المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده توفاه حسابه والله سريع حسابه. او كظلمات في بحر لجي يغش ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها. ومن لم يجعل الله له نورا فما له هذان مثلا ضربهما الله لاعمال الكفار في بطلانها وذهابها سدى وتحسر عامليها منها فقال والذين كفروا بربهم وكذبوا رسله. اعمالهم كسرى بن بقيعة اي بقاع لا شجر فيه ولا نبت يحسبه الظمآن ماء شديد العطش. الذي يتوهم ما لا يتوهم غيره. بسبب ما معه من العطش. وهذا حسبان باطل. فيقصد ليزيل ظمأه حتى اذا جاءه لم يجده شيئا. فندم ندما شديدا. وازداد ما به من الظمأ. بسبب انقطاع رجاءه كذلك اعمال الكفار بمنزلة السراب ترى ويظنها الجاهل الذي لا يدري الامور اعمالا نافعة فيغره صورتها خيالها ويحسبها هو ايضا اعمالا نافعة لهواه. وهو ايضا محتاج اليها بل مضطر اليها. كاحتياج الظمآن الماء حتى اذا قدم على اعماله يوم الجزاء وجدها ضائعة ولم يجدها شيئا. والحال انه لم يذهب لا له ولا عليه بل وجد الله عنده فوفاه حسابه. ووجد الله عنده فوفاه حسابه. لم يخفى عليه من عمله نقيرا ولا قطمير ولن يعدم منه قليلا ولا كثيرا. والله سريع لحسابه. فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعد انه لابد من اتيانه ومثلها الله بالسراب الذي بقيعة اي لا شجر فيه ولا نبات. وهذا مثال لقلوبهم لا خير فيها ولا بر فتزكو فيها الاعمال وذلك للسبب المانع. وهو الكفر. والمثل الثاني لبطلان اعمال الكفار ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. كظلمات في بحر لجي بعيد قعره. طويل مدار يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب. ظلمات بعضها فوق بعض. ظلمة البحر اللجي. ثم فوقه ظلمة وادي المتراكمة ثم فوق ذلك ظلمة السحب المدلهمة. ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم. فاشتدت الظلمة جدا. بحيث ان الكائن في تلك الحال اذا اخرج يده لم يكد يراها مع قربها اليه فكيف بغيرها؟ كذلك الكفار تراكمت على قلوبهم الظلمات. ظلمة الطبيعة التي لا خير فيها. وفوقها ظلمة الكفر ذلك ظلمة الجهل وفوق ذلك ظلمة الاعمال الصادرة عما ذكر. فبقوا في الظلمة متحيرين وفي غمرتهم يعمهون الصراط المستقيم مدبرين وفي طرق الغي والضلال يترددون. وهذا لان الله تعالى خذلهم فلم يعطهم من نوره لان نفسه ظالمة جاهلة فليس فيها من الخير والنور الا ما اعطاها مولاها ومنحها ربها يحتمل ان هذين المثالين لاعمال جميع الكفار كل منهما عليها وعددهما لتعدد الاوصاف. واحتمل ان كل مثال لطائفة وفرقة. فالاول للمتبوعين والثاني متابعين والله اعلم كل قد علم صلاته وتسبيحه والله ينبه تعالى عباده على عظمته وكمال سلطانه وافتقار جميع المخلوقات له في ربوبيتها وعبادتها فقال المتر ان الله يسبح له من في السماوات والارض من حيوان وجماد والطير صافات اي صافات اجنحتها في جو السماء تسبح ربها كل من هذه المخلوقات قد علم صلاته وتسبيحه. اي كل له صلاة وعبادة بحسب حاله اللائقة به وقد الهمه الله تلك الصلاة والتسبيح اما بواسطة الرسل كالجن والانس والملائكة واما بالهام منه تعالى كسائر المخلوقات غير ذلك. وهذا الاحتمال ارجح بدليل قوله اي علم جميع افعالها فلم يخفى عليه منها شيء سيجازيهم بذلك. فيكون على هذا قد جمع بين علمه باعمالها وذلك بتعليمه وبين علمه باعمالهم المتضمن للجزاء. ويحتمل ان الضمير في قوله قد علم صلاته وتسبيحه يعود سئل الله وان الله تعالى قد علم عباداتهم وان لم تعلموا ايها العباد منها الا ما اطلعكم الله عليه. وهذه الاية كقوله تعالى تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن. وان من شيء الا يسبح بحمده. ولكن لا تفقهون تسبيحهم. انه كان حليما غفورا. فلما بين عبوديتهم وافتقارهم اليه من جهة العبادة والتوحيد. بين افتقارهم من جهة الملك والتربية والتدبير فقال ولله ملك السماوات والارض خالقهما ورازقهما والمتصرف فيهما. في حكمه الشرعي والقدري. في هذه الدار وفي حكمه الجزائي بدار القرار بدليل قوله اي مرجع الخلق ومآلهم ليجازيهم باعمالهم يجعله ركاما الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد يكاد اي الم تشاهد ببصرك عظيم قدرة الله وكيف يزجي ان يسوق سحابك قطعا متفرقة ثم يؤلف بين تلك القطع. فيجعله سحابا متراكما مثل الجبال. فترى الودق اي الوابل والمطر يخرج من خلال السحاب نقطا متفرقة ليحصل بها الانتفاع من دون ضرر فتمتلئ بذلك الغدران وتتدفق الخلجان وتسهيل الاودية وتنبت الارض من كل زوج كريم. وتارة ينزل الله من ذلك السحاب بردا يتلف ما يصيبه. فيصيب به بحسب ما اقتضاه حكمه القدري وحكمته التي يحمد عليها يكاد سنا برقه. اي يكاد ضوء برق ذلك السحاب من شدته. يذهب بالابصار. اليس الذي وساقها لعباده المفتقرين. وانزلها على وجه يحصل به النفع وينتفي به الضرر. كامل القدرة نافذ المشيئة. واسع الرحمة يقلب الله الليل والنهار. ان في ذلك لعبرة لاولي الادب يقلب الله الليل والنهار من حر الى برد ومن برد الى حر من ليل الى نهار ونهار الى ويزيل الايام بين عباده. اي والبصائر والعقول النافذة للامور المطلوبة منها. كما تنفذ الابصار الى الامور المشاهدة الحسية. فالبصير ينظر الى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما اريد بها ومنها. والمعرض الجاهل نظره اليها نظر غفلة. بمنزلة نظر البهائم