المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الرابع والعشرون فيما جاء به الاسلام من المساواة بين الناس في الحقوق. جاء الاسلام بالمساواة الصحيحة المستقيمة التي روحها العدل الرحمة والتكافل في الحقوق. ساوى بين طبقات الخلق في العدل في كل شيء. قال تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم. ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ان يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما. وقال صلى الله عليه وسلم ان الله كتب الاحسان في كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة. رواه مسلم. واوجب النصح لكل احد قال صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة وساوى بين طبقات العباد في الحقوق الواجبة عليهم تبعا لقدرتهم واستطاعتهم. قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وقال تعالى ينفق ذو سعة من سعته. ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. وقال سبحانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وساوى بينهم في وجوب الحق الذي عليهم وفي ايجاد ايصال الحق اليهم فكل من عليه حق عليه ان يؤتيه كاملا بلا نقص ولا بخس ولا تطفيف وكل من له حق ولا احد اعانه على استخراجه بكل طريق ممن هو عليه كما ساوى بين المكلفين في ايجاب العبادات وتحريم المحرمات. وكما ساوى بينهم في الفصل والثواب بحسب اعمالهم قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه انه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وقال سبحانه ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين قانتات وصادقين وصادقات وصابرين وصابرات والخاشعين والخاشعات اه والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات وصائمين وصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والحافظين فروجه والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. وساوى بينهم بالتملكات المالية بجميع طرقها ووجوهها. وبصحة التصرفات كلها واطلاقها حيث اشتركوا في العقل والرشد. وساوى بينهم بان الرضا في المعاملات العوضية والتبرعات والاحسان شرط لصحتها ونفوذها وان من اكره منهم لا ينفذ له معاملة ولا يستقيم له تبرع وساوى بينهم في كل حق ديني ودنيوي. ولم يجعل لاحد منهم ميزة ان في نسب او حسب او مال او حسن صورة انما الميزة والتفضيل بالمعاني العالية في التقوى وتوابعها. قال تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبا لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم. وانما التفاوت والتفاضل والتفضيل يكون باسباب من كمال الدين التفضيل بها. كما فضل الذكر على الانثى في الميراث. وجعل الرجال قوامين على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض ان الرجل عنده من الاستعدادات والتهيؤ للكمال والقوة على الاعمال ما ليس عند المرأة وعليه من الواجبات النفسية والعائلية ما حسن تفضيله على المرأة. ولهذا علل ذلك بقوله تعالى وبما انفقوا من اموالهم. فشكرهم على انفاقهم على غيرهم. واعانهم على تلك كالنفقات بالتفضيلات المناسبة لهم هذا كما اوجب العبادات كالزكوات والكفارات وغيرها على ارباب الاموال دون من ليس عنده مال. تعليقا للحكم بعلته وسببه كما فرق بين الناس في مقدار الواجبات واجناسها بحسب قدرتهم واستعدادهم. وبهذا يعرف كمال حكمة الله وشمول رحمته وحسن احكامه. قال تعالى ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. وما خالف هذه المساواة التي يتشدق بها المنحرفون بين الرجال والنساء وبين الاغنياء والفقراء فانها مادية ضارة لا يستقيم عليها دين ولا دنيا لخلوها من الدين والروح الانسانية شريفة ومخالفتها لسنة الله التي لا تبديل لها. ولا صلاح الا بها. التي تكفل للادميين كرامتهم وشرفهم وحقوقهم الدينية والمادية واذا اردت معرفة فساد ما خالفها فانظر الى اثارها. كيف انحلت منهم الاخلاق الجميلة؟ تبدلوا بها الاخلاق الرذيلة وذهبت معهم الرحمة والشفقة والنصح وكيف كانت تسير بهم الى الهلاك وهم يشعرون او لا يشعرون. صاروا مستصحبين الحرية المطلقة من جميع القيود. وهي عبارة عن حرية الشهوات البهيمية والسبعية فلم يوقفهم عنها دين ولا اخلاق ولا مصلحة عمومية بل ولا فردية فتصادمت الايرادات ومرجت العقول فارتكسوا في غيهم يعمهون وفي ضلالهم يترددون. فان الله بحكمته ورحمته خلق الانسان. ووضع فيه الشهوة التي تدعوه الى جميع ما تشتهيه النفس وعند الاسترسال مع هذه القوة لا يقف عند حد الاعتدال الواجب بل توقعه في فساد عريض. ولكن من رحمته وضع فيه العقل كل الذي يميز به بين الامور النافعة التي ينبغي ايثارها والامور الضارة التي عليه اجتنابها. فوقف العدل الصحيح معدلا للشهوة ومانعا لها من الاسترسال المهلك بما يشاهده من اضرار واخطار ورغب في خير الدنيا والاخرة لمن اثر ما يدعو اليه العقل والشرع من الخير والاحتماء من الشر وتقديم الوازع الديني العقلي على الوازع البهيمي بما له من الاثار الجميلة عاجلا واجلا. قال تعالى ان من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى. فهذا جزاء الطاغية المسترسل مع الشهوات البهيمية الداعية الى الطغيان. ثم قال تعالى عن الهوى فان الجنة هي المأوى. فهذا جزاء من قدم خوف الله على رغباته المطلقة الضارة نفسه عن جماحها في الهوى المردي فان الهوى يدعو صاحبه الى ترك الواجبات والمستحبات طلبا للراحة الحاضرة وايثار الكسل والى على المحرمات التي في النفس داع قوي اليها اذا لم يكبحه بخوف الله وخشية العقوبة فارسل به الى الطغيان فلم يتورع من محرم ولم يقم بواجبه وهذا هو الهلاك الابدي. فاذا خاف ربه وراقبه وعلم ما عليه من الواجبات وما هو محتم عليه من ترك المحرمات وجاهد نفسه وهواه على القيام بذلك فقد افلح وانجح وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء