المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ولا فسادا والعاقبة للمتقين. لما ذكر تعالى قارون وما اوتيه من الدنيا وما صارت اليه امره وان اهل العلم قالوا ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا. رغب تعالى في الدار الاخرة واخبر بالسبب الموصل اليها فقال تلك الدار الاخرة التي اخبر الله بها في كتبه واخبرت بها رسله التي قد جمعت كل نعيم واندفع عنها كل مكدر ومنغص نجعلها دارا وقرارا للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا. اي ليس لهم ارادة فكيف العمل للعلو في الارض على عباد الله والتكبر عليهم وعلى الحق. ولا فسادا وهذا شامل لجميع المعاصي. فاذا كانوا لا ارادة لهم في في الارض والافساد. لزم من ذلك ان تكون ارادتهم مصروفة الى الله. وقصدهم الدار الاخرة. وحالهم التواضع لعباد الله والانقياد للحق والعمل الصالح. وهؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة. ولهذا قال والعاقبة اي حالة الفلاح والنجاح التي تستقر وتستمر لمن اتقى الله تعالى وغيرهم وان حصل لهم بعض الظهور والراحة فانه لا يطول وقته ويزول عن قريب. وعلم من هذا الحصر في الاية الكريمة ان الذين يريدون العلو في الارض والفساد ليس لهم في الدار الاخرة نصيب. ولا لهم منها نصيب من جاء بالحسنة فله خير منها. ومن جاء بالسيئة فلا يجزأ الذين عملوا السيئات الا ما كانوا يعملون. يخبر تعالى عن مضاعفة فضله وتمام عدله فقال من جاء بالحسنة شرط فيها ان يأتي بها العامل لانه قد يعملها ولكن يقترن بها ما لا تقبل منه او يبطنها فهذا بالحسنة والحسنة اسم جنس يشمل جميع ما امر الله به ورسوله. من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. المتعلقة بحق لله تعالى وحق عباده فله خير منها. اي اعظم واجل. وفي الاية الاخرى فله عشر امثالها. هذا التضعيف للحسنة لابد منه وقد يقترن بذلك من الاسباب ما تزيد به المضاعفة. كما قال تعالى والله يضاعف لمن يشاء. والله واسع عليم. بحسب للعامل وعمله ونفعه ومحله ومكانه السيئات الا ما كانوا يعملون. ومن جاء بالسيئة وهي كل ما نهى الشارع عنه نهي تحريم. فلا ايجزى الذين عملوا السيئات الا ما كانوا يعملون. كقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. ومن جاء بالسيئة لا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون ان الذي فرض عليك القرآن الى معاده يقول تعالى ان الذي فرض عليك القرآن اي انزله وفرض فيه الاحكام. وبين فيه الحلال والحرام. وامرك بتبليغه للعالمين. والدعوة لاحكام جميع المكلفين لا يليق بحكمته ان تكون الحياة هي الحياة الدنيا فقط. من غير ان يثاب العباد ويعاقب. بل لابد ان يردك الى معاد يجازى فيه المحسنون باحسانهم والمسيئون بمعصيتهم. وقد بينت لهم الهدى واوضحت لهم المنهج فان تبعوك. فذلك حظهم وسعادتهم. وان ابوا الا عصيانك والقدح بما جئت به من الهدى. وتفضيل ما معهم من الباطل على الحق. فلم يبق للمجادلة محل ولم يبق الا المجازاة على الاعمال من العالم بالغيب والشهادة. والمحق والمبطل. ولهذا قال جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين. وقد علم ان رسوله هو المهتدي الهادي. وان اعداءه هم الضالون المضلون وما كنت ترجو ان يلقى اليك الكتاب اي لم متحريا لنزول هذا الكتاب عليك ولا مستعدا له ولا متصديا. الا رحمة من ربك بك وبالعباد. فارسلك بهذا الكتاب الذي به العالمين وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. وزكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فاذا علمت انه انزله اليك رحمة منه. علمت ان جميع ما امر به ونهى عنه. فانه رحمة وفضل من الله. فلا يكن في صدرك حرج من شيء منه. وتظن بما ان مخالفه اصلح وانفع فلا تكونن ظهيرا للكافرين. اي معينا لهم على ما هو من شعب كفرهم. ومن جملة مظاهرتهم ان يقال في شيء منه انه خلاف الحكمة والمصلحة والمنفعة انزلت اليك. بل ابلغها وانفذها. ولا تبالي بمكرهم. ولا يخدعنك عنها. ولا تتبع اهواءهم وادع الى ربك اي اجعل الدعوة الى ربك منتهى وغاية عملك فكل ما خالف ذلك فارفضه من رياء او سمعة او موافقة اغراض اهل الباطل. فان ذلك داع الى الكون معهم ومساعدتهم على امرهم. ولهذا قال لا في شركهم ولا في وشعبه التي هي جميع المعاصي كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون ولا تدعو مع الله الها اخر بل اخلص لله عبادتك. فانه لا اله الا هو. فلا احد يستحق ان يؤله ويحب ويعبد الا الله الكامل الباقي. الذي كل شيء الا وجهه. واذا كان كل شيء هالك مضمحلا سواه. فعبادة الهالك الباطل باطلة. ببطلان غايتها. وفساد نهايتها له الحكم واليه ترجعون له الحكم في الدنيا والاخرة. واليه لا الى غيره ترجعون. فاذا كان ما سوى الله باطلا هالكا. والله هو الباقي الذي لا اله الا هو وله الحكم في الدنيا والاخرة. واليه مرجع الخلائق كلهم. يجازيهم باعمالهم. تعين على من له عقل ان يعبد الله وحده لا شريك له ويعمل لما يقربه ويدنيه. ويحذر من سخطه وعقابه. وان يقدم على ربه غير تائب ولا مقلع عنه خطأه وذنوبه