او فيهم وعظ ولا يفيدهم زجر وكيف يفيد من يزعم انه على الحق ويطمع في دعوة غيره الى ما هو عليه. ايحسبون دون ان ما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي وعلي منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الان اسمه. وهو انه بعد بعث موسى ونزول التوراة. رفع الله العذاب عن الامم اي عذاب الاستئصال وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد. ولم ادري من اين اخذه. فلما تدبرت هذه الايات مع الايات في سورة القصص تبين لي وجهه اما هذه الايات فلان الله ذكر الامم المهلكة المتتابعة على الهلاك. ثم اخبر انه ارسل موسى بعدهم وانزل عليه التوراة فيها الهداية للناس. ولا يرد على هذا اهلاك فرعون فانه قبل نزول التوراة. واما الايات التي في سورة القصص فهي صريحة جدا فانه لما ذكر هلاك فرعون قال ولقد اتينا موسى الكتاب من بعد ما اهلكنا القرون الاولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون. فهذا صريح انه اتاه الكتاب بعد هلاك الامم الباغية. واخبر ان انه انزله بصائر للناس وهدى ورحمة ولعل من هذا ما ذكر الله في سورة يونس من قوله ثم بعثنا من بعده اي من بعد نوح رسلا الى قومهم فجاؤوهم بالبينات. فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل. كذلك نطبع على قلوب المعتدين ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون والله اعلم. فقوله وسلطان مبين. ثم ارسلنا موسى ابن عمران كليم الرحمن واخاه هارون. حين سأل ربه ان في امره فاجاب سؤله باياتنا الدالة على صدقهما وصحة ما جاء به وسلطان مبين. اي حجة بينة من قوة ان تقهر القلوب وتتسلط عليها لقوتها فتنقاد لها قلوب المؤمنين. وتقوم الحجة البينة على المعاندين وهذا كقوله ولقد اتينا موسى تسع ايات بينات. ولهذا رئيس المعاندين عرف الحق وعاند. فاسأل بني اسرائيل اذ اي بتلك الايات البينات. فقال له فرعون اني لاظنك يا موسى مسحورا. فقال موسى لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض بصائر. واني لاظنك يا فرعون مثبورا. وقال الله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. وقال هنا ثم ارسلنا موسى واخاه هارون باياتنا وسلطان مبين الرسل من اكل الطيبات والعمل الصالح. وما عداهم فانهم مبطلون. فذرهم في غمرتهم اي في وسط جهلهم بالحق ودعواهم انهم هم المحقون. حتى حين. اي الى ان ينزل العذاب بهم فانهم لا ينفع فاستكبروا وكانوا قوما عاليين. الى فرعون وملأه كهامان وغيره من رؤسائهم. فاستكبروا تكبروا عن الايمان بالله واستكبروا على انبيائه. وكانوا قوما عاليين. اي وصفهم العلو والقهر والفساد في الارض فلهذا صدر منهم الاستكبار ذلك غير مستكثر منهم. فقالوا انؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون. فقالوا كبرا وتيها وتحذيرا لضعفاء العقول. وتمويه انؤمن لبشرين مثلنا؟ كما قاله من قبله سواء بالسواء تشابهت قلوبهم في الكفر فتشابهت اقوالهم وافعالهم وجحدوا منة الله عليهما بالرسالة قومه ما لنا عابدون. وقومهما اي بنو اسرائيل لنا عابدون. اي معبدون بالاعمال والاشغال الشاقة كما قال تعالى واذ نجيناكم من ال فرعون يصومونكم سوء العذاب. يذبحون ابناءكم ويستحيون نسائكم. وفي ذلكم من ربكم عظيم. فكيف نكون تابعين بعد ان كنا متبوعين؟ وكيف يكون هؤلاء رؤساء علينا؟ ونظير قولهم قوم نوح انؤمن لك واتبعك الارذلون؟ وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي. من المعلوم ان هذا لا يصلح دفع الحق وانه تكذيب ومعاندة. ولهذا قال في الغرق في وبنو اسرائيل ينظرون. ولقد اتينا بعدما اهلك الله فرعون وخلص الشعب الاسرائيلي مع موسى وتمكن حينئذ من اقامة امر الله فيهم واظهار شعائر ايه ده؟ وعده الله ان ينزل عليه التوراة اربعين ليلة. فذهب لميقات ربه. قال الله تعالى وكتبنا له في الالواح من كل شيء ان موعظة وتفصيلا لكل شيء. ولهذا قال هنا اي بمعرفة تفاصيل الامر والنهي والثواب والعقاب. ويعرفون ربهم باسمائه وصفاته اي وامتننا على عيسى ابن مريم وجعلناه وامه من ايات الله العجيبة حيث حملته وولدته من غير اب. وتكلم في المهد صبيا. واجرى الله على يديه من الايات ما اجرى. واويناهما الى ربوة اي مكان مرتفع وهذا والله اعلم وقت وضعها ذات قرار اي مستقر وراحة ومعين اي ماء جار بدليل قوله قد جعل ربك تحتك اي تحت المكان الذي انت فيه لارتفاعه سريا اي نهرا وهو المعين اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا. فكلي واشربي وقري عينا. يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم هذا امر منه تعالى لرسوله باكل الطيبات التي هي الرزق الطيب الحلال. وشكر الله بالعمل الصالح. الذي به يصلح القلب والبدن والدنيا والاخرة ويخبرهم انه بما يعملون عليم. فكل عمل عملوه وكل سعي اكتسبوه فان الله يعلمه وسيجازيه عليه اتم الجزاء وافضله. فدل هذا على ان الرسل كلهم متفقون على اباحة الطيبات من المآكل. وتحريم الخبائث منها انهم متفقون على كل عمل صالح. وان تنوعت بعض اجناس المأمورات واختلفت بها الشرائع. فانها كلها عمل صالح. ولكن بتفاوت الازمنة. ولهذا الاعمال الصالحة التي هي صلاح في جميع الازمنة. قد اتفقت عليها الانبياء والشرائع. كالامر بتوحيد الله واخلاص الدين له ومحبته وخوفه ورجائه. والبر والصدق والوفاء بالعهد وصلة الارحام وبر الوالدين. والاحسان الى الضعفاء والمساكين واليتامى والحنو والاحسان الى الخلق ونحو ذلك من الاعمال الصالحة. ولهذا كان اهل العلم والكتب السابقة والعقل. حين بعث الله الله محمدا صلى الله عليه وسلم يستدلون على نبوته باجناس ما يأمر به وينهى عنه. كما جرى لهرقل وغيره فانه اذا امر بما امر به الانبياء الذين من قبله ونهى عما نهوا عنه دل على انه من جنسهم بخلاف الكذاب فلا بد ان يأمر بالشر وينهى عن الخير ولهذا قال تعالى للرسل وان هذه امتكم امة اي جماعتكم يا معشر الرسل ساعة واحدة متفقة على دين واحد وربكم واحد. فاتقوني بامتثال اوامري واجتناب زواجري. وقد امر الله بما امر به المرسلين. لانهم بهم يقتدون. وخلفهم يسلكون. فقال يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزق واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون. فالواجب من كل منتسبين الى الانبياء وغيرهم ان يمتثلوا هذا ويعملوا به ولكن ابى الظالمون المفترقون الا عصيانا. ولهذا قال حزب بما لديهم فرحون. فتقطعوا امرهم بينهم زبرا. اي تقطع المنتسبون الى اتباع الانبياء. امرهم اي دينهم بينهم زبرا اي قطعا. كل حزب بما لديهم اي بما عندهم من العلم والدين فرحون يزعمون انهم المحقون وغيرهم على غير الحق. مع ان المحق منهم من كان على طريق نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون. ايحسبون ان ما نمدهم به من مال وبر نسارع لهم في الخيرات اي يظنون ان زيادتنا اياهم بالاموال والاولاد. دليل على انه من اهل الخير والسعادة. وان خير الدنيا والاخرة. وهذا مقدم لهم ليس الامر كذلك. بل لا يشعرون ان ما نملي لهم ونمهلهم ونمدهم بالنعم. ليزدادوا اثما. وليتوفر عقابهم في الاخرة. وليغتبطوا بما اوتوا حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة. ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون. لما ذكر الذين جمعوا بين الاساءة والامن الذين يزعمون ان عطاء الله اياهم في الدنيا دليل على خيرهم وفضلهم. ذكر الذين جمعوا بين الاحسان والخوف فقال اي وجلون مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم خوفا ان يضع عليهم عدله فلا يبقى لهم حسنة. وسوء ظن بانفسهم لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى وخوفا على ايمانهم من الزوال. ومعرفة منهم بربهم. وما يستحقه من الاجلال والاكرام وخوفهم واشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الامر المخوف. من الذنوب والتقصير في الواجبات اي اذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا. ويتفكرون ايضا في الايات القرآنية ويتدبرونها فيبين لهم من معاني القرآن وجلالته واتفاقه. وعدم اختلافه وتناقضه. وما يدعو اليه من معرفة الله وخوفه ورجائه وللجزاء فيحدث لهم بذلك من تفاصيل الايمان ما لا يعبر عنه اللسان. ويتفكرون ايضا في الايات الافقية كما في قوله ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب اي لا شرك جليا كاتخاذ غير الله معبودا. يدعوه ويرجوه. ولا شركا خفيا. كالرياء ونحوه هم مخلصون لله في اقوالهم واعمالهم وسائر احوالهم. والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلال انهم الى ربهم راجعون. والذين يؤتون ما اتوا اي يعطون من انفسهم مما امروا به ما اتوا من كل ما يقدرون عليه. من صلاة وزكاة وحج وصدقة وغير ذلك. ومع هذا قلوبهم وجلة اي خائفة. اي خائفة عند عرض اعمالها عليه والوقوف بين يديه ان تكون اعمالهم غير منجية من عذاب الله. لعلمهم بربهم وما يستحقه من ما في العبادات يسارعون في وهم لا اولئك يسارعون في الخيرات اي في ميدان التسارع في افعال الخير همهم ما يقربهم الى الله ارادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه. فكل خير سمعوا به او سنحت لهم الفرصة اليه انتهزوه وبادروه. قد نظروا الى انبياء الله واصفيائه امامهم ويمنة ويسرة. يسارعون في كل خير وينافسون في الزلفى عند ربهم. فنافسوهم مكان المسابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره. وقد لا يسبق لتقصيره. اخبر تعالى ان هؤلاء من القسم السابقين فقال وهم لها اي للخيرات سابقون. قد بلغوا ذروتها وتباروهم والرعين الاول ومع هذا قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة انهم سابقون. ولما ذكر مسارعتهم الى الخيرات وسبقهم الى فيها ربما وهم واهم ان المطلوب منهم ومن غيرهم امر غير مقدور او متعسر. اخبر تعالى انه لا يكلف نفسا الا وسعها ولا نكلف نفسا الا وسعها. اي بقدر ما تسعه ويفضل من قوتها عنه. ليس مما يستوعب قوتها رحمة منه وحكمة بتيسير طريق الوصول اليه. ولتعمر جادة السالكين في كل وقت اليه ينطق بالحق وهم لا يظلمون ولدينا كتاب بالحق وهو الكتاب الاول الذي فيه كل شيء. وهو يطابق كل واقع يكون. فلذلك كان حقا وهم لا يظلمون بنقص من احسانهم او يزداد في عقوبتهم وعصيانهم