تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا. وقال وما من داء دابة في الارض الا على الله رزقها. ويعلم مستقرها ومستودعها. والايات في هذه المعاني كثيرة تدل دلالة يشهد بها المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثالث والعشرون في الجمع بين اثبات عموم القدر واثبات الاسباب. قال تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. فقال سبحانه يدبر الامر يفصل الايات. وقال عز وجل ان كل شيء خلقناه بقدر. وقال سبحانه ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره. وقال عز وجل ان الله يمسك السماوات والارض ان فيها الكون والواقع ان جميع الكائنات مفتقرات الى ربها في خلقها ورزقها وتدبيرها وانه لا واسطة بينه وبين الخلق. فبارادته وقدرته العامتين الشاملتين خلق الموجودات كلها وبارادته وقدرته حفظها وبارادته وقدرته وحكمته سيرها ودبرها بعنايته ورحمته وسعة علمه اعطى كل شيء خلقه وهداه لمصالحه المتنوعة واعتنى بتدبيره الخاص وسواق الارزاق والمنافع والمصالح كلها الى مفرداته وكلياته. الكون كله بانتظامه واتساقه واحتياج بعضه الى بعض. وارتباط بعضه ببعض. تعاونه المتنوع. جميع يشهد شهادة واضحة بالقدرة والارادة التي لا يشذ عنها شيء. والحكمة التي شملت جميع الكائنات والعلم المحيط. ويظن كثير من الناس ان اثبات الاسباب ينافي الايمان بالقضاء والقدر. هذا غلط فاحش جدا. وهو عائد على القدر بالابطال وهو ابطال ايضا للحكمة ان هذا الظان يقول ويعتقد ان الايمان بالقدر هو اعتقاد وقوع الاشياء بدون اسبابها الشرعية والقدرية. وهذا نفي للوجود لها. فانها كما ذكرت ان الله ربط الكون بعضه ببعض ونظم بعضه ببعض واوجد بعضه ببعض. فهل تقول ايها الظان جهلا ان الاولى ايجاد البناء من دون لبنيان وايجاد الحبوب والثمار والزروع من دون حرث وسقي وايجاد الاولاد والنسل من دون نكاح وادخال الجنة من دون ايمان وعمل صالح وادخال النار من دون كفر ومعصية. بهذا الظن والتقرير ابطلت القدر وابطلت معه الحكمة. اما علمت ان الله بحكمته وكمال قدرته جعل للمسببات اسبابا وللمقاصد طرقا ووسائل تحصل بها. وقرر هذا في الفطر والعقول كما قرره في الشرع. وكما نفذه في الواقع فانه اعطى كل شيء خلقه اللائق به. ثم هدى كل مخلوق الى ما خلق له من اصناف السعي والحركة والتصرفات المتنوعة. وبنى امور الدنيا والاخرة على ذلك النظام البديع العجيب الذي شهد اولا لله بكمال القدرة وكمال الحكمة. واشهد العبادة ثانيا ان بهذا التنظيم والتيسير والتصريف وجه العاملين الى اعمالهم ونشطهم على اشغالهم. فطالب الاخرة اذا علم انها لا تنال الا بالايمان والعمل الصالح وترك ضدها جد واجتهد في تحقيق الايمان وكثرت تفاصيله النافعة واجتهد في كل علم صالح يوصله الى الاخرة واجتنب في مقابلة ذلك الكفر والسوق والعصيان وبادر للتوبة من كل ما وقع منه من ذلك. وصاحب الحرث اذا علم انه لا ينال الا بحرث وسقي وملاحظة تامة جد واجتهد في كل لوسيلة تنمي حراسته وتكملها وتدفع عنها الافات. وصاحب الصناعة اذا علم ان المصنوعات على اختلاف انواعها ومنافعها لا تحصل الا الا بتعلم الصناعة واتقانها ثم العمل بها جد في ذلك. ومن اراد حصول الاولاد او تنمية مواشيه عمل وسعى في ذلك. وهكذا جميع الامور هذا قال بعض المسلمين للنبي صلى الله عليه وسلم حين اخبرهم ان الامور كلها قد علمها الله وكتبها وقدرها افلا نتكل على كتابنا اول وندع العمل. وقال صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له. اما اهل الجنة فيسرون لعمل اهل الجنة. واما اهل النار فيسرون لعمل اهل النار. وتلا قوله تعالى فاما من اعطى وتقى وصدق بالحسنى يسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى. فسنيسره اسرى وفي خلقه تعالى الاشياء باسبابها من الحكم والمنافع والاسرار ما لا يدركه الوصف. وهذا من الامور الجلية والحقائق الواضحة التي فطرت الخليقة كلها حتى الحيوان البهيم عليها