المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحادي والثمانون والمائتان الحديث السابع عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما انه قال تصدق علي ابي ببعض ماله فقالت امي عمرة بنت رواحة لا ارضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افعلت هذا بولدك كلهم قال لا قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم قال فرجع ابي فرد تلك الصدقة وفي لفظ قال الا تشهدني اذا فاني لا اشهد على جور وفي لفظ فاشهد على هذا غيري رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث النعمان ابن بشير تصدق علي ابي ببعض ماله ولعله مال جسيم بدليل قوله فقالت امي عمرة بنت رواحة اي اخت عبدالله بن رواحة لا ارضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي انه اكمل لثبوتها فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليشهده على صدقتي فكان ذلك خيرا لهم وللامة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افعلت هذا بولدك كلهم قال لا لانه ظن انه لا يجب عليه ان يسوي بينهم في العطية قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم الى اخره ففيه انه يجب عليه ان يسوي بين اولاده في العطية لان هذا هو العدل ولانه كما ورد في قوله اتحب ان يكونوا لك في البر سواء الى اخره اي ان العدل سبب لبرهم والحيف سبب التحاسد والعقوق ولهذا فعل اخوة يوسف ما قص الله تعالى بسبب ان يعقوب قدم يوسف واخاه عليهم في المحبة كما قال تعالى عنهم ليوسف واخوه احب الى ابينا منا ونحن عصبة الى اخر ما ذكر عنهم ويغلط كثير من الناس ويظن ان سبب ما فعلوه ان يوسف قص عليهم رؤياه فحسدوه وفعلوا ما فعلوا وهذا المعنى وان كان قد ذكره بعض المفسرين فهو غلط مخالف لصريح الاية فانه قال يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك الاية ويقينا انه امتثل امر ابيه ولم يقص رؤياه على اخوته وايضا فان قوله عنهم ليوسف واخوه احب الى ابينا منا الاية صريح في ان هذا هو الحامل لهم على ما فعلوا ولهذا قالوا اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخلو لكم وجه ابيكم اي انه الان مشتغل عنكم بيوسف فاذا قتلتموه خلالكم وجه ابيكم ففي ترجيح بعض الاولاد على بعض سبب للعداوة والحسد بين الاولاد كما هو مشاهد فاذا كان يجب عليه العدل فيما يعطيهم من ما له فوجوب العدل فيما يأخذه منهم اولى واختلف العلماء فيما اذا فضل احدهم لفقره وغنى الباقين او لتفرغه لطلب العلم او لكونه ضريرا او زمنا ونحوه فقيل انه لا يجوز والصحيح انه يجوز لانه لم يفضله الا لهذا المعنى الذي قام به وايضا فان اولاده يعذرون ولا يكون في خواطرهم من ذلك شيء ولا يجوز ان يفضل بعضهم لبره اياه لان هذا لا يوجب التفضيل وقوله فاشهد على هذا غيري ليس هذا اقرارا منه بل هذا على سبيل التهديد كقوله تعالى اعملوا ما شئتم وكقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وهذا كثير في كلام العرب واختلف العلماء هل تنفذ هذه العطية التي فيها جور ام لا الصحيح انها لا تنفذ فلو مات قبل ردها فهي ميراث من جملة ماله لقوله عليه الصلاة والسلام من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد ولقوله فاني لا اشهد على جور ومحال ان يصحح الجور ويقال بجوازه وكان السلف يعتنون بهذا حتى ان بعضهم يحب العدل بين اولاده في القبلة فاذا قبل احدهم قبل الاخر لئلا يكون في نفسه شيء