المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثامن والستون والمائتان الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه انه كان يسير على جمل فاعيا فاراد ان يسيبه فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فدعا لي وضربه فسار سيرا لم يسر مثله فقال بعنيه باوقية قلت لا ثم قال بعنيه تبعته باوقية واستثنيت حملانه الى اهلي فلما بلغت اتيته بالجمل فنقدني ثمنه ثم رجعت فارسل في اثري فقال اتراني ما كستك لاخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر انه كان يسير على جمل فاعي اي تعب ومن شدة هزاله وتعبه اراد ان يسيبه ان يتركه لانه لا يسوى شيئا وقد عجز عن السير قوله فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يحتمل انه لما انقطع رجع اليه ويحتمل وهو الظاهر انه لحقه وكان خلفه لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان عادته يسير خلف الركب ليركب المنقطع ويزجي الضعيف قوله فدعا لي وضربه اي انه فعل السبب المعنوي وهو الدعاء والسبب الحسي وهو ضربه قوله فسار سيرا لم يسر مثله الى اخره وكان بالاول عاجزا عن المشي منقطعا ففيه الاية العظيمة والمعجزة الباهرة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا كضرب موسى البحر والحجر بعصاه وقوله فقال بعنيه باوقية الى اخره اراد جبر خاطره ولكنه رضي الله عنه طمع فيه لما رأى سيره فقال لا ثم قال بعنيه الى اخره والاوقية تقدم انها اربعون درهما فلما بلغت اي وصل الى اهله اتاه به فنقده الثمن فلما رجع ارسل في اثره فقال اتراني اي اتظنني ما كستك اي كاسرتك لاخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك واستنبط العلماء من هذا الحديث احكاما كثيرة منها ما دل عليه بصريحه ولفظه ومنها ما دل عليه بفحواه فمن ذلك ان فيه المعجزة العظيمة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما تقدم والفائدة في معرفة اياته ومعجزاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم انها تقوي الايمان ولهذا كان اذا رآه وصلى الله عليه وعلى اله وسلم من اياته شيئا قال اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله فنشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ومن ذلك رحمته العظيمة صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومنها بركة يده وحسن خلقه وتواضعه ومنها انه يجوز للامام البيع والشراء مع رعيته ولم تكن هذه عادة لازمة له صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل انما يفعل ذلك في بعض الجزئيات والا فقد تقدم انه قال وجعل رزقي تحت ظل رمحي ومنها انه لا بأس بالمماكسة وهي المكاسرة في البيع والشراء ومنها ان امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا لم يكن على وجه الحتم فلا يلزم ولهذا لما علم ان قوله بعنيه ليس امرا لازما قال لا ولو كان لازما في مثل هذه الحال لحرم معارضته ولزم اتباعه ولو اراد اخذه مجانا لم يجز له منعه لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولى بالمؤمنين من انفسهم ولكن هذا كقوله لبريرة ارجعي الى مغيث او كما قال فقالت اتأمرني بذلك فقال لا وانما اشير عليك فقالت لا حاجة لي به فلم يكن هذا مخالفة لامره وفيه انه لا بأس باشتراط النفع المعلوم اذا باع شيئا واستنبطوا من هذا الحديث قاعدة ذكرها الامام ابن رجب رحمه الله في القواعد فقال يجوز للانسان نقل الملك في شيء واستثناء نفعه المعلوم مدة معلومة وهذا يعم كل شيء ونقل الملك يعم البيع والاجارة والهبة والعتق وغير ذلك ويستثنى من ذلك نقل الملك في الامة واستثناء منفعة البضع فلا يجوز استثناؤ هذه المنفعة خاصة لانه لا يحل البضع الا بالزوجية او بملك اليمين ويصح عتق الامة وجعل عتقها صداقها ولا يحتاج الى عقد وكذلك اذا عتق رقيقه واستثنى خدمته مدة حياته فيصح مع جهل المدة لانه يجوز في التبرع ما لا يجوز في المعاوضة فيعفى عن هذا في التبرع