المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة السابعة والعشرون. المحترازات في القرآن تقع في كل المواضع في اشد الحاجة اليها. وهذه القاعدة جليلة النفع عظيمة الواقع وذلك ان كل ان كل وضع يسوق الله فيه حكما من الاحكام او خبرا من الاخبار. فيتشوف الذهن فيه الى شيء اخر الا وجدت الله قد قرن به ذلك الامر الذي يعلق في الاذهان في بينه احسن بيان. وهذا اعلى انواع التعليم. الذي لا يبقي اشكالا الا ازاله ولا احتمالا الا اوضحه. وهذا يدل على سعة علم الله وحكمته وذلك في القرآن كثير جدا. ولنذكر بعض امثلة توضح وهذه القاعدة وتحسن للداخل الدخول اليها. فمن ذلك قوله تعالى انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها. لما خصها بالذكر. ربما وقع في بعض الاذهان تخصيص ربوبيته بها. ازالها بقوله وله كل شيء. ومنها قوله تعالى فلا تكفي مرية مما يعبد هؤلاء. لما كان قد يقع في الذهن انهم على حجة وبرهان فابان بقوله ما يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل. انهم ضلال اقتدوا بمثلهم ثم لما كان قد يتوهم المتوهم انهم في طمأنينة من قوله من قولهم وعلى يقين من مذهبهم ولربما توهم ايضا انه الاليق الا تبسط لهم الدنيا احترز من ذلك بقوله وانا لموفوهم نصيبهم غير منقوص. الى قوله وانهم لفي شك منه مريب. ولما قال تعالى فلا يستوي القاعدون من المؤمنين. ربما يظن الظان انهم لا يستوون مع القاعدين ولو كانوا معذورين. ازال هذا الوهم بقوله غير اولي الضرر وكذلك لما قال تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل. اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا. ربما توهم احد ان ليس لهم عند الله مقام ولا مرتبة فازال هنا الوهم بقوله وكلا وعد الله الحسنى. ثم لما كان ربما يتوهم ان هذا الاجر يستحق بمجرد العمل المذكور ولو خلا من الاخلاص ازال هذا الوهم بقوله والله بما تعملون خبير. ومنها قوله تعالى وكان في المدينة تسعة رهط يفسد في الارض. ربما وقع في الذهن انهم يفسدون وقد يصلحون. ازال هذا بقوله ولا يصلحون. اي لا خير فيهم اصلا مع شرهم العظيم. ومنها انه قال في عدة مواضع ولا تسمع الصم الدعاء. ربما يتوهم احد انهم وان لم يسمعوا فانهم يفهمون الاشارة. ازاد هذا الاحتمال بقوله اذا ولوا مدبرين. فهذه حالة لا تقبل سماعا ولا رؤية لتحصل الاشارة وهذه نهاية الاعراض. ومنها قوله تعالى ولكن الله يهدي من يشاء. ربما توهم احدنا ان هدايته جزافا من غير سبب ازال هذا بقوله وهو اعلم بالمهتدين. اي بمن يصلح للهداية لزكائه وخيره ممن ليس كذلك. فابانا ان هدايته تابعة لحكمته التي هي وضع الاشياء مواضعها. ومن كان حسن الفهم يرى من هذا النوع شيئا كثيرا