اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين. طيب بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون لما ذكر الله عز وجل في مطلع هذه السورة اقسام الناس وانهم ثلاثة اقسام مؤمنون خلص وكفار خلص ومنافقون ثم ذكر سبحانه وتعالى صفات هؤلاء رغب هنا في عبادته امر الناس عموما في عبادته وهذا شامل لكل ما سبق. يا ايها الناس اعبدوا ربكم وقوله يا ايها الناس يا حرف نداء واي منادى مبني على الظن في محل نصب وهاء للتنبيه والناس صفة لاي او بدل منه والناس اصلها اناس ولكن حذفت الهمزة او خففت خفف خففت الكلمة بحذف الهمزة لكثرة الاستعمال وتصدير الخطاب بالنداء يدل على اهميته والعناية به وتوجيهه الى عموم الناس يدل على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وان رسالته عامة لجميع الخلق ويدل لذلك قول الله عز وجل قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت للناس عامة وقوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم اذا قلنا ان الخطاب هنا لعموم الناس من المسلمين والكفار للمسلمين والكفار وللمنافقين فعلى هذا يقول اعبدوا ربكم اذا كان الخطاب موجها للمؤمنين المراد استمروا في عبادته وحققوا عبادته واثبتوا على ذلك وان كان وان كان الخطاب موجها للكفار الخلص والمنافقين فالمراد اعبدوا ربكم اي تذللوا له شرعا كما انكم متذللون له قدرا واضح اذا يا ايها الناس قلنا ان ان الخطاب هنا شامل لجميع الناس والناس قسمهم الله عز وجل في ابتداء السورة الى ثلاثة اقسام. مؤمنون كفار خلص منافقون كيف نوزع هذا النداء وقل يا ايها الناس ان كان الخطاب للمؤمنين اعبدوا ربكم اي حققوا عبوديته واستمروا على ذلك ونظير هذا قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله كيف يا ايها الذين امنوا امنوا نقول معنى امنوا اي اثبتوا على ايمانكم وحققوا ايمانكم واما اذا كان الخطاب موجها للكفار والمنافقين. فالمعنى يا ايها الناس اعبدوا ربكم اي تذللوا له بالطاعة شرعا لانهم هم متذللون لله عز وجل كونا شاءوا ام ابوا لكن مراد تذللوا لله وقوله اعبدوا ربكم الامر هنا الوجوب لان عبادة الله عز وجل واجبة على جميع الناس وهي الغاية التي من اجلها خلق الله عز وجل الخلق من اجله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقوله اعبدون العبادة بمعنى التذلل والخضوع اي تذللوا له واخضعوا له والعبادة يطلق على معنيين الاول فعل العابد والثاني المتعبد به فهمتم العبادة تطلق على معنيين المعنى الاول فعل العابد وحينئذ تفسر بانها التذلل لله عز وجل حبا وتعظيما فبالحب يكون الطلب وبالتعظيم يكون الهرب قال ابن القيم رحمه الله وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان المعنى الثاني من معنى العبادة المتعبد به وقد فسرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لانها اسم جامع بكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة والصلاة عبادة. يعني الان اذا اردت ان تعرف الصلاة عبادة. الزكاة عبادة هذا متعبد به فعل الانسان ايضا اذا قام يصلي نقول هذا فعله عبادة لانه تذلل لله. اذا العبادة تطلق على معنيين المعنى الاول على التعبد على نعم على التعبد الذي هو فعل العابد وعلى المتعبد به ثم العبادة ايضا باعتبار اضافتها الى الله عز وجل على اقسام ثلاثة عامة وخاصة واخص فاما الاول وهو العبادة العامة المراد بها عبودية القدر والكون وذلك ان جميع الخلق خاضع لله عز وجل كونا وقدرا دال له بهذا الاعتبار قال الله عز وجل ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا وقال عز وجل الم ترى ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس يسجد هنا بمعنى يذل ويخضع والثاني من معاني العبادة العبادة الخاصة وهي عبودية الشرع لمن امن بالله واليوم الاخر ومنه قول الله عز وجل وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله والثالث عبادة اخص وهي عبودية الرسل الصلاة والسلام وقوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم هذا امر بعبادته وهو شامل بفعل المأمور به ويستلزم ذلك منهي عنه العبادة هنا تشمل المأمور به من واجب ومستحب وتشمل ايضا ترك المنهي عنه سواء كان محرما ام مكروها اعبدوا ربكم ربكم الرب هو الخالق المالك الرازق المدبر الخالق المالك الرازق المدبر هذا معنا الرب وفي اظافته الى ظمير المخاطبين وهم الناس تذكير لهم بببربوبيته سبحانه وتعالى ربوبية عامة ليعبدوه بالربوبية الخاصة وذلك لان الاقرار بتوحيد الربوبية يستلزم الاقرار بتوحيد الالوهية يقول اعبدوا ربكم الذي خلقكم الذي خلقكم الجملة صفة لرب وهي صفة كاشفة اي كاشفة لمعنى نعم كاي كاشفة لمعنى من معاني الربوبية ووجه ذلك انه ليس هناك رب خلق ورب لم يخلق الرب يستلزم من ربوبيته ان يكون قادرا على الخلق طيب الذي خلقكم الذي خلقكم الخلق في اللغة بمعنى الايجاد ومنه قول الشاعر ولا انت تفري ما خلقت وبعض الناس يخلق ثم لا يفري واصل الخلق بمعنى الايجاد والتقدير اي الذي اوجدكم من العدم فهو سبحانه وتعالى خلق الخلق بمعنى انه اوجدهم من العجم وامدهم بالنعم وهيأ لهم العقل والفهم الذي خلقكم والذين من قبلكم. يعني وخلق الذين من قبلكم من الامم الماضية فهو خالق الاولين والاخرين لعلكم تتقون. اي لاجل ان تتقوا. فلعل هنا بالتعليم اي لاجل ان تتقوا الله عز وجل فتنجو من عذابه بفعل اوامره واجتناب نواهيه هذه الاية فيها فوائد منها اولا ان تصدير الخطاب بالنداء او او بمعنى اخر عناية الله تعالى بخلقه عناية الله عز وجل في خلقه وذلك من تصدير الخطاب بالنداء ومنها ايضا عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع الناس لقوله يا ايها الناس ومنها ايضا وجوب عبادة الله تعالى وحده حق الله تعالى على العباد الحق الذي اوجبه على عباده ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وهذا معنى لا اله الا الله معنى لا اله الا الله عن يعبد الله عز وجل والا يشرك به شيئا ومنها ايضا اثبات ربوبية الله عز وجل العامة لجميع الخلق بقوله اعبدوا ربكم ومنها ايضا ان الاقرار بتوحيد الربوبية يستلزم الاقرار او موجب للاقرار بتوحيد الالوهية بقوله اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء الى اخره فذكرهم سبحانه وتعالى في ربوبيته ليتذللوا له بالوهيته ومنها ايضا ان الله عز وجل هو الخالق وحده الصادق الاولين والاخرين كما قال عز وجل وخلق كل شيء فقدره تقديرا وقال الذي خلقكم والذين من قبلكم ومنها ايضا ان الله عز وجل خلق الخلق لاجل ان يتقوه بفعل اوامره بنواهيه ومن هذا نأخذ ان اعظم غاية بل هي الغاية التي من اجلها خلق الله الخلق هي عبادته سبحانه وتعالى كما قال عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون يوحدون ومنها ايضا بيان اهمية التوحيد والعقيدة لانها الامر الذي خلق الله تعالى الخلق من اجله ولهذا قال هنا الذي خلقكم وقال فيه اخر سورة الذاريات وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. اذا الغاية التي من اجلها خلق الله الخلق هي عبوديته وتحقيق التوحيد وهذا يدلنا على وجوب العناية بالتوحيد والعقيدة وذكرنا سابقا اوجها متعددة في بيان اهمية العقيدة والتوحيد منها ما ذكرناه من ان التوحيد والعقيدة هي التي خلق الله تعالى الخلق من اجلها ومنها ايضا ان جميع ان جميع الاعمال يتوقف قبولها وصحتها على العقيدة قال الله عز وجل لئن اشركت ليحبطن عملك وقال عز وجل ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون وثالثا ان دعوة الرسل من اولهم الى اخرهم هو تحقيق التوحيد ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال عز وجل وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا رابعا مما يدل على اهميته ايضا انه اول امر يسأل عنه الانسان في قبره كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الميت اذا وضع في قبره وتولى عنه اصحابه اتاه ملكان فيقعدانه ويسألانه عن ثلاث عن ربه ودينه ونبيه تأمل المؤمن او الموقن فيقول ربي الله ودين الاسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم. فيقال له نم صالحا قد علمنا ان كنت لمؤمنا قال واما الكافر او المنافق او المرتاب فيقول ها ها لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته لا يستطيع الجواب حتى لو كان في الدنيا لو اراد ان يحفظ ثلاثة اسئلة اجوب عنها ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد لا يستطيع يقول ها ها لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. قال فيضرب بمرزبة من حديد يسمعها من يليه سوى الثقلين وثانيا ايضا ان القرآن او بالخامسا ان القرآن من اوله الى اخره كله دعوة الى الى التوحيد فعلينا ان نحرص على تحقيق التوحيد في انفسنا وان نبثه وننشره فيما بين الناس ولا تقل الناس ليسوا بحاجة للتوحيد. الناس بحاجة للتوحيد اولا ان في بعض البلدان الاسلامية هناك مظاهر من مظاهر الشرك بل من المنتسبين للاسلام عموما تجد مظهر بالمظاهر من مظاهر الشرك وثانيا انه انك ربما لا تجدوا شيئا من مظاهر الشرك ولكن تجد ما ما يناقض التوحيد وينافي التوحيد في قلوب المنتسبين الى الدين من ضعف التوكل واليقين والاعتماد على الامور المادية هذا موجود عند بعض الناس ان عنده ضعف في توكله على الله عز وجل وضعف في يقينه قلة في صبره اه عدم التحمل لما يقدر الله عز وجل من المصائب. بل ربما حصل منه ما ينافي الشرع من الضجر والتسخط على قضاء الله عز وجل وقدره بقلبه ولسانه وجوارحه الدعوة الى التوحيد من اهم الامور ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا وهذا وجه سادس انه اول امر يدعى اليه ان التوحيد هو اول امر يدعى عليه. لما بعث معاذا الى اليمن قال انك ستأتي قوما اهل كتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فان هم اجابوك لذلك لا اعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة وهذا يدلنا على ان الصلوات ان الصلاة والزكاة لا يكون لا يترتب عليها حكمها ولا تكون مقبولة الا الا بعد تحقيق ماذا التوحيد ازيك يا باشا حتى الملحد الملحد كافر ما في احد ينكر وجود الله عز وجل كله استكبار ولهذا قال الله عز عز وجل عن فرعون وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا ما يوجد احد يقول انا لا اقر ان ولهذا توحيد الربوبية قيل انه لم ينكره احد الا على سبيل المكابرة الذي وقع فيه الاشكال هو توحيد الالوهية. اما توحيد الربوبية المشركون الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ولهذا قال قال الله عز وجل ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ولهذا قال شيخ الاسلام وغيرهم من المحققين ان توحيد الربوبية لم ينكره احد من الخلق الا على سبيل المكابرة والمجادلة