انه يزيد في قوته شيئا فشيئا حتى بلغ سن الشباب واستوت قوته وكملت قواه الظاهرة والباطنة ثم انتقل من هذا الطور ورجع دعا الى الضعف والشيبة والهرم. يخلق ما يشاء لهم وفرح واستبشار فاهتزت وربت وانبتت من كل زوج كريم ما يحيي الارض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى. ان ذلك الذي احيا الارض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير فقدرته تعالى لا يتعصى عليها شيء. وان تعصى على قدر خلقه ودق عن افهامهم وحارت فيه عقولهم ولئن ارسلنا ريحا فرأوهم اصفرا لظلوا من بعده يكفرون. يخبر تعالى عن حال المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ولعلكم تشكرون. اي ومن الدالة على رحمته وبعثه الموتى وانه الاله المعبود والملك المحمود ان يرسل الرياح امام المطر مبشرات اثارتها للسحاب. ثم جمعها فتبشر بذلك النفوس قبل نزوله. وليذيقكم من رحمته. فينزل عليكم من رحمته مطرا تحيا به البلاد والعباد وتذوقون من رحمته ما تعرفون ان رحمته هي المنقذة للعباد. والجالبة لارزاقهم. فتشتاقون الى الاكثار من الاعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة ولعلكم تشكرون. ولتجري الفلك في البحر بامره القدري. ولتبتغوا من فضله بالتصرف في معايشكم ومصالحكم فيكم ولعلكم تشكرون. ولعلكم تشكرون من سخر لكم الاسباب وسير لكم الامور. فهذا المقصود من النعم ان تقابل بشكر الله تعالى ليزيدكم الله منها. ويبقيها عليكم. واما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي. فهذه حال من بدل نعمة الله كفرا ونعمته محنة. وهو معرض لها للزوال. والانتقال منه الى غيره بالبينات حقا علينا نصر المؤمنين اي ولقد ارسلنا من قبلك في الامم السابقين رسلا الى قومهم حين جحدوا توحيد الله وكذبوا بالحق. فجائتهم رسلهم يدعونهم الى التوحيد الاخلاص والتصديق بالحق وبطلان ما هم عليه من الكفر والضلال. وجاءوهم بالبينات والادلة على ذلك. فلم يؤمنوا ولم يزولوا عن فانتقمنا من الذين اجرموا ونصرنا المؤمنين اتباع الرسل اي اوجبنا ذلك على انفسنا وجعلناه من جملة الحقوق المتعينة ووعدناهم به فلابد من وقوعه فانتم ايها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ان بقيتم على تكذيبكم حلت بكم العقوبة ونصرناه عليكم يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في كيف يشاء كيف يشاء ويجعله فترى الودق يخرج من خلاله. يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام نعمته. انه يرسل الرياح تثير سحابا من الارض فيبسطه في السماء اي يمده ويوسعه كيف يشاء اي على اية حالة ارادها من ذلك ثم اجعلوا اي ذلك السحاب الواسع كسفا اي سحابا ثخينا. قد طبق بعضه فوق بعض اي السحاب نقطا صغارا متفرقة لا تنزل جميعا فتفسد ما اتت عليه من عباده اذا هم يستبشرون. فاذا اصاب به المطر من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون. يبشر بعضهم بعضا بنزوله. وذلك لشدة حاجتهم وضرورتهم اليه ولهذا قال اي ايسين قانطين لتأخر وقت مجيئه. اي فلما نزل في تلك الحال صار له موقع عظيم الخلق وانه مع هذه النعم عليهم باحياء الارض بعد موتها ونشر رحمة الله تعالى لو ارسلنا على هذا النبات الناشئ يعني المطر وعلى زروعهم ريحا مضرة متلفة او منقصة فرأوه مصفرا التداعى الى التلف فينسون النعم الماضية ويبادرون الى الكفر. وهؤلاء لا ينفع فيهم وعظ ولا زجر فانك لا اتسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وبالاولى. فان الموانع قد توفرت فيهم عن الانقياد السماع النافع كتوفر هذه الموانع المذكورة عن سماع الصوت الحسي لانهم لا يقبلون الابصار بسبب عماهم. فليس منهم قابلية له فهؤلاء الذين ينفع فيهم اسماع الهدى المؤمنون باياتنا بقلوبهم القادمون لاوامرنا المسلمون لنا لان معهم الداعي القوي لقبول النصائح والمواعظ وهو استعدادهم للايمان بكل اية من ايات الله واستعدادهم لتنفيذ ما يقدرون عليه من اوامر الله ونواهيه ثم اجعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا شيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير. يخبر تعالى عن سعة علمه اقتداره وكمال حكمته. ابتدأ خلق الادميين من ضعف. وهو الاطوار الاول من خلقه. من نطفة الى علقة الى مضغة. الى من صار حيوانا في الارحام الى ان ولد وهو في سن الطفولية. وهو اذ ذاك في غاية الضعف. وعدم القوة والقدرة. ثم ما زال الله وبحسب حكمته ومن حكمته ان يري العبد ضعفه. وان قوته محفوفة بضعفين. وانه ليس له من نفسه الا النقص. ولو تقوية الله له لما وصل الى قوة وقدرة ولو استمرت قوته في الزيادة لطغى وبغى وعتى. وليعلم العباد كما كقدرة الله التي لا تزال مستمرة يخلق بها الاشياء ويدبر بها الامور. ولا يلحقها اعياء ولا ضعف ولا نقص. بوجه من وجوه ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة يخبر تعالى عن يوم القيامة وسرعة مجيئه. وانه اذا قامت الساعة يقسم المجرمون بالله انهم ما لبثوا في الدنيا الا ساعة وذلك اعتذار منهم لعله ينفعهم العذر واستقصار لمدة الدنيا. ولما كان قولهم كذبا لا حقيقة له. قال تعالى اي ما زالوا هم في الدنيا يؤفكون عن الحقائق ويأتفكون الكذب ففي الدنيا كذبوا الحق الذي جاءتهم به المرسلون وفي الاخرة انكروا الامر المحسوس. وهو اللبس الطويل في الدنيا فهذا خلقهم القبيح عبد يبعث على ما مات عليه الى يوم البعث. وقال الذين اوتوا العلم والايمان اي من الله عليهم بهما. وصارا وصفا لهم العلم بالحق. والايمان تلزم ايثار الحق واذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم ان يكون قوله مطابقا للواقع مناسبا لاحوالهم فلهذا قال قالوا الحق. لقد لبثتم في كتاب الله اي في قضائه وقدره الذي كتبه الله عليكم وفي حكمه الى يوم البعث اي عمرتم عمرا يتذكر فيه المتذكر ويتدبر فيه المتدبر ويعتبر فيه المعتبر حتى صار البعث ووصلتم الى هذه الحال فلذلك انكرتموه في الدنيا وانكرتم اقامتكم في الدنيا وقتا تتمكنون فيه من الانابة والتوبة. فلم يزل الجهل شيء شعاركم واثاره من التكذيب والخسار دثاركم فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم. فان كذبوا وزعموا انهم ما قامت عليهم الحجة او ما تمكنوا من الايمان ظهر كذبهم بشهادة اهل العلم والايمان. وشهادة جلودهم وايديهم وارجلهم. وان طلبوا اعذار وانهم يردون ولا يعودون لما نهوا عنه. لم يمكنوا فانه فات وقت الاعذار. فلا تقبل معذرتهم اي يزال عتبهم والعتاب عنهم اي ولقد ضربنا لاجل عنايتنا ورحمتنا ولطفنا وحسن تعليمنا للناس في هذا القرآن من كل مثل تتضح به الحقائق وتعرف به الامور وتنقطع به الحجة وهذا عام في الامثال التي يضربها الله في تقريب الامور معقولة بالمحسوسة وفي الاخبار بما سيكون وجلاء حقيقته حتى كأنه وقع ومنه في هذا الموضع ذكر الله تعالى ما يكون يوم القيامة وحالة المجرمين فيه وشدة اسفهم. وانه لا يقبل منهم عذر ولا عتاب. ولكن ابى الظالمون الكافرون الا معاندة الحق الواضح. ولهذا قال ولئن جئتهم باية ليقولن الذين كفروا ولئن جئتهم باية اي اية تدل على صحة ما جئت به اي قالوا للحق انه باطل وهذا من كفرهم وجراءتهم وطبع الله على قلوبهم وجهلهم المفرط. ولهذا قال الذين لا يعلمون. فلا يدخلها خير ولا تدرك الاشياء على حقيقتها. بل ترى الحق باطلا والباطل حقا حين لا يوقنون فاصبر على ما امرت به وعلى دعوتهم الى الله ولو رأيت منهم اعرافا فلا يصدن كذلك ان وعد الله حق لا شك فيه. وهذا مما يعين على الصبر. فان العبد اذا علم ان عمله غير طائع بل سيجده كاملا. هان عليه ما يلقاه من المكاره. ويسر عليه كل عسير. واستقل من عمله كل كثير ايستخفنك الذين لا يوقنون اي قد ضعف ايمانهم وقل يقينهم فخفت لذلك احلامهم وقل صبرهم. فاياك ان يستخفنك هؤلاء فانك ان لم تجعلهم منك على بال ومنهم والا استخفوك وحملوك على عدم الثبات على الاوامر والنواهي. والنفس تساعدهم على هذا وتطلب التشبه والموافقة وهذا مما يدل على ان كل مؤمن موقن رزين العقل يسهل عليه الصبر. وكل ضعيف اليقين ضعيف العقل خفيفه اول بمنزلة اللب والاخر بمنزلة القشور. فالله المستعان