المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. اي واتل يا محمد على الناس. نبأ ابراهيم الخليل وخبره الجليل في هذه الحالة بخصوصها والا فله انباء كثيرة ولكن من اعجب انبائه وافضلها هذا النبأ المتضمن منو لرسالته ودعوته قومه ومحاجته اياهم وابطاله ما هم عليه. ولذلك قيده بالظرف فقال قالوا متبجحين بعبادتهم نعبد اصناما ننحتها ونعملها بايدينا اي مقيمين على عبادتها في كثير من اوقاتنا. فقال لهم ابراهيم مبينا لعدم استحقاقها للعبادة هل يسمعونكم اذ تدعون فيستجيبون دعائكم ويفرجون كربكم ويزيلون عنكم كل مكروه. او ينفعونكم او يضرون. فاقر ان ذلك كله غير موجود فيها. فلا تسمع دعاء ولا تنفع ولا تضر. ولهذا لما كسرها وقال بل فعله كبيرهم هذا اسألوهم ان كانوا ينطقون. قالوا له لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. اي هذا امر متقرر من حالها. لا يقبل الاشكال الشك فلجأوا الى تقليد ابائهم الضالين فقالوا بل وجدنا اباءنا فتبعناهم على ذلك وسلكنا سبيلهم وحافظنا على عاداتهم. فقال لهم ابراهيم ثم اباؤكم كلكم خصوم في هذا الامر. والكلام مع الجميع واحد فانهم عدو لي فليضروني بادنى شيء من الضرر وليكيدوني فلا يقدرون الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين. هو المنفرد بنعمة الخلق ونعمة الهداية. للمصالح الدينية والدنيا ثم خصص منها بعض الضروريات فقال فهو يشفين. والذي يميتني ثم يحيين. والذي اطمع ان ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين. فهذا هو وحده المنفرد بذلك. فيجب ان يفرد بالعبادة والطاعة وتترك هذه الاصنام. التي لا تخلق ولا تهدي ولا تمرض ولا تشفي. ولا تطعم ولا تسقي. ولا تميت ولا تحيي ولا تنفع عابديها بكشف الكروب ولا مغفرة الذنوب. فهذا دليل قاطع وحجة باهرة. لا تقدرون انتم واباؤكم على معارضتها فدل على اشتراككم في الضلال. وترككم طريق الهدى والرشد. قال الله تعالى وحاجه قومه. قال اتحاجون في الله وقد هداني ثم دعا عليه السلام ربه فقال رب هب لي حكما اي علما كثيرا. اعرف به الاحكام والحلال والحرام واحكم به بين الانام الحقني بالصالحين. من اخوانه الانبياء والمرسلين اي اجعل لي ثناء صدق مستمر الى اخر الدهر. فاستجاب الله دعاءه فوهب له من العلم والحكم ما كان به من افضل المرسلين والحقه باخوانه المرسلين. وجعله محبوبا مقبولا. معظما مثنى عليه في جميع الملل في كل الاوقات قال تعالى وتركنا عليه في الاخرين سلام على ابراهيم انا كذلك نجزي المحسنين انه من عبادنا المؤمنين واجعل لي من ورثة اي من اهل الجنة التي يورثهم الله اياها فاجاب الله دعاءه فرفع منزلته في جنات النعيم انه كان من الضالين. وهذا الدعاء بسبب الوعد الذي قال لي ساستغفر لك ربي انه كان بي حفيا. قال الله تعالى وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه. ان ابراهيم لاواه حليم. ولا تخزني يوم ولا تخزني يوم يبعثون اي بالتوبيخ على بعض الذنوب والعقوبة عليها والفضيحة. بل اسعدني في ذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون فهذا الذي ينفعه عندك وهذا الذي ينجو به من العقاب ويستحق جزيل الثواب. والقلب السليم معناه الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشر. والاصرار على البدعة والذنوب ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه باضدادها من الاخلاص والعلم واليقين. ومحبة الخير وتزيينه في قلبه وان تكون ارادته ومحبته تابعة لمحبة الله. وهواه تبعا لما جاء عن الله. ثم ذكر من صفات ذلك اليوم العظيم. وما فيه من الثواب والعقاب فقال وازلفت الجنة اي قربت للمتقين ربهم الذين امتثلوا اوامره واجتنبوا زواجره واتقوا سخطه وعقابه وبرزت الجحيم. اي برزت واستعدت بجميع ما فيها من العذاب. للغاوين الذين توضع في معاصي الله وتجرؤوا على محارمه وكذبوا رسله. وردوا ما جاءوهم به من الحق. وقيل لهم اينما كانوا او ينتصرون بانفسهم. اي فلم يكن من ذلك من شيء. وظهر كذبهم وخزيهم. ولاحت خسارتهم وفضيلتهم وبان ندمهم وضل سعيهم. فكبكبوا في فيها اي القوا في النار هم اي ما كانوا يعبدون. والغاوون العابدون لها. وجنود ابليس من الانس والجن الذين ازهم الى المعاصي ازا وتسلط عليهم بشركهم وعدم ايمانهم صاروا من دعاته والساعين في مرضاته. وهم ما بين داع لطاعته. ومجيب لهم ومقلد لهم على شركهم وهم فيها يختصمون. قالوا اي جنود ابليس الغاوون لاصنامهم واوثانهم التي عبدوه اذ نسويكم اذ نسويكم برب العالمين في العبادة والمحبة والخوف والرجاء. وندعوكم كما تدعوه فتبين لهم حينئذ ضلالهم واقروا بعدل الله في عقوبتهم وانها في محلها وهم لم يسووهم برب العالمين الا في العبادة لا في الخلق بدليل قولهم رب العالمين انهم مقرون ان الله رب العالمين كلهم الذين من اصنامهم واوثانهم. وما اضلنا الا المجرمون وما اضلنا عن طريق الهدى والرشد ودعانا الى طريق الغي والفسق الا المجرمون وهم الائمة الذين يدعون الى النار فما لنا من شافعين. فما لنا حينئذ من شافعين يشفعون لنا لينقذون من عذابه اي قريب مصاف ينفعنا بادنى نفع. كما جرت العادة بذلك في الدنيا فايسوا من كل خير وابلسوا بما كسبوا وتمنوا العودة الى الدنيا ليعملوا صالحا فلو ان لنا كرة اي رجعة الى الدنيا واعادة اليها لنسلم من العقاب ونستحق الثواب هيهات هيهات قد حيل بينهم وبين ما يشتهون. وقد غلقت منهم الرهون اكثرهم مؤمنين وان ربك لهو العزيز الرحيم ان في ذلك الذي ذكرنا لكم ووصفنا لاية لكم وما كان اكثرهم مؤمنين مع نزول الايات