاسب الانسان عليه. يحاسب على ظاهر العمل ويحاسب على نيته في هذا العمل حتى العمل الصالح يحاسب الانسان هل كانت نيته صالحة ام ليست صالحة فزيلنا بينهم اي ففرقنا بين المشركين العابدين ومعبوديهم من دون الله وربنا قال اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كربة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله الهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار. اذا ربنا يعذبهم حينما يتبرأ اسيادهم ثم قال تعالى وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون ايقال المعبودون للمشركين الذين عبدوهم ما كنتم تعبدوننا في الحقيقة بل كنتم تعبدون اهوائكم والشياطينكم الذين امروكم بعبادتنا. وهنا ملمح مهم جدا هو ان الانسان لما يطيع الشيطان صار كأنه عابدا للشيطان لانه اضاع الشيطان هو المؤمن مطالب بمحاربة الشيطان ومحراب الصلاة اسمه محراب لان العبادات جميع لان العبادات جميعها محراب وربنا قال يا ايها الناس ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فالانسان لا بد ان يتخذ موقفا ولذا انت لما تقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فانت تتخذ موقف وهو البراءة من الشيطان واعمال الشيطان ثم قال تعالى فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم ان كنا عن عبادتكم لغافلين هنا تتبرأ منهم الهتهم التي عبدوها من دون الله قارئة قائلة فالله شاهد وكفى به انا لن نرضى بعبادتكم لنا ولم نأمركم بها. وانا لم نشعركم بها في ذلك الموقف العظيم يحصل ما يحصل من هذا الامر فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم ان كنا عن عبادتكم لغافلين قال المعبودون للذين عبدوهم. فحسبنا الله شاهدا بيننا وبينكم. ايها المشركون فانه قد علم انكم عبدتمونا من غير ان امركم ومن دون ان نشعر بعبادتكم لنا. اذا ربنا جل جلاله يحاسب الجميع ولا لا يحق الانسان ان يسمح للاخرين ان يعظم تعظيما لا يحل او انه يعبد من دون الله. فالمسؤولية على الجميع لابد للانسان ان يتبرأ من الذين لا يتقون الله تعالى فيه ثم قال تعالى هنالك تبلو كل نفس ما اسلفت وردوا الى الله مولاهم الحق وظل عنهم ما كانوا يفترون في ذلك الموقف العظيم تختبر كل نفس ما امضت من عمل في حياتها الدنيا وارجع المشركون الى ربهم الحق الذي هو الله الذي يتولى حسابهم وذهب عنهم ما افتروه من شفاعة اصنامهم فقال تعالى هنالك تبلو كل نفس ما اسلفت اي تختبر هنالك تبلو اي تختبئ وهو جناية عن التحقق وعلم اليقين بينه وبينها بعد المشرقين ثم قال وردوا الى الله مولاهم الحق اي ورجع هؤلاء المشركون الى الله ولذا نحن حينما يمرنا شئنا قل انا لله وانا اليه راجعون فالكل يرجع الى الله والكل يحاسب وردوا الى الله مولاهم الحق اي ورجع هؤلاء المشركون الى الله الذي هو ربهم ومالكهم والمتولي امره الحق الذي لا شك فيه دون ما اتخذوا من دونه من الهة قال وظل عنهم ما كانوا يفترون اي وزال عن المشركين وبطل ما كانوا يختلقونه من الكذب على الله بدعواهم ان له شركاء ينفعون من عبدهم ويدفعون عنها ضرا ويقربون الى الله اذا هذه الايات العظيمة يتفكر بها الانسان دوام ثم قال تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض ام من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت يخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون قل ايها الرسول لهؤلاء المشركين من يرزقكم من جهة السماء بانزال المطر عليكم ومن يرزقك من الارض بما ينبت بما ينبت فيها من نبات. وبما تحويه من معادن ومن يخرج الحي من الميت كالانسان من النطفة والطير من البيضة ومن يخرج الميت من الحي كالنطفة من الحيوان والبيضة من الطير ومن يدبر امر السماوات والارض وما فيهن من مخلوقات فسيجيبونا بان فاعل ذلك كله هو الله فقل لهم افلا تعلمون ذلك وتتقون الله بامتثال اوامره واجتناب نواهيه اذا هذه الاية الكريمة ربنا جل جلاله لما بين فضائح عبدة الاوثان اتبعها بذكر الدلائل على فسائد طرائقهم ووبخهم ربنا واقام الحجة عليهم وذلك لان الخالق هو الرازق هو الله سبحانه وتعالى وان الجميع مفتقر الى رزقه فقل قل من يرزقكم من السماء والارض اي قل يا محمد للمشركين من الذي يرزقكم من السماء؟ مياه الامطار ويرزقكم من الارض انواعا من الحبوب والثمار والبقول والمعادن وغير ذلك والانسان حينما يعني يأكل ويشرب يتفكر وفي سورة البقرة في الاية الحادية والعشرين والاية الثانية والعشرين الاية العشرين من الحادية والعشرين يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. اذا نحن يعني لا نستغي عن الله تعالى طرفة عين وان رزقه رزق ظاهر بل نحن حينما نأكل ونشرب ينبغي ان نتفكر. ولذا قال تعالى فلينظر الانسان الى طعامه ينظر نظر تفكر ونظر امتنان. وهو ان يستحظر الانسان منة الله عليه ثم قال انا صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فانبتنا فيها حبة وعنب وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبة وفاكهة وابا متاعا لكم ولانعامكم فالانسان يعتبر بكل شيء حوله ولا يجعل طعامه مثل البهائم الذين كفروا يأكلون ويتمتعون هذا ليس عيب حتى المؤمن يأكل ويتمتع لكن العيب قال كالانعام وهو الذي لا يعتبر هذه النعم ولا يطالع منن الله عليه فقال تعالى بعد ان ذكر هذه النعمة قل من يرزقكم من السماء والارض نسأل الله تعالى ان يجعلنا واياكم دواما على الاحكام والصحة هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه النعم التي تنزل من السماء وتخرج من الارض ثم قال امن يملك السمع والابصار وهنا نعمة السمع ونعمة البصر بهما ينال الانسان كل نعمة اي من يملك سمعكم وابصاركم ولو شاء لسلبها منكم وربنا قال قل هو الذي انشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون اذا الانسان يسعى لاداء شكر جميع النعم ولكن ثمة نعم ظاهرة وتمر دائما ينبغي على الانسان ان يطالع هذه النعم ليتحرك الى اداء شكر نعم الله ثم قالوا ومن يخرج الحي من الميت؟ هذه ايات عظيمة اي من يخرج الشيء الحي من الشيء الميت بقدرته العظيمة فيخرج الانسان الحي والانعام والبهائم الاحياء من النطف ويخرج الزرع من الحبة والنخلة من النواة والدجاجة من البيضة والمؤمن من الكافر الى غير ذلك من عجائب قدرته ودلائل وجوده ثم قال ويخرج الميت من الحي اي ومن يخرج الشيء الميت من الشيء الحي بقدرته العظيمة فيخرج النطفة من الانسان الحي والانعام والبهائم الاحياء ويخرج الحبة من الزرع والنواة من النخلة والبيضة من الدجاجة والكافر من المؤمن وربنا قال ان الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فانى تؤثرون فالانسان لا يصرف عن عن هذه الايات نظره ودهنه بل يخضع لربه وربنا قال بعد ذلك ومن يدبر الامر وهذه اية عظيمة اي ومن يقدر يعني من الذي يقدر على امر جميع الخلائق ويقدر امر جميع الخلائق ويتصرف في السماء والارض وربنا قال الف لام ميم راء تلك ايات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن اكثر الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى يدبر الامر يفصل الايات لعلكم بلقاء ربكم توقنون. طبعا هذي في سورة الرعد وسائق في الاية الثالث ايات قال ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون وساقط الاية الرابعة ايات قال ان في ذلك لايات لقوم يعقلون فايات ظاهرة. حتى الذي لا يتفكر مجرد ان يكون عنده عقل يعني يأتي في باله عظمة الخالق سبحانه وتعالى اذا ومن يدبر الامر فسيقولون الله. اي في سيقول المشركون الله وحده الذي هو يرزقنا من السماء والارض ويملك السمع والابصار ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويدبر الامر فقل افلا تتقون. اي ثقل يا محمد لهؤلاء المشركين الا الا تتقون الله وتخافون عقابه وانتم في هذه الحال مصرون على الشرك فعليكم ان تتقوا الله فتخلصوا العبادة له فانتم مقرون انه خالقكم ورازقكم ومدبر اموركم فالخالق هو الذي يعبد سبحانه وتعالى. فالخالقية معراج العبودية ثم قال الله تعالى فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون فذلتم ايها الناس الذي يفعل ذلك كله هو الله الحق خالقكم ومدبر امركم فماذا بعد معرفة الحق غير البعد عنه والضياع؟ فاين تذهب عقولكم عن هذا الحق الجليل فذلكم الله ربكم الحق اي فهذا الذي يفعل هذه الافعال يرزقك من السماء يملك السبعة والابصار يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي. يدبر الامر هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه وهو ربكم الحق الذي لا شك فيه سبحانه وتعالى ولذلك روى البخاري في صحيحه باب التهجد بالليل قال وقوله ومن الليل فتهجد به نافلة لك اي اسهر ثم ساق من حديث عبدالله ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد انت قيم السماوات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت نور السماوات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت ملك السماوات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت الحق ووعدك الحق ولقائك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت انت المقدم وانت المؤخر لا اله الا انت او لا اله غيرك الرابع والان هذا الحديث حديث عظيم وهذا الدعاء مبنية عن التدبر تدبر الايات القرآنية وتدبر الايات الكونية ولذلك من فوائده دل الحديث على فضل التهجد من الليل والصلاة فيه واهميته للعبد اذ انه شرف له في الدنيا والاخرة وسبب في مغفرة ذنوبه ثانيا مشروعية الدعاء بهذه الكلمات الجامعة عند القيام من الليل بدلا من ادعية الاستفتاح ثالثا ان النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علم الناس كيف يتضرعون بالدعاء تبين انه يستحب للعبد اذا قام بين يدي الله واراد ان يدعو ان يقدم بين يدي دعائه بمقدمة يعترف فيها بحق الله سبحانه ويثني عليه بالثناء الحسن ويظهر ضعفه بين يديه ومن ثم يشرع بابداء مسألته عسى الله ان يستجيب له رابعا وجوب الاعتراف بوحدانية الله سبحانه وتعالى وربوبيته وانفراده بالخلق والملك والتدبير وان كل ما يصدر عن الله تعالى فهو الحق الذي لا محيد عنه بوجوب التوكل على الله في جميع الامور. لانه وحده القادر على كل شيء فمن لم يقر بذلك فقد خسر الدنيا والاخرة وذلك هو الخسران المبين فالانسان يتدبر الايات ويقرأ السنة ويعمل ثم قال تعالى فماذا بعد الحق الا الضلال؟ اي فاي شيء غير الحق الا الضلال؟ فلا واسط بين الحق والباطل فمن عبد غير الله المستحق وحده للعبادة فقد ضل الضلال الاكبر قال فماذا بعد الحق الا الطلال؟ فانى تصرفون. اي فكيف يقع صرفكم بعد وضوح الحق فتعدلون عن عبادة الله الى عبادة ما سواه وانتم تعلمون ان الله وحده هو المتفرد بالخلق والتدبير ثم قال الله تعالى كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون كما ثبتت الربوبية الحقة لله وجبت ايها الرسول كلمة ربك القدرية على الذين خرجوا عن الحق عنادا انهم لا يؤمن اذا هذه الاية بعد هذا التمهيد قد جاء فيها بيان حكم هؤلاء. كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون اي كما صرف المشركون عن الحق واستمروا على شركهم كذلك وجب قظاء الله وحكمه السابق الصادر عن علمه على الذين خرجوا عن الحق الى الباطل لانهم لا يؤمنون. وانهم معذبون فربنا جل جلاله حكم عد وايات الله تعالى في الافاق وايات القرآن والسنة يجب على كل انسان ان يقوم بها ليقيم حجة الله على عباده من فوائد الايات اعظم نعيم يرغب به المؤمن هو النظر الى وجه الله تعالى بيان قدرة الله وانه على كل شيء قدير التوحيد في الربوبية والاشراك في الالهية باطل فلا بد من توحيدهما معا اذا قال الله بعدم ايمان قوم بسبب معاصيهم فانهم لا يؤمنون هذه الفوائد التي ذكرها الاخوة في هذا الكتاب وثمة فائدتين اخريين اولا في مناسبة الاحسان ورؤية الله تعالى كما قال تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة هو ان الاحسان ان يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كانه يراه بقلبه وينظر اليه في حال عبادته وجميع اعماله فعلا وتركا يعني حتى في الترك يراقب الانسان ربه القارئ حينما يقرأ القرآن يستذكر ان الله سبحانه وتعالى يسمع قراءته ما اذن الله لنبي يتغنى بالقرآن ما اذن الله لشيء ما اذن لنبي يتغنى بالقرآن. اذا ربنا يستمع الى قراءة القارئ اذا في مناسبة الاحسان ورؤية الله تعالى كما قال تعالى للذين احسنوا الحسنى والزيادة هو ان الاحسان ان يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كانه يراه بقلبه وينظر اليه في حال عبادته وجميع اعماله فعلا وتركا فكان الجزاء من جنس العمل في الاخرة وهو النظر الى الله تعالى وهذا بخلاف اهل الحرمان الذين لم يراقبوا الله في الدنيا فحجبوا عنهم في الاخرة كما قال تعالى انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فلما احتجبوا عن طاعته واحتجبوا عن مراقبته حجبوا عن رؤيته يوم القيامة ثانيا الله هو الخالق الذي يستحق العبادة والاخلاص والقاعدة عند اهل العلم ان من استحق العبادة استحق الاخلاص فيها وان لا يشرك معه احد ثمة الكلمات ينبغي حفظها. ولا يرهق اي لا يغشى ولا يعلو. واصله رهق غشيان الشيء قطر اي غبار وكآبة وقصد واصل قطر يدل على تجميع وتطبيق ذلة اي صغار واصل الذل الخضوع والاستكانة فزيلنا فرقنا هو اصل التزاين التباين تبلو اي تختبر وتعلم واصل بلوي يدل على اختبار اي تختبر ما اسلف من عمل كيف هو اقبيح ام حسن؟ نافع ام ظار اسلفت اي قدمت وعملت. واصل سلف يدل على تقدم وسبق حقت اي وجبت وثبتت يقال منه حق على فلان كذا يحق عليه اذا ثبت ذلك عليه ووجب. واصل حقه يدل على احكام الشيء وصحته