المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل السادس والعشرون الاسلام مستقل كامل في عباداته ومعاملاته ونظمه كلها. قال الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. وهذا يشمل الكمال من من كل وجه. وقال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. اي اكمل واتم واصلح من العقائد والاخلاق والاعمال والعبادات والمعاملات والاحكام الشرعية والاحكام العمومية. وقال تعالى ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. وهذا يشمل جميع ما حكم به. وانه احسن الاحكام واكملها واصلحها للعباد يسلمها من الخلل والتناقض ومن الشر والفساد الى غير ذلك من الايات البينات العامة والخاصة. اما عقائد هذا الدين واخلاقه ادابه ومعاملاته وقد بلغت من الكمال والحسن والنفع والصلاح الذي لا سبيل الى الصلاح بغيره مبلغا لا يتمكن عاقل من الريب فيه ومن قال سوى ذلك فقد قدح بعقله وبين سفهه ومكابرته للضرورات. وكذلك احكامه السياسية ونظمه الحكمية والمالية مع اهله ومع غيرهم فانها نهاية الكمال والاحكام والسير في صلاح البشر كلهم بحيث يجزم كل عارف منصف انه لا وسيلة قاضي البشر من الشرور الواقعة والتي ستقع الا باللجوء اليه والاستظلال بظله الظليل المحتوي على العدل والرحمة والخير المتنوع للبشر المانع من الشر وليس مستمدا من نظم الخلق وقوانينهم الناقصة الضئيلة ولا حاجة به الى موافقة شيء منها بل هي في اشد الضرورات الى الاستمداد منه فانه تنزيل العزيز العليم الحكيم العالم باحوال العباد ظاهرها وباطنها وما يصلحها يدفعها وما يفسدها ويضرها وهو ارحم بهم من ابائهم وامهاتهم واعلم بامورهم. فشرع لهم شرعا كاملا مستقلا في اصوله وفروعه اذا عرفوه وفهموه وطبقوا احكامه على الواقع صلحت امورهم فانه كفيل بكل خير. ومتى اردت معرفة ذلك؟ فانظر الى احكام حكما حكما بسياسة الحكم والمال والحقوق والدماء والحدود وجميع الروابط بين الخلق تجدها هي الغاية التي لو اجتمعت عقول الخلق على ان يقترحوا احسن منها او مثلها تعذر عليهم واستحال. وبهذا وشبهه نعرف غلط من يريد نصر الاسلام بتقريب نظمه الى النظم التي جرت عليها الحكومات ذات القوانين والنظم الموضوعة فانها هي التي تتقوى وتقوى اذا وافقته في بعض نظمها. واما الاسلام فانه غني عنها مستقل باحكامه لا يضطر الى شيء منها ولو فرض موافقته لها في بعض الامور. فهذا من المصادفات التي لابد منها وهو غني عنها في حال موافقتها او مخالفتها. فعلى من اراد ان يشرح الدين ويبين اوصافه ان يبحث فيه بحثا مستقلا يربطه بغيره او يعتز بغيره فان هذا نقص في معرفته وفي الطريق التي يبصر بها. وقد ابتلي بهذا كثير من العصريين بنية صالحة ولكنهم مغرورون مغترون بزخارف المدينة الغربية التي بنيت على تحكيم المادة وفصلها عن الدين. فعادت الى ضد مقصودها الدين ولم تصلح لهم الدنيا ولم يستطيعوا ان يعيشوا عيشة هنيئة ولا يحيوا حياة طيبة. ولله عواقب الامور. اما الاسلام فقد ساوى بين البشر في كل الحقوق فليس فيه تعصب نسب ولا عنصر ولا قطر ولا غيرها. بل جعل اقصاهم وادناهم في الحق سواء وامر الحكام بالعدل التام على كل احد في كل شيء. وامر المحكومين بالطاعة التي يتم بها التعاون والتكافل. وامر الجميع بالشورى التي كي تستبينوا بها الامور وتتضح فيها الاشياء النافعة فتؤثر والضارة فتترك