المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي واما الذين كفروا وجحدوا نعمه وقابلوها بالكفر وكذبوا باياتنا التي جاءتهم بها رسلنا. محضرون فيه قد احاطت بهم جهنم من جميع جهاتهم. واطلع العذاب الاليم على افئدتهم. وشوى الحميم وجوههم وقطع امعائهم. فاين الفرق بين من الفريقين واين التساوي بين المنعمين والمعذبين وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون. هذا اخبار عن تنزهه عن السوء والنقص وتقدسه عن ان يمثله احد من الخلق. وامر للعباد ان يسبحوه حين يمسون وحين يصبحون. ووقت العشي ووقت الظهيرة فهذه الاوقات الخمسة اوقات الصلوات الخمس امر الله عباده بالتسبيح فيها والحمد ويدخل في ذلك الواجب منه كالمشتملة عليه عليه الصلوات الخمس والمستحب كاذكار الصباح والمساء وادبار الصلوات. وما يقترن بها من النوافل. لان هذه الاوقات التي اختارها الله في اوقات المفروضات هي افضل من غيرها. فالتسبيح والتحميد فيها والعبادة فيها افضل من غيرها. بل العبادة وان لم تشتمل على قول سبحان الله فان الاخلاص فيها تنزيه لله بالفعل ان يكون له شريك في العبادة او ان يستحق احد من الخلق ما يستحقه من الاخلاص والايمان انابة يخرج الحي من الميت كما يخرج النبات من الارض الميتة. والسنبلة من الحبة والشجرة من النواة فرخة من البيضة والمؤمنة من الكافر ونحو ذلك. ويخرج الميت من الحي بعكس المذكور ويحيي الارض بعد موتها فينزل عليها المطر وهي ميتة هامدة. فاذا انزل عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج. وكذلك تخرجون من قبوركم هذا دليل قاطع وبرهان ساطع. ان الذي احيا الارض بعد موتها فانه يحيي الاموات. فلا فرق في نظر العقل بين الامرين. ولا موجب استبعاد احدهما مع مشاهدة الاخر هذا شروع في تعداد اياته الدالة على انفراده بالالهية. وكمال عظمته ونفوذ مشيئته. وقوة اقتداره وجميل صنعه وسعة رحمته واحسانه. فقال ومن اياته ان خلقكم من تراب وذلك بخلق اصل النسل ادم عليه السلام. اي الذي خلقكم من اصل واحد ومادة واحدة وبثكم في اقطار الارض وارجائها. ففي ذلك ايات على ان الذي انشأكم من هذا الاصل وبثكم في اقطار الارض. هو الرب المعبود الملك المحمود والرحيم الودود الذي سيعيدكم بالبعث بعد الموت. ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ومن اياته الدالة على رحمته وعنايته بعباده. وحكمته العظيمة وعلمه المحيط. ان خلق لكم من انفسكم ازواجا تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن بما رتب على الزواج من الاسباب الجالبة للمودة والرحمة. فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة بوجود الاولاد وتربيتهم والسكون اليها. فلا تجد بين احد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة يعملون افكارهم ويتدبرون ايات الله وينتقلون من الى شيء والعالمون هم اهل العلم الذين يفهمون العبر ويتدبرون الايات والايات في ذلك كثيرة من ايات خلق السماوات والارض وما فيهما ان ذلك دال على عظمة سلطان الله وكمال اقتداره. الذي اوجد هذه المخلوقات العظيمة وكمال حكمته لما فيها من الاتقان وسعة علمه. لان الخالق لا بد ان يعلم ما خلقه. الا يعلم من خلق وعموم برحمته وفضله لما في ذلك من المنافع الجليلة. وانه مريد الذي يختار ما يشاء. لما فيها من التخصيصات والمزايا. وانه وحده الذي يستحق ان يعبد ويوحد لانه المنفرد بالخلق. فيجب ان يفرد بالعبادة. فكل هذه ادلة عقلية نبه الله العقول اليها وامرها بالتفكر واستخراج العبرة منها. وكذلك في اختلاف السنتكم والوانكم. على كثرتكم وتباينكم مع ان الاصل واحد ومخارج الحروف واحدة. ومع ذلك لا تجد صوتين متفقين من كل وجه. ولا لونين متشابهين من كل وجه. الا وتجد ومن الفرق بين ذلك ما به يحصل التمييز. وهذا دال على كمال قدرته ونفوذ مشيئته. ومن عنايته بعباده ورحمته بهم. ان ذلك الاختلاف لان لا يقع التشابه فيحصل الاضطراب. ويفوت كثير من المقاصد والمطالب ان في ذلك لآيات لقوم اي سماع تدبر وتعقل للمعاني والايات في ذلك. ان ذلك دليل على رحمة الله تعالى. كما قال ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه. ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وعلى تمام حكمته حكمته اقتضت سكون الخلق في وقت ليستريحوا به ويستجموا وانتشارهم في وقت. لمصالحهم الدينية والدنيوية. ولا يتم ذلك الا بتعاقب الليل والنهار عليهم. والمنفرد بذلك هو المستحق للعبادة. ومن اياته يريكم البرق اي ومن اياته ان ينزل عليكم المطر الذي لتحيا به البلاد والعباد ويريكم قبل نزوله مقدماته من الرعد والبرق الذي يخاف ويطمع فيه ان في ذلك لايات دالة على عموم احسانه وسعة علمه وكمال اتقانه وعظيمه حكمته وانه يحيي الموتى كما احيا الارض بعد موتها. لقوم يعقلون. اي لهم عقول تعقل بها ما تسمعه. وتراه وتحفظه وتستدل به على ما جعل دليلا عليه اي ومن اياته العظيمة ان قامت السماوات والارض واستقرتا وثبتتا بامره فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الارض. فقدرته العظيمة التي بها امسك السماوات والارض ان تزول يقدر بها انه اذا دعا الخلق دعوة من الارض اذا هم يخرجون لخلق السماوات والارض اكبر من خلقك الق الناس وله من في السماوات والارض الكل خلقه ومماليكه المتصرف فيه من غير منازع ولا معاون ولا معارض. وكلهم قانتون لجلاله خاضعون لكماله هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه. وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اي الاعادة للخلق بعد موتهم اهون عليه من ابتداء خلقهم. وهذا بالنسبة الى الاذهان والعقول. فاذا كان قادرا على الابتداء الذي تقرون به كانت قدرته على الاعادة التي اهون اولى واولى. ولما ذكر من الايات العظيمة ما به يعتبر المعتبر ويتذكر المؤمنون ويتبصر المهتدون. ذكر الامر العظيم والمطلب الكبير. فقال السماوات والارض وهو العزيز. وهو كل صفة كمال والكمال من تلك الصفة والمحبة والانابة التامة الكاملة في قلوب عباده المخلصين. والذكر الجليل والعبادة منهم. فالمثل الاعلى وصفه الاعلى وما ترتب عليه. ولهذا كان اهل العلم يستعملون في حق الباري قياس الاولى. فيقولون كل صفة كمال في المخلوقات فخالقها احق بالاتصاف بها. على وجه لا يشاركه فيها احد. وكل نقص في المخلوق ينزه عنه. فتنزيه الخالق عنه من باب اولى واحرى. اي له العزة الكاملة والحكمة الواسعة فعزته اوجد بها المخلوقات واظهر المأمورات وحكمته اتقن بها ما صنعه واحسن فيها ما شرعه سواء كذلك نحصن الايات لقوم يعقل هذا مثل ضربه الله لقبح الشرك وتهجينه. مثلا من انفسكم لا يحتاج الى حل وترحال واعمال الجمال هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم؟ اي هل احد من عبيدكم وامائكم الارقاء؟ يشارككم في رزقكم رون انكم وهم فيه على حد سواء. اي كالاحرار الشركاء في الحقيقة الذين يخاف من قسمه واختصاص كل شيء بحاله. ليس الامر كذلك فانه ليس احد مما ملكت ايمانكم شريكا لكم فيما رزقكم الله تعالى. هذا ولستم الذين خلقتموهم ورزقتموهم. وهم ايضا مماليك مثلكم. فكيف ترضون ان تجعلوا لله شريكا من خلقه وتجعلونه بمنزلته وعديلا له في العبادة. وانتم لا ترضون مساواة مماليككم لكم. هذا من اعجب الاشياء ومن ادل شيء على سفه من اتخذ شريكا مع الله وان ما اتخذه باطن مضمحل ليس مساويا لله ولا له من العبادة شيء كذلك نفصل الايات بتوضيحها بامثلتها لقوم يعقلون الحقائق اويعرفون واما من لا يعقل فلو فصلت له الايات وبينت له البينات لم يكن له عقل يبصر به ما تبين ولا لب يعقل به ما توضح فاهل العقول والالباب هم الذين يساق اليهم الكلام ويوجه الخطاب. واذا علم من هذا المثال ان من اتخذ من الله شريكا يعبده ويتوكل عليه في اموره. فانه ليس معه من الحق شيء. فما الذي اوجب لهم الاقدام على امر باطل؟ توضح لهم بطلانه وظهر برهانه. لقد اوجب لهم ذلك اتباع الهوى. فلهذا قال بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغير علم هويت انفسهم الناقصة التي ظهر من نقصانها ما تعلق به هواها امر يجزم العقل بفساده والفطر برنده بغير علم دلهم عليه ولا برهان قادهم اليه. اي لا تعجبوا من عدم هدايتهم فان الله تعالى اضلهم بظلمهم. ولا طريق لهداية من اضل الله. لانه ليس احد معارضا لله او منازعا له في ملكه وما لهم من ناصرين ينصرونهم حين تحق عليهم كلمة العذاب. وتنقطع بهم والاسباب