المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي تقدم ان لوطا عليه السلام امن لابراهيم وصار من المهتدين به. وقد ذكروا انه ليس من ذرية ابراهيم انما هو ابن اخي ابراهيم فقوله تعالى وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وان كان عاما فلا يناقض كون لوط نبيا رسولا وليس من ذريته. لان الاية جيء بها لسياق المدح والثناء على الخليل. وقد اخبر ان لوطن اهتدى على يديه. ومن اهتدى على يديه اكمل ممن اهتدى فمن ذريته بالنسبة الى فضيلة الهادي والله اعلم فارسل الله لوطا الى قومه وكانوا مع شركهم قد جمعوا بين فعل الفاحشة في الذكور وتقطيع السبيل في المنكرات في مجالسهم فنصحهم لوط عن هذه الامور. وبين لهم قبائحها في نفسها. وما تؤول اليه من العقوبة البليغة. فلم يرعوه ولم تذكروا فما كان جواب قومه الا فايس منهم نبيهم وعلم استحقاقهم العذاب. وجزع من شدة تكذيبهم له. فدعا عليهم ولما جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا انا مهلك اهل هذه القرية ان اهلها كانوا ظالمين. قال ربي انصرني على القوم المفسدين. فاستجاب الله دعاءه ارسل الملائكة لاهلاكهم فمروا بابراهيم قبل وبشروهم باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب. ثم سألهم ابراهيم اين يريدون؟ فاخبر انهم يريدون اهلاك قوم لوط. فجعل يراجعهم ويقول ان امرأته كانت من الغابرين. ان فيها فقالوا له لننجينه واهله الا امرأته كانت من الغابرين وقالوا لا تخف ولا تحزن انا منجوك واهلك الا امرأتك كانت من الغابرين. ثم مضوا حتى اتوا لوطا فساءه مجيئهم وضاق بهم ذرعا بحيث انه لم يعرفهم وظن انه من جملة ابناء السبيل الضيوف فخاف عليهم من قومه فقالوا له لا تخف ولا تحزن واخبروه انهم رسل الله انا منزلون على اهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون. انا منزلون على اهل هذه القرية رجزا. اي عذابا من السماء بما كانوا يفسقون. فامروه ان يسري لاهله ليلا فلما اصبحوا قلب الله عليهم ديارهم. فجعل عاليها سافلها وامطر عليهم حجارة من سجيل متتابعة حتى ابادتهم واهلكتهم فصاروا سمرا من الاسمار وعبرة من العبر اي تركنا من ديار قوم لوط اثارا بينة لقوم يعقلون العبر بقلوبهم ينتفعون بها. كما قال الله تعالى وانكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل افلا تعقلون فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الاخر ولا تعسوا في الارض مفسدين. فكذب اي وارسلنا الى مدين القبيلة المعروفة المشهورة شعيب فامرهم بعبادة الله وحده لا شريك له. والايمان بالبعث ورجائه والعمل له. ونهاهم عن الافساد في الارض ببخس المكاييل موازين والسعي بقطع الطرق. فكذبوه فاخذهم عذاب الله وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان اعمالهم. وزين لهم الشيطان اعمالهم اي وكذلك ما فعلنا بعاد وثمود. وقد علمتم قصصهم تبين لكم بشيء تشاهدونه بابصاركم من مساكنهم واثارهم التي بانوا عنها. وقد جاءتهم رسلهم بالايات البينات للبصيرة فكذبوهم وجادلوهم وزين لهم الشيطان اعمالهم حتى ظنوا انها افضل مما جاءتهم به الرسل وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الارض وما كانوا وكذلك قارون وفرعون وهامان. حين بعث الله اليه موسى ابن عمران بالايات البينات والبراهين الساطعات فلم ينقادوا واستكبروا في الارض على عباد الله فاذلوهم. وعلى الحق فردوه فلم يقدروا على النجاح حين نزلت بهم العقوبة كانوا سابقين. وما كانوا سابقين الله ولا فائتين. بل سلموا واستسلموا فكلا من هؤلاء الامم المكذبة اخذنا بذنبه على قدره. وبعقوبة مناسبة له اي عذابا يحصبهم كقوم عاد حين ارسل الله عليهم الريح العقيم وسخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام من حسوما فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز نخل خاوية. ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسر ومنهم من اخذته الصيحة كقوم صالح ومنهم من خسفنا به الارض كقارون ومنهم من اغرقنا كفرعون وهامان وجنودهما وما كان الله اي ما ينبغي ولا يليق به تعالى ان يظلمهم لكمال عدله وغناه التام عن جميع الخلق ولكن كانوا انفسهم يظلمون. منعوها حقها التي هي بصدده. فانها مخلوقة لعبادة الله وحده هؤلاء وضعوها في غير موضعها. واشغلوها بالشهوات والمعاصي. فضروها غاية الضرر من حيث ظنوا انهم ينفعونها الذين اتخذوا من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا العنكبوت لو كانوا يعلمون. هذا مثل ضربه الله لمن عبد معه غيره. يقصد به التعزز والتقوى والنفع وان الامر بخلاف مقصوده فان مثله كمثل العنكبوت اتخذت بيتا يقيها من الحر والبرد والافات وان اوهن البيوت اضعفها واوهاها لبيت العنكبوت عنكبوت من الحيوانات الضعيفة. وبيتها من اضعف البيوت. فما ازدادت باتخاذه الا ضعفا. كذلك هؤلاء الذين يتخذون من دونه اولياء فقراء عاجزون من جميع الوجوه. وحين اتخذوا الاولياء من دونه يتعززون بهم ويستنصرونهم. ازدادوا ضعفا الى ضعفهم ووهنا الى وهنهم فانهم اتكلوا عليهم في كثير من مصالحهم. والقوها عليهم وتخلوهم عنها. على ان اولئك سيقومون بها فخذلوهم يحصل منهم على طائل ولا انالوهم من معونته اقل نائل. فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم حالهم وحال من اتخذوهم. لم يتخذوهم ولتبرأوا منهم ولتولوا الرب القادر الرحيم. الذي اذا تولاه عبده وتوكل عليه كفاه مؤنة دينه ودنياه. وازداد قوة الى قوته في قلبه وفي بدنه وحاله واعماله. ولما بين نهاية ضعف الهة المشركين ارتقى من هذا الى ما هو ابلغ منه. وانها ليست بشيء بل هي مجرد اسماء سموها وظنون اعتقدوها وعند التحقيق يتبين للعاقل بطلانها وعدمها. ولهذا قال ان الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم ان الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء. اي انه تعالى يعلم وهو عالم الغيب والشهادة انه ما يدعون من دون الله شيئا موجودا. ولا الها له حقيقة كقوله تعالى ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وقوله وما اتبعوا الذين يدعون من دون الله شركاء. ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون. وهو العزيز الحكيم الذي له القوة جميعا. التي قهر بها جميع المخلوقات. الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها. الذي احسن كل شيء خلقه ما امره وتلك امثال نضربها للناس اي لاجلهم والانتفاعهم وتعليمهم. لكونها من الطرق الموضحة للعلوم. ولانها تقرب الامور المعقولة بالامور المحسوبة فيتضح المعنى المطلوب بسببها فهي مصلحة لعموم الناس. ولكن ما بفهمها وتدبرها وتطبيقها على ما ضربت له. وعقلها في القلب الا العالمون. اي اهل العلم الحقيقي. الذين وصل العلم والى قلوبهم وهذا مدح للامثال التي يضربها وحث على تدبرها وتعقلها ومدح لمن يعقلها. وانه عنوان على انه من اهل العلم فعلم ان من لم يعقلها ليس من العالمين. والسبب في ذلك ان الامثال التي يضربها الله في القرآن انما هي للامور والمطالب العالية والمسائل الجليلة. فاهل العلم يعرفون انها اهم من غيرها. لاعتناء الله بها. وحثه عباده على وتدبرها فيبذلون جهدهم في معرفتها. واما من لم يعقلها مع اهميتها فان ذلك دليل على انه ليس من اهل العلم لانه اذا لم يعرف المسائل المهمة فعدم معرفته غيرها من باب اولى واحرى. ولهذا اكثر ما يضرب الله الامثال في اصول الدين ونحوها