بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه به اجمعين. هذا هو الدرس الرابع والعشرون في شرح نظم زبدة البلاغة. وما زلنا في باب التقديم والتأخير ومع البيت الرابع والعشرين وهو متصل بالبيت السابق فالبيت السابق الاصل في التقديم الاهتمام في سره تختلف الافهام ثم قال من ذلك اي من الاهتمام او من صور الاهتمام. التعجيل اشويكم وقد مضى معنا في الدرس السابق انه لا يكفي ان يقال ان التقديم للاهتمام بل لا بد من بيان سر الاهتمام وهذا هو الذي ذكر في هذا الشطر ذكر شيء من اسرار الاهتمام او اسباب الاهتمام او والصور للاهتمام سمها ما شئت. فمن ذلك التعجيل. اي ان المتكلم يقدم ما يعجل بتحقيق غرضه سواء كان غرضه التخويف فيقدم الكلمة المخيفة. مثل قوله تعالى قل افاؤنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا. واصل ترتيب الكلام وعد الله فعل الفاعل الذين كفروا من الاول النار مفعول ثاني. تغير الترتيب وتغير تركيب اعراب وصارت النار فبعجل بالكلمة التي يحصل بها التخويف وتحقق الغرض. قد يكون عكس التخويف قد يكون التبشير مثلما افتتح شاعر قصيدته بقوله بشرى فقد انجز الاقبال ما وعد وكوكب المجد في افق العلا صعد. لاحظوا كلمة بشرى قدمت فعجل قالت للسامع بمعرفة ان الامر سيدور حول آآ السرور والاستبشار ونحوه اذا هذا من اسباب الاهتمام ومن اسباب الاهتمام التشويق. وذلك ان يكون المقدم مسببا لتشوق السامع لمعرفة ما بعده تصور معي ولاحظ ان اللغة العربية وهذا كان ينبغي ان يذكر من البداية فيها مرونة في التقديم والتأخير وهذا يعطي المتكلم آآ مجالا للتفنن في العبارة والتغيير قد يقدم المفعول وقد يؤخر قد يوسطه بين الفعل والفاعل الى غير ذلك مما هو ظاهر لمن يعرف العربية. فانت الان عندك كلام تريد ان تقوله بعضه ان قدمته سبب التشويق. وبعضه لو قدمته لا يؤثر في هذا الامر من الكلام او من مقاصدك في الكلام ان يحصل شوق لمعرفة الحكم الذي تريد ان تخبر به فتقول مثلا الذي سيكرمه مدير الجامعة بسيارة جديدة هو زيد تصور لو انك قلت زيد هو الذي سيكلمه مدير الجامعة بسيارة جديدة. وقدمت زيدا لن يحصل التشويق. زيد ليس فيه تشويق ربما اذا سمع السامع عبارتك قال من هو الذي ذكرت انه تحصل كذا وكذا لان الكلمة قصيرة. زيد. والذي سيكافئه مدير الجامعة جديدة اطول. وهذا الطول يزيد من مناسبة تقديم هذا الكلام الطويل الذي سيحصل به شوق. فاذا قلت الذي سيكافئه مدير الجامعة سيارة جديدة. اشتاق السامع لمعرفة هذا الشخص فاستقر في نفسه وكلما طال الكلام المقدم كلما كان ذلك اكثر تشويقا فمن ذلك قوله تعالى ايحسبون ان ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون هنا نفى الله سبحانه وتعالى ان يكون ما يمد به الانسان من مال وبنين دليلا على ان الله يسارع له في الخيرات وهذا حكم قد يستغربه الناس. اذ يظن كثير من الناس ان المال آآ بنين دليل على رضا الله سبحانه وتعالى واكرامه للعبد. فصارت النفس متشوقة لبيان الحق في ذلك. قال ان الذين هذه الذين اسم ان. اسم موصول اسم ان. سيطول الكلام بعدها ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بايات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات. جاء الخبر متأخرا خبر ان وتقدم الاسم على الاصل ولكن عطف عليه والذين هم بايات ربهم يؤمنون والذين بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة فحصل تشويق لمعرفة الحكم. قال اولئك يسارعون في الخيرات جاء الحكم بعد فهذا التقديم جاء اهتماما بذكر ما يحصل به التشويق ثم قال وقد يزاد الحصر ذا دقيق. عرفنا ان الاصل في التقديم الاهتمام. وهناك امر زائد قد يراد وهذه قد للتكثير. قد يزاد امر اخر وهذا لا ينفي الاول. فكل وتقديم يفيد الاهتمام كما مر وقد يفيد مع ذلك الامر الزائد وهو القصر والحصر وهذا يكون اعني القول بالحصر بمعونة القرائن وليس في كل تقديم لذلك فهو امر دقيق تتفاوت فيه الانظار. ولذلك قلت ذا دقيق تنبيها على اهميته فاذا رأيت التقديم فاعرف ان هناك اهتماما. لكن هل معه حصر ام لا؟ هذا مما يحتاج الى مزيد فطنة وتأمل ولذلك تجد الخلافة بين العلماء في بعض الايات هل هذه هل التقديم هنا يفيد الحصر ام لا؟ ولكن لا يناسب اه ذكر ذلك في مثل هذا اه المقام وهذه المنظومة المختصرة والحقيقة ان الغالب في التقديم الذي يفيد الحصر ان يكون من باب تقديم ما حق التأخير ان الجملة العربية فيها ترتيب اصلي ويحصل تقديم لشيء حقه ان يتأخر ان يتقدم المفعول على الفعل. والغالب ان التقديم الذي يفيد الحصر يكون من هذا النوع الذي حصل فيه تقديم لما حقه التأخير. ومن امثلة التقديم الذي حقه التأخير والذي افاد مع الاهتمام الحصر قوله تعالى في الفاتحة اياك نعبد اياك مفعول به مقدم ونعبد فعل والفاعل مستتر. اصل الكلام نعبدك. هذا الترتيب الاصلي لان الفعل يذكر ثم الفاعل ثم المفعول ولكن تقدم المفعول فافاد الاهتمام بالمقدم وافاد مع ذلك الحصر يعني كأنهم قالوا لا نعبد احدا سواك خلاف ما لو قال نعبدك فان هذا لا ينفي عبادة غيره. وسيأتي هذا تفصيلا في باب القصر فلعلنا بقية الكلام الى ذلك الموضع عند الحديث عن طرق القصر. نكتفي بهذا القدر واصلي على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين