لله اتم حمد واكمله على ذلك. ثم ذكر من جملة كثرة خيره منته على عباده الصالحين. وتوفيقهم للاعمال الصالحات التي اكسبتهم المنازل العاليات في غرف الجنات فقال المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. يخبر تعالى ان انه ما ارسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم مسيطرا على الخلق ولا جعله ملكا ولا عنده خزائن الاشياء وانما ارسله يبشر من اطاع الله بالثواب العاجل والاجل. ونذيرا ينذر من عصى الله بالعقاب العاجل والاجل. وذلك مستلزم لتبيين به البشارة وما تحصل به النذارة من الاوامر والنواهي الا من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا. وانك يا محمد تسألهم على ابلاغهم القرآن والهدى اجرا. حتى يمنعهم ذلك من اتباعك. ويتكلفون من الغرامة اي الا من شاء ان ينفق نفقة في مرضاة ربه سبيله فهذا وان رغبتكم فيه فلست اجبركم عليه. وليس ايضا اجرا لي عليكم. وانما هو راجع لمصلحتكم. وسلوك للسبيل الموصلة الى ربكم ثم امره ان يتوكل عليه ويستعين به فقال وتوكل على الحي الذي لا يموت. وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا وتوكل على الحي الذي له الحياة الكاملة المطلقة. الذي لا يموت وسبح بحمده. اي اعبده وتوكل عليه في الامور المتعلقة بك والمتعلقة بالخلق. يعلمها ويجازي عليها فانت ليس عليك من هداهم شيء. وليس عليك حفظ اعمالهم. وانما ذلك كله بيد الله خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم الرحمن فاسأل به خبيرا. ثم استوى بعد ذلك على العرش الذي هو سقف المخلوقات واعلاها واوسعها واجملها الرحمن استوى على عرشه الذي وسع السماوات والارض ارض باسمه الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء. فاستوى على اوسع المخلوقات باوسع الصفات. فاثبت بهذه الاية خلقه المخلوقات واطلاعه على ظاهرهم وباطنهم. وعلوه فوق العرش. ومباينته اياهم يعني بذلك نفسه الكريمة. فهو الذي يعلم اوصافه وعظمته وجلاله. وقد اخبركم وابان لكم من عظمته ما تسعدون به من معرفته. فعرفه العارفون وخضعوا لجلاله. واستكبر عن عبادته الكافرون واستنكفوا عن ذلك ولهذا قال واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن اي وحده الذي انعم عليكم بسائر النعم ودفع عنكم جميع النقم قالوا جحدا وكفرا. وما الرحمن بزعمه الفاسد انهم لا يعرفون الرحمن. وجعلوا من جملة قوادحهم في الرسول ان قالوا ينهانا عن اتخاذ الهة مع الله ويدعو معه الها اخر يقول يا رحمن ونحو ذلك. كما قال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله اسماء الحسنى فاسماؤه تعالى كثيرة. لكثرة اوصافه وتعدد كماله. فكل واحد منها دل على صفة كمال وزادهم نفورا. انسجد لما تأمرنا اي مجرد امرك ايانا وهذا مبني منهم على التكذيب بالرسول واستكبارهم عن طاعته وزادهم دعوتهم الى السجود للرحمن هربا من الحق الى الباطل وزيادة كفر وشقاء كرر تعالى في هذه السورة الكريمة قوله تبارك ثلاث مرات لان معناها كما تقدم انها تدل على عظمة الباري وكثرة اوصافه وكثرة خيراته واحسانه وهذه السورة فيها من الاستدلال على عظمته وسعة سلطانه ونفوذ مشيئته وعموم علمه وقدرته واحاطة ملكه في الاحكام الامرية والاحكام الجزائية وكمال حكمته. وفيها ما يدل على سعة رحمته وواسع جوده وكثرة خيراته الدينية والدنيوية ما هو مقتض لتكرار هذا الوصف الحسن؟ فقال فيها سراجا وقمرا منيرا تبارك الذي جعل في السماء بروجا. وهي النجوم عمومها. او منازل الشمس والقمر التي تنزلها منزلة منزلة وهي بمنزلة البروج والقلاع للمدن في حفظها. كذلك النجوم بمنزلة البروج المجعولة للحراسة. فانها رجوم للشياطين وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا. وجعل فيها سراجا فيه النور والحرارة وهو الشمس وقمرا منيرا فيه النور لا الحرارة. وهذا من ادلة عظمته وكثرة احسانه. فان ما فيها من الخلق الباهر وتدبير والجمال العظيم دال على عظمة خالقها في اوصافه كلها. وما فيها من المصالح للخلق والمنافع. دليل على كثرة خيراته وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه. اي يذهب احدهما فيخلفه الاخر. هكذا ابدا لا يجتمعان ولا يرتفعان اي لمن اراد ان يتذكر بهما ويعتبر. ويستدل بهما على كثير من المطالب الالهية. ويشكر الله على ذلك. ولمن اراد ان يذكر الله الله ويشكره وله ورد من الليل او النهار. فمن فاته ورده من احدهما ادركه في الاخر. وايضا فان القلوب تتقلب تنتقل في ساعات الليل والنهار فيحدث لها النشاط والكسل والذكر والغفلة والقبض والبسط والاقبال والاعراض فجعل الله الليل والنهار يتوالى على العباد ويتكرران ليحدث لهما الذكر والنشاط. والشكر لله في وقت اخر. ولان اوراد تتكرر بتكرر الليل والنهار. وكلما تكررت الاوقات احدث للعبد همة غير همته التي كسلت في الوقت المتقدم زاد في تذكرها وشكرها. فوظائف الطاعات بمنزلة سقي الايمان الذي يمده. فلولا ذلك لدوى غرس الايمان ويبس