الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون وروى مسلم في صحيحه عن ام سلمة رضي الله عنها قالت وله في ذلك الحكمة البالغة وهو الفعال لما يريد ومن عارض في هذا فانما يعترض على قضاء الله وقدره. الذي هو عين المصلحة والحكمة. واساس العدل والصلاة ولا يدعو على نفسه يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين تنبيه على مسائل في التعزية من عبد العزيز بن عبد الله بن باز الى من يراه ويطلع عليه من اخوان المسلمين وفقني الله واياهم الى فعل الطاعات وجنبني واياهم البدع والمنكرات. امين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اما بعد فان الداعية لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير والتنبيه على مسائل في التعزية مخالفة للشرع قد وقع فيها بعض الناس ولا ينبغي السكوت عنها. بل يجب التنبيه والتحذير منها اقول وبالله التوفيق على كل مسلم ان يعلم علم اليقين ان ما اصابه فهو بقضاء الله وقدره. وعليه ان يصبر ويحتسب وينبغي للمصاب ان يستعين بالله تعالى ويتعزى بعزائه ويمتثل امره في الاستعانة بالصبر والصلاة لينال ما وعد الله به الصابرين في قوله تعالى ولا نبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها الا اجره الله في مصيبته واخلف له خيرا منها وليحذر المصاب ان يتكلم بشيء يحبط اجره ويسخط ربه مما يشبه التظلم والتسخط فهو سبحانه وتعالى عدل لا يجور وله ما اخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده باجل مسمى لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لما مات ابو سلمة لا تدعوا على انفسكم الا بخير فان الملائكة يؤمنون على ما تقولون ويحتسب ثواب الله ويحمده وتعزية المصاب بالميت مستحبة لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عزى مصابا فله مثل اجره والمقصود منها تسلية اهل المصيبة في مصيبتهم ومواساتهم وجبرهم ولا بأس بالبكاء على الميت لان النبي صلى الله عليه وسلم فعله لما مات ابنه ابراهيم وبعض بناته صلى الله عليه وسلم اما الندب والنياحة ولطم الخد وشق الجيب وخمس الوجه ونتف الشعر والدعاء بالويل والثبور وما اشبهها فكل ذلك محرم لما روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وعن ابي موسى رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من والحالقة والشاقة وذلك لان هذه الاشياء وما اشبهها فيها اظهار للجزع والتسخط وعدم الرضا والتسليم والصادقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة هي التي تشق ثوبها عند المصيبة ويستحب اصلاح طعام لاهل الميت يبعث به اليهم اعانة لهم وجبرا لقلوبهم فانهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي اليهم عن اصلاح طعام لانفسهم لما روى الامام احمد وابو داوود والترمذي وابن ماجة. بسند صحيح عن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب رضي الله عنهما وقال لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا لال جعفر طعاما فانه قد اتاهم ما يشغلهم وروي عن عبد الله بن ابي بكر رضي الله عنهما انه قال فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها اما صنع اهل الميت الطعام للناس سواء اكان ذلك من مال الورثة او من ثلث الميت او من شخص يفد عليهم فهذا لا يجوز لانه خلاف السنة ومن عمل الجاهلية ولان في ذلك زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغل الى شغلهم وقد روى الامام احمد وابن ماجة باسناد جيد عن جرير ابن عبدالله البجلي رضي الله عنه انه قال كنا نعد الاجتماع الى اهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة واما الاحداد فيحرم على المرأة احداد فوق ثلاثة ايام على ميت غير زوج فيلزم زوجته الاحداد مدة العدة فقط لقوله عليه الصلاة والسلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج اربعة اشهر وعشرا اما احداد النساء سنة كاملة فهذا مخالف للشريعة الاسلامية السمحة وهو من عادات الجاهلية التي ابطلها الاسلام وحذر منها فالواجب انكاره والتواصي بتركه قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا من تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها على اكمل الوجوه فان الاحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان اهل الجاهلية يبالغون فيها اعظم مبالغة وتمكث المرأة سنة في اضيق بيت واوحشه. لا تمس طيبا ولا تدهن ولا تغتسل الى غير ذلك مما هو تسخط على الرب واقداره فابطل الله بحكمته سنة الجاهلية. وابدلنا بها الصبر والحمد ولما كانت مصيبة الموت لابد ان تحدث للمصاب من الجزع والالم والحزن ما تقتضيه الطباع سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك وهو ثلاثة ايام تجد بها نوع راحة وتقضي بها وترا من الحزن وما زاد عن ذلك فمفسدة راجحة فمنع منه والمقصود انه اباح لهن الاحداد على موتاهن ثلاثة ايام واما الاحداد على الزوج فانه تابع للعدة بالشهور واما الحامل فاذا انقضى حملها سقط وجوب الاحداد لانه يستمر الى حين الوضع انتهى كلامه رحمه الله واما عمل الحفل بعد خروج المرأة من العدة فهو بدعة اذا اشتمل على ما حرم الله من نياحة وعويل وندب ونحو فان لم يشتمل على شيء من ذلك فلا بأس به اما الاحتفال من اجل الميت فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن احد من اصحابه رضي الله عنهم ولا عن السلف الصالح اقامة حفل للميت مطلقا لا عند وفاته ولا بعد اسبوع او اربعين يوما او سنة من وفاته بل ذلك بدعة وعادة قبيحة فيجب البعد عن مثل هذه الاشياء وانكارها والتوبة الى الله منها وتجنبها. لما فيها من الابتداع في الدين ومشابهة المشركين وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف امري. ومن تشبه بقوم فهو منهم وثبت عنه ايضا عليه الصلاة والسلام انه قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد الى غير ذلك من الاحاديث الدالة على النهي عن التشبه بالمشركين وعن الابتداع في الدين. والله اعلم التوقيع الرئيس العام للادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة