يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين حكم اقامة صلاة الجمعة في القرى من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى الاخوين الكريمين. وفقهما الله لقول الحق والعمل به. وزادهما من العلم والايمان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد فقد وصلني كتاباكما وتأملت ما ذكرت ما فيهما من اختلاف بينكما في حكم اقامة صلاة الجمعة في القرى تحكيمكما لي في هذا واسأل الله ان يجعلنا واياكم دعاة الهدى وانصار الحق وان يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه. انه خير مسؤول ولا يخفى ان الحق ضالة المؤمن متى وجدها اخذها ولا يخفى ايضا ان المرجع في مسائل الخلاف هو كتاب الله عز وجل. وسنة رسوله وصفوته من خلقه نبي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله سبحانه يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. ذلك خير واحسن تأويلا وقال سبحانه وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله وقال عز وجل قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول فان تولوا فانما عليهما حمل وعليكم ما حملتم. وان تطيعوه تهتدوا. وما على الا البلاغ المبين وقد تأملت ادلة الفريقين القائلين بوجوب اقامة صلاة الجمعة في القرى والقائلين بعدم وجوبها وعدم صحتها ورأيت ادلة اصحاب القول الاول وهم الجمهور اوضحوا واكثر واصح مما يوضح ذلك ان الله سبحانه فرض على عباده اقامة صلاة الجمعة في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع وقول النبي صلى الله عليه وسلم لينتهين اقوام عن ودعهم الجمعات او ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه الامام مسلم في صحيحه ولان النبي صلى الله عليه وسلم اقام صلاة الجمعة في المدينة. وهي في اول الهجرة في حكم القرى واقر اسعد بن زرارة على اقامة صلاة الجمعة في نقيع الخدمات وهو في حكم القرية ولم يثبت انه صلى الله عليه وسلم انكر ذلك والحديث في ذلك حسن الاسناد ومن اعله بابن اسحاق فقد غلط لانه قد ثبت تصريحه بالسماع فزالت شبهة التدليس ولانه صلى الله عليه وسلم قال صلوا كما رأيتموني اصلي. وقد رأيناه صلى الجمعة في المدينة من حينها هاجر اليها ولانه صلى الله عليه وسلم اقر اهل جواثا. وهي قرية من قرى البحرين على اقامة صلاة الجمعة والحديث بذلك مخرج في صحيح البخاري ولانها احدى الصلوات الخمس في يوم الجمعة فوجب اداءها على اهل القرى كاهل الامصار وكصلاة الظهر في حق الجميع في غير يوم الجمعة وانما تركت اقامتها في البادية والسفر لعدم امره صلى الله عليه وسلم للبوادي والمسافرين باقامتها. ولانه صلى الله عليه وسلم لم يقمها في السفر فوجبت اقامتها فيما سوى ذلك ومعلوم ان الذي سوى ذلك هو القرى والامصار ولان في اقامتها مصالح عظيمة من جمع اهل القرية في مسجد واحد ووعظهم وتذكيرهم كل اسبوع بما شرع الله الله في خطبتي الجمعة وبما ذكرنا من الادلة يتضح لكل منصف صحة قول الجمهور وانه اقرب الى الحق من قول من خالفهم وانه انفع للمسلمين في امر دينهم ودنياهم. واقرب الى براءة الذمة وصلاح الامة اما اثر علي رضي الله عنه فهو موقوف عليه ولا يصح المرفوع كما نبه على ذلك غير واحد منهم النووي رحمه الله مع ان في صحة الموقوف نظرا وايضا لان في اسناده عند عبدالرزاق الثوري رحمه الله. ولم يصرح بالسماع وهو موصوف بالتدليس وجابر الجحفي والحارث الاعور وكلاهما ضعيف وفي سنده عند ابي شيبة الاعمش ولم يصرح بالسماع وهو مدلس معروف لكن عن عنته وعنعنة الثوري محمولة على السماع فيما خرجه عنهما البخاري ومسلم رضي الله عنهما في الصحيحين ان اما في غير الصحيحين فليس هناك مانع من تعليل روايتهما بذلك. اذا لم يصرحا بالسماع هذا ما ظهر لي واسأل الله ان يوفقني واياكما وسائر اخواننا لاصابة الحق. وان يعيذنا جميعا من التعصب واتباع الهوى في جميع احوال انه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته التوقيع الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة