المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتن الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا ولا يعلمن كاذمين. يخبر تعالى عن تمام حكمته وان حكمته لا تقتضي ان كل من قال انه مؤمن. وادعى لنفسه الايمان ان يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن. ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم ايمانه وفروعه. فانهم لو كان الامر كذلك لم يتميز صادق من الكاذب والمحق من المبطل. ولكن سنته وعادته في الاولين. وفي هذه الامة ان يبتليهم بالسراء والضراء والعسر واليسر والمنشط والمكره والغنى والفقر. وادالة الاعداء عليهم في بعض الاحيان. ومجاهدة الاعداء بالقول والعمل. ونحو ذلك من فتن التي ترجع كلها الى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة والشهوات المعارضة للارادة. فمن كان عند ورود الشبهات يثبت ايمانه ولا يتزلزل ويدفعها بما معه من الحق. وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية الى المعاصي والذنوب. او الصارفة عن ما امر الله به ورسوله يعمل بمقتضى الايمان ويجاهد شهوته. دل ذلك على صدق ايمانه وصحته. ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وعند اعتراض الشهوات تصرفه الى المعاصي او تصديفه عن الواجبات. دل ذلك على عدم صحة ايمانه وصدقه. والناس فيها هذا المقام درجات لا يحصيها الا الله فمستقل ومستكثر. فنسأل الله تعالى ان يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة وان يثبت قلوبنا على دينه. فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير. يخرج خبثها وطيبها حين يعملون السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون. اي احسب الذين همهم فعل السيئات ارتكاب الجنايات ان اعمالهم ستهمل. وان الله سيغفل عنهم او يفوتونه. فلذلك اقدموا عليها وسهل عليهم عملها ساء ما يحكمون. اي ساء حكمهم فانه حكم جائر. لتضمنه انكار قدرة الله وحكمته. وان لديهم قدرة يمتنعون بها من عقاب الله وهم اضعف شيء واعجزه يعني يا ايها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه. المسارع في مرضاته ابشر بقرب لقاء الحبيب فانه ات وكل ات انما هو قريب. فتزود للقائه وسر نحوه مستصحبا الرجاء. مؤملا الوصول اليه ولكن ما كل من يدعي يعطى بدعواه. ولا كل من تمنى يعطى ما تمناه. فان الله سميع للاصوات. عليم بالنيات فمن كان صادقا في ذلك انا له ما يرجو. ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه. وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح جاهد فإنما يجاهد لنفسه. ان الله لغني عن العالمين. ومن جاهد نفسه وشيطانه انه وعدوه الكافر فانما يجاهد لنفسه. لان نفعه راجع اليه وثمرته عائدة اليه. والله غني عن العالمين لم يأمرهم بما امرهم به لينتفع به. ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا عليهم. وقد علم ان الاوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها الى جهاد لان نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير. وشيطانه ينهاه عنه. وعدوه الكافر يمنعه من اقامة دينه كما ينبغي. وكل وهذا معارضات تحتاج الى مجاهدات وسعي شديد والذين امنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم. يعني ان الذين من الله عليهم بالايمان والعمل الصالح سيكفر الله عنهم سيئاتهم لان الحسنات يذهبن السيئات وهي اعمال الخير من واجبات ومستحبات فهي احسن ما يعمل العبد. لانه يعمل المباحات ايضا وغيرها ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا يعني وامرنا الانسان بوالديه حسنا اي ببرهما والاحسان اليهما. بالقول والعمل وان يحافظ على ذلك. ولا يعقهما ويسيء اليهما في قوله وعمله. وان جاهداك لتشرك به ما ليس لك به علم. وليس لاحد علم بصحة الشرك بالله. وهذا تعظيم لامر الشرك. فلا تطعهما الي مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون. فأجازيكم بأعمالكم فبروا مقدم طاعتهما الا على طاعة الله ورسوله. فانها مقدمة على كل شيء اي من امن بالله وعمل صالحا فان الله وعده ان يدخله الجنة في عباده الصالحين. من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. كل على حسب درجته ومرتبته عند الله. فالايمان الصحيح والعمل الصالح عنوان على سعادة صاحبه. وانه من اهل الرحمن والصالحين من عباد الله تعالى ومن الناس من يقول امنا بالله لما ذكر تعالى انه لابد ان يمتحن من ادعى الايمان ليظهر الصادق من الكاذب بين تعالى ان من الناس فريقا لا صبر لهم على المحن ولا ثبات لهم على بعض الزلازل. فقال ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله بضرب او اخذ او تعيير ليرتد عن دينه وليراجع الباطل. جعل فتنة الناس كعذاب الله ان يجعلها صادة له عن الايمان والثبات عليه كما ان العذاب صاد عما هو سببه ولئن جاء نصر من ربك ليقولن انا كنا معكم لانه موافق للهوى فهذا الصنف من الناس من الذين قال الله فيهم ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين. حيث خبركم بهذا الفريق الذي حاله كما وصف لكم فتعرفون بذلك كمال علمه وسعة حكمته اي فلذلك قدر محنا وابتلاء ليظهر علمه فيهم فيجازيهم بما ظهر منهم فبما يعلمه بمجرده لانهم قد يحتجون على الله انهم لو ابتلوا لثبتوا. وقال الذين كفروا للذين امنوا وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء انهم لكاذبون. يخبر تعالى عن افتراء الكفار ودعوتهم للمؤمنين الى دينهم. وفي ضمن ذلك تحذير المؤمنين من الاغترار بهم الوقوع في مكرهم. فقال وقال الذين كفروا للذين امنوا اتبعوا سبيلنا. فاتركوا دينكم او بعضه. واتبعونا في ديننا فاننا نضمن لكم الامر ولنحمي الخطاياكم. وهذا الامر ليس بايديهم. فلهذا قال خطاياهم من شيء انهم لكاذبون. وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء. لا قليل ولا كثير هذا التحمل ولو رضي به صاحبه فانه لا يفيد شيئا فان الحق لله والله تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه الا بامر وحكمه وحكمه الا تزر وازرة وزر اخرى. ولما كان قوله وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء. قد يتوهم وايضا ان الكفار الداعين الى كفرهم ونحوهم ممن دعا الى باطله. ليس عليهم الا ذنبهم الذي ارتكبوه دون الذنب الذي فعله غيرهم ولو كانوا متسببين فيه. فقال مخبرا عن هذا الوهم وليحملن اثقالهم اي اثقال ذنوبهم التي عملوها واثقالا مع اثقالهم وهي الذنوب التي بسببهم ومن جرائهم فالذنب الذي فعله التابع لكل من التابع والمتبوع حصته منه. هذا لانه فعله وباشره. والمتبوع لانه تسبب في فعله ودعا اليه. كما ان الحسنة اذا فعلها التابع له اجرها بالمباشرة. وللداعي اجره بالتسبب من الشر وتزينه وقولهم ولنحمل الخطاياكم