بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدلتا مائتين واربعة عشر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه وكل من اتبعه واهتدى بهداه وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث اليكم في هذه الحلقة كسابقاتها عن احكام القضاء وقد انتهينا الى احكام الدعاوى والبينات فليكن ذلك موضوع حديثنا الان الدعاوى جمع دعوى وهي لغة الطلب. قال الله تعالى ولهم ما يدعون اي يطلبون ويتمنون والدعوة في اصطلاح الفقهاء اظافة الانسان الى نفسه استحقاق شيء في يد غيره او ذمته والبينات جمع بينة وهي العلامة واضحة وهي كل ما يبين الحق من شهود او يمين قال العلامة ابن القيم رحمه الله البينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره قد نصب سبحانه على الحق علامات وامارات تدل عليه وتبينه فمن اهدر العلامات والامارات بالكلية فقد عطل كثيرا من الاحكام وضيع كثيرا من الحقوق انتهى والفرق بين المدعي والمدعى عليه ان المدعي هو الذي اذا سكت ترك فهو المطالب والمدعى عليه هو الذي اذا سكت لم يترك فهو المطالب فيشترط لصحة الدعوة وصحة الانكار ان يكون من جائز التصرف وهو الحر المكلف الرشيد واذا تداعيا عينا بان ادعى كل منهما انها له. وهي بيد احدهما فهي لمن هي بيده منهما مع يمينه ويسمى من كانت العين بيده منهما الداخل ويسمى من لم تكن العين بيده منهما بالخارج فان اقام كل منهما بينة ان العين المدعى بها له قضي بها للخارج لحديث ابن عباس مرفوعا لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال واموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه رواه احمد ومسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين وعلى من انكر رواه الترمذي ودل الحديثان على ان البينة على المدعي فاذا اقامها قضي بها له. وان اليمين على من انكر اذا الم يكن مع المدعي بينه وذهب اكثر اهل العلم في هذه المسألة ان العين تكون لمن هي بيده وهو ما يسمى بالداخل وان الحديث محمول على ما اذا لم يكن مع من هي بيده بينة والا فاليد مع بينته اقوى والاخذ بقول الاكثر اولى وان لم تكن العين التي تداعياها بيد احد وليس هناك ظاهر يعمل به ولا بينة لاحدهما تحالفا بان يحلف كل واحد انه انه لا حق للاخر فيها وقسمت بينهما بالسوية لاستوائهما في الدعوة مع عدم مرجحي لاحدهما وان وجد ظاهر لاحدهما عمل به ولو تنازع الزوجان في قماش البيت ونحوه فما يصلح للرجل يكون للزوج وما يصلح للمرأة يكون للزوجة وما يصلح للاثنين فلهما ولما كانت الشهادة من اقوى البينات التي تبين الحق قد اهتم الفقهاء بموضوعها وبحثوه بحثا دقيقا مستفيضا في كتب الفقه وعقدوا له بابا او كتابا يسمى كتاب الشهادات. ونحن هنا نلخص من ذلك ما يمكننا تلخيصه من كلامهم في هذا الموضوع الشهادة مشتقة من المشاهدة لان الشاهد يخبر عما شاهده وعلمه وهل يشترط في اداء الشهادة ان يكون ذلك بلفظ اشهد او شهدت هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة والقول الثاني وهو رواية عن احمد وقول جماعة من الائمة ان ذلك لا يلزم. واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن قيم وغيرهما قال الشيخ ولا يشترط في اداء الشهادة لفظ اشهد وهو مقتضى قول احمد وغيره ولا اعلم نصا يخالفه ولا يعرف عن صحابي ولا تابعي اشتراط لفظ الشهادة وقال ابن القيم الاخبار شهادة. الاخبار شهادة محضة في اصح الاقوال وهو قول الجمهور. فانه لا يشترط في صحة الشهادة لفظ اشهد بل متى قال الشاهد رأيت كيت وكيت او سمعت او نحو ذلك كانت شهادة منه وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم موضع واحد يدل على اشتراط لفظ الشهادة ولا عن رجل واحد من ولا قياس ولا استنباط ولا قياس ولا استنباط يقتضيه بل الادلة المتظافرة من الكتاب والسنة واقوى للصحابة ولغة العرب تنفي ذلك انتهى كلامه وتحمل الشهادة في غير حق الله تعالى فرض كفاية اذا قام به من يكفي سقط عن بقية المسلمين لحصول الغرض. وان لم يوجد الا بل يكفي تعين عليه لقوله تعالى ولا يأبى الشهداء اذا ما دعوا اي اذا دعوا لتحمل الشهادة فعليهم فعليهم الاجابة والاية عامة في الدعوة للتحمل والدعوة للاداء وقال ابن عباس وغيره في معنى الاية المراد به التحمل للشهادة واثباتها عند الحاكم ولان الحاجة تدعو الى ذلك لاثبات الحقوق والعقود فكان واجبا كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر واما اداء الشهادة فهو فرض عين على من تحملها متى دعي اليه. لقوله تعالى ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه اثم القلب ومعنى الاية الكريمة اذا دعيتم الى اقامة الشهادة فلا تخفوها ولا تغلوها ومن يكتمها فانه اثم قلبه اي فاجر قلبه. وهذا وعيد شديد بمسخ القلب وانما خصه لانه موضع العلم بالشهادة فدلت الاية الكريمة على فرضية اداء الشهادة عينا على من تحمل متى دعي اليه قال الامام العلامة ابن القيم رحمه الله التحمل والاداء حق يأثم بتركه وقال قياس المذهب ان الشاهد اذا كتم الشهادة بالحق ضمنه لانه امكنه تخليص حق صاحبه فلم يفعل لزمه الضمان كما لو امكنه تخليصه من هلكة فلم يفعل انتهى ويعتبر لوجوب التحمل والاداء انتفاء الظرر عن الشاهد فان كان يلحقه بذلك ظرر في نفسه او عرضه او ماله او اهله لم يجب عليه. لقوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد ولحديث لا ظرر ولا ظرار والله اعلم. والى الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه