بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين فمرحبا بكم اخواني واخواتي في الدرس السادس والعشرين من دروس مصطلح الحديث وما زلنا في تلال ابن الاثير حينما تحدث عن علم الحديث وقال فيه لانه علم شريف وشأن جليل لا يحيط به الا من هذب نفسه بمتابعة اوامر الشرع ونواهيه وازال الزيغ عن قلبه ولسانه وله اصول واحكام وقواعد واوضاع واصطلحات ذكرها العلماء وشرحها المحدثون والفقهاء يحتاج طالبه الى معرفتها والوقوف عليها بعد تقديم معرفة اللغة والاعراب الذين هما اصل لمعرفة الحديث بورود الشريعة المطهرة بلسان العرب وتلك الاشياء في العلم بالرجال واساميهم وانسابهم واعمارهم ووقت وفاتهم والعلم بصفات الرواة وشرائطهم التي يجوز معها قبول رواياتهم وللعلم بمستند الرواة وكيفية اخذه من حديد وتقسيم طرقه والعلم بلفظ الرواة وايرادهم ما سمعوه وايصاله الى من يأخذه عنهم وذكر مراتبه والعلم بجواز نقل الحديث بالمعنى ورواية بعضه والزيادة فيه والاضافة اليه ما ليس منه وانفراد الثقة بزيادة والعلم بالمسند وشرائطه والعالي منه والناذل والعلم بالمرسل وانقسامه الى المنقطع والموقوف والمعضل وغير ذلك واختلاف الناس في قبوله ورده والعلم بالجرح والتعديل وجوازهما ووقوعهما وبيان طبقات المجروحين والعلم باقسام الصحيح من الحديث والكذب وانقسام الخبر اليهما والى الغريب والحسن وغيرهما والعلم باخبار التواتر والاحاد والناسخ والمنسوخ وغير ذلك طبعا من اقحم نفسه في زمرة اهل الحديث ولم يحصل على ما ذكره ابن الاثير او لم يحصل على غالب ما ذكره ابن نفير ثم عمد الى اعلان الاحاديث خرج بمقدمات لا نتائج لها وبنى على غير اثاث واساء من غير افادة وربما نقش قبل تثبيت العرش والعلماء ايها الاخوة قد حذروا من ذلك غاية التحذير لان الحكم على الحديث له اهمية في الشرع فالسنة مصدر مهم من مصادر الاحكام يستنبط من صحيحها الحلال والحرام فادخال شيء الى السنة ليس منها او نسف شيء منها امر تترتب عليه تبعات خطيرة يوم القيامة ولذا من يلج هذا الباب بود ان يقرأ كتابنا فقه الكلام وخطورة التقول على الله بغير علم اذا نعود الى كلام ابن الاثير ثم قال والناسخ والمنسوخ وغير ذلك مما تواضع عليه ائمة الحديث وهو بينهم متعارف فمن اتقنها اتى دار هذا العلم من بابها واحاط بها من جميع جهاتها وبقدر ما يفوته منها تنزل عن الغاية درجته وتنحط عن النهاية رتبته الا ان معرفة التواتر والاحاد والناسخ والمنسوخ وان تعلقت بعلم الحديث فان المحدث لا يفتقر اليها بان ذلك وظيفة الفقيه بانه يستنبط الاحكام من الاحاديث فيحتاج الى معرفة المتواتر والاحاديث والناسخ والمنسوخ فاما المحدث فوظيفته ان ينقل ويروي ما سمعه من الاحاديث كما سمعه فان تصدى لما براءه فزيادة في الفضل وكمال بالاختيار طبعا هذا كلام ابن الاثير في جامع الاصول في المجلد الاول له مقدمة وضعها في اول جامع وعلى كلام ابن الاثير الاخير يعني فيه يحتاج الى ايظاح لان رتبة الفقيه اعلى من رتبة المحدث فنحن نشترط في الفقيه ان يكون محدثا والقاعدة ان المحدث من احاط بعلم الحديث رواية وجراية فاذا اضيف اليها الاستنباط فهو الفقير اما من لم يحصل علم الحديث وجاء يتحذلق بالفقه فهو ليس بفقيه اذ شرط الفقيه ان يكون محدثا ويوم امس احد الاخوة من تونس حفظ الله بلاد المسلمين في كل مكان واصلح الله جميع المسلمين وجميع بلدانهم يسأل فيما يتعلق اهل الحديث واهل الفقه واصول كل مذهب فالشاهد ان شرط الفقيه ان يكون محدثا اذا ابن الاسير في هذه المقدمة اطال واطاب وابان لمن جاء بعده البضاعة لهذه الصناعة وان هذه الصناعة صناعة الحديث ليست كبقية الصناعات ونحن نعلم ان معرفة الصحة من غير الصحة اي معرفة العلل رأس علوم الحديث لماذا اذ من خلاله نعرف صحيح الحديث من ضعيفه ونميز عدله من معوجه ومرفوعه من موقوفه ومسنده من مرسله وصاحبه يحتاج الى جميع ادوات الفن مع حاجته الى الفنون الاخرى من العلوم ليتقن فيها علم الحديث ولذا قال الحافظ ابن حجر مبينا صعوبة هذا الامر قال وهو من اغمظ انواع علوم الحديث ودقها ولا يقوم به الا من رزقه الله تعالى فهما ثاقبا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة. وملكة قوية بالاسانيد والمتن ولهذا لم يتكلم فيه الا القليل من اهل هذا الشأن تعذيب للمدينة واحمد ابن حنبل والبخاري ويعقوب نشيبة وابي حاتم وابي زرعة والدار قطني وقد تقصر عبارة المعلل عن اقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقل الدينار والدرهم اذا التصحيح والتضعيف امر ليس بالامر الهين يعني صعوبة تحصيل صفات الرجل الذي يميز الصحيح من غير الصحيح هذا امر قد جعل في الامر صعوبة على كثير بل خفي على كثير ممن اشتغل بعلم الحديث لذا قال ابن كثير هو فن خفي على كثير من علماء الحديث حتى قال بعض حفاظهم معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل وانما يهتدي الى تحقيق هذا الفن الجهاد الى النقاد منهم يميزون بين صحيح الحديث وتقييمه ومع وجهه ومستقيمه كما يميز الصيرفي البسيط بصناعته بين الجياد والزيوف والدنانير والفلوس فكما لا يتمارى هذا كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه ومنهم من يظن ومنهم من يقف طبعا فلان ابن كثير يعني كلاما في غاية النفاسة في اختصار علوم الحديث هذا وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم