اغتسل يوما ووضع ثوبه على حجر. ففر الحجر بثوبه فاهوى موسى عليه السلام في طلبه. فمر به على مجالس بني اسرائيل. فرأوه واحسن خلق الله فزال عنه ما رموه به المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا. اي يستخبرك الناس عن الساعة استعجالا لها. وبعضهم تكذيبا لوقوعها وتعجيزا للذي اخبر بها قل لهم انما علمها عند الله اي لا يعلمها الا الله. فليس لي ولا لغيري بها علم. ومع هذا لا تستبطئوها. ومجرد مجيء الساعة قربا وبعدا. ليس تحته نتيجة ولا فائدة. وانما النتيجة والخسار والربح والشقاء والسعادة. هل يستحق العبد العذاب او يستحق الثواب؟ فهذه ساخبرها بها واصف لكم مستحقها. فوصف مستحق العذاب ووصف العذاب. لان الوصف المذكور منطبق على هؤلاء المكذبين بالساعة قال ان الله لعن الكافرين اي الذين صار الكفر دأبهم وطريقتهم الكفر بالله برسله وبما جاءوا به من عند الله. فابعدهم في الدنيا والاخرة من رحمته. وكفى بذلك عقابا. واعد لهم سعيرا. اي نارا موقدة تسعر في اجسامهم ويبلغ العذاب الى افئدتهم ويخلدون في ذلك العذاب الشديد. فلا يخرجون منه ولا يفتر عنهم ساعة ولا يجدون لهم وليا فيعطيهم ما طلبوه. ولا نصيرا يدفع عنهم العذاب بل تخلى عنهم الولي والنصير واحاط بهم عذاب السعير وبلغ منهم مبلغا عظيما. ولهذا قال يقولون يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول يوم تقلب وجوههم في النار. فيذوقون حرها ويشتد عليهم امرها. ويتحسرون على ما اسلفوا قال يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول. فسلمنا من هذا العذاب واستحققنا كالمطيعين جزيلا الثواب ولكن امنية فات وقتها فلم تفدهم الا حسرة وندما وهما وغما والما سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا. وقالوا ربنا انا اطعنا سادتنا وكبرائنا وقلدناهم على ضلالهم فاضلونا السبيل. كقوله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني. ولما علموا انهم هم وكبراءهم مستحقون للعقاب. ارادوا ان يشتفوا ممن اضلوهم. فقالوا والعنهم لعنا كبيرا. فيقول الله لكل ظعف فكلكم اشتركتم في الكفر والمعاصي فتشتركون في العقاب. وان تفاوت عذاب بعضكم على بعض بحسب تفاوت الجرم ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين اذوا موسى فبرأه الله مما يحذر تعالى عباده المؤمنين عن اذية رسولهم محمد صلى الله عليه وسلم النبي الكريم الرؤوف الرحيم. فيقابلوه بضد ما يجب له من الاكرام والاحترام. والا يتشبهوا بحال الذين اذوا موسى ابن عمران الرحمن فبرأه الله مما قالوا من الاذية. اي اظهر الله لهم براءته. والحال انه عليه الصلاة والسلام ليس محل التهمة والاذية فانه كان وجيها عند الله مقربا لديه. من خواص المرسلين ومن عباده المخلصين. فلم يزجرهم ما له من الفضائل عن اذيته والتعرض له بما يكره فاحذروا ايها المؤمنون ان تتشبهوا بهم في ذلك. والاذية المشار اليها هي قول بني اسرائيل لموسى لما رأوا شدة حيائه عنهم انه ما يمنعه من ذلك الا انه ادر. اي كبير الخصيتين واشتهر ذلك عندهم. فاراد الله ان يبرئه منهم يأمر تعالى المؤمنين بتقواه في جميع احوالهم في السر والعلانية. ويخص منها ويندب للقول السديد. وهو القول الموافق او المقارب له عند تعذر اليقين من قراءة وذكر وامر بمعروف ونهي عن منكر وتعلم علم وتعليم والحرص على اصابة في المسائل العلمية وسلوك كل طريق موصل لذلك. وكل وسيلة تعين عليه. ومن القول السديد لين الكلام ولطفه في مخاطبة الانام والقول المتضمن للنصح والاشارة بما هو الاصلح. ثم ذكر ما يترتب على تقواه. وقول القول السديد فقال اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فاز فوزا عظيما. يصلح لكم اعمالكم ان يكون ذلك سببا لصلاحها وطريقا لقبولها. لان استعمال التقوى تتقبل به الاعمال كما قال تعالى انما يتقبل الله من المتقين. ويوفق فيه الانسان للعمل الصالح. ويصلح الله الاعمال ايضا بحفظه عما يفسدها وحفظ ثوابها ومضاعفته. كما ان الاخلال بالتقوى والقول السديد سبب لفساد الاعمال وعدم قبولها. وعدم باثارها عليها ويغفر لكم ايضا ذنوبكم. التي هي السبب في هلاككم. فالتقوى تستقيم بها الامور. ويندفع بها كل محظور ولهذا قال ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها يعظم تعالى شأن امانة التي ائتمن الله عليها المكلفين التي هي امتثال الاوامر واجتناب المحارم. في حال السر والخفية كحال العلانية. وانه تعالى عرضها على من المخلوقات العظيمة السماوات والارض والجبال. عرض تخيير لا تحطيم. وانك ان قمت بها واديتها على وجهها فلك الثواب لم تقومي بها ولم تؤديها فعليك العقاب. فابين ان يحملنها واشفقن منها. اي خوفا الا يقمن بما حملن. لا عصيان لربهن ولا زهدا في ثوابه وعرضها الله على الانسان على ذلك الشرط المذكور فقبلها وحملها مع ظلمه وجهله وحمل هذا الحمل الثقيل قسم الناس بحسب قيامهم بها وعدمه الى ثلاثة اقسام. منافقون اظهروا انهم قاموا بها ظاهرا لا باطنا. ومشركون تركوها ظاهرا وباطنا ومؤمنون قاموا بها ظاهرا وباطنا. فذكر الله تعالى اعمال هذه الاقسام الثلاثة وما لهم من الثواب والعقاب. فقال ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات فله الحمد تعالى حيث ختم هذه الاية بهذين الاسمين الكريمين الدالين على تمام مغفرة الله وسعة رحمته وعموم جوده. مع ان المحكوم عليهم كثير منهم لم يستحق المغفرة والرحمة وشركه