والخدم والولدان والاصوات المطربات والسماع المشجي والمناظر المعجبة والروائح الطيبة والفرح والسرور واللذة قبور مما لا يقدر احد ان يصفه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بسم الله الرحمن الرحيم وهو العزيز الرحيم. كانت الفرس والروم في ذلك الوقت من اقوى دول الارض. وكان يكون بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة. وكانت الفرس مشركين يعبدون النار. وكانت الروم اهل كتاب ينتسبون الى التوراة والانجيل وهم اقرب الى المسلمين من الفرس. فكان المؤمنون يحبون غلبتهم وظهورهم على الفرس. وكان المشركون لاشتراكهم والفرس في الشرك يحبون ظهور الفرس على الروم. فظهر الفرس على الروم. فغلبوهم غلبا لم يحط ملكهم. بل بادنى ارضهم. ففرح بذلك مكة وحزن المسلمون. فاخبرهم الله ووعدهم ان الروم ستغلب الفرس في بضع سنين تسع او ثمان ونحو ذلك. مما لا يزيد على العشر ولا ينقص عن الثلاث وان غلبة الفرس للروم ثم غلبة الروم للفرس. كل ذلك بمشيئته وقدره. ولهذا قال فليس الغلبة والنصر لمجرد وجود الاسباب. وانما هي لابد ان يقترن بها القضاء والقدر ويومئذ اي يوم يغلب يقوم الفرس ويقهرونهم. يفرح المؤمنون بنصر الله. ينصر من يشاء. اي يفرحون بانتصارهم على الفرس. وان كان الجميع كفارا ولكن بعض الشر اهون من بعض. ويحزن يومئذ المشركون. وهو العزيز الذي له العزة التي قهر بها الخلائق اجمعين. يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء. ويعز من يشاء ويذل من يشاء رحيموا بعباده المؤمنين. حيث قيض لهم من الاسباب التي تسعدهم وتنصرهم. ما لا يدخل في الحساب وعد الله لا يخلف الله وعده. فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا انه لابد من وقوعه. فلما نزلت هذه الايات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها. فلما جاء الاجل الذي ضربه الله انتصر الروم على الفرس من بلادهم التي اخذوها منهم وتحقق وعد الله. وهذا من الامور الغيبية التي اخبر الله بها قبل وقوعها. ووجدت في زمان من اخبرهم الله بها من المسلمين والمشركين. ولكن اكثر الناس ايعلمون ان ما وعد الله به حق. فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله. ويكذبون اياته. وهؤلاء الذين لا يعلمون الا يعلمون بواطن الاشياء وعواقبها. وانما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فينظرون الى الاسباب ويجزمون بوقوع الامر الذي في رأيهم انعقدت اسباب وجوده قانون عدم الامر الذي لم يشاهدوا له من الاسباب المقتضية لوجوده شيئا. فهم واقفون مع الاسباب غير ناظرين الى مسببها المتصدر فيها وهم عن الاخرة هم غافلون. قد توجهت قلوبهم واهواؤهم واراداتهم الى الدنيا وشهواتها وحطامها فعملت لها وسعت واقبلت بها وادبرت وغفلت عن الاخرة. فلا الجنة تشتاق اليها ولا النار تخافها وتخشاها ولا المقام بين يدي الله ولقائه يروعها ويزعجها. وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الاخرة. ومن العجب ان هذا القسم من الناس قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا. الى امر يحير العقول ويدهش الالباب. واظهروا من العجائب الذرية كهربائية والمراكب البرية والبحرية والهوائية. ما فاقوا به وبرزوا واعجبوا بعقولهم. ورأوا غيرهم عاجزا عما اقدرهم الله عليه فنظروا اليهم بعين الاحتقار والازدراء. وهم مع ذلك ابلدوا الناس في امر دينهم. واشدهم غفلة عن اخرتهم واقلهم معرفة بالعواقب قد رآهم اهل البصائر النافذة في جهلهم يتخبطون وفي ضلالهم يعمهون وفي باطنهم يترددون نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون. ثم نظروا الى ما اعطاهم الله واقدرهم عليه. من الافكار الدقيقة في الدنيا وظاهرها وما حرموا من العقل العالي فعرفوا ان الامر لله والحكم له في عباده. وان هو الا توفيقه وخذلانه. فخافوا ربهم وسألوهم وان يتم لهم ما وهبهم من نور العقول والايمان حتى يصلوا اليه ويحلوا بساحته. وهذه الامور لو قارنها الايمان وبنيت عليه اثمرت الرقي العالي والحياة الطيبة. ولكنها لما بني كثير منها على الالحاد لم تثمر الا هبوط الاخلاق واسباب الفناء اي افلم يتفكر هؤلاء المكذبون لرسول الله ولقائه؟ في انفسهم. فان في انفسهم ايات يعرفون بها ان الذي اوجده من العدم سيعيدهم بعد ذلك. وان الذي نقلهم اطوارا من نطفة الى علقة الى مضغة الى ادمي. قد نفخ الروح الى طفل الى شاب الى شيخ الى هرم غير لائق ان يتركهم سدى مهملين لا ينهون ولا يؤمرون ولا يثابون ولا يعاقبون ان ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما الا بالحق. اي ليبلوكم ايكم احسن عملا. واجل مسمى اي مؤقت بقاء الى اجل تنقضي به الدنيا وتجيء به القيامة وتبدل الارض غير الارض والسماوات فلذلك لم يستعدوا للقائه ولم يصدقوا رسله التي اخبرت به قوة واثار الارض وعمرها اكثر مما عمروها. وجاءتهم رسلهم بيناتك ما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون. وهذا الكفر عن غير دين بل الادلة القاطعة قد دلت على البعث والجزاء. ولهذا نبههم على السير في الارض والنظر في عاقبة الذين كذبوا رسلهم وخالفوا امرهم ممن هم اشد من هؤلاء قوة واكثر اثارا في الارض من بناء قصور ومصانع ومن غرس اشجار ومن زرع واجراء انهار فلم تغني عنهم قوتهم ولا نفعتهم اثارهم. حين كذبوا رسلهم الذين جاؤوهم بالبينات الدالة على الحق. وصحة ما جاءوهم به. فان انهم حين ينظرون في اثار اولئك لم يجدوا الا امما بائدة وخلقا مهلكين ومنازل بعدهم موحشة وذما من الخلق عليهم متتاليين وهذا جزاء معجل نموذج للجزاء الاخروي ومبتدأ له. وكل هذه الامم المهلكة لم يظلمهم الله بذلك الاهلال وانما ظلموا انفسهم وتسببوا في هلاكها ثم كان عاقبة الذين السوء اي الحالة السيئة الشنيعة. وصار ذلك داعيا لهم لان كذبوا بايات الله فهذا عقوبة لسوءهم وذنوبهم. ثم ذلك الاستهزاء والتكذيب يكون سببا لاعظم العقوبات واعضل المثلات الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم اليه ترجعون. ويوم تقوم الساعة يبلا يخبر تعالى انهم متفرد بابداء المخلوقات ثم يعيدهم ثم اليه يرجعون بعد اعادتهم باعمالهم. ولهذا ذكر جزاء اهل الشر ثم جزاء اهل الخير فقال ويوم تقوم الساعة اي يقوم الناس لرب العالمين ويريدون القيامة عيانا يومئذ يبلس المجرمون. اي ييأسون من كل خير. وذلك انهم ما قدموا لذلك اليوم الا الاجرام وهي الذنوب من كفر وشرك ومعاصي. فلما قدموا اسباب العقاب ولم يخلطوها بشيء من اسباب الثواب. ايسوا وابلسوا وافلسوا وضل عنه ما كانوا يفترون من نفع شركائهم وانهم يشفعون لهم. ولهذا قال ولم يكن لهم من شركائهم التي عبدوها مع الله شفعاء تبرأ المشركون ممن اشركوهم مع الله وتبرأ المعبودون وقالوا تبرأنا اليك ما كانوا وايانا يعبدون والتعنوا وابتعدوا. وفي ذلك اليوم يوم يفترق اهل الخير والشر. كما افترقت اعمالهم في الدنيا فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات امنوا بقلوبهم وصدقوا ذلك بالاعمال الصالحة. فهم في روضة فيها سائر انواع النبات واصناف المشتهيات يحظرون اي يسرون وينعمون بالمآكل اللذيذة والاشربة والحور الحساب