بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار وبئس الورد المورود يتقدم فرعون قومه يوم القيامة حتى يدخلهم النار واياه وساء المورد الذي يوردهم اليه تأمل اخي الكريم هذه الاية الكريمة حتى كل من كان اماما في الاضلال ان يتنبه والعياذ بالله ووجدنا في هذه الحياة بل في هذه الايام من يريد ان يفسد الناس ويتبختر ويحاول ان يضل الشباب والشابات بل حتى الشيوخ نسأل الله العافية والسلامة ورأينا من تمادى بهذا ثم اذله الله تعالى بالمرض وحصل فيه ما حصل من انواع المرض فلا ينفعه ما له الذي جمعه من الحرام ولا ينفعه تبختره والانسان يقرأ الايات حتى يتعظ وحتى يعمل وتأمل يقدم قومه وهذه فيها دلالة على ان فرعون مات كافرا ووجه ذلك ان الله سبحانه وتعالى اخبر عن قوم فرعون انه يقدم قومه ولم يقل يسوقهم وانما اوردهم النار ومعلوم ان المتقدم اذا اورد المتأخرين النار كان هو اول من يردها والا لم يكن قادما بل كان سائقا ويوضح ذلك انه قال سبحانه واتبع في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود فعلم من ذلك انه وهم يردون النار وانهم جميعا ملعونون في الدنيا والاخرة فالانسان ينتفع من كل لفظة من الفاظ القرآن الكريم وانت لا تستغرب ان يأتيك متنطع ويتحدث بان فرعون ينجو وربنا يقول يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار وتأمل في هذه يعني فاوردهم النار وانت تجد بعض الناس يسعى ليل نهار صباح مساء ليبث الخير ويبث النور ويشرح للناس امر الدين ولكن هذا اوردهم النار وتأمل فاوردهم بانه بصيغة الماضي وفيه تنبيه على تحقق وقوع ذلك. الايراد والا فقرينة قوله يوم القيامة تدل على انه لم يقع في الماضي. ولكن اتي به لنعلم ان هذا امر متحقق يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار اي يتقدم فرعون قومه يوم القيامة فيمضي بهم الى النار فيدخلونها معه اذا وهكذا كل من كان اماما في الاظلال يقدم قومه الى النار عياذا بالله ثم ربنا بين ان هذا الايراد هو اقبح شيء قال وبئس الورد المورود. ايوة بئس المدخل الذي يدخلونه لان الانسان يسعى للنجاة في هذه الدنيا يسعى الانسان لفكاة رقبته. فانت في هذه الدنيا لك رقبة واحدة تسعى طوال هذه الدنيا لاجل ان تفك رقبتك من رق يوم القيامة لان الذي يرق يوم القيامة غير مفكوك ابدا ثم قال تعالى واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة وبئس الرفد المرفود واتبعهم الله في الحياة الدنيا لعنة وطردا وابعادا من رحمته مع ما اصابهم من الهلاك بالغرق واتباعهم طردا وابعادا منها يوم القيامة ساء ما حصل لهم من ترادف اللعنتين والعذاب في الدنيا والاخرة اذا واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة ونحن مر معنا في تفسير الصحيفة اظن اربعة وعشرين من سورة البقرة وفي اولئك الذين اصحاب الرحمة هم الذين يعلمون الناس الخير وايضا اولئك الذين يلعنهم الله والملائكة واللاعنون وهم الذين يكتمون ما انزل الله من الهدى والبينات اذا واتبع في هذه لعنة فلما كان فرعون موصوفا بعظم الحال وكثرة الجنود والاموال وضخامة المملكة حقر الله تعالى دنياه لتحقير جميع الدنيا التي هي منها باسقاطها في الذكر اكتفاء بالاشارة اليها. واتبعوا في هذه يعني دنيا فرعون وما قبله وما بعده كلها ربنا سماها بهذه قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيرا. ففرعون اشتهر بالجبروت والطغيان والذهب وكثرة الجند وبنوا البنيان العالي فربنا قد حقر دنياه وجميع الدنيا. قال واتبع في هذه لعنة ويوم القيامة وبئس الرفد المرفوض ايوة اتبعهم الله في هذه الدنيا مع غرقهم في البحرين لعنة ويوم القيامة يلعنون لعنة اخرى. اذا هي لعنة الدنيا ولعنة الاخرة. اذا عذاب الدنيا وعذاب الاخرة والمؤمن حينما يعمل الصالحات ينال جزاءه في الدنيا والاخرة فعلى الانسان ان لا يضيع ان لا يضيع فرصة وان لا يكترث اثما حتى ينال خير الدنيا والاخرة. وحسنة الدنيا والاخرة ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار قال تعالى بئس الرشد المرفود اي بئس ما اجتمع لهم وترادف عليهم حيث ترادفت عليهم لعنتان من الله لعنة الدنيا ولعنة الاخرة نعم وهكذا الانسان يعني يحذر غاية الحذر ويراقب نفسه غاية المراقبة. والانسان يقرأ هذه القصص حتى لا يقع فيما وقعوا فيه لان الخسارة كبيرة ثم قال الله تعالى ذلك من انباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد ذلك المذكور في هذه السورة من اخبار القرى نخبرك ايها الرسول به من هذه القرى ما هو قائم ما هو قائم المعالم ومنها ما محيت معالمه فلن يبقى له اثر. وتأمل كيف ان الله يمن علينا بعلم الاولين وان الانسان يأخذ العبرة وانه كانت على هذه الحضارات قائمة كثيرة بعضها ذهب ومحي لم يصلنا منه شيء وبعضها بقيت اثاره ومعالمه حتى نأخذ العبرة منه قال ذلك من انباء القرى نقصه عليك اي ذلك الذي قصصناه عليك يا محمد طب اللي قال منا على نبينا وعلينا ايضا اي ذلك الذي قصصناه عليك يا محمد في هذه السورة من اخبار القرى التي اهلكنا اهلها نخبرك به لتنذر به الناس ويكون ذلك اية على رسالتك وموعظة وذكرى للمؤمنين. فالانسان لابد ان ينتفع وان يجعلها عبرة يعبر بها من مواطن الهلاك الى مرافق النجاة قال تعالى منها قائم وحصيد اي من تلك القرى التي قصصنا عليك قرى عامر بنيانها ومنها خراب قد تهدم بنيانها وهذا الذي بلغنا والذي لم يبلغنا كلهم من رحمة الله حتى نأخذ العبرة وننظر في هذه الارض كم عاش عليها اقوام وهلكوا. الله خلقهم ورزقهم ثم اهلكهم فيخظع الانسان لربه قال تعالى وما ظلمناهم ولكن ظلموا انفسهم فما اغنت عنهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء امر ربك وما زادوهم غير تبيب وما ظلمناهم بما اصبناهم به من هلاك ولكن ظلموا انفسهم بايرادها موارد الهلاك بكفرهم بالله فما دفعت عنهم الهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ما نزل بهم من عذاب حين جاء امر ربك ايها الرسول باهلاكهم وما زادتهم الهتهم هذه الا خسرانا وهلاكا. ولا شك ان معصية الله المعصية لا تزيد الانسان الا اذى وتأمل رحمة الله بعباده والمهلة التي جعلها لهم. قال وما ظلمناهم؟ فربنا لا يظلم ولا يهضم ولكن ظلموا انفسهم اي وما ظلمنا اهل تلك القرى حين اهلكناهم ولكن ظلموا انفسهم بالكفر والمعاصي فاستحقوا العقاب لان الانسان مطالب ان يختار لنفسه افضل الامور واحسن الامور وانه مستأمن على كل نعمة ولذلك كل نعمة بايدينا او عندنا هي بلية ان لم نضعها في محلها وان لم تقربنا الى الله تعالى فان لم نضع هذه النعم في محلها ظلمنا انفسنا فما اغنت عنهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء امر ربك اي فما نفعتهم الهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ولم تدفع عنهم شيئا لما اتاهم عذاب الله وما زادوهم غير تبيب اي وما زادت هذه الالهة عابديها غير واهلاك وتدمير عندما جاء امر الله بعقابهم ثم قال الله تعالى وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد وكذلك الاخذ والاستئصال الذي اخذ الله به القرى المكذبة في كل زمان ومكان ان اخذه للقرى الظالمة اخذ مؤلم قوي وتأمل هذه الاية الكريمة ايها الاخ الكريم وقس نفسك امامها وانظر في مظالمك فيما بينك وبين نفسك وفيما بينك وبين العباد وانظر الى التوحيد هل حققته ام وقعت للظلم العظيم اي وكما اهلك ربك يا محمد اهل القرى التي قصصنا عليك كذلك نهلك امثالهم من الظالمين لانفسهم بالكفر والمعاصي ومن تسيير القرآن بالسنة ما رواه ابو موسى الاشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد وتأمل ان عذاب الله شديد وانه لا يعذب عذابه احد. قال تعالى ان اخذه اليم شديد اي ان اهلاك الله وعقابه للظالمين موجع شديد الايلام فكل اليم في القرآن موجع كما نص عليه ابن عباس وربنا قال ان بطش ربك لشديد ثم قال تعالى ان في ذلك لاية لمن خاف عذاب الاخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ان في اخذ الله الشديد لتلك القرى الظالمة لعبرة وعظة لمن خاف عذابا يوم القيامة ذلك اليوم الذي يجمع الله له الناس في محاسبتهم وذلك يوم مشهود يشهده اهل المحشر ان في ذلك لاية لمن خاف عذاب الاخرة. الانسان ينتفع من جميع الايات. والسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به ومعنى هذه الاية اي ان في اهلاك الله للظالمين لعبرة وعظة لمن يخاف عذاب الله يخاف عذاب الاخرة ثم ذكرنا ربنا بيوم القيامة الذي نذكره في كل صلاة بل في كل ركعة ذلك يوم مجموع له الناس. اي هذا اليوم يوم القيامة يجمع الله فيه كل الناس اولهم واخرهم ليجازيهم فيه باعمالهم وليقتص منهم اذا هو يوم الحساب والجزاء والقصاص وذلك يوم مشهود اي هو يوم يشهده جميع الخلائق من الملائكة والانس والجن والطير والوحوش وجميع الدواب ثم قال تعالى عن هذا اليوم وما نؤخره الا لاجل معدود اي لا نؤخر ذلك اليوم المشهود الا لاجل معلوم العدد. فربنا يعلمه ولكن لم يعلم احدا به اي وما نؤخر مجيء يوم القيامة الا لوقت محدد معدود عند الله لا يزاد فيه ولا ينقص منه يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه فمنهم شقي وسعيد يوم يأتي ذلك اليوم لا تتكلم اي نفس بحجة او شفاعة الا بعد اذنه والناس فيه نوعان شقي يدخل النار وسعيد يدخل الجنة جعلنا الله تعالى واياكم من السعداء في الدنيا والاخرة. اذا يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه. اي حين يأتي يوم القيامة لا تتكلم اي نفس الا اذا اذن الله لها بذلك يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا فمنهم شقي وسعيد اي فمن الناس اشقياء يومئذ وهم الكافرون والسعداء وهم المؤمنون المتقون فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق فاما الاشقياء لكفرهم وفساد اعمالهم فيدخلون في النار ترتفع فيها اصواتهم وانفاسهم من شدة ما يعانون من لهيبها اي فاما الذين حصلت لهم الشقاوة فهم منغمسون في عذاب النار لهم فيها زفير قبيح يخرج من حلوقهم وشهيق شديد في صدورهم من شدة العذاب الذي هم فيه خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد ماركثون فيها ابدا لا يخرجون منها ما دامت السماوات والارض الا من شاء الله اخراجه من عصاة الموحدين ان ربك ايها الرسول فعال لما يريده. فلا مستكره له سبحانه خالدين فيها ما دامت السماوات والارض اي لابتين في النار ابدا. اهل النار لابسين فيها الا ما شاء ربك اي الا من شاء ربك يا محمد ان يخرجهم من النار من عصاة الموحدين فيدخلهم الجنة برحمته. فهذا من رحمة الله تعالى وفي صحيح البخاري حديث الشفاعة وكذلك في صحيح مسلم شرحه واضح جدا ان ربك فعال لما يريد. اي ان ربك يا محمد لا يمنعه مانع من فعل ما يريده. بحسب ما تقتضيه حكمته سبحانه واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجدود واما السعداء الذين سبقت لهم السعادة من الله لايمانهم وصلاح اعمالهم فهم في الجنة ماكثون فيها ابدا ما دامت السماوات والارض الا من شاء الله ادخاله النار قبل الجنة من عصاة المؤمنين ان نعيم الله لاهل الجنة غير مقطوع اذا واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها. ما دامت السماوات والارض اي واما الذين رزقهم الله السعادة برحمته فهم في الجنة والجنة هي رحمته يدخل من يشاء في رحمته لابثين فيها ابدا اي باقين فيها ابدا. اهل الجنة اذا دخلوا الجنة لا يخرجون منها ابدا. الا ما شاء ربك اي الا من شاء ربك يا محمد ان يدخلهم النار وصاة الموحدين ثم يخرجهم الى الجنة برحمته عطاء غير مجدود اي عطاء من الله لاهل الجنة مستمر غير مقطوع عنهم وهذا من رحمة الله تعالى بعباده هذا وبالله التوفيق طبعا بغية الفوائد التي ذكرها الاخوة في هامش الصفحة اولا التحذير من اتباع رؤساء الشر والفساد وبيان شؤم باتباعهم في الدارين تنزه الله تعالى عن الظلم في اهلاك اهل الشرك والمعاصي لا تنفع الهة المشركين عابديها يوم القيامة. ولا تدفع عنهم العذاب انقسام الناس يوم القيامة الى سعيد خالد في الجنان وشقي خالد في النيران. نسأل الله ان يجعلنا من السعداء واياكم وجميع امة محمد صلى الله عليه وسلم هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته