متقيد للمخلوقين من مخلوقين مشرقا لهم. ليس له انطلاق وتصرف في الخير. فمثله ايضا كالذي خر من السماء فتخر طفته فتخطفته الطيور ومزقته كل ممزق وهؤلاء الذين زعموا انهم الهة ينفعون ويدعون المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثانية والعشرون في مقاصد امثلة القرآن اعلم ان القرآن الكريم احتوى على اعلى واكمل وانفع المواضيع التي يحتاج الخلق اليها في جميع الانواع. فقد احتوى على احسن طرق التعليم وايصال المعاني من القلوب بايسر شيء واوضح ومن انواع تعاليمه العالية ضرب الامثال وهذا النوع يذكره الباري في الامور المهمة كالتوحيد وحال الموحد والشرك وحاله وحالة اهله والاعمال العامة الجليلة هو يقصد بذلك كله توضيح المعاني النافعة وتمثيلها بالامور المحسوسة ليصير القلب كانه يشاهد معانيها رأي العين وهذا من عناية الباري بعباده ولطفه. فقد مثل الله الوحي والعلم الذي انزله على رسوله في عدة ايات. بالغيث والمطر النازل من السماء وقلوب الناس بالارض الاراضي والاودية. وان عمل الوحي والعلم في القلوب كعمل الغيث والمطر في الاراضي فمنها اراض طيبة تقبض الماء وتنبت الكلأ والعشب اه وتنبت الكلأ والعشب الكثير. فمثلا القلوب الفاهمة التي تفهم عن الله ورسوله وحيه وكلامه. وتعقله وتعمل به علما وتعليما بحسب حالها كالاراضي بحسب حالها. ومنها اراض تمسك الماء ولا تنبت الكلأ. فينتفع الناس بالماء الذي تمسكه فيشربون ويسقون مواشيهم اراضيهم كالقلوب التي تحفظ الوحي من القرآن والسنة وتلقيه الى الامة ولكن ليس عندها من الدراية والمعرفة بمعانيه ما عند الاولين وهؤلاء على خير ولكنهم دون اولئك. ومنها اراض لا تمسك ماء ولا تنبت كلئا كمثل القلوب التي لا تنتفع بالوحي لا علما ولا حفظا ولا عملا ومناسبة الاراضي للقلوب كما ترى في غاية الظهور واما مناسبة تشبيه الوحي بالغيث فكذلك. لان الغيث فيه حياة الارض والعباد وارزاقهم الحسية والوحي هي حياة القلوب والارواح ومادة ارزاقهم المعنوية وكذلك مثل الله كلمة التوحيد بالشجرة الطيبة التي تؤتي اكلها كل حين باذن ربها فكذلك شجرة التوحيد ثابتة بقلب صاحبها معرفة وتصديقا وايمانا وارادة لموجبها. وتؤتي اكلها وهو منافعها كل وقت من النيات الطيبة والاخلاق الذكية والاعمال الصالحة. والهدى المستقيم ونفع صاحبها وانتفاع الناس به وهي صاعدة الى السماء لاخلاص صاحبها وعلمه ويقينه ومثل الشرك والمشرك لان من اتخذ مع الله الها اخر يتعزز به. ويزعم منه النفع ووقع الظر. في ظعفه ووهنه كالعنكبوت اتخذت بيتا وهو اوهن البيوت واوهاها. فما ازدادت باتخاذه الا ضعفا الى ضعفها. وكذلك المشرك. ما ازداد باتخاذه وليا نصيرا من دون الله الا ضعفا. لان قلبه انقطع عن الله. ومن انقطع قلبه عن الله حله الظعف من كل وجه. وتعلقه للمخلوق زاده وهنا الى وهن فمن اتكل عليه وظن منه حصون المنافع فخاب ظنه وانقطع امله واما المؤمن فانه قوي بالله بقوة ايمانه وتوحيده وتعلقه بالله وحده الذي بيده الامر والنفع ورفع الظر وهو متصرف في احواله كلها كالعبد الذي على صراط مستقيم. في اقواله وافعاله منطلق الارادة حر عن رق المخلوقين غير مقيد لهم بوجه من الوجوه. بخلاف المشرك. فانه العبد الاصم الابكم الذي هو كل على مولاه اينما يوجهه لا يأتي بخير. لان قلب لو اجتمعوا كلهم على خلق اضعف المخلوقات وهو الذباب لم يقدروا باجتماعهم على خلقه. فكيف ببعضهم؟ فكيف فرد من مئات الالوف منهم وابلغ من ذلك ان الذباب لو يسلبهم شيئا لم يقدروا على استخلاصه منه ورده. فهل فوق هذا الضعف من ضعف؟ وهل اعظم من هذا الغرور الذي وقع فيه المشرك شيء وهو مع هذا الغرور وهذا الوهن والضعف منقسم قلبه بين الهة كالعبد الذي بين الشركاء المتشاكسين. لا يتمكن من ارضاء احدهم دون الاخر فهو معهم في شر دائم وشقاء متراكم فلو استحضر المشرك بعض هذه الاحوال الوخيمة لربأ بنفسه عما هو عليه. ولعلم انه قد اضاع عقله ورأيه بعدما اضاع دينه واما الموحد فانه خالص لربه لا يعبد الا هو ولا يرجو ولا يخشى الا هو. وقد اطمئن قلبه واستراح وعلم انه على الدين الحق وان عاقبته احمد العواقب ومآله الخير والفلاح والسعادة الابدية. فهو في حياة طيبة ويطمح في حياة اطيب منها ومثل الله الاعمال بالبساتين. فذكر العمل الكامل الخالص له الذي لم يعرض له ما يفسده كبستان في احسن المواضع واعلاها الرياح النافعة وقد ضحى وبرز للشمس. وفي خلاله الانهار الجارية المتدفقة. فان لم تكن غزيرة فانها كافية له كالطل. الذي ينزل من السماء ومع ذلك فارضه اطيب. الاراضي وازكاها. فمع توفر هذه الشروط لا تسأل عما هو عليه من زهاء الاشجار وطيب الظلال ووفرة الثمار. فصاحب في نعيم ورغد متواصل. وهو امن عن انقطاعه وتلفه. فان كان هذا البستان لانسان قد كبر وضعف عن العمل وعنده ضعاف لا مساعدة منهم ولا كفاءة. وقد اغتبط به حيث كان مادته ومادة عائلته. ثم انه جاءته افة واعصاء قطار احرقه واتلفه عن اخره. فكيف تكون حسرة هذا المغرور؟ وكيف تكون مصيبته وهذا هو الذي جاء بعد العمل بما يبطل عمله. الصالح من الشرك والنفاق او المعاصي المحرقة. فيا ويحه بعدما كان بستان زهية اصبح تالفا قد ايس من من عوده. وبقي بحسرته مع عائلته فهذا من احسن الامثال وانسبها وقد ذكر الله صفة صفة بستان بستان من ثبته الله على الايمان والعمل وبستان من ابطل عمله بما ينافيه ويضاده ويؤخذ من ذلك ان الذي لم يوفق للايمان ولا للعمل اصلا انه ليس له بستان اصلا وجه تشبيه الاعمال بالبساتين ان البساتين تمدها المياه وطيب المحل وحسن الموقع فكذلك الاعمال يمدها الوحي النازل لحياة القلوب الطيبة. وقد جمع العامل جميع شروط قبول العمل من الاجتهاد والاخلاص والمتابعة فاثمر عمله كل كزوج بهيج وقد مثل الله عمل الكافر بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء. فيأتيه وقد اشتد به الظمأ وانهكه الاعياء فيجده سرابا ومثله بالرماد الذي احرق فجاءته احرق فجاءته الريح. فذرته فلم تبق منه باقية. وهذا مناسب لحاله وبطلان عمله فان كفره ومعاصيه بمنزلة النار المحرقة. وعمله بمنزلة الرماد والسراب الذي لا حقيقة له. وهو كان يعتقده نافعا فاذا وصله لم يجده شيئا فقطعت نفسه حسرات ووجد الله عنده فوفاه حسابه. كما مثل نفقات المخلصين بذلك البستان الزكي الزاهي. ومثل نفقات المرائين بحجر عليه شيء من تراب فاصابه مطر شديد. تركه صلبا لا يقدر على شيء. لا يقدر لا شيء تركه صلدا لا عليه. لان قلب المرائي لا ايمان فيه ولا اخلاص. بل هو قاس كالحجر. فنفقته حين حيث لم تصدر فنفقته حيث لم تصدر عن ايمان بل رياء وسمعة لم تؤثر في قلبه حياة ولا زكاة. هكذا كهذا المطر الذي لم يؤثر في هذا الحجر الامل شيئا وهذه الامثال اذا طبقت على ممثلاتها وضحتها وبينتها وبينت مراتبها من الخير والشر والكمال والنقصان ومثل الله حال المنافقين بحال من هو في ظلمة فاستوقد نارا من غيره. ثم لما اضاءت ما حوله وتبين له الطريق. ذهب نورهم وانطفأ ضوءهم فبقوا في ظلمة عظيمة. اعظم من الظلمة التي كانوا عليها اولا وهكذا المنافق استنار بنور الايمان. فلما تبين له الهدى غلبت عليه الشكوى واستولت عليه الحيرة. فذهب عنه نوره احوج احوج ما هو اليه. وبقي في ظلمته متحيرا. فهم لا يرجعون لان سنة الله في عباده ان من بان له الهدى واتضح له الحق ثم رجع عنه انه لا يوافقه بعد ذلك للهداية. لانه رد الحق فتركه وعرف الضلال فاتبعه. وهذا المثل ينطبق على المنافقين الذين تبصروا وعرفوا ثم غلبت عليهم الاغراض الضارة فتركوا الايمان والمثال الثاني هو قوله او كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. يجعلون اصابعهم في من الصواعق حذر الموت. والله محيط بالكافرين. ينطبق هذا على المنافقين الضالين المتحيرين. الذين يسمعون القرآن ولم يعرفوا المراد منه واعرضوا عنه وكرهوا سماعه اتباعا لرؤسائهم وساداتهم ومثل الله الحياة الدنيا وزهرتها والاغترار بها بحالة زهرة الربيع. تعجب الناظرين وتغر الجاهلين ويظنون بقائها ولا يأملون زوالها. فله بها فلهوا بها عما خلقوا له. فاصبحت عنهم زائلة واضحوا لنعيمها لنعيمها مفارقين في اسرع وقت. كهذا الربيع اذا اصبح هذا الاخضرار هشيما. اذ اذا اصبح بعض الاخضرار هشيما وبعد الحياة يبسا رميما. وهذا الوصف شاهده الخلق واعترف به البر والفاجر. ولكن سكرة الشهوة وضعف داعي الايمان اقتضى ايثار العاجل على الاية