المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن كتاب الوقف والهبة اشترط الفقهاء رحمهم الله ان الوقف لابد ان يكون على جهة بر وقربة يدل على ان الوقف على بعض الورثة دون بعض يحرم ولا ينفذ وهو الصوم وهو خلاف قول بعضهم في الوصية انه اذا وقف ثلث ما له على بعض ورثته انه نافذ جائز وهذا من باب الاغلاط المحضة التي لا وجه لها لانها مخالفة للشرع من كل وجه اذا كان الوقف شرطه القربة باتفاق الفقهاء. فالوقف ممن عليه ديون يضر بها غير نافذ ولو كان لم يحجر عليه خصوصا اذا ظهر من قرائن احواله ان قصده بوقفها تحجيرها عن غرمائه فهذا النوع لا يمكن احدا من الفقهاء المعتبرين ان يجيزه وينفذه لكونه ظلما متكررا وغدرا ظاهرا قوله فلا يصح على مجهول كرجل ومسجد ولا على احد هذين ولا على عبد ومبعد فيه نظر فانه لا مانع من ذلك فانه اذا علم ان قصده رجل من رجال المسلمين او مسجد من مساجدهم فانه صحيح الناظر الى من يراه اصلح من الرجال والمساجد. وكذلك الوقف على الارقاء شبيه بمسألة الهبة لهم والرقيق يهدى له ويتصدق عليه ويكون ذلك ايضا اعانة لسيده عليه فالصواب صحة الوقف المذكور وهو الموافق للاصول الشرعية قولهم في مصر في الوقف المنقطع انه يرجع الى اقارب الموقف الوارثين بقدر ارثهم والرواية الاخرى انه يصرف على الفقراء والمساكين فان كان في اقاربه من هو كذلك كانوا احق من غيرهم. وهذا هو الذي يغلب على مقاصد الموقفين للاوقاف الشرعية واعلم ان كلام الفقهاء رحمهم الله في مسائل الوقف على الاولاد واحد الورثة من قولهم يقدم كذا او يقدم كذا انما ذلك كلام مطلق راجع الى معاني الفاظ الواقفين ولكنه محمول على المقيد في الشرع وفي كلام الفقهاء من انه لا يحل لاحد ان يوقف وقفا يتضمن المحرم والظلم بان يكون وقفه مشتملا على تخصيص احد الورثة دون الاخرين او على حرمان من لهم الحق وهذا القيد يتعين لان الله امر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن الظلم ونهى عن الظلم وامر بالعدل. فكل ما خالف هذا فانه مردود على صاحبه. غير نافذ التصرف فان العبد ليس له ان يتصرف في ماله بمقتضى شهوته النفسية وهواه بل عليه الا يخالف الشرع ولا يخرج عن العدل وان فعل ذلك كان ذلك باطلا بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد ومن هنا تعرف معنى قولهم وان وجدت قرينة تقتضي ارادة الاناث او حرمانهن عمل بها كذلك معنى قولهم ان وقف الثلث على بعض الورثة صحيح وغير ذلك مما هو ملحوظ فيه مجرد اللفظ والصواب انه يغتفر في ابواب التبرعات ما لا يغتفر في ابواب المعاوضات بوجود الفرق بين الامرين وعلى هذا يصح هبة المجهول سواء تعذر علمه او لم يتعذر لانه بذل ذلك لا في مقابلة عوض على ما هو عليه فلا مانع من صحته ونفوذه قولهم في ابراء مدينه من دينه ونحوه مما هو في الذمة انه يسقط ولو لم يرضى من عليه الحق وتعليلهم بانه اسقاط فيسقط سواء رضي او كره وانه لا يفتقر الى القبول. فيه نظر ظاهر فان الانسان ايجبر ان يكون تحت منة غيره ولا فرق في هذا الباب بين هبة الاعيان وهبة الاوصاف والديون. والصحيح ان تصرف الاب في مال ولده الذي يصح تملكه له. صحيح لانه متضمن للتملك. وقولهم في تعليل المنع ان ملك لابن علي ولو كان للغير او مشتركا لم يجز تعليل غير صحيح ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك فانه يقبضه ثم يتصرف فيه. وانما المراد ان الاب في مال الولد حكمه حكم ولده يأخذ ويبيع ويؤجر ويفعل كل ما لا يضر الولد قوله فان وصى لحي وميت يعلم موته فالكل للحي. الصحيح القول الاخر ان الحي له النصف فقط كجهل اوته لانه كيف يتملك شيئا او يكون له شيء لم يملك اياه قوله وتصح الوصية بكلب صيد وزيت متنجس وله ثلثهما ولو كثر المال ان لم تجز الورثة هذا غير صحيح والصواب ان له الكلب كله والزيت المتنجس كله الا ان كان قد اوصى بثلث ماله ثم اوصى بهذه زيادة على الثلث فانه يفتقر الى اجازة باقي الورثة وكيف لا يكون له جميع ذلك وهو صاحب اموال عظيمة فلم يوصي بغير المذكور والزيت وتعليلهم ذلك بانه لابد من سلامة ثلثي التركة للورثة وليس من التركة شيء من انس الموصى به غير ظاهر فانه ناقص عن الاموال التي تتمول فكيف يصحح الوصية بالمال الكثير المتمول ولا يصحح الوصية بالمال الناقص الذي لا يتمول حتى يكون له مقابل من جنسه. وهذا واضح ولله الحمد