السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاج يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسنا نور على نور. نور على نور نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء الله نور السماوات والارض. الحسي والمعنوي وذلك انه تعالى بذاته نور. وحجابه الذي لولا لطف المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي هذا تعظيم وتفخيم لهذه الايات التي تلاها على عباده ليعرفوا قدرها ويقوموا بحقها. فقال ولقد انزلنا اليكم ايات مبينات اي واضحات الدلالة على فكل امر تحتاجون اليه من الاصول والفروع. بحيث لا يبقى فيها اشكال ولا شبهة. وانزلنا اليكم ايضا مثلا من الذين خلوا من قبلكم من اخبار الاولين الصالح منهم والطالح وصفة اعمالهم وما جرى لهم وما جرى عليهم تعتبرونه مثالا اعتبر لمن فعل مثل افعالهم ان يجازى مثل ما جوزو وموعظة للمتقين. اي وانزلنا اليكم موعظة للمتقين من الوعد والوعيد والترغيب والترهيب. يتعظ بها المتقون فينكفون عما يكرهه الله الى ما يحبه الله لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه نور. وبه استنار العرش والكرسي والشمس والقمر والنور. وبه استنارت الجنة وكذلك النور المعنوي يرجع الى الله. فكتابه نور وشرعه نور. والايمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده مؤمنين نور فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات. ولهذا كل محل يفقد نوره. فثم الظلمة والحصر مسأل نوره كمشكاة فيها مصباح. مثل نوره الذي يهدي اليه وهو نور الايمان والقرآن في قلوب المؤمنين كمشكاة اي قوة فيها مصباح لان القوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري. ذلك المصباح في زجاجة. الزجاجة من صفائها وبهائها كانها كوكب دري. اي مضيء اضاءة الدر. يوقد ذلك المصباح الذي في تلك الزجاجة الذرية زيتونة لا شرقية ولا غربية. من مباركة زيتونة. اي يوقد من زيت الزيتون الذي ناره من انور ما يكون. لا شرقية فقط فلا تصيبها الشمس احد النهار ولا غربية فقط فلا تصيبها الشمس اول النهار. واذا انتفى عنها الامران كانت متوسطة من الارض. كزيتون تصيبها الشمس اول النهار واخرها. فتحسن وتطيب ويكون اصفى لزيتها. ولهذا قال يكاد زيتها من صفائه يضيء ولو لم تمسسه منار فاذا مسته النار اضاء اضاءة بليغة. اي نور النار ونور الزيت ووجهها هذا المثل الذي ضربه الله وتطبيقه على حالة المؤمن ونور الله في قلبه ان فطرته التي فطر عليها بمنزلة الزيت الصافي ففطرته صافية مستعدة للتعاليم الالهية والعمل المشروع. فاذا وصل اليه العلم والايمان اشتعل ذلك النور في قلبه بمنزلة اشتعال في فتيلة ذلك المصباح وهو صافي القلب من سوء القصد. وسوء الفهم عن الله اذا وصل اليه الايمان اضاء اضاءة عظيمة لصفائه من الكادورات وذلك بمنزلة الصفاء الزجاجة الذرية. فيجتمع له نور الفطرة ونور الايمان ونور العلم. وصفاء المعرفة نور يا نوره ولما كان هذا من نور الله تعالى وليس كل احد يصلح له ذلك. قال من يشاء ممن يعلم زكاءه وطهارته وانه يزكو معه وينمو ان سوى الله بكل شيء عليم. ويضرب الله الامثال للناس ليعقلوا عنه ويفهموا لطفا منه بهم واحسانا اليهم وليتضح الحق من الباطل. فان الامثال تقرب المعاني المعقولة من المحسوسة. فيعلمها العباد علما واضحا فعلمه محيط بجميع الاشياء فلتعلموا ان ضربه الامثال ضرب من يعلم حقائق الاشياء وتفاصيلها وانها مصلحة للعباد. فليكن اشتغالكم بتدبرها وتعقلها. لا بالاعتراض عليها ولا بمعارضة فيها فانه يعلم وانتم لا تعلمون. ولما كان نور الايمان والقرآن اكثر وقوع اسبابه في المساجد. ذكرها منوها بها فقال ان يتعبدوا لله في بيوت عظيمة فاضلة. هي احب البقاع اليه وهي المساجد. اذن الله اي امر ووصى ان ترفع ويذكر فيها اسمه. هذان مجموع احكام المساجد. فيدخل في رفعها بناؤها سهى وتنظيفها من النجاسة والاذى. وصونها عن المجانين والصبيان. الذين لا يتحرزون عن النجاسة وعن الكافر. وان تصان عن اللغو فيها ورفع الاصوات بغير ذكر الله. يدخل في ذلك الصلاة كلها فرضها ونفلها وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل وغيره من انواع الذكر. وتعلم العلم وتعليمه والمذاكرة فيها والاعتكاف. وغير ذلك من العبادات التي تفعل في المساجد. ولهذا كانت عمارة المساجد على قسمين. عمارة بنيان وصيانة لها. وعمارة بذكر بسم الله من الصلاة وغيرها. وهذا اشرف القسمين. ولهذا شرعت الصلوات الخمس والجمعة في المساجد. وجوبا عند اكثر العلماء او استحبابا عند اخرين ثم مدح تعالى عمارها بالعبادة فقال قال رجال يسبح له اخلاصا بالغدو اول النهار والاصال اخره رجال. خص هذين الوقتين بشرفهما ولتيسر السير فيهما الى الله وسهولته. ويدخل في ذلك التسبيح في الصلاة وغيرها. ولهذا شرعت اذكار الصباح والمساء واورادهما عند الصباح والمساء اي يسبح فيها لله رجال واي رجال ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا ذات ولا تجارة ومكاسب مشغلة عنه ذكر الله واقام الصلاة. واقام الصلاة وايتاء الزكاة لا تلهيهم تجارة وهذا يشمل كل تكسب يقصد به العوظ. فيكون قوله ولا بيع من باب عطف الخاص على العام. لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره فهؤلاء الرجال وان اتجروا وباعوا واشتروا فان ذلك لمحذور فيه لكنه لا تلهيهم تلك بان يقدموها ويؤثرها على ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة. بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم. ونهاية مقصدهم فما حال بينهم وبينها رفضوه. ولما كان ترك الدنيا شديدا على اكثر النفوس. وحب المكاسب بانواع التجارات محبوبا لها. ويشق عليها تركها وفي الغالب وتتكلف من تقديم حق الله على ذلك. ذكر ما يدعوها الى ذلك ترغيبا وترهيبا. فقال من شدة هوله وازعاجه للقلوب فلذلك خافوا ذلك اليوم فسهل عليهم العمل وترك ما يشغل عنه. ليجزيهم الله احسن ما عملوا والله يرزق من يشاء ليجزيهم الله احسن ما عملوا. والمراد باحسن ما عملوا. اعمالهم الحسنة لانها احسن ما عملوا. لانهم يعملون المباحات وغيرها. فالثواب لا يكون الا على العمل الحسن. كقوله تعالى الله عنهم اسوأ الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. ويزيدهم من فضله زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لاعمالهم. بغير حساب بل يعطيه من الاجر ما لا يبلغه عمله. بل ولا تبلغه امنيته. ويعطيه من الاجر بلا عد ولا كيل. وهذا كناية عن كثرته جدا