المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السؤال الثاني والعشرون ما هي الاوصاف التي يتميز بها المؤمن عن الكافر والجاحد الجواب هذا سؤال عظيم. بالفرق بين المؤمن وغيره يتميز الحق والباطل واهل عادت من اهل الشقاوة. فاعلم ان المؤمن حقا هو الذي امن بالله وباسمائه وصفاته صفاته الواردة في الكتاب والسنة على وجه الفهم لها والاعتراف بها عما ينافي ذلك فامتلأ قلبه ايمانا وعلما ويقينا وطمأنينة وتعلقا بالله. فاناب لله وحده وتعبد لله بالعبادات التي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مخلصا لله بها راجيا لثوابه خائفا من عقابه. شاكرا لله بقلبه ولسانه وجوارحه على نعم الله واحسانه العظيم. الذي يتقدم به في جميع الساعات. لاهجا بذكره. لا يرى نعمة اعظم من هذه النعمة ولا كرامة اعظم منها. يهزأ بلذات الدنيا المادية اذا نسبت الى لذة الانابة الى الله والاقبال عليه وحده. ومع هذا فقد اخذ نصيبا وافرا من لذات الحياة وتمتع بها لا على الوجه الذي يتمتع به الجاحدون الغافلون. بل تمتع بها على وجه الاستعانة بها على القيام بحقوق الله وحقوق عباده. وبذلك والرجاء تمت بها لذاته واستراح قلبه واطمئن ولم يحزن اذا جاءته على خلاف ما يحب فهذا قد جمع الله له بين سعادة الدنيا والاخرة اما الجاحد والغافل فهو على خلاف ذلك قد جحد ربه العظيم الذي قامت اهين العقلية والنقلية والعلوم الضرورية والحسية على وجوده وكماله. فلم يعبأ بذلك كله. فلما انقطع عن الله اعترافا وتعبدا تعلق بالطبيعة فعبدها وصار قلبه شبيها بقلوب البهائم السائمة. ليس له همة الا التمتع بالامور مادية وقلبه دائما غير مطمئن. بل خائف من فوات محبوباته وخائف من حصول المكاره التي تنتابه. وليس معه من الايمان ما يسهل عليه المصيبات. وما يخفف عنه النكبات. قد حرم لذة الايمان وحلاوة التقرب الى الله. وثمرات الايمان العاجلة والاجلة. لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا. وانما خوفه ورجائه متعلق بمطالب النفوس الدنيوية الخسيسة المادية ومن اوصاف المؤمن التواضع للحق والنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم قولا وفعلا ونية. والجاحد وصفه التكبر على الحق وعلى الخلق والاعجاب بالنفس لا يدين بالنصيحة لاحد. المؤمن سليم القلب من الغش والحقد يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه. ويسعى بحسب وسعه في لمصالحهم ويتحمل اذى الخلق ولا يظلمهم بوجه من الوجوه. والجاحد قلبه يغلي بالغل والحقد. ولا يريد لاحد خيرا ولا نفعا الا اذا كان له في غرض دنيوي ولا يبالي بظلم الخلق عند قدرته وهو اضعف شيء عن تحمل ما ايصيبه منهم المؤمن صدوق اللسان حسن المعاملة. وصفه الحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب ولين العريكة والجاحد وصفه الطيش والقسوة والجزع والهلع والكذب وعدم الوفاء وشراسة الاخلاق المؤمن لا يذل الا لله. قد صان قلبه ووجهه عن بذله وتذلله لغيره لربه وصفه العفة والقوة والشجاعة والسخاء والمروءة. لا يختار الا كل لطيب اما الجاحد فعلى الضد من ذلك. قد تعلق قلبه بالمخلوقين خوفا من ضررهم جاء لنفعهم وبذل لهم ماء وجهه. وليس له عفة ولا قوة ولا شجاعة الا في اغراضه السفلية. عادم المروءة والانسانية. لا يبالي بما حصل له من طيب او خبيث المؤمن قد جمع بين السعي في فعل الاسباب النافعة والتوكل على الله والثقة به وطلب العمل عوني منه في كل الامور. والله تعالى في عونه. واما الجاحد فليس عنده من التوكل فكوا لي خبر وليس له نظر الا الى نفسه الضعيفة المهينة. قد ولاه الله ما الا لنفسه وخذله عن اعانته على مطالبه. فان قدر له ما يحب كان المؤمن اذا اتته النعم تلقاها بالشكر. وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير وغير المؤمن يتلقاها باشر وبطر واشتغال بالنعمة عن المنعم وشكره ويصرفها في اغراضه السفلية وهي مع هذا سريع زوالها. قريب انفصالها المؤمن اذا اصابته المصائب قابلها بالصبر والاحتساب وارتقاب الاجر والثواب طمعي في زوالها. فيكون ما عوض من الخير والثواب اعظم مما فاته من محبوب او حصل له من مكروه والجاحد يتلقاها بهلع وجزا فتزداد مصيبته ويجتمع عليه الم الظاهر والم القلب قد عدم الصبر وليس له رجاء في الاجر. فما اشد حسرته واعظم حزنه المؤمن يدين الله بالايمان بجميع الرسل وتعظيمهم. وتقديم محبتهم الا محبة الخلق كلهم. ويعترف ان كل خير ينال الخلق الى يوم القيامة. فعلى ايديهم وبارشادهم. وكل شر وضرر ينال الخلق. فسببه مخالفتهم فهم اعظم الخلق احسانا الى الخلق. وخصوصا امامهم وخاتمهم محمدا صلى الله عليه عليه وسلم الذي جعله الله رحمة للعالمين. وبعثه لكل صلاح واصلاح وهداية. واما الملحدون فبضد ذلك يعظمون اعداء الرسل ويحترمون ما اقوى لهم ويهزؤونك اسلافهم بما جاءت به الرسل. وذلك اكبر دليل على سخافة عقولهم وهبوط اخلاقهم الى اسفل سافلين المؤمن يدين الله بمحبة الصحابة وائمة المسلمين وائمة الهدى. والملحد بالعكس المؤمن لكمال اخلاصه لله يعمل لله ويحسن الى عباد الله. والجاحد ليس لعمله غاية الا تحصيل اغراضه الخسيسة المؤمن منشرح الصدر بالعلم النافع والايمان الصحيح والاقبال على الله واللهج الذكر والاحسان الى الخلق وسلامة الصدر من الاوصاف الذميمة. والجاحد الغافل ضدك لذلك لفقده الاسباب الموجبة لانشراح الصدر فاذا قيل اذا كان الايمان الصحيح كما وصفت مع اختصارك واقتصارك وان به السعادة العاجلة والآجلة وانه يصلح الظاهر والباطن والعقائد والاخلاق والاداب وانه يدعو البشر كلهم الى كل خير وصلاح. ويهدي للتي هي اقوم فاذا كان الامر كما ذكرت فلما كان اكثر البشر عن الدين والايمان معرضين وله محاربين ومنه ساخرين. وهلا كان الامر بالعكس لان الناس لهم عقول واذهان تختار الصالح على الفاسد والخير على الشر والنافع على الضار فالجواب ان هذا الايراد قد ذكره الله في كتابه واجاب عنه بذكر الاسباب الواقعة المانعة وبالموانع العائقة. وبذكر الاجوبة عن هذا الايراد لا يهون العبد ما يراه من اعراض اكثر البشر عنه. ولا يستغرب ذلك. فاقول قد ذكر الله لعدم الايمان بالدين الاسلامي موانع عديدة واقعة من جمهور البشر. منها الجهل به وعدم معرفة حقيقة. وعدم الوقوف على تعاليمه العالية وارشاداته السامية الجهل بالعلوم النافعة اكبر عائق واعظم مانع من الوصول الى الحقائق الصحيحة والاخلاق الجميلة قال تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه. ولما ياتهم ويله فاخبرنا ان تكذيبهم صادر عن جهلهم وعدم احاطتهم بعلمه. وانه ولم يأتهم تأويله الذي هو وقوع العذاب الذي يوجب للعبد الرجوع الى الحق والاعتراف افبه ويقول تعالى ولكن اكثرهم يجهلون. ولكن اكثرهم لا يعلمون سم بكم عمي فهم لا يعقلون. ان في ذلك لاية لقوم يعلمون الى غير ذلك من النصوص الدالة على هذا المعنى والجهل اما ان يكون بسيطا كحال كثير من دهماء المكذبين للرسول الرادين دعوته اتباعا لرؤسائهم وساداتهم. وهم الذين يقولون اذا مسهم العذاب ربنا انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيل واما ان يكون الجهل مركبا. وهذا على نوعين احدهما ان يكون على دين قومه وابائه ومن هو ناشئ معهم فيأتيه الحق فلا ينظر فيه. وان نظر فنظر قاصر جدا لرضاه بدينه الذي نشأ عليه وتعصبه لقومه. وهؤلاء جمهور المكذبين للرسل الراضين لدعوتهم الذين قال الله فيهم وكذلك بك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها انا وجدنا اباء جاءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون. وهذا هو التقليد اعمى الذي يظن صاحبه انه على حق وهو على الباطل. ويدخل في هذا النوع اكثر اكثر الملحدين الماديين. فان علومهم عند التحقيق تقليد لزعمائهم. اذا قال مقالة قبلوها كأنها وحي منزل. واذا ابتكروا نظرية خاطئة سلكوا خلفهم في حال اتفاقهم وحال تناقضهم وهؤلاء فتنة لكل مفتون لا بصيرة النوع الثاني من الجهل المركب حالة ائمة الكفر وزعماء الملحدين الذين مهروا في علوم الطبيعة والكون. واستجهلوا غيرهم وحصروا المعلومات في في معارفهم الضئيلة ضيقة الدائرة. واستكبروا على الرسل واتباعهم. وزعموا ان محصورة فيما وصلت اليه الحواس الانسانية والتجارب البشرية. وما سوى ذلك انكروه وكذبوه. مهما كان من الحق. فانكروا رب العالمين وكذبوا رسله وكذبوا بما اخبر الله به ورسوله من امور الغيب كلها. وهؤلاء احق الناس بالدخول تحت قوله تعالى فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ففرحهم بعلومهم علوم الطبيعة ومهارتهم فيها هو السبب الاقوى الذي اوجب لهم بما معهم من الباطل وفرحهم بها يقتضي تفضيلهم لها. ومدحهم لها وتقديمها على ما جاءت به الرسل ومن الهدى والعلم بل لم تكفهم هذه الحال حتى وصلوا الى الاستهزاء بعلوم الرسل استهجانها وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزؤون ولقد انخدع لهؤلاء الملحدين كثير من المشتغلين بالعلوم العصرية التي لم يصحبها دين صحيح والعهدة في ذلك على المدارس التي لم تهتم بالتعاليم الدينية العاصمة من هذا الالحاد فان التلميذ اذا خرج منها لم ينهر في العلوم الدينية ولا تخلق بالاخلاق الشرعية. ورأى نفسه انه يعرف ما لا يعرفه غيره. احتقر الدين واهله وسهل عليه الانقياد لهؤلاء الملحدين الماديين. وهذا اكبر ضرر به الدين الاسلامي. فالواجب قبل كل شيء على المسلمين نحو المدارس ان يكون اهتمام امامهم بتعليم العلوم الدينية قبل كل شيء وان يكون النجاح وعدمه متعلقا بها لا بغيرها. بل يجعل غيرها تبعا. وهذا ما من افرض الفرائض على من يتولاها ويباشر تدبيرها. وعلى الاساتذة المعلمين فيها ومستقبل الشبيبة متوقف على هذا الامر. فليتق الله من له ولاية او كلام عليها وليحتسب الاجر العظيم عند الله في جعل اهم العلوم المدرسية. فان الخطأ ترك كبير مع الاهمال. والصلاح والخير مضمون مع العناية في علوم الدين ومن موانع الدين والايمان الحسد والبغي. كحال اليهود الذين يعرفون النبي صلى الله الله عليه وسلم وصدقه وحقيقة ما جاء به. كما يعرفون ابناءهم. ويكتمون الحق وهم يعلمون تقديما للاغراض الدنيوية والمطالب السفلية على الايمان وقد منع هذا الداء كثيرا من رؤساء قريش كما هو معروف من اخبارهم وسيرهم وهذا الداء ناشئ عن الكبر الذي هو اعظم الموانع من اتباع الحق. قال تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق فالتكبر الذي هو رد الحق واحتقار الخلق منع خلقا كثيرا من اتباع الحق والانقياد به بعدما ظهرت اياته وبراهينه. قال تعالى وجحدوا بها واستيقنت انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ومن موانع الايمان الاعراض عن الادلة السمعية والادلة العقلية الصحيحة قال تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون وفي القرآن الكريم على لسانهم لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فلم يكن لامثال هؤلاء الذين بعدم عقلهم وسمعهم النافع. رغبة في من الرسل والكتب المنزلة من الله ولا عقول صحيحة يهتدون بها الى الصواب وانما لهم اراء ونظريات خاطئة. يظنونها عقليات وهي جهالات صوم اقتداء خلف زعماء الضلال منعهم من اتباع الحق. حتى وردوا نار جهنم فبئس مثوى المتكبرين ومن موانع اتباع الحق رده بعد ما تبين. فيعاقب العبد بانقلاب قلبه ورؤيا الحسنة قبيحا والقبيح حسنا. قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. ونذرهم في طغيان يعمهون وهذا لان الجزاء من جنس العمل. وقد ولاهم الله ما تولوا لانفسهم. انه متخذ الشياطين اولياء من دون الله ومن الموانع الانغماس في الترف والاسراف في التنعم. فانه يجعل العبد تابعا اللي هواه منقادا للشهوات الضارة كما ذكر الله هذا المانع في عدة ايات مثل قوله بل متعنا هؤلاء وابائهم حتى طال عليهم العمر انهم كانوا قبل ذلك مترفين فلما جاءتهم الاديان الصحيحة بما يعدل ترفهم. ويوقفهم على الحد النافع ويمنعهم من الانهماك الضار في اللذات. رأوا ذلك صادا لهم عن مؤاداتهم وصاحب الهوى الباطل ينصر هواه بكل وسيلة. لما جاءهم الدين بوجوب عباده عبادة الله وشكر المنعم على نعمه وعدم الانهماك في الشهوات ولو على ادبارهم نفورا ومن الموانع احتقار المكذبين للرسل واتباعهم. واعتقاد نقصهم والتهكم بهم كما قال قوم نوح انؤمن لك واتبعك الارذلون وما نراك اتبعك فان الذين هم اراذلنا بادي الرأي. وما نرى لكم علينا من فضل وهذا منشأه من الكبر. فاذا تكبر وتعاظم في نفسه واحتقر غيره اشمئز من قبول ما جاء به من الحق. حتى لو فرض ان هذا الذي رده جاءه من طريق من يعظمه لقبله بلا تردد. وقال تعالى كذلك حقت كلمة ربك الذين فسقوا انهم لا يؤمنون فالفسق وهو خروج العبد عن طاعة الله الى طاعة الشيطان. وكون القلب على هذا الوصف خبيث اكبر مانع من قبول الحق علما وعملا. والله تعالى لا يزكي من هذه هي حاله بل يكله الى نفسه الظالمة. فتجول في الباطل عنادا وضلالا. وتكون كونوا حركاته كلها شرا وفسادا. فالفسق يقرنه بالباطل ويصده عن الحق لان القلب متى خرج عن الانقياد لله والخضوع. فلا بد ان ينقاد لكل شيطان مريد كتب عليه انه من تولاه فانه يضله. ويهديه الى عذاب السعير ومن اكبر موانع اتباع الحق والايمان. حصر العلوم والحقائق في دائرة ضيقة كما فعل ملاحدة ماديين في حصرهم العلوم في مدركات الحس فما ادركوه بحواسهم اثبتوه. وما لم يدركوه بها نفوه. ولو ثبت بطرق وبرق اهين اعظم بكثير واوضح واجلى من مدركات الحس وهذه فتنة وشبهة ضل بها خلق كثير. وبهذه الطريقة الخبيثة انكروا وجود الرب وكفروا بالرسل وبما اخبروهم به من امور الغيب التي قامت الادلة والبراهين المتنوعة على صدقها بل قامت الادلة المشاهدة على حقها ومن المعلوم بالضرورة والعلم اليقيني ان البراهين على وجود الباري ووحدانية انفراده بالخلق والتدبير لا يمكن ان يساويها او يقاربها شيء من الطرق المثبتة اي حقيقة تكون فقد قامت الادلة السمعية والعقلية والعيانية والفطرية على ذلك. وقد اظهر من اياته في الافاق وفي الانفس ما تبين به الحق. وانه حق ورسله حق وجزاؤه حق. وجميع اخباره حق. ودينه حق. فماذا بعد الحق الا الضلال. ولكن تمرد الماديين وكبرهم حال بينهم وبين الحق النافع الذي لا ينفع غيره بدونه بوجه من الوجوه. والمؤمن البصير يعرف بنور بصيرته انهم في ضلال مبين. وعمم متراكم. ونحمد الله على نعمة الهداية ومن الموانع تجرد الماديين ومن تبعهم من المغرورين. وزعمهم ان البشر لم يبلغ الرشد ونضوج العقل الا في هذه الاوقات التي طغت فيها المادة وعلوم طبيعة وانهم قبل ذلك لم يبلغوا الرشد وهذا فيه من الجراءة والاقدام على السفسطة والمكابرة للحقائق والمباهتة. ما لا ايخفى على من له ادنى معقول لم تغيره الاراء الخبيثة فلو قالوا ان المادة والصناعة والاختراعات وتطويع الامور الطبيعية لم تنضج اما الا في الوقت الاخير لصدقهم كل احد. واما تعريفهم على هذا وتجريهم وتعديهم اياه الى العلوم الصحيحة والحقائق الثابتة والاخلاق الجميلة فقضية من اكذب القضايا فان العقول والعلوم الصحيحة انما تعرف ويستدل على كمالها او نقصها باثام فارهة وبادلتها وغاياتها. انظر الى الكمال والعلو في العقائد والاخلاق. والدين والدنيا والرحمة والحكمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم واخذها عنه المسلمون واوصلتهم وقت عملهم بها الى كل خير ديني ودنيوي وكل كل صلاح واخضعت لهم جميع الامم وانهم وصلوا الى حالة وكمال يستحي ان يصل اليه احد حتى يسلك طريقهم ثم انظر الى ما وصلت اليه اخلاق الماديين الاباحيين. الذين اطلقوا السراح لشهواتهم ولم يقفوا عند حد حتى هبطوا بذلك الى اسفل سافلين ولولا القوة المادية تمسكهم بعض التماسك لاردتهم هذه الاباحية والفوضى في هلاك العاجل ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ثم لولا بقايا من اداب الاديان بقيت بعض اثارها في الشعوب الراقية صلحت بها ياهم لم يكن لرقيهم المادي قيمة عاجلة. فان الذين فقدوا الدين عجزوا كل العجز عن الحياة الطيبة والراحة الحاضرة والسعادة العاجلة والمشاهدة اقوى وشاهد لذلك ومشرك العرب ونحوهم ممن عندهم بعض الايمان وبعض الاعتراف اصول الايمانية كتوحيد الربوبية والاعتراف بالجزاء. خير من كثير من هؤلاء الماديين بلا ريب ولا شك ثم قد علم بالضرورة ان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بالوحي والهداية جملة وتفصيلا. وبالنور والعلم الصحيح والصلاح المطلق من جميع الوجوه واعترفت العقول الصحيحة بذلك وعلمت انها في غاية الافتقار اليه. و لما جاءت به الرسل وعلمت العقول انها لو اجتمعت من اولها الى اخرها لم تصل الى درجة الكتب الى الحقائق النافعة التي جاءت بها الرسل ونزلت بها الكتب وانه لولاها لكانت في ضلال مبين. وعمى عظيم وشقاء وهلاك مستمر. لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفيق ضلال مبين العقول لم تبلغ الرشد الصحيح ولم تنضج الا بما جاءت به الرسل ومن ذلك انخداع اكثر الناس بالالفاظ التي يذوق بها الباطل ويرد بها الحق من غير بصيرة ولا علم صحيح. وذلك لتسميته علوم الدين واخلاقه العالية رجعية وتسميتهم العلوم والاخلاق الاخر المنافية لذلك ثقافة وتجديلا ومن المعلوم لكل صاحب عقل صحيح. ان كل ثقافة وتجديد لم يستند في اصوله الى اهداية الدين والى توجهات الدين فانه شر وضرر عاجل واجل من تأمل ادنى تأمل ما عليه من يسمون المثقفين الماديين من هبوط الاخلاق والاقبال على كل ضار وترك كل نافع عرف ان الثقافة الصحيحة تثقيف العقول بهداية الرسل وعلومهم الصحيحة. وتثقيف الاخلاق وتهذيبها بالاخلاق الحميدة الجميلة والتوجيهات النافعة التي تشتمل على الصلاح المطلق. والاستعانة علوم المادة الصحيحة على الخير والصلاح والنجاح. فالاسلام يأمر ويحث على تحصيل السعادة وتكميل الفضيلتين. ومن تأمل ما جاء به الدين الاسلامي من الكتاب والسنة جملة وتفصيلا. عرف انه كما اصلح العقائد والاخلاق والاعمال. فقد اصلح امور الدنيا وارشد الى كل ما يعود الى الخير والنفع العام والخاص. والله الموفق الهادي وصلى الله على محمد وسلم