المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة السادسة والعشرون. الاصل ان الايات ان الايات التي فيها قيود لا تثبت احكامها الا بوجود تلك القيود. الا في ايات يسيرة وهذه قاعدة لطيفة فانه ما ترتب الله في كتابه حكما على شيء وقيده بقيد او شرط لذلك او شرط لذلك شرطا تعلق الحكم به على ذلك الوصف الذي وصفه الله تعالى. وهذا في القرآن لا حصر له. وانما المقصود ذكر المستثنى من هذا الاصل الذي يقول كثير من المفسرين اذا تكلموا عليها هذا هذا قيد غير مراد. وفي هذه العبارة نظر فان كل لفظة في كتاب الله. فان الله ارادها وفيها قد تظهر للمتكلم وقد تخفى. وانما مرادهم بقولهم غير مراد. ثبوت الحكم بها. فاعلم ان الله تعالى يذكر الاحكام الشرعية اصول وفروع. ويذكر اعلى حالة يبرزها منها لعباده ليظهر لهم حسنها. ان كانت مأمورا بها وقبحها ان كانت منهيا عنها. وعند تأمل هذه الايات التي بهذا الصدد يظهر لنا منها عيانا فمنها قوله تعالى ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به. ومن المعلوم ان من دعا مع الله الها اخر فانه كافر وانه ليس له برهان. وانما قيدها الله بهذا القيد بيانا لشناعة الشرك والمشرك. وان الشرك قطعا ليس له دليل شرعي ولا عقلي. والمشرك ليس بيده ما ما يسوغ له من ذلك شيئا. ففائدة هذا القيد التشنيع التشنيع البليغ على المشركين بالمعاندة ومخالفة براهين الشرعية والعقلية. وانه ليس بايديهم الا اغراض نفسية ومقاصد سيئة. وانهم لو التفتوا ادنى التفات لعرفوا ان ما هم عليه لا يستجيزه له لا يستجيزه من له ادنى ايمان ولا معقول. ومنها قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم نسائكم اللاتي دخلتم بهن. مع ان كونها في حجره او في غير حجره ليس شرطا لتحريمها. فانها تحرم مطلقا ولكن ذكر الله هذا القيد تشنيعا لهذه الحالة وانه من القبيح اباحة الربيبة التي هي في حجر الانسان بمنزلة بنته آآ ذكر الله فذكر الله المسألة متجلية بثياب قبحها لينفر عنها ذوي الالباب. مع ان التحريم لم لم يعلق بمثل هذه الحالة لم يعلق بمثل هذه الحالة. فالانثى اما ان تكون مباحة مطلقا او محرمة مطلقا. سواء كانت عند الانسان ام لا كحالة بقية النساء المحللات والمحرمات ومنها قوله تعالى ولا تقتلوا اولادكم من املاق وخشية املاق مع انه من المعلوم النهي عن قتل الاولاد. في هذه وغيرها فالفائدة في ذكر هذه الحالة انها حالة جامعة للشر كله كونه قتلا بغير حق وقتل من جبلت النفوس على شدة الشفقة التي لا نظير لها عليه. وكون ذلك صادرا عن التسخط لقدر الهي واساءة الظن بالله. فهم تبرموا بالفقر. هذا التبرم واساءوا ظنونهم بربهم. حيث ظنوا انهم ان ابقوهم زاد واشتدت ضرورتهم. فصار الامر بالعكس فانه اذا كان منهيا عن قتلهم في هذه الحالة. التي دفعهم اليها خشية الافتقار او حدوثه. ففي غير هذه هذا من باب اولى واحرى. وايضا ففي هذا بيان للحالة الموجودة فغالبا النبي صلى الله عليه وسلم فانهم انما سألوه عن قصر العدد فقط فاجابهم بان الرخصة فيه عامة في كل الاحوال وهذا تقرير مليح للاية غير مخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيتعين الاخذ به عندهم فالتعرض لذكر الاسباب الموجودة للحادثة يكون اجلى واوضح للمسائل واما قوله تعالى في الرجعة وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا فمن العلماء من قال انه من هذا النوع وانه يستحق ردها سواء اراد الاصلاح او لم يرده. فيكون ذكر هذا القيد حثا له على لزوم ما امر الله به من قصد الاصلاح. وتحريما لردها على وجه المضارة. وان كان يملك ردها كقوله تعالى فامسكوهن بمعروف او سرحوهن معروف. ومن العلماء من جعل هذا القيد على الاصل العام. وان الزوج لا يستحق رجعة زوجته في عدتها الا اذا قصد الاصلاح. فاما اذا ضد ذلك فلا حق له في رجعتها وهذا هو الصواب. ومنها قوله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاذبا فرهان مقبوضا مع ان الرهن يصح حظرا وسفرا. ففائدة هذا القيد ان الله ذكر اعلى الحالات واشد الحاجات للرعد. وهي هذه الحالة في السفر والكاتب مفقود والرهن مقصود فاحوج ما يكون لما يحتاج الانسان للرهن في هذه الحالة. التي تعذرت فيها التوثيقات الا بالرهن بالرهن المقبوظ. وكما قاله الناس في السفر فكذلك على الصحيح في قيده بالقبض. وان قبضه ليس شرطا لصحته وانما ذلك للاحتياط وزيادة الاستيثاق ذلك فقد الكاتب ومنها قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان مما ترضون من الشهداء. مع ان الحق يثبت بالرجل والمرأتين. ولو مع وجود الرجلين لكن ذكر الله اكمل حالات حالة يحصل بها الحفظ للحقوق. دليل على ان النبي صلى الله عليه وسلم قام بالشاهد الواحد مع اليمين والاية ليس فيها ذلك آآ لهذه الحكمة وهو ان الاية ارشد الله فيها عباده الى اعلى حالة بها حقوقهم لتمام راحتهم وحسم اختلافهم ونزاعهم. واما قوله تعالى فذكر ان نفعت الذكرى فانه فانها من اصل القاعدة. ويظن بعض الناس هذا من هذا النوع. وانه يجب التذكير نفعت او لم تنفع. لكن هذا غلط. فنفع الذكرى اذا كان يحصل بها الخير او بعضه او يزول بها الشر كله او بعضه. فاما اذا كان ظرر التذكير اعظم من نفعه فانه منهي عنه في هذه الحال. كما نهى الله عن سب الهة المشركين اذا كان وسيلة لسب الله وكما نهى عن الامر بالمعروف اذا كان يترتب على ذلك شرا اكبر او فوات خير اكثر من الخير الذي يؤمر به وكذلك النهي عن المنكر اذا ترتب عليه ما هو اعظم منه شررا شرا وظررا. فالتذكير في هذه الحال غير مأمول به بل منهي عنه وكل هذا من تفصيل قوله تعالى ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة فعلم ان هذا قيد مراد ثبوت الحكم بثبوته. وانتفاء الحكم لانتفائه. والله اعلم. ومنها قوله تعالى ويقتل النبيين بغير حق. مع انه لا يقع قتلهم الا بغير حق. فهذا نظير ما ذكره في الشرك. وان هذا تشنيع لهذه الحالة التي لا شبهة لصاحبها. بل صاحبها اعظم الناس جرما واشدهم اساءة. واما قوله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق. فليست من هذا النوع انما هي من النوع الاول الذي هو الاصل والحق الذي قيده الله به جاء مفسرا. في قوله صلى الله عليه وسلم النفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة ومنها قوله تعالى وان كنتم مرضى وعلى سفر سفر او جاء احد منكم من الغائط. او لامستم النساء فلم تجدوا ما مع ان فقد الماء ليس من شرطه وجود السفر. فانه اذا فقد جاز التيمم حظرا وسفرا. لكن ذكر السفر بيان للحالة الغالبة الموجودة التي يفقد فيها الماء. اما الحذر فانه يندر فيه عدم الماء. ومن هذا السبب فاظن بعض العلماء ان السفر وحده مبيح للتيمم. وان كان الماء موجودا وهذا في غاية الضعف وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه ان آآ والمسلمين مخالف بهذا القول ومن ذلك قوله تعالى واذا ضربتم في الارض فليسوا عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة. ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا. مع ان الخوف ليس بشرط لصحة القصر ومشروعيته بالاتفاق ولما اورد هذا اورد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم قال في جوابه صدقة تصدقت طيب الله بها عليكم فاقبلوا صدقته يعني وصدقة الله واحسانه في كل زمان ومكان لا تقيد بخوف ولا غيره. ومن العلماء من قال ان هذا القيد من القسم الاول وان القصر التام وهو قصر العدد وقصر الاركان والهيئات شرطه اجتماع السفر والخوف كما في الاية. فان وجد الخوف وحده لم يقصر عدد الصلاة وانما تقصر هيئاتها وصفاتها. وان وجد السفر وحده لم تقصر هيئاتها وشروطها وانما يقصر عددها. ولا ينادي هذا كلاما