رقبة مؤمنة كما قيدت في اية اخرى ذكر او انثى بشرط ان تكون سالمة من العيوب المضرة بالعمل. من قبل ان اساء ان يلزم الزوج ان يترك وطأ زوجته التي ظهر منها حتى يكفر برقبة حيوك بما لم يحييك به الله ويقولون في انفسهم لولا ويقولون في انفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم حسبهم جهنم يصلون فبئس المصير. يا ايها الذين امنوا اذا تناجيتكم فلا تتناجوا المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير. نزلت هذه الايات الكريمات في في رجل من الانصار اشتكته زوجته الى الله وجادلته الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمها على نفسه بعد الصحبة الطويلة والاولاد وكان هو رجلا شيخا كبيرا. فشكت حالها وحاله الى الله والى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكررت ذلك وابدت فيه واعادت. فقال تعالى اه والله يسمع تحاوركما اي تخاطبكما فيما بينكما. ان الله سميع لجميع الاصوات في جميع الاوقات على تفنن الحاجات بصير يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء. وهذا اخمار عن كمال سمعه وبصره واحاطتهما بالامور الدقيقة والجليلة. وفي ضمن ذلك الاشارة بان الله تعالى سيزيل شكواها ويرفع بلواها. ولهذا ذكر حكمها وحكم غيرها على وجه العموم. فقال المظاهرة من الزوجة ان يقول الرجل لزوجته انت علي كظهر امي او غيرها من محارمه. او انت علي حرام وكان المعتاد عندهم في هذا اللفظ الظهر. ولهذا سماه الله فقال الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم. اي كيف يتكلمون بهذا الكلام الذي يعلم انه لا حقيقة له فيشبهون ازواجهم بامهاتهم اللاتي ولدنهم. ولهذا عظم الله امره وقبحه. فقال اي قولا شنيعا. وزورا اي كذبا. وان الله لعفو غفور عن من صدر منه بعض المخالفات فتداركها بالتوبة النصوح فيعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسى ذلكم توعظون به والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا اختلف العلماء في معنى العود معناه العزم على جماع من ظهر منها. وانه بمجرد عزمه تجب عليه الكفارة المذكورة. ويدل على هذا ان الله تعالى ذكر في انها تكون قبل المسيس. وذلك انما يكون بمجرد العزم. وقيل معناه حقيقة الوطء. ويدل على ذلك ان الله قال ثم يعودون لما قالوا والذي قالوا انما هو الوطء. وعلى كل من القولين فاذا وجد العود صار كفارة هذا التحريم. تحرير ذلكم الحكم الذي ذكرناه لكم. توعظون به اي يبين لكم حكمه مع الترهيب المقرون به. لان معنى الوعظ ذكر الحكم مع الترغيب والترهيب. فالذي يريد ان يظاهر اذا ذكر انه يجب عليه عتق رقبة كف نفسه عنه. والله بما تعملون خبير فيجازي كل عامل بعمله والله وللكافرين عذاب اليم. فمن لم يجد رقبة يعتقها بان لم يجدها او لم يجد ثمنها. فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل ان يتماسى. فمن لم يستطع الصيام فاطعام ستين مسكينا. اما بان يطعمهم من قوت بلدهما يكفي كما هو قول كثير من المفسرين واما بان يطعم كل مسكين مد بر او نصف صاع من غيره مما يجزي في الفطرة كما هو قول طائفة اخرى ذلك الحكم الذي بيناه لكم ووضحناه لكم لتؤمنوا بالله ورسوله. وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الاحكام عملي به فان التزام احكام الله والعمل بها من الايمان. بل هي المقصودة ومما يزيد به الايمان ويكمل وينمو. وتلك حدود الله وللكافرين عذاب اليم. وتلك حدود الله التي تمنع من الوقوع فيها. فيجب الا تتعدى ولا يقصر وللكافرين عذاب اليم. وفي هذه الايات عدة احكام منها لطف الله بعباده واعتناؤه بهم. حيث ذكر شكوى هذه المرأة المصابة وازالها ورفع عنها البلوى. بل رفع البلوى بحكمه العام لكل من ابتلي بمثل هذه القضية. ومنها ان الظهار مختص تحريم الزوجة لان الله قال من نسائهم فلو حرم امته لم يكن ذلك ظهارا بل هو من جنس تحريم الطعام والشراب تجب فيه اليمين فقط ومنها انه لا يصح الظهار من امرأة قبل ان يتزوجها لانها لا تدخل في نسائه وقت الظهار كما لا يصح طلاقها سواء نجز ذلك او علقه. ومنها ان الظهار محرم. لان الله سماه منكرا من القول وزورا. ومنها تنبيه الله على وجه حكمي وحكمته لان الله تعالى قال ما هن امهاتهم. ومنها انه يكره للرجل ان ينادي زوجته ويسميها باسم محارمه كقوله يا امي يا اختي ونحوه. لان ذلك يشبه المحرم. ومنها ان الكفارة انما تجب بالعود لما قال ظاهر على اختلاف القولين السابقين لا بمجرد الظهار. ومنها انه يجزئ في كفارة الرقبة الصغير والكبير والذكر والانثى لاطلاق الاية في ذلك. ومنها انه يجب اخراجها ان كانت عتقا او صياما قبل المسيس. كما قيده الله بخلاف كفارة الاطعام فانه يجوز المسيس والوطء في اثنائها. ومنها انه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس. ان ذلك ادعى لاخراجها فانه اذا اشتاق الى الجماع وعلم انه لا يمكن من ذلك الا بعد الكفارة بادر لاخراجها. ومنها انه لا بد من اطعام ستين مسكينا فلو جمع طعام ستين مسكينا ودفعها لواحد او اكثر من ذلك دون الستين. لم يجز ذلك لان الله قال فاطعام ستين مسكينا الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين محادة الله ورسوله وخالفتهما ومعصيتهما خصوصا في الامور الفظيعة كمحادة الله ورسوله بالكفر ومعاداة اولياء الله وقوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم اي اذلوا واهينوا كما فعل بمن قبلهم جزاء وفاقا. وليس لهم حجة على الله فان الله قد قامت حجته البالغة على الخلق. وقد انزل من الايات البينات والبراهين ما يبين الحقائق ويوضح المقاصد فمن اتبعها وعمل عليها فهو من المهتدين الفائزين. وللكافرين بها عذاب مهين. اي يهينهم ويذلهم. كما تكبروا من ايات الله اهانهم واذلهم. فينبئهم بما عملوا احصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد. يقول الله تعالى يوم يبعث الله الخلق الجميع فيقومون من اجداثهم سريعا فيجازيهم باعمالهم. فينبئهم بما عملوا من خير وشر. لانه علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ وامر الملائكة الكرام الحفظة بكتابته. هذا والعاملون قد نسوا ما عملوه. والله احصى ذلك. والله على كل شيء بالظواهر والسرائر والخبايا والخفايا في الارض ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا اذن من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا. ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شيء عليم. ولهذا اخبر عن سعة علمه واحاطته بما في السماوات والارض من دقيق وجليل. وانه ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم. ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى ما من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا. والمراد بهذه المعية معية العلم والاحاطة بما تناجوا به واسروه فيما بينهم لهذا قال ثم قال تعالى بالاثم والعدوان ومعصية وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله واتقوا الله الذي اليه تحشرون. النجوى هي التناجي بين اثنين فاكثر. وقد تكون في الخير وتكون في الشر. فامر تعالى المؤمنين ان يتناجوا بالبر. وهو اسم جامع لكل خير وطاعة. وقيام بحق لله ولعباده. والتقوى وهي هنا اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم. فالمؤمن يمتثل هذا الامر الالهي. فلا تجده مناديا ومتحدثا الا بما من الله ويباعده من سخطه. والفاجر يتهاون بامر الله ويناجي بالاثم والعدوان ومعصية الرسول. كالمنافقين الذين دأبهم وحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم. قال تعالى واذا جاءوك حيوك بما لم يحييك به الله اي يسيئون الادب معك في تحية لك. ويقولون في انفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم ويقولون في انفسهم اي يسرون في انفسهم ما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم. وهو قولهم لولا يعذبنا الله بما نقول. ومع ذلك انهم يتهاونون بذلك ويستدلون بعدم تعجيل العقوبة عليهم ان ما يقولون غير محذور. قال تعالى في بيان انه ولا يهمل حسبهم جهنم يصلون اي تكفيهم جهنم التي جمعت كل شقاء وعذاب عليها تحيط بهم ويعذبون بها فبئس المصير. وهؤلاء المذكورون اما اناس من المنافقين يظهرون الايمان ويخاطبون ان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب الذي يوهمون انهم ارادوا به خيرا وهم كذبة في ذلك واما اناس من اهل الكتاب الذين اذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا السام عليك يا محمد يعنون بذلك الموت شيطان يحزن الذين امنوا وليس بضالهم شيئا وليس بضارهم يقول تعالى ان من اي تناجي اعداء المؤمنين بالمؤمنين بالمكر والخديعة وطلب السوء من الشيطان الذي كيده ضعيف ومكره غير مفيد يحزن الذين امنوا هذا غاية هذا المكر ومقصوده. وليس بضارهم شيئا الا باذن الله. فان الله تعالى وعد المؤمنين بالكفاية على الاعداء. وقال تعالى ولا يحق المكر السيء الا باهله. فاعداء الله ورسوله والمؤمنين. مهما تناجوا ومكروا فان قرر ذلك عائد الى انفسهم ولا يضر المؤمنين الا شيء قدره الله وقضاه. وعلى الله فليتوكل المؤمنون اي ليعتمدوا عليه يثقوا بوعده فان من توكل على الله كفاه وتولى امر دينه ودنياه. يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسروا استحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم. واذا قيل يرفع الذين امنوا منكم يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم والله بما تعملون خبير هذا تأديب من من الله لعباده المؤمنين اذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم واحتاج بعضهم او بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس. فان من الادب ان يفسحوا له تحصينا لهذا المقصود. وليس ذلك بضار للجالس شيئا. فيحصل مقصود اخيه من غير ضرر يلحقه هو. والجزاء من جنس العمل فان من فسح فسح الله له ومن وسع لاخيه وسع الله عليه. واذا قيل انشزوا اي ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم تعرض فانشزوا اي فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة. فان القيام بمثل هذه الامور من العلم والايمان. والله تعالى يرفع اهل العلم والايمان ثمان درجات بحسب ما خصهم الله به من العلم والايمان فيجازي كل عامل بعمله ان خيرا فخير وان شرا فشر. وفي هذه الاية فضيلة العلم وان زينته وثمرته الدب بادابه والعمل بمقتضاه. يا ايها الذين امنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة. ذلك خير لكم واطهر. فان لم تجدوا فان الله غفور رحيم. يأ تعالى المؤمنين بالصدقة امام مناجاة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تأديبا لهم وتعليما وتعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم فان هذا التعظيم خير للمؤمنين واطهر. اي بذلك يكثر خيركم واجركم. وتحصل لكم الطهارة من الادناس. التي من جملتها ترك احترام صلى الله عليه وسلم والادب معه بكثرة المناجاة التي لا ثمرة تحتها فانه اذا امر بالصدقة بين مناجاته صار هذا ميزانا لمن انا حريصا على الخير والعلم. فلا يبالي بالصدقة. ومن لم يكن له حرص ولا رغبة في الخير. وانما مقصوده مجرد كثرة الكلام. فينكف بذلك عن الذي يشق على الرسول هذا في الواجد للصدقة. واما الذي لا يجد الصدقة فان الله لم يضيق عليه الامر. بل عفا عنه وسامحه واباح له المناجاة اتى بدون تقديم صدقة لا يقدر عليها وتاب الله عليكم فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الله ورسوله. والله خبير بما تعملون. ثم لما رأى تبارك وتعالى شفقة المؤمنين ومشقة الصدقات عليهم عند كل مناجاة. سهل الامر عليهم ولم يؤاخذهم بترك الصدقة بين يدي المناجاة. وبقي التعظيم للرسول والاحترام بحاله لم ينسخ. لان هذا الحكم من باب المشروع لغيره. ليس مقصودا لنفسه وانما المقصود هو الادب مع الرسول والاكرام له. وامرهم تعالى ان يقوموا بالمأمورات الكبار المقصودة بنفسها. فقال وتاب الله عليكم فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الله ورسوله. فاذ لم تفعل الو اي لم يهن عليكم تقديم الصدقة. ولا يكفي هذا فانه ليس من شرط الامر ان يكون هينا على العبد. ولهذا قيده بقوله وتاب الله عليه اي عفا لكم عن ذلك فاقيموا الصلاة باركانها وشروطها وجميع حدودها ولوازمها واتوا الزكاة المفروضة في اموالهم الى مستحقيها وهاتان العبادتان هما ام العبادات البدنية والمالية. فمن قام بهما على الوجه الشرعي فقد قام بحقوقه الله وحقوق عباده. ولهذا قال بعده واطيعوا الله ورسوله. وهذا اشمل ما يكون من الاوامر. ويدخل في ذلك طاعة الله وطاعة رسوله بامتثال اوامرهما واجتناب نواهيهما وتصديق ما اخبرا به والوقوف عند حدود الله والعبرة في ذلك على الاخلاص والاحسان ولهذا قال والله خبير بما تعملون. فيعلم تعالى اعمالهم وعلى اي وجه صدرت فيجازيهم على حسب علمه بما في صدورهم منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون. اعد الله لهم عذابين شديدا اما كانوا يعملون. يخبر تعالى عن شناعة حال المنافقين الذين يتولون الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم. ممن غضب الله عليهم ونالوا من لعنة الله اوفى نصيب. وانهم ليسوا من المؤمنين ولا من الكافرين. مذبذبين بين ذلك. لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء فليسوا مؤمنين ظاهرا وباطنا. لان باطنهم مع الكفار ولا مع الكفار ظاهرا وباطنا. لان ظاهرهم مع المؤمنين وهذا وصفهم الذي نعتهم الله به. والحال انهم يحلفون على ضده الذي هو الكذب. فيحلفون انهم مؤمنون. وهم يعلمون انهم ليسوا مؤمنين فجزاء هؤلاء الخونة الفجرة الكذبة ان الله اعد لهم عذابا شديدا لا يقادر قدره ولا يعلم وصفه حيث عملوا بما يسخط الله ويوجب عليهم العقوبة واللعنة اتخذوا ايمانهم جنة اي ترسا ووقاية يتقون انتبه من لوم الله ورسوله والمؤمنين. فبسبب ذلك صدوا انفسهم وغيرهم عن سبيل الله. وهي الصراط الذي من سلكه افضى به الى جنات النعيم ومن صد عنه فليس الا الصراط الموصل الى الجحيم. حيث استكبروا عن الايمان بالله والانقياد لاياته بالعذاب السرمدي. الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون. لن تغني عنهم اموالهم ولا اولاد اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. لن تغني عنهم اموالهم ثم لا اولادهم من الله شيئا فلا تدفعوا عنهم شيئا من العذاب ولا تحصلوا لهم قسطا من الثواب اولئك اصحاب النار الملازمون لها الذين لا يخرجون منها وهم فيها خالدون بعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم. فيحلفون له كما يحلفون لكم ثم يحسبون انهم على شيء الا انهم هم الكاذبون. ومن عاش على شيء مات عليه كما ان المنافقين في الدنيا فكما ان المنافقين في الدنيا يموهون على المؤمنين ويحلفون لهم انهم مؤمنون. فاذا كان يوم القيامة الله جميعا. حلفوا لله كما حلفوا للمؤمنين. ويحسبون في حلفهم هذا انهم على شيء. لان كفرهم ونفاقهم وعقائدهم الباطلة لم تزل ترسخ في اذهانهم شيئا فشيئا. حتى غرتهم وظنوا انهم على شيء يعتد به. ويعلق عليه الثواب وهم كاذبون في ذلك. ومن معلوم ان الكذب لا يروج على عالم الغيب والشهادة اه اولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون. وهذا الذي جرى عليه من احواذ الشيطان الذي استولى عليهم وزين لهم اعمالهم وانساهم ذكر الله وهو العدو المبين الذي لا يريد بهم الا الشر. انما يدعو ليكونوا من اصحاب السعير اولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون الذين خسروا دينهم ودنياهم وانفسهم واهليهم. ان الذين الله فرسوله اولئك في الاذلين. كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز. هذا وعد ووعيد. وعيد لمن حاد الله ورسوله بالكفر والمعاصي. انه مخذول مدلول لا عاقبة له حميدة ولا راية له من صورة. ووعد لمن امن به وبرسله واتبع ما جاء به المرسلون. فصار من حزب الله المفلحين ان لهم الفتح والنصر والغلبة في الدنيا والاخرة. وهذا وعد لا يخلف ولا يغير. فانه من الصادق القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء يريده. لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر وادون من الله ورسوله ولو كانوا ابائهم. ولو كانوا واباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتبهم في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه. ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهاء ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون. يقول تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله اي لا يجتمع هذا وهذا. فلا يكون العبد مؤمنا الله واليوم الاخر حقيقة الا كان عاملا على مقتضى الايمان ولوازمه من محبة من قام بالايمان وموالاته وبغض من لم يقم به ومعاداته ولو كان اقرب الناس اليه وهذا هو الايمان على الحقيقة الذي وجدت ثمرته والمقصود منه. واهل هذا الوصف اولئك هم الذين كتب الله في قلوبهم الايمان اي رسمه وثبته غرسه غرسا. لا يتزلزل ولا تؤثر فيه الشبه والشكوك. وهم الذين قواهم الله بروح منه. اي بوحيه ومعونته ومدده الالهي واحسانه الرباني. وهم الذين لهم الحياة الطيبة في هذه الدار. ولهم جنات النعيم في دار القرار. التي فيها كل ما تشتهيه والتلذ الاعين وتختار. ولهم اكبر النعيم وافضله. وهو ان الله يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم ابدا. ويرضون عن ربهم بما يعطي فيه من انواع الكرامات ووافر المثوبات وجزيل الهبات ورفيع الدرجات. بحيث لا يرون فوق ما اعطاهم مولاهم غاية ولا فوقه نهاية واما من يزعم انه يؤمن بالله واليوم الاخر. وهو مع ذلك مواد لاعداء الله. محب لمن ترك الايمان وراء ظهره. فان هذا ايمان زعمي لا حقيقة له فان كل امر لا بد له من برهان يصدقه. فمجرد الدعوى لا تفيد شيئا ولا يصدق صاحبها بسم الله الرحمن الرحيم. سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر. هذه السورة تسمى سورة بني النضير وهم طائفة كبيرة من اليهود في جانب المدينة. وقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم هاجر الى المدينة كفروا به في جملة من كفر من اليهود. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة هادن سائر طوائف اليهود الذين هم جيرانه في المدينة. فلما كان بعد وقعة بدر بستة اشهر او نحوها. خرج اليهم النبي صلى الله عليه وسلم. وكلمهم ان يعينوه الكلابيين الذين قتلهم عمرو بن امية الضمري فقالوا نفعل يا ابا القاسم اجلس ها هنا حتى نقضي حاجتك فخلى بعضهم هم ببعض وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم. فتآمروا بقتله صلى الله عليه وسلم. وقالوا ايكم يأخذ هذه يصعد فيلقيها على رأسه يشتخه بها. فقال اشقاهم عمرو بن جحاش انا. فقال لهم سلام بن مشكم لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم به. وانه لينقض العهد الذي بيننا وبينه. وجاء الوحي على الفور اليه من ربه بما هموا به تناهض مسرعا فتوجه الى المدينة ولحقه اصحابه. فقالوا نهضت ولم نشعر بك. فاخبرهم بما همت يهود به. وبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها وقد اجلتكم عشرا. فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنق فاقاموا اياما يتجهزون وارسل اليهم المنافق عبدالله ابن ابي ابن سلول الا تخرجوا من دياركم فان معي الفين يدخلون معكم حصنكم فيموتون دونكم وتنصركم قريظة وحلفاؤكم من غطفان. وطمع رئيسهم حيي بن اخطب فيما قال له. وبعث الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك. فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ونهضوا اليهم وعلي ابن ابي طالب يحمل اللواء. فاقاموا على حصونهم يرمون بالنبل والحجارة. واعتزلتهم قريظة وخانهم ابن ابي وحلفاؤهم من غطفان حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع نخلهم وحرق فارسلوا اليه نحن نخرج من المدينة فانزلهم على ان يخرجوا منها بنفوسهم وذراريهم. وان لهم ما حملت ابلهم الا السلاح. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال او السلاح وكانت بنو النضير خالصة لرسوله صلى الله عليه وسلم لنوائبه ومصالح المسلمين. ولم يخمسها. لان الله افاءها عليه ولم يوجف المسلمون عليها بخير ولا ركاب واجلاهم الى خيبر وفيهم حيي بن اخطب كبيرهم واستولى على ارضهم وديارهم السلاح فوجد من السلاح خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاث مئة واربعين سيفا. هذا حاصل قصتهم كما ذكرها اهل السير سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم. فافتتحت على هذه السورة بالاخبار ان جميع من في السماوات والارض تسبح بحمد ربها وتنزهه عما لا يليق بجلاله وتعبده وتخضع لجلاله. لانه العزيز قد قهر كل شيء فلا يمتنع عليه شيء ولا يستعصي عليه مستعصي. الحكيم في خلقه وامره فلا يخلق شيئا عبثا ولا ما لا مصلحة فيه ولا يفعل الا ما هو مقتضى حكمته. ومن ذلك نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم على الذين كفروا من اهل الكتاب هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر من بني النضير حين غدروا برسوله فاخرجهم من ديارهم واوطانهم التي الفوها او احبوها وكان اخراجهم منها اول حشر وجلاء كتبه الله عليهم. على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فجلوا الى خيبر ودلت الاية الكريمة ان لهم حشرا وجلاء غير هذا. فقد وقع حين اجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر. ثم عمر رضي الله عنه اخرج بقيتهم منها ما ظننتم ايها المسلمون ان يخرجوا من ديارهم لحصانتها ومنعتها وعزهم فيها. وظنوا انهم مانع حصونهم من الله فاعجبوا بها وغرتهم. وحسبوا انهم لا ينالون بها ولا يقدر عليها احد. وقدر الله تعالى وراء ذلك كله ولا تغني عنه الحصون والقلاع ولا تجدي فيه القوة والدفاع. ولهذا قال فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. اي من الامر والباب الذي لم يخطر ببالهم ان يؤتوا منه. وهو انه وتعالى قذف في قلوبهم الرعب. وهو الخوف الشديد الذي هو جند الله الاكبر. الذي لا ينفع معه عدد ولا عدة ولا قوة ولا شدة فالامر الذي يحتسبونه ويظنون ان الخلل يدخل عليهم منه ان دخل. هو الحصون التي تحصنوا بها. واطمأنت نفوسهم اليها من وثق بغير الله فهو مخذول. ومن ركن الى غير الله فهو عليه وبال. فاتاهم امر سماوي نزل على قلوبهم. التي هي محل الثبات والصبر او الخور والضعف. فازال الله قوتها وشدتها واورثها ضعفا وخورا وجبنا. لا حيلة لهم ولا منعة معه. فصار ذلك عونا عليهم ولهذا قال الابصار وذلك انهم صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ان لهما حملت الابل. فنقضوا لذلك كثيرا من سقوفهم التي استحسنوها وسلطوا المؤمنين بسبب بغيهم على اخراب ديارهم وهدم حصونهم. فهم الذي جنوا على انفسهم وصاروا من اكبر عون عليها اي البصائر النافذة والعقول الكاملة فان في هذا معتبرا يعرف به صنع الله تعالى في المعاندين للحق. المتبعين لاهوائهم الذين لم تنفعهم عزتهم. ولا منعتهم قوتهم ولا حصنتهم حصونهم حين جاءهم امر الله ووصل اليهم النكال بذنوبهم. والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فان هذه الاية تدل على الامر بالاعتبار وهو اعتبار النظير بنظيره. وقياس الشيء على مثله. والتفكر فيما تضمنته الاحكام من المعاني والحكم التي هي محل العقل والفكرة. وبذلك يزداد العقل وتتنور البصيرة ويزداد الايمان. ويحصل الفهم الحقيقي آآ ثم اخبر تعالى ان هؤلاء اليهود لم يصبهم جميع ما يستحقون من العقوبة. وان الله خفف عنهم. فلولا انه كتب عليهم الجلاء الذي اصابهم وقضاه عليهم وقدره قدره الذي لا يبدل ولا يغير. لكان لهم شأن اخر من عذاب الدنيا ونكالها. ولكنهم وان فاتهم العذاب الشديد الدنيوي فان لهم في الاخرة عذاب النار. الذي لا يمكن ان يعلم شدته الا الله تعالى. فلا يخطر ببالهم ان عقوبتهم قد انقضت وفرغت. ولم فلهم منها بقية فما اعد الله لهم من العذاب في الاخرة اعظم واطم الله ورسوله ومن الله شديد العقاب. وذلك لانهم شاقوا الله ورسوله وعادوهما وحاربوهما وسعوا في معصيتهما. وهذه عادته وسنته فيمن شاقه قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فباذن الله وليخز ولما لام بنو النظير رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين في قطع النخيل والاشجار وزعموا ان ذلك من وتوصلوا بذلك الى الطعن بالمسلمين. اخبر تعالى ان قطع النخيل ان قطعوه او ابقاءهم اياه ان ابقوه انه باذنه تعالى وامره حيث سلطكم على قطع نخلهم وتحريقها ليكون ذلك نكالا لهم وخزيا في الدنيا وذلا يعرف به عجزهم التام. الذي ما قدروا على استنقاذ نخلهم الذي هو مادة قوتهم. واللينة اسم يشمل سائر النخيل على اصح الاحتمالات واولاها فهذه حال بني النضير. وكيف عاقبهم الله في الدنيا؟ ثم ذكر من انتقلت اليه اموالهم وامتعتهم فقال وما الله على رسوله منهم فما اوجهتم عليه من خير ولا ريب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء. والله وما افاء الله على رسوله منهم اي من اهل هذه القرية وهم بنو النضير انكم يا معشر المسلمين ما اوجفتم اي اجلبتم واسرعتم وحشدتم عليه من خيل ولا ركاب. اي لم تتعبوا بتحصيلها. لا بانفسكم ولا بمواشيكم بل قذف الله في قلوبهم الرعب فاتتكم صفوا عفوا ولهذا قال سلط رسله على من يشاء. والله على كل شيء قدير ومن تمام قدرته انه لا يمتنع منهم ممتنع ولا يتعزز من دونه قوي والمساكين وبني السبيل واتقوا الله ان الله شديد العقاب وتعريف الفيء في اصطلاح الفقهاء هو ما اخذ من مال الكفار بحق من غير قتال. كهذا المال الذي فروا وتركوه خوفا من المسلمين وسمي فيأ لانه رجع من الكفار الذين هم غير مستحقين له. الى المسلمين الذين لهم الحق الاوفر فيه. وحكمه العام كما ذكره الله في قوله ما افاء الله على رسوله من اهل القرى عموما سواء افاء الله في وقت رسوله او بعده لمن يتولى من بعده امته. وهذه اية نظير الاية التي في سورة الانفال في قوله واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى المساكين وابن السبيل. فهذا الفيء يقسم خمسة اقسام. خمس لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين العامة. وخمس لذويه في القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب. حيث كانوا يسوى فيه بين ذكورهم واناثهم. وانما دخل بنو المطلب في خمس الخمس مع بني هاشم ولم يدخل بقية بني عبد مناف. لانهم شاركوا بني هاشم في دخولهم الشعب. حين تعاقدت قريش على هجرهم وعداوتهم. فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيرهم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بني عبد المطلب انهم لم يفارقوني في جاهلية ولا اسلام وخمس لفقراء اليتامى وهم من لا اب له. ولم يبلغ وخمس للمساكين. وسهم لابناء السبيل. وهم غرباء منقطع بهم في غير اوطانهم. وانما قدر الله هذا التقدير وحصر الفيئ في هؤلاء المعنيين لكي لا يكون دولة اي مداولة واختصاصا بين الاغنياء منكم فانه لو لم يقدر لتداولته الاغنياء الاقوياء. ولما حصل لغيره من العاجزين منه شيء. وفي ذلك من الفساد ما لا يعلمه الا الله. كما ان في اتباع امر الله وشرعه من المصالح ما لا يدخل تحت الحصر. ولذلك امر الله بالقاعدة الكلية والاصل العام. فقال ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وهذا شامل لاصول الدين وفروعه. ظاهره وباطنه وان ما جاء به الرسول يتعين على العباد الاخذ به واتباعه. ولا تحل مخالفته. وان نص الرسول على حكم شيء كنص الله تعالى لا رخصة لاحد ولا عذر له في تركه. ولا يجوز تقديم قول احد على قوله. ثم امر بتقواه التي بها عمارة القلوب والارواح والدنيا والاخرة وبها السعادة الدائمة والفوز العظيم. وباضاعتها الشقاء الابدي والعذاب السرمدي. فقال واتقوا الله ان الله شديد العقابه. على من ترك التقوى واثر اتباع الهوى المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا. يبتغون فضلا والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم فلو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم ثم ذكر تعالى الحكمة والسبب الموجب لجعله تعالى الاموال اموال الفيء لمن قدرها له. وانهم حققون بالاغاثة لان تجعل لهم وانهم ما بين مهاجرين قد هجروا المحبوبات والمألوفات من الديار والاوطان. والاحباب والخلان والاموال. رغبة الله ونصرة لدين الله ومحبة لرسول الله. فهؤلاء هم الصادقون الذين عملوا بمقتضى ايمانهم. وصدقوا ايمانهم باعمالهم الصالحة والعبادات الشاقة بخلاف من ادعى الايمان وهو لم يصدقه بالجهاد والهجرة وغيرهما من العبادات. وبين انصار وهم الاوس والخزرج الذين امنوا بالله ورسوله طوعة ومحبة واختيارا واووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنعوه من الاحمر والاسود وتبوؤوا دار الهجرة والايمان. حتى صارت موئلا ومرجعا يرجع اليه المؤمنون. ويلجأ اليه المهاجرون. ويسكن بحماه المسلمون. اذ كانت كلها بلدان حرب وشرك وشر. فلم يزل انصار الدين تأوي الى الانصار. حتى انتشر الاسلام وقوي. وجعل يزيد شيئا فشيئا انمو قليلا قليلا حتى فتحوا القلوب بالعلم والايمان والقرآن والبلدان بالسيف والسنان. الذين من جملة اوصافهم الجميلة انهم يحبون من هاجر اليهم. وهذا لمحبتهم لله ولرسوله. احبوا احبابه واحبوا من نصر دينه اي لا يحسدون المهاجرين على ما اتاهم الله من فضله وخصهم به من الفضائل التي هم اهلها وهذا يدل على سلامة صدورهم. وانتفاء الغل والحقد والحسد عنها. ويدل ذلك على ان المهاجرين افضل من انصار لان الله قدمهم بالذكر واخبر ان الانصار لا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا. فدل على ان الله تعالى اتاهم ما لم يؤتم الانصار ولا غيرهم ولانهم جمعوا بين النصرة والهجرة. وقوله اي ومن اوصاف الانصار التي فاقوا بها غيرهم وتميزوا بها على من سواهم الايثار وهو اكمل انواع الجود وهو الايثار بمحاب النفس من الاموال وغيرها. وبذلها للغير مع الحاجة اليها. بل مع الضرورة والخصاصة. وهذا لا يكون الا من خلق ذكي ومحبة لله تعالى مقدمة على محبة شهوات النفس ولذاتها. ومن ذلك قصة الانصاري الذي نزلت الاية بسببه حين ضيفه بطعامه وطعام اهله واولاده. وباتوا جياعا. والايثار عكس الاثرة. فالايثار محمود. والاثرة مذمومة. لانها من خصال البخ والشح. ومن رزق الايثار فقد وقي شح نفسه. ومن يوق شح نفسه فاولئك ووقاية شح النفس. يشمل وقايتها الشح في جميع ما امر به. فانه اذا وقي العين ابدو شح نفسه سمحت نفسه باوامر الله ورسوله. ففعلها طائعا منقادا منشرحا بها صدره. وسمحت نفسه بتركه ما نهى الله عنه وان كان محبوبا للنفس تدعو اليه وتطلع اليه. وسمحت نفسه ببذل الاموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته. وبذلك يحصل الفلاح هو الفوز بخلاف من لم يوق شح نفسه بل ابتلي بالشح بالخير الذي هو اصل الشر ومادته. فهذان الصنفان الفاضلان الزكيان هم الصحابة الكرام والائمة الاعلام. الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب. ما سبقوا به من بعدهم وادركوا به من قبلهم فصاروا اعيان المؤمنين وسادات المسلمين وقادات المتقين. وحسب من بعدهم من الفضل ان يسير خلفهم ويأتم بهداهم ولهذا ذكر الله من اللاحقين من هو مكتم بهم وسائر خلفهم فقال لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا قلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. والذي حين جاءوا من بعدهم اي من بعد المهاجرين والانصار يقولون على وجه النصح لانفسهم ولسائر المؤمنين ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين. السابقين من الصحابة ومن قبلهم ومن بعدهم. وهذا من فضائل الايمان ان المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض ويدعوا بعضهم لبعض بسبب المشاركة في الايمان المقتضي لعقد الاخوة بين المؤمنين. التي من فروعها ان يدعو وبعضهم لبعض وان يحب بعضهم بعضا. ولهذا ذكر الله في الدعاء نفي الغل عن القلب. الشامل لقليل الغل وكثيره الذي اذا انتفى ثبت ضده وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح. ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين. فوصف الله من بعد الصحابة بالايمان لان قولهم سبقونا بالايمان دليل على المشاركة في الايمان. وانهم تابعون للصحابة في عقائد الايمان واصوله وهم اهل السنة والجماعة الذين لا يصدق هذا الوصف التام الا عليهم. ووصفهم بالاقرار بالذنوب والاستغفار منها. واستغفار بعضهم لبعض واجتهادهم في ازالة الغل والحقد عن قلوبهم لاخوانهم المؤمنين. لان دعاءهم بذلك مستلزم لما ذكرنا. ومتضمن لمحبة بعض بعضا وان يحب احدهم لاخيه ما يحب لنفسه وان ينصح له حاضرا وغائبا حيا وميتا. ودلت الاية الكريمة على ان هذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض. ثم ختموا دعائهم باسمين كريمين دالين على كمال رحمة الله وشدة رأفته واحسانه بهم الذي من جملته بل من اجله توفيقهم للقيام بحقوق الله وحقوق عباده. فهؤلاء الاصناف الثلاثة هم اصناف هذه الامة وهم المستحقون للفيء الذي مصرفه راجع الى مصالح الاسلام. وهؤلاء اهله الذين هم اهله جعلنا الله منهم بمنه وكرمه الم تر الى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن اخرجتم لنخرج جنة معكم ولا نطيع فيكم احدا ابدا. وان قتلتم لننصرنكم والله يشهد اشهد انهم لكاذبون. ثم تعجب تعالى من حال المنافقين. الذين طمعوا اخوانهم من اهل الكتاب. في نصرتهم وموالاتهم على مؤمنين وانهم يقولون لهم لان اخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احدا ابدا. اي لا نطيع في عدم نصرتكم احدا يعدلنا او يخوفنا. والله اشهد انهم لكاذبون في هذا الوعد الذي غروا به اخوانهم. ولا يستكثر هذا عليهم فان الكذب وصفهم والغرور والخداع مقارنهم والنفاق والجبن يصحبهم. ولهذا كذبهم الله بقوله الذي وجد مخبره كما اخبر الله به. ووقع طبق ما قال فقال لان اخرجوا لا يخرجون معهم ولان لا ينصرونهم. ولان نصروهم ليولون ان الادبار ثم لا ينصرون. لان اخرجوا من ديارهم جلاء ونفيا لا يخرجون معهم لمحبتهم للاوطان وعدم صبرهم على القتال وعدم وفائهم بوعدهم. ولئن قوتلوا لا ينصرونهم. بل يستولي عليهم الجبن ويملكهم ويخذلون اخوانهم احوج ما كانوا اليهم ولئن نصروهم على الفرض والتقدير ليولن الادبار ثم لا ينصرون. اي ليحصل منهم الادبار عن القتال النصرة ولا يحصل لهم نصر من الله والسبب الذي اوجب لهم ذلك انكم ايها المؤمنون اشد رهبة في صدورهم من الله فخافوا منكم اعظم مما يخافون الله. وقدموا مخافة المخلوق الذي لا يملك لنفسه ولا غيره نفعا ولا ضرا. على مخافة الخالق الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع. ذلك بانهم قوم لا يفقهون مراتب الامور. ولا يعرفون حقائق الاشياء ولا يتصورون العواقب. وانما الفقه كل الفقه ان يكون خوف الخالق رجاءه ومحبته مقدمة على غيرها. وغيرها تبعا لها تحسبهم لا يقاتلونكم جميع اي في حال الاجتماع الا في قرى محصنة او من وراء جدر اي لا يثبتون لقتالكم ولا يعزمون عليه الا اذا كانوا متحصنين في القرى او من وراء الجدر والاسوار. فانهم اذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع. اعتمادا على حصونهم وجدورهم. لا شجاعة بانفسهم وهذا من اعظم الذنب. اي بأسهم فيما بينهم شديد. لا افة في ابدانهم ولا في قوتهم وانما الافة في ضعف ايمانهم وعدم اجتماع كلمتهم. ولهذا قال تحسبهم جميعا. حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين. ولكن قلوبهم شتى. اي متباغضة متفرقة متشتتة. ذلك الذي اوجب لهم اتصافهم بما ذكر انهم قوم لا يعقلون. اي لا عقل عندهم ولا لب. فانهم لو كانت لهم عقول لاثروا الفاضل على المفضول ولما رضوا لانفسهم قس الخطتين ولكانت كلمتهم مجتمعة وقلوبهم مؤتلفة فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ويتعاونون على مصالحهم الدينية والدنيوية مثل هؤلاء المخذولين من اهل الكتاب. الذين انتصر الله لرسوله منهم. واذاقهم الخزي في الحياة الدنيا. وعدم نصر من وعدهم بالمعاونة ذاقوا وبال امرهم ولهم عذاب اليم كمثل الذين من قبلهم قريبا. وهم كفار قريش الذين زين لهم الشيطان اعمالهم. وقال لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال اني بريء منكم اني ارى ما لا ترون. فغرتهم انفسهم وغرهم من غرهم. الذين لم ينفعوهم ولم يدفعوا عنهم العذاب. حتى اتوا بدرا بفخرهم وخيلائهم. ظانين انهم مدركون برسول الله والمؤمنين امانيهم. فنصر الله رسوله والمؤمنين عليهم. فقتلوا كبارهم وصناديدهم. واسروا من اسروا منهم. وفر انفر وذاقوا بذلك وبال امرهم وعاقبة شركهم وبغيهم. هذا في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب النار. ومثل هؤلاء المنافقين ان الذين غروا اخوانهم من اهل الكتاب اني اخاف الله ربا كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر. اي زين له الكفر وحسنه ودعاه اليه. فلما اغتر به وكفر وحصل له الشقاء لم ينفعه الشيطان الذي تولاه ودعاه الى ما دعاه اليه. بل تبرأ منه وقال اني بريء منك. اني خافوا الله رب العالمين. اي ليس لي قدرة على دفع العذاب عنك. ولست بمغن عنك مثقال ذرة من الخير انهما في النار خالدين فيها وذلك فكان عاقبتهما اي الداعي الذي هو الشيطان والمدعو الذي هو والانسان حين اطاعه انهما في النار خالدين فيها. كما قال تعالى انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. وذلك اجزاء الظالمين الذين اشتركوا في الظلم والكفر. وان اختلفوا في شدة العذاب وقوته. وهذا دأب الشيطان مع كل اولياءه. فانه يدعوهم دليهم الى ما يضرهم بغرور. حتى اذا وقعوا في الشباك وحاقت بهم اسباب الهلاك. تبرأ منهم وتخلى عنهم. واللوم كل اللوم على من اطاعه فان الله قد حذر منه وانذر. واخبر بمقاصده وغايته ونهايته. فالمقدم على طاعته عاص على بصيرة لا عذر له يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون. يأمر تعالى عباده المؤمنين بما الايمان ويقتضيه من لزوم تقواه سرا وعلانية في جميع الاحوال. وان يراعوا ما امرهم الله به من اوامره وشرائعه وحدوده وينظر مالهم وما عليهم وماذا حصلوا عليه من الاعمال التي تنفعهم او تضرهم في يوم القيامة. فانهم اذا جعلوا الاخرة نصب اعينهم وقبلة قلوبهم واهتموا بالمقام لها. اجتهدوا في كثرة الاعمال الموصلة اليها. وتصفيتها من القواطع والعوائق التي توقفهم عن السير. او تعوقهم او اصرفهم واذا علموا ايضا ان الله خبير بما يعملون. لا تخفى عليه اعمالهم ولا تضيع لديه ولا يهملها. اوجب لهم الجد والاجتهاد وهذه الاية الكريمة اصل في محاسبة العبد نفسه. وانه ينبغي له ان يتفقدها. فان رأى زللا تداركه بالاقلاع عنه. والتوبة النصوح والاعراض عن الاسباب الموصلة اليه. وان رأى نفسه مقصرا في امر من اوامر الله بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه واتقانه ويقايس بين منن الله عليه واحسانه وبين تقصيره. فان ذلك يوجب له الحياء بلا محالة. ولا تكونوا كالذين هم الفاسقون والحرمان كل الحرمان ان يغفل العبد عن هذا الامر. ويشابه قوما نسوا الله وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه. واقبلوا على حظوظ انفسهم فلم ينجحوا ولم يحصلوا على طائل. بل انساهم الله مصالح انفسهم واغفلهم عن منافعها وفوائدها. فصار امرهم فرطا فرجعوا بخسارة الدارين وغبنوا غبنا لا يمكنهم تداركه. ولا يجبر كسره. لانهم هم الفاسقون. الذين خرجوا عن طاعة ربهم واوضعوا في معاصيه فهل يستوي من حافظ على تقوى الله ونظر لما قدم لغده؟ فاستحقت جنات النعيم والعيش السليم مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ومن غفل عن ذكر الله ونسي حقوقه. فشقي في الدنيا واستحق العذاب في الاخرة. فالاولون هم الفائزون والاخرون هم الخاسرون انا على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. وتلك ولما بين تعالى لعباده ما بين وامرهم ونهاهم في كتابه العزيز. كان هذا موجبا لان يبادروا الى ما دعاهم اليه وحثهم عليه. ولو كانوا في القسوة وصلابة القلوب كالجبال الرواسي فان هذا القرآن لو انزله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. اي لكمال تأثيره في القلوب. فان مواعظ القرآن الكريم اعظم المواعظ على الاطلاق واوامره ونواهيه محتوية على الحكم والمصالح المقرونة بها. وهي من اسهل شيء على النفوس وايسرها على الابدان خالية من التكلف لا تناقض فيها ولا اختلاف ولا صعوبة فيها ولا اعتساف تصلح لكل زمان ومكان وتليق ولكل احد ثم اخبر تعالى انه يضرب للناس الامثال ويوضح لعباده في كتابه الحلال والحرام لاجل ان يتفكروا في اياته ويتدبروا فان التفكر فيها يفتح للعبد خزائن العلم ويبين له طرق الخير والشر. ويحثه على مكارم الاخلاق ومحاسن الشيم يصدره عن مساوئ الاخلاق فلا انفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هذه الايات الكريمات اشتملت على كثير من اسماء الله الحسنى واوصافه العلا عظيمة الشأن وبديعة البرهان. فاخبر انه الله المأمون المعبود الذي لا اله الا هو وذلك لكماله العظيم واحسانه الشامل وتدبيره العام. وكل اله سواه فانه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة لانه فقير عاجز ناقص لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا. ثم وصف نفسه بعموم العلم الشامل ما غاب عن الخلق وما يشاهدونه. وبعموم رحمته التي وسعت كل شيء ووصلت الى كل حي الهي هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. ثم كرر ذكر عموم الهيته وانفراده بها. وانه المالك لجميع الممالك فالعالم العلوي والسفلي واهله الجميع مماليك لله فقراء مدبرون. القدوس السلام اي المقدس سالم من كل عيب وافة ونقص. المعظم الممجد لان القدوس يدل على التنزيه عن كل نقص. والتعظيم لله في اوصافه وجلاله المؤمن اي المصدق لرسله وانبيائه بما جاءوا به. بالايات البينات والبراهين القاطعات والحجج الواضحات العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع. بل قد قهر كل شيء وخضع له كل شيء. الجبار الذي قهر جميع العباد. والعن له سائر الخلق الذي يجبر الكسير ويغني الفقير. المتكبر الذي له الكبرياء والعظمة. المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور سبحان الله عما يشركون. وهذا تنزيه عام عن كل ما وصفه به من اشرك به وعانده الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما السماوات والارض وهو العزيز الحكيم. هو الله الخالق لجميع المخلوقات البارئ للمبروءات المصور للمصورات وهذه الاسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير. وان ذلك كله قد انفرد الله به لم تشاركه فيه مشارك له الاسماء الحسنى اي له الاسماء الكثيرة جدا التي لا يحصيها ولا يعلمها احد الا الله هو. ومع ذلك فكلها حسنى اي صفات كمال بل تدل على اكمل الصفات واعظمها. لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه. ومن حسنها ان الله يحبها ويحب من يحبها ويحب من عباده ان يدعوه ويسألوه بها. ومن كماله وان له الاسماء الحسنى والصفات العليا ان جميع من في السماوات والارض مفتقرون اليه على الدوام. يسبحون بحمده ويسألونه حوائجهم فيعطيه من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته الذي لا يريد شيئا الا ويكون ولا يكون شيئا الا لحكمة ومصلحة بسم الله الرحمن الرحيم. يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقوه يخرجون الرسول واياكم ومن يفعله منكم ذكر كثير من المفسرين رحمهم الله ان سبب نزول هذه الايات كريمات في قصة حاطب ابن ابي بلتعة حين غزى النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح فكتب حاطب الى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهم. ليتخذ بذلك يدا عندهم لا شكا ونفاقا. وارسله مع امرأة. فاخبر قال النبي صلى الله عليه وسلم بشأنه فارسل الى المرأة قبل وصولها واخذ منها الكتاب وعاتب حاطبا فاعتذر رضي الله عنه بعذر قبله النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الايات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم. والقاء اليهم وان ذلك مناف للايمان. ومخالف لملة ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر وكل الحذر من العدو الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا. وينتهز الفرصة في ايصال الضرر الى عدوه. فقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة وقد بما جاءكم من الحق. يا ايها الذين امنوا اعملوا بمقتضى ايمانكم من ولاية من قام بالايمان ومعاداة من عاداه. فانه عدو لله وعدو للمؤمنين. فلا تتخذوا عدو الله وعدوكم اولياء. تلقون اليهم مودة اي تسارعون في مودتهم وفي السعي باسبابها. فان المودة اذا حصلت تبعتها النصرة والموالاة. فخرج العبد من وصار من جملة اهل الكفران وانفصل عن اهل الايمان. وهذا المتخذ للكافر وليا. عادم المروءة ايضا. فانه كيف يوالي اعداء اعدائه الذي لا يريد له الا الشر. ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير. ويأمره به ويحثه عليه ومما يدعو المؤمن ايضا الى معاداة الكفار انهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق. ولا اعظم من هذه المخالفة والمشاقة. فان هم قد كفروا باصل دينكم وزعموا انكم ضلال على غير هدى. والحال انهم كفروا بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية. ومن رد الحق فمحال ان يوجد له دليل او حجة تدل على صحة قوله. بل مجرد العلم بالحق يدل على بطلان قول من رده وفساده ويعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين المراد بالاميين الذين لا كتاب عندهم ولا اثر رسالة من العرب وغيرهم ممن ليسوا من اهل الكتاب فامتن الله تعالى ومن عداوتهم البليغة انهم يخرجون الرسول واياكم ايها المؤمنون من دياركم ويشردونكم من اوطانكم ولا ذنب لكم في ذلك عندهم الا انكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته لانه رباهم وانعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة. وهو الله تعالى. فلما اعرضوا عن هذا الامر الذي هو اوجب الوجه وقمتم به عادوكم واخرجوكم من اجله من دياركم. فاي دين واي مروءة وعقل. يبقى مع العبد اذا والى الكفار الذين هذا وصفهم في كل زمان او مكان. ولا يمنعهم منه الا خوف او مانع قوي اي ان كان خروجكم مقصودكم به الجهاد في سبيل الله لاعلاء بكلمة الله وابتغاء مرضات الله. فاعملوا بمقتضى هذا من موالاة اولياء الله ومعاداة اعدائه. فان هذا هو الجهاد في سبيله وهو من اعظم ما يتقرب به المتقربون الى ربهم ويبتغون به رضاه بما اخفيتم وما اعلنتم. اي كيف تسرون المودة للكافرين وتخفونها؟ مع علمكم ان الله عالم بما تخفي وما تعلنون فهو وان خفي على المؤمنين فلا يخفى على الله تعالى وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر ومن يفعله منكم اي موالاة الكافرين بعدما حذركم الله منها فقد ضل سواء السبيل. لانه سلك مسلك المخالف للشرع وللعقل والمروءة الانسانية. ثم كان تعالى شدة عداوتهم تهييجا للمؤمنين على عداوتهم وودوا لو تكفرون ان يثقفوكم ان يجدوكم وتسنح لهم الفرصة في اذاكم يكون لكم اعداء ظاهرين ويبسط اليكم ايديهم بالقتل والضرب ونحو ذلك. والسنتهم بالسوء اي بالقول الذي يسوء من شتم وغيره. وودوا لو تكفروا فان هذا غاية ما يريدون منكم لن تنفعكم ارحامكم ولا اولادكم يوم القيامة يوم القيامة يفصل بينكم ما الله بما تعملون بصير. فان احتجتم وقلتم نوالي الكفر صار لاجل القرابة والاموال فلن تغني عنكم اموالكم ولا اولادكم من الله شيئا. والله بما تعملون بصير. فلذلك ترك من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم يعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا واليك انا بنا واليك المصير اه قد كان لكم يا معشر المؤمنين اسوة حسنة. اي قدوة صالحة وائتمام ينفعكم في ابراهيم والذين معه من المؤمنين لانكم قد امرتم ان تتبعوا ملة ابراهيم حنيفا. اذ قالوا لقومهم انا ومما تعبدون من دون الله. اي اذ تبرأ ابراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين. من المشركين ومما يعبدون من دون الله. ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح. فقالوا كفرنا بكم وبدا اي بيننا وبينكم العداوة والبغضاء. اي البغض بالقلوب وزوال مودتها والعداوة بالابدان. وليس لتلك عداوة والبغضاء وقت ولا حد. بل ذلك ابدا. ما دمتم مستمرين على كفركم. حتى تؤمنوا بالله وحده. اي فاذا امنتم لله وحده زالت العداوة والبغضاء وانقلبت مودة وولاية. فلكم ايها المؤمنون اسوة حسنة في ابراهيم ومن معه في القيام بالايمان والتوحيد. والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته. وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده. الا في خصلة واحدة وهي قول ابراهيم لابيه ازر المشرك الكافر المعاند. حين دعاه الى الايمان والتوحيد فامتنع. فقال ابراهيم لاستغفرن لك. والحال اني لا املك لك من الله من شيء. لكني ادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي شقيا ليس لكم ان تقتدوا بابراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك فليس لكم ان تدعوا للمشركين وتقولوا ان في ذلك متبعون ابراهيم فان الله ذكر عذر ابراهيم في ذلك بقوله وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه. فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه. ان ابراهيم لاواه حليم. ولكم اسوة حسنة في ابراهيم ومن معه. حين دعوا الله وتوكلوا عليه وانابوا اليه واعترفوا بالعجز والتقصير. فقالوا او اليك المصير. ربنا عليك توكلنا اي اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا بك يا ربنا في ذلك واليك انبنا اي رجعنا الى طاعتك ومرضاتك. وجميع ما يقرب اليك فنحن في ذلك ساعون وبفعل الخيرات مجتهدون. ونعلم انا اليك نصير. فنستعد للقدوم عليك ونعمل ما يقربنا الزلفى اليك واخبرهما ان قلوبهما قد صغت. اي مالت وانحرفت عما ينبغي لهن من الورع والادب مع الرسول صلى الله عليه وسلم واحترامه الا يشققن عليه. وان تظاهر عليه اي تعاون على الا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا. اي لا تسلطهم علينا بذنوبنا سيفتنون ويمنعون مما يقدرون عليه من امور الايمان. ويفتنون ايضا بانفسهم. فانهم اذا رأوا لهم الغلبة ظنوا انهم على الحق ان على الباطل فازدادوا كفرا وطغيانا. انك انت العزيز واغفر لنا ما اقترفنا من الذنوب والسيئات. وما قصرنا به من المأمورات. ربنا انك انت العزيز القاهر لكل شيء الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها فبعزتك وحكمتك انصرنا على اعدائنا واغفر لنا ذنوبنا اصلح عيوبنا ثم كرر الحث لهم على الاقتداء بهم فقال لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن ان كان يرجو الله لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. ومن يتول ان الله هو الغني الحميد لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة وليس كل احد تسهل عليه هذه الاسوة. وانما تسهل على من كان يرجو الله واليوم الاخر. فان الايمان واحتساب الاجر والثواب يسهل على العبد كل عسير. ويقلل لديه كل كثير. ويوجب له الاكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين. والانبياء والمرسلين. فانه يرى نفسه مفتقرا ومضطرا الى ذلك غاية الاضطرار ومن يتولى عن طاعة الله والتأسي برسل الله فلن يضر الا نفسه ولا يضر الله شيئا فان الله هو الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه. فلا يحتاج الى احد من خلقه بوجه الحميد في ذاته واسماءه وصفاته وافعاله فانه محمود على ذلك كله ثم اخبرت على ان هذه العداوة التي الله بها المؤمنين للمشركين. ووصفهم بالقيام بها انهم ما داموا على شركهم وكفرهم. وانه من انتقلوا الى الايمان فان الحكم يدور مع علته فان المودة الايمانية ترجع. فلا تيأسوا ايها المؤمنون من رجوعهم الى الايمان. فعسى الله ان يجعل بينكم وبين الذي حين عاديتم منهم مودة سببها رجوعهم الى الايمان. والله قدير على كل شيء. ومن ذلك هداية القلوب وتقليبها من حال الى حال والله غفور رحيم. لا يتعاظمه ذنب ان يغفره. ولا يكبر عليه عيب ان يستره. قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. انه هو الغفور الرحيم. وفي هذه الاية اشارة وبشارة الى اسلام بعض المشركين الذين كانوا اذ ذاك اعداء للمؤمنين. وقد وقع ذلك ولله الحمد والمنة. ولما نزلت هذه الاية اياتي الكريمات المهيجة على عداوة الكافرين وقعت من المؤمنين كل موقع وقاموا بها اتم القيام وتأثموا من صلة بعض اقاربهم بهم المشركين وظنوا ان ذلك داخل فيما نهى الله عنه. فاخبرهم الله ان ذلك لا يدخل في المحرم. فقال الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا واليهم ان الله يحب المقسطين. اي لا ينهاكم الله عن البر والصلة. والمكافأة بالمعروف والقسط من المشركين من اقاربكم وغيرهم حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والاخراج من دياركم. فليس عليكم جناح ان تصلوه فان صلتهم في هذه الحالة لا محظور فيها ولا مفسدة. كما قال تعالى عن الابوين المشركين اذا كان ولدهما مسلما وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وصاحبهما في الدنيا معروفا. وقوله ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم مظاهر على اخراجكم ان تولوا انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين اي لاجل دينكم عداوة لدين الله ولمن قام به. واخرجوكم من دياركم وظاهروا. اي عاونوا غيرهم على اخراجكم نهاكم الله ان تولوهم بالمودة والنصرة بالقول والفعل واما بركم واحسانكم الذي ليس بتول للمشركين ينهكم الله عنه بل ذلك داخل في عموم الامر بالاحسان الى الاقارب وغيرهم من الادميين وغيرهم وذلك الظلم يكون بحسب التولي. فان كان توليا تاما صار ذلك كفرا مخرجا عن دائرة الاسلام وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ. وما هو دون ذلك يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن. فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الى الكفر اله محل لهم ولا هم يحلون لهن. واتوهن ما انفقوا ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافير واسألوا والله عليم حكيم لما كان صلح الحديبية صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين على ان من جاء منهم الى المسلمين مسلما انه يرد الى المشركين وكان هذا لفظا عاما مطلقا. يدخل في عمومه النساء والرجال. فاما الرجال فان الله لم ينهى رسوله عن ردهم الى المشركين وفاء بالشرط وتتميما للصلح الذي هو من اكبر المصالح واما النساء فلما كان ردهن فيه مفاسد كثيرة امر الله اذا جاءهم المؤمنات مهاجرات وشكوا في صدق ايمانهن ان يمتحنوهن ويختبروهن بما يظهر به صدقهن من ايمان من مغلظة وغيرها فانه يحتمل ان يكون ايمانها غير صادق. بل رغبة في زوج او بلد او غير ذلك من المقاصد الدنيوية ان كنا بهذا الوصف تعين ردهن وفاء بالشر. من غير حصول مفسدة. وان امتحنوهن فوجدن صادقات. او علموا ذلك منهن من غير امتحان فلا يرجعوهن الى الكفار. لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن. فهذه مفسدة كبيرة في ردهن عاه الشارع وراعى ايضا الوفاء بالشرق. بان يعطوا الكفار ازواجهن ما انفقوا عليهن من المهر وتوابعه عوضا عنهن. ولا حينئذ على المسلمين ان ينكحوهن ولو كان لهن ازواج في دار الشرك. ولكن بشرط ان يؤتوهن اجورهن من المهر والنفقة. وكما ان مسلمة لا تحل للكافر. فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم ان يمسكها ما دامت على كفرها غير اهل الكتاب. ولهذا قال قال ولا تمسكوا معصم الكوافير واسألوا ما انفقتم وليسألوا ما انفقوا ذلكم حكم الله الله يحكم بينكم ولا تمسكوا بعصم الكوافر. واذا نهى عن الامساك بعصمتها فالنهي عن ابتداء تزويجها اولى واسألوا ما انفقتم ايها المؤمنون. حين ترجع زوجاتكم مرتدات الى الكفار. فاذا كان الكفار يأخذون من المسلمين نفقة من اسلمت من نسائهم استحق المسلمون ان يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم الى الكفار. وفي هذا دليل على ان خروج البضع من الزوج متقوم فاذا افسد مفسد النكاح امرأة رجل برضاع او غيره كان عليه ضمان المهر. وقوله لكم ذلكم الحكم الذي ذكره الله وبينه لكم. يحكم به بينكم. والله عليم حكيم. فيعلم على ما يصلح لكم من الاحكام ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة. وقوله وان فاتكم شيء من ازواجكم الى واتقوا الله الذي وان فاتكم شيء من ازواجكم الى الكفار بان ذهبن مرتدات فعاقبن فاتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا. كما تقدم ان الكفار اذا كانوا يأخذون بدل ما يفوت من ازواجهم الى المسلمين. فمن ذهبت زوجته من المسلمين الى الكفار وفاتت عليه لزم ان يعطيه المسلمون من الغنيمة بدل ما انفق. واتقوا الله الذي فايمانكم بالله يقتضي منكم ان تكونوا ملازمين للتقوى على الدوام يا ايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك على الا يشركن بالله شيء ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولا يأتين ولا يأتين بمهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفرن ان الله غفور رحيم. هذه الشروط المذكورة في هذه الاية تسمى مبايعة النساء. اللاتي كن يبايعن على اقامة الواجبات المشتركة. التي تجب على الذكور والنساء في جميع الاوقات اما الرجال فيتفاوت ما يلزمهم بحسب احوالهم ومراتبهم وما يتعين عليهم. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ما امره الله به فكان اذا جاءته النساء يبايعنه والتزمن بهذه الشروط بايعهن وجبر قلوبهن واستغفر لهن الله فيما يحصل من ان من التقصير وادخلهن في جملة المؤمنين بالا يشركن بالله شيئا بان يفردن الله وحده بالعبادة. ولا يقتلن اولادهن كما يجري لنساء الجاهلية الجهلاء ولا يزنين كما كان ذلك موجودا كثيرا في البغايا وذوات الاخدان ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن. والبهتان. الافتراء على الغير. اي لا يفترين بكل حالة. سواء تعلقت بهن وجه او سواء تعلق ذلك بغيرهم ولا يعصينك في معروف. اي لا يعصينك في كل امر تأمرهن به. لان امرك لا يكون الا بمعروف ومن ذلك طاعتهن لك في النهي عن النياحة وشق الثياب وخمس الوجوه والدعاء بدعاء الجاهلية. فبايعهن اذا التزمن بجميع ما ذكر واستغفر لهن الله عن تقصيرهن وتطيبا لخواطرهن ان الله غفور اي كثير المغفرة للعاصين. والاحسان الى المذنبين التائبين. رحيم وسعت رحمته كل شيء ما احسانه البرايا ايا ايها المؤمنون ان كنتم مؤمنين بربكم ومتبعين لارضاه ومجانبين لسخطه. لا تتولوا قوما غضب الله وعليهم وانما غضب عليهم لكفرهم. وهذا شامل لجميع اصناف الكفار. قد يأسوا من الاخرة اي قد حرموا من خير الاخرة. فليس ليس لهم منها نصيب. فاحذروا ان تولوهم فتوافقونهم على شرهم وكفرهم. فتحرموا خير الاخرة كما حرموا. وقوله لا يأس الكفار من اصحاب القبور كما يأس الكفار من اصحاب القبور افضوا الى الدار الاخرة ووقفوا على حقيقة الامر. وعلموا علم اليقين انهم لا نصيب لهم منها. ويحتمل ان المعنى قد يأس من الاخرة اي قد انكروها وكفروا بها فلا يستغرب حينئذ منهم الاقدام على مساخط الله وموجبات عذابه واياسهم من الاخرة كما يئس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا من رجوع اصحاب القبور الى الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم هذا بيان لعظمته تعالى وقهره وذل جميع الخلق له تبارك وتعالى وان جميع ما في السماوات والارض يسبحون بحمد الله يعبدونه ويسألونه حوائجهم. وهو العزيز الذي قهر الاشياء بعزته وسلطانه الحكيم في خلقه وامره لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله اي لم تقولون الخير وتحثون عليه؟ وربما تمدحتم به وانتم لا تفعلونه. وتنهون ينهون عن الشر وربما نزهتم انفسكم عنه. وانتم متلوثون به ومتصفون به. فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ ام من اكبر في المقت عند الله ان يقول العبد ما لا يفعل. ولهذا ينبغي للامر بالخير ان يكون اول الناس اليه مبادرة. وللناهي عن الشر ان يكون ما ابعد الناس منه. قال تعالى اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب. افلا تعقلون. وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه. ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله هذا حث من الله لعباده على الجهاد في سبيله. وتعليم لهم كيف تسمعون وانه ينبغي لهم ان يصفوا في الجهاد صفا متراصا متساويا. من غير خلل يقع في الصفوف. وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين والتعاضد وارهاب العدو وتنشيط بعضهم بعضا. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا حضر القتال صفى اصحابه ورتبهم في مواقفهم بحيث لا يحصل اتكال بعضهم على بعض. بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها بوظيفتها وبهذه الطريقة تتم الاعمال ويحصل الكمال قد تعلمون اني رسول الله اليكم فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفقير فاسقين اي واذ قال موسى لقومه موبخا لهم على صنيعهم ومقرعا لهم على اذيته وهم يعلمون انه رسول الله بما تؤذونني بالاقوال والافعال؟ وقد تعلمون اني رسول الله اليكم. والرسول من حقه الاكرام والاعظام الانقياد باوامره والابتدار لحكمه. واما اذية الرسول الذي احسانه الى الخلق فوق كل احسان بعد احسان الله. ففي غاية الوقاحة والجرائم والزيغ عن الصراط المستقيم. الذي قد علموه وتركوه. ولهذا قال فلما زاغوا اي انصرفوا عن الحق بقصدهم ازاغ الله قلوبهم عقوبة لهم على زيغهم الذي اختاروه لانفسهم ورضوه لها ولم يوفقهم الله للهدى لانهم لا يليق بهم الخير ولا يصلحون الا للشر اهدي القوم الفاسقين. اي الذين لم يزل الفسق وصفا لهم لا لهم قصد في الهدى. وهذه الاية الكريمة تفيد ان اظلال الله لعباده ليس ظلما منه ولا حجة لهم عليه. وانما ذلك بسبب منهم فانهم الذين اغلقوا على انفسهم باب الهدى بعدما عرفوه. فيجاز بعد ذلك بالاضلال والزيغ الذي لا حيلة لهم في دفعه. وتقليب القلوب عقوبة لهم وعدلا منه بهم. كما قال تعالى ونقلب افئدتهم ابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون اني رسول الله اليكم مصدقا يقول تعالى عن عناد بني اسرائيل المتقدمين الذين دعاهم عيسى ابن مريم وقال لهم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم اي ارسلني الله لادعوكم الى الخير وانهاكم عن الشر. وايدني بالبراهين الظاهرة ومما يدل على صدق كوني مصدقا لما بين يدي من التوراة جئت بما جاء به موسى من التوراة والشرائع السماوية. ولو كنت مدعيا للنبوة لجئت بغير ما جاءت به المرسلون. ومصدقا لما بين يدي من الثورات ايضا انها اخبرت بي وبشرت فجئت وبعثت مصداقا لها هذا وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبي الهاشمي. فعيسى عليه الصلاة والسلام كالانبياء. يصدق بالنبي السابق ويبشر بالنبي اللاحق بخلاف الكذابين فانهم يناقبون الانبياء اشد مناقضة. ويخالفونهم في الاوصاف والاخلاق والامر والنهي فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشر به عيسى بالبينات اي الادلة الواضحة الدالة على انه هو وانه رسول الله حقا. قالوا معاندين للحق مكذبين له الا سحر مبين. وهذا من اعجب العجائب. الرسول الذي قد وضحت رسالته وصارت ابين من شمس النهار. يجعل ساحرا بينا سحرا فهل في الخذلان اعظم من هذا؟ وهل في الافتراء اعظم من هذا الافتراء؟ الذين نفى عنه ما كان معلوما من رسالته. واثبت له ما كان الناس منه ومن اظلم ممن افترى على الله الكذب بهذا وغيره والحال انه لا عذر له. وقد انقطعت حجته لانه يدعى الى الاسلام ويبين له ببراهينه وبيناته ربنا يهدي القوم الظالمين. الذين لا يزالون على ظلمهم مستقيمين. لا تردهم عنهم موعظة ولا يزدرهم بيان ولا برهان خصوصا هؤلاء الظلمة القائمين بمقابلة الحق ليردوه. ولينصروا الباطل. ولهذا قال الله عنهم يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم اي بما يصدر منه من المقالات الفاسدة التي يردون بها الحق وهي لا حقيقة لها بل تزيد البصيرة معرفة بما هم عليه من الباطل اي قد تكفل الله بنصر دينه واتمام الحق الذي ارسل به رسله واشاعة بنوره على سائر الاقطار. ولو كره الكافرون وبذلوا بسبب كراهتهم كل سبب يتوصلون به الى اطفاء نور الله. فانهم مغلوبون وصاروا بمنزلة من ينفخ عين الشمس بفيه ليطفئها. فلا على مرادهم حصلوا ولا سلمت عقولهم من النقص والقدح فيها. ثم ما ذكر سبب الظهور والانتصار للدين الاسلامي الحسي والمعنوي فقال ان يظهره على الدين كله ولو كره المشركون. هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق. اي بالعلم النافع والعمل الصالح بالعلم الذي يهدي الى الله والى دار كرامته. ويهدي لاحسن الاعمال والاخلاق. ويهدي الى مصالح الدنيا والاخرة. ودين الحق اي الدين الذي يدان به ويتعبد لرب العالمين الذي هو حق وصدق. لا نقص فيه ولا خلل يعتريه. بل اوامره غذاء القلوب والارواح وراحة الابدان وترك نواهيه سلامة من الشر والفساد. فما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق. اكبر دليل وبرهان على صدقه. وهو برهان باق ما بقي الدهر. كلما ازداد به العاقل تفكرا. ازداد به فرحا وتبصرا اي ليعليه على سائر الاديان بالحجة والبرهان. ويظهر اهله القائمين به بالسيف والسنان. فاما نفس الدين هذا الوصف ملازم له في كل وقت. فلا يمكن ان يغالبه مغالب او يخاصمه مخاصم الا فلجه وبلسه. وصار له الظهور والقهر واما المنتسبون اليه فانهم اذا قاموا به واستناروا بنوره واهتدوا بهديه في مصالح دينهم ودنياهم. فكذلك لا يقوم لهم احد ولابد ان يظهروا على اهل الاديان. واذا ضيعوا واكتفوا منه بمجرد الانتساب اليه. لم ينفعهم ذلك وصار اهمالهم له سبب تسليط الاعداء عليه ويعرف هذا من استقرأ الاحوال ونظر في اول المسلمين واخرهم تجارة على تجارة هذه وصية ودلالة وارشاد من ارحم الراحمين لعباده المؤمنين لاعظم تجارة واجل مطلوب واعلى مرغوب. يحصل به النجاة من العذاب الاليم. والفوز بالنعيم المقيم. واتى باداة العرض الدالة على ان هذا امر يرغب فيه كل متبصر. ويسمو اليه كل لبيب فكأنه قيل ما هذه التجارة التي هذا قدرها فقال خير لكم ان كنتم تعلمون. تؤمنون بالله ورسوله. ومن المعلوم ان الايمان التام هو التصديق الجازم بما امر الله بالتصديق به المستلزم لاعمال الجوارح ومن اجل اعمال الجوارح الجهاد في سبيل الله. فلهذا قال بان تبذلوا نفوسكم ومهجكم بمصادمة اعداء الاسلام والقصد نصر دين الله واعلاء كلمته. وتنفقون ما تيسر من اموالكم في ذلك المطلوب. فان ذلك ولو كان كريها للنفوس شاقا عليها فان انه خير لكم ان كنتم تعلمون. فان فيه الخير الدنيوي من النصر على الاعداء والعز المنافي للذل والرزق الواسع وسعة الصدر وانشراحه. وفي الاخرة الفوز بثواب الله والنجاة من عقابه. ولهذا ذكر الجزاء في الاخرة فقال قال يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار ومساكن طيبة يغفر لكم ذنوبكم وهذا شامل للصغائر والكبائر. فان الايمان بالله والجهاد في سبيله مكفر للذنوب ولو كانت كبائر. ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار جنات تجري من تحتها الانهار اي من تحت مساكنها وقصورها وغرفها واشجارها انهار من ماء غير اس وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر اللذة للشاربين وانهار من عسل مصفى. ولهم فيها من كل الثمرات اي جمعت كل طيب من علو وارتفاع وحسن بناء وزخرفة. حتى ان اهل الغرف من اهل عليين يتراءهم اهل الجنة كما يتراءى الكوكب الدري في الافق الشرقي او الغربي. وحتى ان بناء الجنة بعضه من ابن ذهب وبعضه من لابن فضة. وخيامها من اللؤلؤ والمرجان. وبعض المنازل من الزمرد والجواهر الملونة باحسن الالوان حتى انها من صفائها يرى ظاهرها من باطنها. وباطنها من ظاهرها وفيها من الطيب والحسن ما لا يأتي عليه وصف الواصفين ولا خطر على قلب احد من العالمين. لا يمكن ان يدركوه حتى يروه. ويتمتعوا بحسنه. وتقر اعينهم به. ففي تلك الحال قال لولا ان الله خلق اهل الجنة وانشأهم نشأة كاملة لا تقبل العدم لاوشك ان يموتوا من الفرح. فسبحان من لا يحصى احد من خلقه ثناء عليه بل هو كما اثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده وتبارك الجليل الجميل الذي انشأ دار نعيم وجعل فيها من الجمال والجلال ما يبهر عقول الخلق ويأخذ بافئدتهم. وتعالى من له الحكمة التامة التي من جملتها ان الله لو ارى الخلائق الجنة حين خلقها ونظروا الى ما فيها من النعيم لما تخلف عنها احد ولما هناهم العيش في هذه للمنغصة المشوب نعيمها بالمها. وسرورها بترحها. وسميت الجنة جنة عدن. لان اهلها مقيمون فيها لا يخرجون منها ابدا ولا يبغون عنها حولا. ذلك الثواب الجزيل والاجر الجميل. الفوز العظيم الذي لا فوز مثله فهذا الثواب الاخروي. واما الثواب الدنيوي لهذه التجارة. فذكره بقوله واخرى تحبونها نصر من الله واخرى تحبونها. اي ويحصل لكم خصلة اخرى تحبونها وهي نصر من الله لكم على الاعداء. يحصل به العز والفرح وفتح قريب تتسع به دائرة الاسلام. ويحصل به الرزق الواسع. فهذا فجزاء المؤمنين المجاهدين. واما المؤمنون من غير اهل الجهاد اذا قام غيرهم بالجهاد فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله واحسانه. بل قال وبشر المؤمنين اي بالثواب العاجل والاجل. كل على حسب ايمانه. وان كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان في الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض اعدها الله مجاهدينا في سبيله ثم قال تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا انصار الله اي بالاقوال والافعال ذلك بالقيام بدين الله والحرص على اقامته. وتنفيذه على الغير وجهاد من عانده ونبذه بالابدان والاموال. ومن نصر الباطل بما من العلم ورد الحق بدحظ حجته واقامة الحجة عليه والتحذير منه ومن نصر دين الله تعلم كتاب الله وسنة رسوله والحث على ذلك والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم هيج الله المؤمنين بالاقتداء بمن قبلهم من الصالحين بقوله اي قال لهم عارضا ومنهضا من يعاونني ويقوم معي في لدين الله ويدخل مدخلي ويخرج مخرجي. فابتدر الحواريون فقالوا الله فمضى عيسى عليه السلام على امر الله ونصر دينه هو ومن معه من الحواريين فامنت طائفة من بني اسرائيل بسبب دعوة عيسى وكفرت طائفة منهم فلم ينقادوا لدعوتهم. فجاهد المؤمنون الكافرين اي قويناهم ونصرناهم عليهم اصبحوا ظاهرين عليهم وقاهرين لهم. فانتم يا امة محمد كونوا انصار الله ودعاة دينه. ينصركم الله كما نصر من قبلكم ويظهركم على عدوكم بسم الله الرحمن الرحيم ان يسبحوا لله وانقادوا لامره ويتألهه ويعبده. جميع ما في السماوات والارض. لانه الكامل الملك الذي له ملك العالم العلوي والسفلي. فالجميع مماليكه وتحت تدبيره. القدوس المعظم المنزه عن كل افة ونقص. العزيز قاهر للاشياء كلها الحكيم في خلقه وامره. فهذه الاوصاف العظيمة مما تدعو الى عبادة الله وحده لا شريك له الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم يتلو عليهم ايات عليهم منة عظيمة اعظم من منته على غيرهم. لانهم عادمون للعلم والخير. وكانوا في ضلال مبين. يتعبدون للاشجار والاصنام والاحجار. ويتخلقون باخلاق السباع الضارية. يأكل قويهم ضعيفهم. وقد كانوا في غاية الجهل بعلوم الانبياء فبعث الله فيهم رسولا منهم يعرفون نسبه واوصافه الجميلة وصدقه. وانزل عليه كتابه يتلو عليهم اياته القاطعة الموجبة للايمان واليقين ويزكيهم بان يحثهم على الاخلاق الفاضلة ويفصلها لهم ويزجرهم عن الاخلاق الرذيلة ويعلمهم الكتاب والحكمة. اي علم القرآن وعلم السنة. المشتمل ذلك علوم الاولين والاخرين. فكانوا بعد هذا التعليم والتزكية منه اعلم الخلق بل كانوا ائمة اهل العلم والدين. واكمل الخلق اخلاقا. واحسنهم هديا وصمتا. اهتدوا بانفسهم. وهدوا غيرهم فصاروا ائمة المهتدين وهداة المؤمنين. فلله عليهم ببعثه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم اكمل نعمة. واجل منحة وقوله واخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل والله ذو الفضل العظيم. واخرين منهم لما يلحقوا بهم اي وامتن الله على اخرين من غيرهم اي من غير الاميين. ممن يأتي بعدهم ومن اهل الكتاب. لما يلحقوا بهم. اي فيمن باشر دعوة الرسول ويحتمل انهم لما يلحقوا بهم في الفضل. ويحتمل ان يكونوا لما يلحقوا بهم في الزمان. وعلى كل فكلا المعنيين فان الذين بعث الله فيهم رسوله وشاهدوه وباشروا دعوته حصل لهم من الخصائص والفضائل ما لا يمكن احدا ان يلحقهم فيها هذا من عزته وحكمته حيث لم يترك عباده هملا ولا سدى. بل ابتعث فيهم الرسل وامرهم ونهاهم. وذلك من فضل الله العظيم الذي يؤتيه من يشاء من عباده وهو افضل من نعمته عليهم بعافية البدن وسعة الرزق وغير ذلك من النعم الدنيوية. فلا اعظم نعمة الدين التي هي مادة الفوز والسعادة الابدية حمار يحمل اسفارا. بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله والله لا يهدي القوم الظالمين لما ذكر الله منته على هذه الامة. الذين ابتعث فيهم النبي الامي. وما خصهم الله به من المزايا والمناقب لا يلحقهم فيها احد وهم الامة الامية الذين فاقوا الاولين والاخرين حتى اهل الكتاب الذين يزعمون انهم العلماء الربانيون هنا والاحبار المتقدمون ذكر ان الذين حملهم الله التوراة من اليهود وكذا النصارى وامرهم ان يتعلموها ويعملوا بما فيها وانه هم لم يحملوها ولم يقوموا بما حملوا به. انهم لا فضيلة لهم وان مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره اسفارا من كتب العلم فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره؟ وهل يلحق به فضيلة بسبب ذلك؟ ام حظه منها حملها فقط؟ فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة الذي من اجله واعظمه. الامر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم. والبشارة به والايمان بما جاء به من القرآن. فهل استفاد من هذا وصفه من التوراة الا الخيبة والخسران واقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق بكل احوالهم بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله الدالة على صدق رسولنا وصدق ما جاء به يلقون الظالمين. اي لا يرشدهم الى مصالحهم ما دام الظلم لهم وصفا والعناد لهم نعتا. قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون ومن ظلم اليهود وعنادهم انهم يعلمون هم على باطل ويزعمون انهم على حق. وانهم اولياء الله من دون الناس. ولهذا امر الله رسوله ان يقول لهم ان كنتم صادقين في زعمكم انكم على الحق واولياء الله فتمنوا الموت. وهذا امر خفيف. فانهم لو علموا انهم على حق لما عن هذا التحدي الذي جعله الله دليلا على صدقهم ان تمنوه. وكذبهم ان لم يتمنوه ولما لم يقع منهم مع الاعلان لهم بذلك علم انهم ببطلان ما هم عليه وفساده. ولهذا قال ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم. بما قدمت ايديهم من الذنوب والمعاصي التي يستوحشون من الموت من اجلها. فلا يمكن ان يخفى عليكم من ظلمهم شيء اعالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون. هذا وان كانوا لا يتمنون الموت بما قدمت ايديهم ويفرون منه غاية الفرار فان ذلك لينجيهم. بل لا بد ان يلاقيهم الموت الذي قد حتمه الله عليه للعباد وكتبه عليهم. ثم بعد الموت واستكمال الاجال يرد الخلق كلهم يوم القيامة الى عالم الغيب والشهادة نبأهم بما كانوا يعملون من خير وشر قليل وكثير يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع. ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة اليها من حين ينادى لها والسعي لها. والمراد بالسعي هنا المبادرة اليها والاهتمام لها وجعلها اهم الاشغال لا العدو الذي قد نهي عنه عند المضي الى الصلاة. وقوله وذروا البيع اتركوا البيع اذا نودي للصلاة وامضوا اليها. فان ذلكم خير لكم من اشتغالكم بالبيع. وتفويتكم الصلاة الفريضة التي هي من اكد الفروض ان كنتم تعلمون ان ما عند الله خير وابقى. وان من اثر الدنيا على الدين قد خسر الخسارة الحقيقية من حيث ظن انه يربح. وهذا الامر بترك البيع مؤقت مدة الصلاة واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون فانتشروا في الارض لطلب المكاسب والتجارات. ولما كان الاشتغال في التجارة مظنة الغفلة عن ذكر الله. امر الله بالاكثار من ذكره فقال واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. واذكروا الله كثيرا اي في حال قيامكم وقعودكم وعلى جنوبكم لعلكم تفلحون. فان الاكثار من ذكر الله اكبر اسباب الفلاح او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة. والله خير الرازقين. واذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها اي خرجوا من المسجد حرصا على ذلك اللهو وتلك التجارة. وتركوا الخير وتركوك قائما تخطب ناس وذلك في يوم جمعة بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس. اذ قدم المدينة عير تحمل تجارة. فلما سمع الناس بها في المسجد انفضوا من المسجد وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب استعجالا لما لا ينبغي ان يستعجل له. وتركع ادب قل ما عند الله من الاجر والثواب. لمن لازم الخير وصبر نفسه على عبادة ربه. خير من اللهو ومن التجارة التي وان حصل منها بعض المقاصد فان ذلك قليل منغص. مفوت لخير الاخرة. وليس الصبر على طاعة الله مفوتا للرزق. فان الله خير الرازقين. فمن اتقى الله رزقه من حيث لا يحتسب. وفي هذه الايات فوائد عديدة. منها ان الجمعة فريضة على جميع المؤمنين يجب عليهم السعي لها والمبادرة والاهتمام بشأنها ومنها ان الخطبتين يوم الجمعة فريضتان يجب حضورهما. لانه فسر الذكر هنا بالخطبتين. فامر الله بالمضي اليه والسعي له. ومنها مشروعية النداء ليوم الجمعة والامر به. ومنها النهي عن البيع والشراء بعد نداء الجمعة. وتحريم ذلك وما ذاك الا لانه يفوت الواجب ويشغل عنه. فدل ذلك على ان كل امر ولو كان مباحا في الاصل. اذا كان ينشأ عنه تفويت واجب فانه انه لا يجوز في تلك الحال. ومنها الامر بحضور الخطبتين يوم الجمعة. وذم من لم يحضرهما. ومن لازم ذلك الانصات لهما ومنها انه ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات والشهوات ان يذكرها بما الله من الخيرات وما لمؤثر رضاه على هواه بسم الله الرحمن الرحيم لما قدم النبي صلى الله عليه عليه وسلم المدينة وكثر المسلمون في المدينة واعتز الاسلام بها. صار اناس من اهلها من الاوس والخزرج. يظهرون الايمان ويبطنون الكفر ليبقى جاههم وتحقن دماؤهم وتسلم اموالهم. فذكر الله من اوصافهم ما به يعرفون. لكي يحذر العباد منهم ويكون منهم على بصيرة. فقالوا نشهد انك انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اذا جاء جاءك المنافقون قالوا على وجه الكذب نشهد انك لرسول الله وهذه الشهادة من المنافقين على وجه الكذب والنفاق مع انه ولا حاجة لشهادتهم في تأييد رسوله. فان الله يعلم انك لرسوله. والله يشهد ان المنافقين لكاذبون. في قولهم ودعواهم وان ذلك ليس بحقيقة منهم اتخذوا ايمانهم جنة اي ترس بها من نسبتهم الى النفاق. فصدوا عن سبيله بانفسهم وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم حيث اظهروا الايمان وابطنوا الكفر. واقسموا على ذلك واوهموا صدقهم فطبع على قلوبهم فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ذلك الذي زين لهم النفاق. بسبب انهم لا يثبتون على الايمان. بل امنوا ثم كفروا. فطبع على قلوبهم بهم بحيث لا يدخلها الخير ابدا فهم لا يفقهون ما ينفعهم ولا يعون ما يعود بمصالحهم. واذا رأيتهم يعجبك اجسامهم وان يكونوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله قاتلهم الله واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم من روائها ونضارتها اي من حسن منطقهم تستلذ الاستماع فاجسامهم واقوالهم معجبة. ولكن ليس وراء ذلك من الاخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء لهذا قال لا منفعة فيها ولا ينال منها الا الضرر المحض يحسبون كل صيحة عليهم وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم والريب الذي في قلوبهم يخافون ان يطلع عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله قاتلهم الله انى يؤتكون فهؤلاء هم العدو على الحقيقة. لان العدو البارز المتميز اهون من العدو الذي لا يشعر به. وهو مخادع ماكر ازعم انه ولي وهو العدو المبين. فاحذرهم قاتلهم الله. قاتلهم الله انا يؤفكون اي كيف يصرفون عن الدين الاسلامي؟ بعدما تبينت ادلته واتضحت معالمه الى الكفر الذي لا يفيدهم الا الخسارة والشقاء واذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لو رؤوسهم ما رأيتهم يصدون وهم واذا قيل لهؤلاء المنافقين تعالوا يستغفر لكم رسول الله عما صدر منكم لتحسن احوالكم وتقبل اعمالكم امتنعوا من ذلك اشد الامتناع ولووا رؤوسهم امتناعا من طلب الدعاء من الرسول. ورأيتهم يصدون عن الحق بغضا له وهم مستكبرون عن اتباعه بغيا وعنادا. فهذه حالهم عندما يدعون الى طلب الدعاء من الرسول. وهذا من لطف الله وكرامته رسوله حيث لم يأتوا اليه فيستغفر لهم لاستغفرت لهم ام لم الله لهم ان الله لا يهدي القوم الفاسقين. فانه هواء استغفر لهم ام لم يستغفر لهم فلن يغفر الله لهم. وذلك لانهم قوم فاسقون. خارجون عن طاعة الله. مؤثرون للكفر على الايمان. فلذلك لا ينفع فيهم استغفار الرسول لو استغفر لهم كما قال تعالى استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. ان الله لا يهدي القوم الفاسقين. هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. ولله خزائن ولكن المنافقين لا يفقهون. وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين. لما رأوا اجتماع اصحابه وائتلافهم. ومسارعتهم في مرضات الرسول صلى الله عليه عليه وسلم قالوا بزعمهم الفاسد هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله فانهم بزعمهم لولا اموال المنافقين ونفقاتهم عليهم لما اجتمعوا في نصرة دين الله. وهذا من اعجب العجب ان يدعي هؤلاء المنافقون الذين هم احرص الناس على خذلان الدين واذية المسلمين مثل هذه الدعوة التي لا تروج الا على من لا علم له بحقائق الامور. ولهذا قال الله ردا لقولهم ولله خزائن خائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون. ولله خزائن السماوات والارض فيؤتي الرزق من يشاء ويمنعه من يشاء. وييسر الاسباب لمن يشاء. ويعسرها على من يشاء. ولكن منافقين لا يفقهون. فلذلك قالوا تلك المقالة التي مضمونها ان خزائن الرزق في ايديهم وتحت مشيئة يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين وذلك في غزوة المريسيع حين صار بين بعض المهاجرين والانصار بعض كلام كدر الخواطر ظهر حينئذ نفاق المنافقين واظهروا ما في نفوسهم. وقال كبيرهم عبدالله بن ابي بن سلول. ما مثلنا ومثل هؤلاء يعني المهاجرين الا كما قال القائل غذي كلبك يأكلك وقال لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها بزعمه انه هو واخوانه من المنافقين الاعزون. وان رسول الله ومن معه هم الاذلون. والامر بعكس ما قال هذا المنافق فلهذا قال تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولله العزة لرسوله وللمؤمنين فهم الاعزاء والمنافقون واخوانهم من الكفار هم الاذلاء ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك. فلذلك زعموا انهم الاعزاء اغترارا فيما هم عليه من الباطل. ثم قال تعالى هم الخاسرون تعالى عباده المؤمنين بالاكثار من ذكره. فان في ذلك الربح والفلاح والخيرات الكثيرة. وينهاهم ان تشغلهم اموالهم واولادهم ذكره فان محبة المال والاولاد مجبولة عليها اكثر النفوس فتقدمها على محبة الله وفي ذلك الخسارة العظيمة لهذا قال تعالى ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. ومن يفعل ذلك ان به ما له وولده عن ذكر الله. فاولئك هم الخاسرون للسعادة الابدية والنعيم المقيم. لانهم اثروا ما يفنى على ما يبقى قال تعالى انما اموالكم واولادكم فتنة. الله عنده اجر عظيم. وقوله وانفقوا من انا رزقناكم من قبل ان يأتي احدكم الموت من قبل ان يأتي احدكم الموت فيقول ربي لولا فيقول ربي لولا اخرتني الى اجل قريب وانفقوا مما رزقناكم يدخل في هذا النفقات الواجبة من الزكاة والكفارات ونفقة الزوجات والمماليك ونحو ذلك. والنفقات المستحبة كبذل المال في جميع المصالح. وقال مما رزقنا ليدل ذلك على انه تعالى لم يكلف العباد من النفقة ما يعنتهم ويشق عليهم. بل امرهم باخراج جزء مما رزقه الله الذي يسره لهم ويسر لهم اسبابه. فليشكروا الذي اعطاهم بمواساة اخوانهم المحتاجين. وليبادروا بذلك الموت الذي اذا جاء لم يمكن العبد ان يأتي بمثقال ذرة من الخير. ولهذا قال الموت فيقول ربي لولا. من قبل ان يأتي احدكم الموت فيقول متحسرا على ما فرط في وقت الامكان. سائلا الرجعة التي هي محال. اي تدارك ما فرطت فيه فاصدق من مالي ما به انجو من العذاب. ويستحق به جزيل الثواب من الصالحين باداء المأمورات كلها واجتناب المنهيات. ويدخل في هذا الحج وغيره. وهذا السؤال والتمني قد فات وقته ولا يمكن تداركه ولهذا قال ولن يؤخر الله نفسا اذا ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها المحتوم لها من خير وشر فيجازيكم على ما علمه منكم من النيات والاعمال بسم الله الرحمن الرحيم والله الله بما تعملون بصير. هذه الايات الكريمات مشتملات على جملة كثيرة واسعة. من اوصاف الباري العظيمة فذكر كمال الوهيته تعالى سعة غناه وافتقار جميع الخلائق اليه وتسبيح من في السماوات والارض بحمد ربها وان الملك كله لله. فلا يخرج مخلوق عن ملكه. والحمد كله له. حمد على ما له من صفات الكمال. وحمد على ما اوجده من وحمد على ما شرعه من الاحكام واسداه من النعم. وقدرته شاملة لا يخرج عنها موجود. فلا يعجزه شيء يريده هو الذي خلقكم فمنكم كافرون ومنكم مؤمن. والله بما تعملون بصير وذكر انه خلق العباد وجعل منهم المؤمن والكافر. فايمانهم وكفرهم كله بقضاء الله وقدره. وهو الذي شاء منهم بان جعل لهم قدرة وارادة بها يتمكنون من كل ما يريدون من الامر والنهي فلما ذكر خلق الانسان المكلف المأمور المنهي ذكر خلق باقي المخلوقات فقال خلق السماوات والارض اي اجرمهما وجميع ما فيهما فاحسن خلقهما بالحق. اي بالحكمة والغاية المقصودة له تعالى كما قال تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. فالانسان احسن المخلوقات صورة وابهاها منظرا. واليه اي المرجع يوم القيامة. فيجازيكم على ايمانكم وكفركم. ويسألكم عن النعم والنعيم الذي اولاكموه هل قمتم بشكره؟ ام لم تقوموا بشكره؟ ثم ذكر عموم علمه فقال ما تسرون وما تعلنون. والله عليم بذات الصدور. يعلم ما في السماوات والارض اي من السرائر والظواهر والغيب والشهادة. والله عليم بذات الصدور. اي بما فيها من اسرار الطيبة والخبايا الخبيثة والنيات الصالحة والمقاصد الفاسدة. فاذا كان عليما بذات الصدور تعين على العاقل البسيط ان يحرص ويجتهد في حفظ باطنه من الاخلاق الرذيلة واتصافه بالاخلاق الجميلة لما ذكر تعالى من اوصافه الكاملة العظيمة ما به يعرف ويعبد ويبذل الجهد في مرضاته. وتجتنب مساخطه. اخبر بما فعل بالامم السابقين والقرون الماضيين. الذين حين لم تزل انباؤهم يتحدث بها المتأخرون ويخبر بها الصادقون وانهم حين جاءتهم الرسل بالحق كذبوهم وعاندوهم ساقهم الله وبال امرهم في الدنيا واخزاهم فيها. في الدار الاخرة. ولهذا ذكر السبب ففي هذه العقوبة فقالوا فقالوا ابشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله واستغنى الله والله غني ذلك النكال والوبال الذي احللناه بهم. لانهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات. اي بالايات واضحات الدالة على الحق والباطل. فاشمأزوا واستكبروا على رسلهم. فقالوا ابشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله ابشر يهدوننا اي فليس لهم فضل علينا ولاي شيء خصهم الله دوننا كما قال في الاية الاخرى قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم. ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. فهم حجروا فضل الله ومنته على انبيائه ان يكونوا رسلا للخلق واستكبروا عن الانقياد لهم فابتلوا بعبادة الاحجار والاشجار ونحوها كفروا وتولوا واستغنى الله. فكفروا بالله وتولوا عن طاعة الله. واستغنى الله عنهم. فلا يبالي بهم ولا يضره ضلالهم شيئا. اي هو الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه الحميد في اقواله وافعاله واوصافه قيل تبعثن قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم ذلك على الله يسير. يخبر تعالى عن عناد الكافرين وزعمهم الباطل. وتكذيبهم بالبعث بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير فامر اشرف خلقه ان يقسم بربه على بعثهم وجزائهم باعمالهم الخبيثة وتكذيبهم بالحق فانه وان كان عسيرا بل متعذرا بالنسبة الى الخلق فان قواهم كلهم لو اجتمعت على احياء ميت واحد ما قدروا على ذلك. واما الله تعالى فانه اذا اراد امرا فانما يقول له كن فيكون قال تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم ينظرون قيل لما ذكر انكار من انكر بالبعث. وان ذلك منهم موجب كفرهم بالله واياته. امر بما يعصم من الهلكة والشقاء والايمان بالله ورسوله وكتابه. وسماه الله نورا فان النور ضد الظلمة. وما في الكتاب الذي انزله الله من الاحكام والشرائع والاخبار انوار يهتدى بها في ظلمات الجهل المدلهمة. ويمشى بها في حندس الليل البهيم. وما سوى الاهتداء بكتاب الله. فهي علوم قرارها اكثر من نفعها وشرها اكثر من خيرها. بل لا خير فيها ولا نفع. الا ما وافق ما جاءت به الرسل. والايمان بالله ورسوله وكتابه يقتضي الجزم التام واليقين الصادق بها والعمل بمقتضى ذلك التصديق. من امتثال الاوامر واجتناب المناهي والله بما تعملون خبير. فيجازيكم باعمالكم الصالحة والسيئة ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الانهار. تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. ذلك الفوز العظيم. يعني اذكروا يوم الجمع الذي يجمع الله الله به الاولين والاخرين. ويقفهم موقفا هائلا عظيما. وينبئهم بما عملوا. فحينئذ يظهر الفرق والتفاوت بين الخلائق ويرفع اقوام الى اعلى عليين. في الغرف العاليات والمنازل المرتفعات. المشتملة على جميع اللذات والشهوات. ويخفض اقوام الى اسفل السافلين محل الهم والغم والحزن والعذاب الشديد. وذلك نتيجة ما قدموه لانفسهم. واسلفوه ايام حياتهم ولهذا قال اي يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق ويغبن المؤمنون الفاسقين ويعرف المجرمون انهم على غير شيء وانهم هم الخاسرون فكأنه قيل باي شيء يحصل الفلاح والشقاء والنعيم والعذاب فذكر تعالى اسباب ذلك بقوله. ومن اؤمن بالله اي ايمانا تاما شاملا لجميع ما امر الله بالايمان به. ويعمل صالحا من الفرائض والنوافل من اداء حقوق الله حقوق عباده فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وتختاره الارواح وتحن اليه القلوب. ويكون نهاية كل مرغوب. خالدين ان فيها ابدا ذلك الفوز العظيم. والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك آآ اصحاب النار اولئك اصحاب النار خالدين فيها وبئس النصير. والذين كفروا وكذبوا باياتنا. اي كفروا بها من غير مستند شرعي ولا عقلي بل جاءتهم الادلة والبينات فكذبوا بها وعاندوا ما دلت عليه. اولئك اصحاب النار خالدين فيها وبئس النصير. لانها جمعت كل بؤس وشدة وشقاء وعذاب. يقول تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل ما اصاب من مصيبة الا باذن الله. وهذا عام لجميع المصائب في النفس والمال والولد والاحباب ونحوه فجميع ما اصاب العباد فبقضاء الله وقدره قد سبق بذلك علم الله تعالى وجرى به قلمه ونفذت به مشيئته واقتضته حكمته والشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام؟ ام لا يقوم بها؟ فان قام بها فله الثواب الجزيل والاجر الجميل في الدنيا والاخرة. فاذا امن انها من عند الله فرضي بذلك وسلم لامره هدى الله قلبه اطمأن ولم ينزعج عند المصائب كما يجري لمن لم يهدي الله قلبه بل يرزقه الله الثبات عند ورودها والقيام بما يوجب الصبر سيحصل له بذلك ثواب عاجل. مع ما يدخر الله له يوم الجزاء من الثواب. كما قال تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير بحساب وعلم من هذا ان من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بان لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الاسباب انه ويخذل ويكله الله الى نفسه. واذا وكل العبد الى نفسه فالنفس ليس عندها الا الجزع والهلع. الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الاخرة على ما فرط في واجب الصبر. هذا ما يتعلق بقوله الله بكل شيء عليم. في مقام المصائب الخاص واما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي. فان الله اخبر ان كل من امن اي الايمان المأمور به من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وصدق ايمانه انه بما يقتضيه الايمان من القيام بلوازمه وواجباته ان هذا السبب الذي قام به العبد اكبر سبب لهداية الله له في احواله اقواله وافعاله وفي علمه وعمله. وهذا افضل جزاء يعطيه الله لاهل الايمان. كما قال تعالى في الاخبار ان المؤمنين يثيبهم الله في الحياة الدنيا وفي الاخرة. واصل الثبات ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة. فقال يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. فاهل الايمان اهدى الناس قلوبا واثبتهم عند المزعجات والمقلقة وذلك لما معهم من الايمان وقوله واطيعوا الله واطيعوا الرسول فان توليتم فانما واطيعوا الله واطيعوا الرسول اي في امتثال امرهما واجتناب نهيهما. فان طاعة الله وطاعة رسوله مدار السعادة وعنوان الفلاح فان توليتم اي عن طاعة الله وطاعة رسوله البلاغ المبين. ان يبلغكم على ما ارسل به اليكم بلاغا يبين لكم ويتضح وتقوم به عليكم الحجة. وليس بيده من هدايتكم ولا من حسابكم من شيء. وانما يحاسبكم على القيام بطاعة الله وطاعة رسوله او عدم ذلك عالم الغيب والشهادة. الله لا اله الا هو وعلى الله لا اله الا هو اي هو المستحق للعبادة والالوهية. فكل معبود واه فباطل. وعلى الله فليتوكل المؤمنون. اي فليعتمدوا عليه في كل امر نابهم. وفيما يريدون اما به فانه لا يتيسر امر من الامور الا بالله. ولا سبيل الى ذلك الا بالاعتماد على الله. ولا يتم الاعتماد على الله حتى العبد ظنه بربه ويثق به في كفايته الامر الذي اعتمد عليه به. وبحسب ايمان العبد يكون توكله. فكلما قوي الايمان قوي التوكل انما اموالكم واولادكم كن فتنة والله عنده اجر عظيم. هذا تحذير من الله للمؤمنين من الاغترار بالازواج والاولاد ان بعضهم عدو لكم والعدو هو الذي يريد لك الشر. ووظيفتك الحذر ممن هذا وصفه. والنفس مجبولة على محبة الازواج والاولاد فنصح تعالى عباده ان توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الازواج والاولاد. ولو كان فيها ما فيها من المحذور الشرعي. ورغبهم في امتثال لاوامره وتقديم مرضاته بما عنده من الاجر العظيم. المشتمل على المطالب العالية والمحاب الغالية. وان يثيروا الاخرة على الدنيا الفانية في المنقضية ولما كان النهي عن طاعة الازواج والاولاد فيما هو ضرر على العبد. والتحذير من ذلك قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم امر تعالى بالحذر منهم والصفح عنهم والعفو. فان في ذلك من المصالح ما لا يمكن حصره. فقال لان الجزاء من جنس العمل. فمن عفا عفا الله عنه صفح صفح الله عنه. ومن غفر غفر الله له. ومن عامل الله فيما يحب. وعمل عباده كما يحبون وينفعهم. نال محبة الله ومحبة عباده واستوثق له امره هم المفلحون تعالى بتقواه التي هي امتثال اوامره واجتناب نواهيه. ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة. فهذه الاية تدل على ان كل واجب ان عجز عنه العبد انه يسقط عنه وانه اذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فانه يأتي بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر وقوله واسمعوا اي اسمعوا ما يعظكم الله به وما يشرعه لكم من الاحكام. واعلموا ذلك وانقادوا له واطيعوا الله ورسوله في جميع اموركم وانفقوا من النفقات الشرعية الواجبة والمستحبة. يكون ذلك الفعل منكم خيرا لكم في الدنيا والاخرة. فان الخير كله في امتثال فلاوامر الله تعالى وقبول نصائحه والانقياد لشرعه والشر كله في مخالفة ذلك. ولكن ثم افة تمنع كثيرا من الناس من النفقة المأمور بها وهو الشح المجبولة عليه اكثر النفوس. فانها تشح بالمال وتحب وجوده وتكره خروجه منه من اليد غاية الكراهة. فمن وقاه الله شر شح نفسه بان سمحت نفسه بالانفاق النافع لها لانهم ادركوا المطلوب ونجوا من المرهوب بل لعل ذلك شامل لكل ما امر به العبد ونهي عنه فانه ان كانت نفسه شحيحة لا تنقاد لما امرت به ولا تخرج ما قبلها لم يفلح بل خسر الدنيا والاخرة. وان كانت نفسه نفسا سمحة مطمئنة منشرحة لشرع الله طالبة لمرضات الله فانها ليس بينها وبين فعل ما كلفت به الا العلم به. ووصول معرفته اليها والبصيرة بانه مرض لله تعالى. وبذلك تفلح وتنجح وتفوز كل الفوز. ثم رغب تعالى في النفقة فقال ان تقرض اتقوا الله قرضا حسنا وهو كل نفقة كانت من الحلال. اذا قصد بها العبد وجه الله تعالى وطلب مرضاته. ووضعها في موضعها لكم النفقة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة ومع المضاعفة ايضا يغفر لكم بسبب الانفاق والصدقة ذنوبكم. فان الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات. ان الحسنات يذهبن السيئات. حليم لا يعاجل من عصاه بل يمهله ولا يهمله. ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة. ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى. والله تعالى شكور يقبل من عباده اليسير من العمل ويجازيهم عليه الكثير من الاجر. ويشكر تعالى لمن تحمل من اجله المشاق والاثقال. وناء بالتكاليف الثقال. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم عالم الغيب والشهادة اي ما غاب عن العباد من الجنود التي لا يعلمها الا هو. وما يشاهدونه من المخلوقات. العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع الذي قهر كل الاشياء الحكيم في خلقه وامره الذي يضع الاشياء مواضعها بسم الله الرحمن الرحيم. يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ان واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين ان الله يحدث بعد ذلك امرا. يقول تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين. يا ايها اذا طلقتم النساء اي اردتم طلاقهن فالتمسوا لطلاقهن الامر المشروع. ولا تبادروا بالطلاق من حين يوجد سببه من غير مراعاة لامر الله بل طلقوهن لعدتهن اي لاجل عدتهن بان يطلقها زوجها وهي طاهر في طهر لم يجامعها فيه فهذا الطلاق هو الذي تكون العدة فيه واضحة بينة بخلاف ما لو طلقها وهي حائض فانها لا تحتسب بتلك الحيضة التي وقع فيها الطلاق وتطول عليه العدة بسبب ذلك. وكذلك لو طلقها في طهر وطئ فيه فانه لا يؤمن حملها فلا يتبين ولا يتضح باي عدة تعتد. وامر تعالى باحصاء العدة اي ضبطها بالحيض ان كانت تحيض. او بالاشهر ان لم تكن تحيض ليست حاملة فان في احصائها اداء لحق الله وحق الزوج المطلق. وحق من سيتزوجها بعد. وحقها في النفقة ونحوها فاذا ضبطت عدتها علمت حالها على بصيرة. وعلم ما يترتب عليها من الحقوق. وما لها منها. وهذا الامر باحصاء العدة يتوجه للزوج وللمرأة ان كانت مكلفة والا فلوليها. وقوله واتقوا الله ربكم اي في جميع اموركم وخافوا في حق الزوجات المطلقات. فلا تخرجوهن من بيوتهن مدة العدة. بل يلزمن بيوتهن الذي طلقها زوجها وهي فيها ولا يخرجن اي لا يجوز لهن الخروج منها. اما النهي عن اخراجها فلان المسكن يجب على الزوج للزوجة لتكمل فيه عدتها التي هي هي حق من حقوقه. واما النهي عن خروجها فلما في خروجها من اضاعة حق الزوج وعدم صونه. ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت والاخراج الى تمام العدة. الا ان ياتينا بفاحشة مبينة. اي بامر قبيح واضح موجب لاخراجها. بحيث يدخل يا اهل البيت الضرر من عدم اخراجها. كالاذى بالاقوال والافعال الفاحشة. ففي هذه الحال يجوز لهم اخراجها. لانها هي التي تسببت لاخراج نفسها والاسكان فيه جبر لخاطرها ورفق بها. فهي التي ادخلت الضرر على نفسها. وهذا في المعتدة الرجعية واما البائن فليس لها سكنى واجبة. لان السكن تبع للنفقة والنفقة تجب للرجعية دون البائن وتلك حدود الله اي التي حدها لعباده وشرعه لهم وامرهم بلزومها والوقوف معها. ومن يتعدى حدود الله من لم يقف معها بل تجاوزها او قصر عنها فقد ظلم نفسه اي بخسها حظها واضاع نصيبه من اتباع حدود الله التي هي الصلاح في الدنيا والاخرة اي شرع الله العدة وحدد الطلاق بها لحكم عظيمة. فمنها انه لعل الله يحدث في قلب طلق الرحمة والمودة فيراجع من طلقها. ويستأنف عشرتها. فيتمكن من ذلك مدة العدة. او لعله يطلقها لسبب منها فيزول ذلك السبب في مدة العدة فيراجعها لانتفاء سبب الطلاق. ومن الحكم انها مدة التربص. يعلم براءة رحمه من زوجها وقوله واشهدوا ذوي عدل منكم اقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا. وقوله فاذا بلغنا لهن اي اذا قاربنا انقضاء العدة لانهن لو خرجن من العدة لم يكن الزوج مخيرا بين الامساك والفراق بمعروف او فارقوهن بمعروف اي على وجه المعاشرة الحسنة والصحبة الجميلة لا على وجه الضرار وارادة الشر والحبس فان امساكها على هذا الوجه لا يجوز او فارقوهن بمعروف اي فراقا لا محظور فيه من غير تشاتم ولا ولا قهر لها على اخذ شيء من مالها واشهدوا على طلاقها ورجعتها ذوي عدل منكم اي رجلين مسلمين عدلين. لان في الاشهاد المذكور سدا لباب المخاصمة وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه. واقيموا ايها الشهداء الشهادة لله. اياتوا بها على وجهها من غير زيادة ولا نقص اقصدوا باقامتها وجه الله وحده ولا تراعوا بها قريبا لقرابته ولا صاحبا لمحبته كان يؤمن بالله واليوم الاخر. ذلكم الذي ذكرنا لكم من الاحكام والحدود يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فان من يؤمن بالله واليوم الاخر يوجب له ذلك ان يتعظ من مواعظ الله. وان يقدم لاخرته من الاعمال الصالحة ما تمكن منها بخلاف من ترحل الايمان عن قلبه فانه لا يبالي بما اقدم عليه من الشر. ولا يعظم مواعظ الله لعدم الموجب لذلك. ولما كان قد يوقع في الضيق والكرب والغم. امر تعالى بتقواه. وان من اتقاه في الطلاق وغيره فان الله يجعل له فرجا ومخرجا. فاذا اراد العبد الطلاق ففعله على الوجه الشرعي بان اوقعه طلقة واحدة في غير حيض ولا طهر قد وطأ فيه فانه لا يضيق عليه الامر بل جعل الله له فرجا وسعة يتمكن فيها من مراجعة النكاح اذا ندم على الطلاق والاية وان كانت في سياق الطلاق والرجعة فان العبرة بعموم اللفظ فكل من اتقى الله تعالى ولازم مرضاة الله في جميع احواله فان الله يثيبه في الدنيا والاخرة. ومن جملة ثوابه ان يجعل له فرجا ومخرجا من كل شدة ومشقة. وكما ان من اتقى الله جعل له فرجا ومخرجا. فمن لم يتق الله وقع في الشدائد والاصال والاغلال. التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها. واعتبر ذلك بالطلاق. فان العبد اذا لم من يتق الله فيه بل اوقعه على الوجه المحرم كالثلاث ونحوها فانه لا بد ان يندم ندامة لا يمكنه استدراكها والخروج منها وقوله اي يسوق الله الرزق للمتقي من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به من يتوكل على الله فهو حسبه. اي في امر دينه ودنياه. بان يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره ويثق به في تسهيل ذلك فهو حسبه. اي كافيه الامر الذي توكل عليه به. واذا كان الامر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم فهو اقرب الى العبد من كل شيء. ولكن ربما ان الحكمة الالهية اقتضت تأخيره الى الوقت المناسب له. فلهذا قال تعالى ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا. اي لابد من نفوذ قضائه وقدره. ولكن قد جعل الله لكل شيء قدرا. اي وقتا ومقدارا لا يتعداه ولا يقصر عنه فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن. اجلهن ان يضعن حملهن ان يتق الله يجعل له من امره يسرا. لما ذكر تعالى ان الطلاق المأمور به يكون لعدة النساء. ذكر تعالى فقال واللائي ييأسن من المحيض من نسائكم بانكن يحضن ثم ارتفع حيضهن لكبر او غيره ولم يرجى رجوعه فان عدتها ثلاثة اشهر جعل لكل شهر مقابله حيضة واللائي لمحضن اي الصغار اللاتي لم يأتهن الحيض بعد كما يشق عليه ويستمر هذا الامر منكن وصالح المؤمنين بعد ذلك ظهير. اي الجميع اعوان للرسول. مظاهر ومن كان هؤلاء اعوانه فهو المنصور. وغيره ممن يناوئه مخذول. وفي هذا اكبر فضيلة وشرف لسيدنا والبالغات اللاتي لم يأتهن حيض بالكلية فانهن كالايسات. عدتهن ثلاثة اشهر. واما اللائي حضن فذكر الله عدتهن في قوله والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء وقوله وولاة الاحمال اي عدتهن ان يضعن حملهن اي جميع ما في بطونهن من واحد ومتعدد ولعبرة فحينئذ بالاشهر ولا غيرها. اي من اتقى الله تعالى يسر له الامور وسهل عليه كل عسير ذلك اي الحكم الذي بينه الله لكم امر الله انزله اليكم لتمشوا عليه وتأتم وتقوم به وتعظموه. ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا يندفع عنه المحذور ويحصل له المطلوب. اسكنوهن من حيث سكنت من وجدكم ولا تضال ان حتى يضعن حملهن وان تعاسرتم فسترضع له اخرى. تقدم ان الله نهى عن اخراج المطلقات عن البيوت. وهنا ما امر باسكانهن وقدر الاسكان بالمعروف وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها بحسب وجد الزوج وعسره ولا تضاروهن لتض عليهن اي لا تضارهن عند سكناهن بالقول او الفعل. لاجل ان يمللن. فيخرجن من البيوت قبل تمام العدة. فتكونوا انتم قيل لهن وحاصل هذا انه نهى عن اخراجهن ونهاهن عن الخروج. وامر بسكناهن على وجه لا يحصل عليهن ضرر ولا مشقة وذلك راجع الى العرف ان اي المطلقات ولاة حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن. وذلك لاجل الحمل الذي في بطنها ان كانت بائنا ولها ولحملها ان كانت رجعية. ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهن. فاذا وضعن حملهن. فاما ان يرضعن اولادهن او لا. فان فاتوهن اجورهن المسماة لهن ان كان مسمى والا فاجر المثل. وائتمروا بينكم بمعروف اي ليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما الاخر بالمعروف وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والاخرة. فان الغفلة عن الائتمار بالمعروف يحصل فيه من الشر والضرر. ما لا يعلمه الا الله وفي الائتمار تعاون على البر والتقوى. ومما يناسب هذا المقام ان الزوجين عند الفراق وقت العدة خصوصا اذا ولد لهما ولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر. لاجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق. الذي في الغالب ما يصدر الا عن بغض. ويتأثر من البغض شيء كثير فكل منهما يؤمر بالمعروف والمعاشرة الحسنة وعدم المشاقة والمخاصمة وينصح على ذلك اسرتم فسترضع له اخرى. وان تعاسرتم بان لم تتفقوا على ارضاعها لولدها فلترضع له اخرى غيرها فلا جناح عليكم اذا سلمتم ما اتيتم بالمعروف. وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير امه. فان لم يقبل الا ثدي امه عينت لارضاعه ووجب عليها واجبرت ان امتنعت. وكان لها اجرة المثل ان لم يتفقا على مسمى. وهذا مأخوذ من الاية الكريمة من حيث المعنى فان الولد لما كان في بطن امه مدة الحمل ليس له خروج منه. عين تعالى على وليه النفقة؟ فلما ولد وكان يمكن وان يتقوت من امه ومن غيرها اباح تعالى الامرين. فاذا كان بحالة لا يمكن ان يتقوت الا من امه. كان بمنزلة الحمل وتعينت طريقا لقوته ثم قدر تعالى النفقة بحسب حال الزوج فقال لا يكلف الله نفسا الا اما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا. لينفق ذو سعة من سعته اي لينفق الغني من غناه فلا ينفق نفقة الفقراء ومن قدر عليه رزقه. اي ضيق عليه فلينفق مما اتاه الله من الرزق لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا اه وهذا مناسب للحكمة والرحمة الالهية. حيث جعل كلا بحسبه وخفف عن المعسر. وانه لا يكلفه الا ما اتاه الا يكلف الله نفسا الا وسعها في باب النفقة وغيرها وهذا بشارة للمعسرين. ان الله تعالى سيزيل عنهم الشدة. ويرفع عنهم المشقة. فان مع العسر يسرا. ان مع العسر اليسرى يخبر تعالى عن اهلاكه الامم العاتية والقرون المكذبة للرسل ان كثرتهم وقوتهم لم انفعهم شيئا حين جاءهم الحساب الشديد والعذاب الاليم. فذاقت وبال امرها وكان عاقبة امرها خسرا الله لهم عذابين شديدا. فاتقوا الله يا اولي الالباب الذين امنوا قد انزل الله وان الله اذاقهم من العذاب ما هو موجب اعمالهم السيئة. ومع عذاب الدنيا فان الله اعد لهم في الاخرة عذابا شهيد فاتقوا الله يا اولي الالباب. اي ذوي العقول التي تفهم عن الله اياته وعبره. وان الذي اهلك القرون الماضية بتكذيبهم ان من بعدهم مثلهم لا فرق بين الطائفتين الذين امنوا وعملوا ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا خالدين فيها ابدا ثم ذكر عباده المؤمنين بما انزل عليهم من كتابه الذي انزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ليخرج الخلق من ظلمات الكفر والجهل والمعصية. الى نور العلم والايمان والطاعة فمن الناس من امن به ومنهم من لم يؤمن به تجري من تحتها الانهار. ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا من الواجبات والمستحبات يدخله جنات تجري من تحتها انهار فيها من النعيم المقيم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اي ومن لم يؤمن بالله ورسوله فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون تنزل الامر بينهن لتعلموا لتعلموا ان الله على كل شيء قدير ان الله قد احاط بكل شيء علما. ثم اخبر تعالى انه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والاراضين السبع ومن فيهن وما بينهن وانزل الامر وهو الشرائع والاحكام الدينية التي اوحاها الى رسله لتذكير العباد ووعظهم. وكذلك الاوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق. كل ذلك لاجل ان يعرفه العباد ويعلم احاطة قدرته بالاشياء كلها واحاطة علمه بجميع الاشياء. فاذا عرفوه باوصافه المقدسة واسمائه الحسنى هو احبوه وقاموا بحقه. فهذه الغاية المقصودة من الخلق والامر. معرفة الله وعبادته. فقام بذلك الموفقون من عباد لله الصالحين واعرض عن ذلك الظالمون المعرضون بسم الله الرحمن الرحيم الله غفور رحيم. هذا عتاب من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. حين حرم على نفسه سريته ماريا او شرب العسل مراعاة لخاطر بعض زوجاته في قصة معروفة. فانزل الله تعالى هذه الايات. يا ايها النبي ايا ايها الذي انعم الله عليه بالنبوة والوحي والرسالة لما تحرم ما احل الله لك من الطيبات التي انعم الله بها عليك وعلى امتك تبتغي مرضاة ازواجك والله غفور رحيم. تبتغي بذلك التحريم مرضاة ازواجك والله غفور رحيم. هذا تصريح بان الله قد غفر لرسوله. ورفع عنه اللوم ورحمه. وصار ذلك التحريم الصادر منه سببا لشرع حكم عام لجميع الامة. فقال تعالى حاكما حكما عاما في جميع الايمان. قد فرض الله لكم ايمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم. قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم. اي قد شرع لكم وقدر ما به تنحل ايمانكم قبل الحنث. وما به الكفارة بعد الحنث. وذلك كما في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا. الى ان قال فكفارته اطعام عشرة مساكين. من اوسط ما تطعمون هنا اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة. فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم. فكل من حلالا عليه من طعام او شراب او سرية. او حلف يمينا بالله على فعل او ترك. ثم حنف او اراد الحنف فعليه هذه الكفارة المذكورة وقوله العليم الحكيم اي متولي اموركم ومربيكم احسن في امور دينكم ودنياكم وما به يندفع عنكم الشر. فلذلك فرض لكم تحلة ايمانكم لتبرأ ذممكم هو العليم الحكيم. الذي احاط علمه بظواهركم وبواطنكم. وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به. فلذلك شرع لكم من الاحكام ما يعلم انه موافق لمصالحكم ومناسب لاحوالكم. وقوله الى بعض ازواجه واظهره الله عليه عرف بعضه واعرض عن بعض واذ اسرنا النبي الى بعض ازواجه حديثا قال كثير من المفسرين هي حفصة ام المؤمنين رضي الله عنها اسر لها النبي صلى الله عليه وسلم حديثا وامر الا تخبر به احدا فحدثت به عائشة رضي الله عنهما. واخبره الله بذلك الخبر الذي اذاعته فعرفها صلى الله عليه وسلم ببعض ما قالت واعرض عن بعضه كرما منه وحلما. فقالت له من انبأك هذا الخبر الذي الذي لم يخرج منا. الذي لا تخفى عليه خافية. يعلم السر واخفى. وقوله ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة الملائكة بعد ذلك ظهير. الخطاب للزوجتين الكريمتين من ازواجه صلى الله عليه وسلم. عائشة وحفصة رضي الله عنهما كانتا سببا لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ما يحبه. فعرض الله عليهما التوبة وعاتبهما على ذلك المرسلين حيث جعل الباري نفسه الكريمة وخواص خلقه اعوانا لهذا الرسول الكريم وهذا فيه من التحذير للزوجتين الكريمتين ما لا ثم خوفهما ايضا بحالة تشق على النساء غاية المشقة. وهو الطلاق الذي هو اكبر شيء عليهن. فقال ازواجا مسلمات مؤمنات مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سيئة عسى ربه ان طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن. اي فلا ترفعن عليه. فانه لو طلقكن لم يضق عليه الامر. ولم يكن مضطرا اليكن. فانه سيلقى ويبدله الله ازواجا خيرا منكن دينا وجمالا. وهذا من باب التعليق الذي لم يوجد ولا يلزم وجوده فانه ما طلقهن ولو طلقهن لكان ما ذكره الله من هذه الازواج الفاضلات الجامعات بين الاسلام وهو القيام بالشرائع الظاهرة والايمان وهو القيام بالشرائع الباطنة من العقائد واعمال القلوب تائبات عابدات. القنوت هو دوام الطاعة واستمرارها. تائبات عما يكرهه الله فوصفه هن بالقيام بما يحبه الله والتوبة عما يكرهه الله. اي بعضهن ثيب وبعضهن ليتنوع صلى الله عليه وسلم فيما يحب. فلما سمعنا رضي الله عنهن هذا التخويف والتأديب بادرن الى رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان هذا الوصف منطبقا عليهن. فصرن افضل نساء المؤمنين. وفي هذا دليل على ان الله لا يختار لرسوله صلى الله عليه عليه وسلم الا اكمل الاحوال واعلى الامور. فلما اختار الله لرسوله بقاء نسائه المذكورات معه. دل على انهن خير النساء واكملهن ملائكة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. اياما من الله عليهم الايمان قوموا بلوازمه وشروطه. فقوا انفسكم واهليكم نارا موصوفة بهذه الاوصاف الفظيعة. ووقاية الانفس بالزامها امر الله والقيام بامره امتثالا ونهيه اجتناب والتوبة عما يسخط الله ويوجب العذاب. ووقاية الاهل والاولاد. بتأديبهم وتعليمهم واجبارهم على امر فلا يسلم العبد الا اذا قام بما امر الله به في نفسه. وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والاولاد وغيرهم. ممن هو تحتوي ولايته وتصرفه ووصف الله النار بهذه الاوصاف ليزجر عباده عن التهاون بامره فقال وقودها الناس والحجارة عليها ملاك ملائكة غناء وقودها الناس والحجارة كما قال تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهل جهنم انتم لها واردون. عليها ملائكة غلاظ شداد اي غليظة اخلاقهم عظيم انتهارهم يفزعون باصواتهم ويخيفون بمرآهم ويهينون اصحاب النار بقوتهم ويمتثلون فيهم امر الله الذي حتم عليهم العذاب واوجب عليهم شدة العقاب ان الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. وهذا فيه ايضا مدح للملائكة الكرام انقيادهم لامر الله وطاعتهم له في كل ما امرهم به تجزون ما كنتم تعملون. اي يوبخ اهل النار يوم القيامة بهذا التوبيخ. فيقال لهم والذين كفروا لا تعتذروا اليوم انما تجزون ما كنتم تعملون. اي فانه ذهب وقت اعتذار وزال نفعه فلم يبق الان الا الجزاء على الاعمال. وانتم لم تقدموا الا الكفر بالله والتكذيب باياته ومحاربة رسله واوليائه توبوا الى الله توبة نصوحا. عسى ربكم ان يكفر عنك سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبي والذين امنوا معه نورهم يسعى بين ايديهم وبايدهم ايمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شيء قدير. قد امر الله بالتوبة النصوح في هذه الاية. ووعد عليه بتكفير السيئات ودخول الجنات والفوز والفلاح. حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور ايمانهم. ويمشون بضيائهم متمتعون بروحه وراحته. ويشفقون اذا طفأت الانوار التي تعطى المنافقين. ويسألون الله ان يتمم لهم نورهم. فيستجيب الله دعوتهم ويوصلهم ما معهم من النور واليقين الى جنات النعيم وجوار الرب الكريم وكل هذا من اثار التوبة النصوح والمراد بها التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها التي عقدها العبد لله لا يريد بها الا وجهه والقرب منه ويستمر عليها في جميع احواله ومأواهم جهنم ومأواهم جهنم وبئس المصير. يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين والاغلاظ عليهم في ذلك. وهذا شامل لجهادهم باقامة الحجة عليهم ودعوتهم بالموعظة الحسنة. وابطال ما هم عليه من انواع الضلال. وجهادهم بالسلاح والقتال لمن ابى ان يجيب دعوة الله وينقاد لحكمه فان هذا يجاهد ويغلظ له. واما المرتبة الاولى فتكون بالتي هي احسن. فالكفار والمنافقون لهم عذاب في الدنيا بتسليط الله لرسوله وحزبه عليهم وعلى جهادهم وقتالهم وعذاب النار في الاخرة وبئس المصير الذي يصير اليها كل شقي خاسر. ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما. فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل دخلا. وقيل ادخلن سار مع الداخلين. هذان المثلان اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين. ليبين لهم ان اتصال الكافر المؤمن وقربه منه لا يفيده شيئا. وان اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئا مع قيامه بالواجب عليه. فكأن في ذلك اشارة وتحذيرا لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم عن المعصية. وان اتصالهن به صلى الله عليه وسلم لا ينفعهن شيئا مع الاساءة فقال كانتا اي المرأتان تحت عبدين من عبادنا صالحات اين وهما نوح ولوط عليهما السلام. فخانتاهما في الدين بان كانتا على غير دين زوجيهما وهذا هو المراد بالخيانة. لا خيانة النسب والفراش فانه ما بغت امرأة نبي قط. وما كان الله ليجعل امرأة احد من انبيائه بغيا عنهما من الله شيئا وقيل دخلا فلم يغنيا اي نوح ولوط عنهما اي عن امرأتيهما من الله شيئا وقيل له ادخلا النار مع الداخلين. وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأة ان قالت ربي ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين وهي اسية بنت مزاحم رضي الله عنها ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم فوصفها الله بالايمان والتضرع لربها. وسؤالها لربها اجل المطالب. وهو دخول الجنة ومجاورة الرب الكريم وسؤالها ان ينجيها الله من فتنة فرعون واعماله الخبيثة. ومن فتنة كل ظالم. فاستجاب الله لها. فعاشت في كامل وثبات تام ونجاة من الفتن. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كمن من الرجال كثير ولم يكمل من الا مريم بنت عمران. واسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد. وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر عام وقوله من روحنا وصدقت بكلمات ربي وكتبه وكانت من القانطين ومريم ابنة عمران التي احسنت فرجها. اي صانته وحفظته عن الفاحشة لكمال ديانتها او عفتها ونزاهتها. بان نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فوصلت نفسه الى مريم فجاء منها عيسى ابن مريم عليه السلام الرسول الكريم والسيد العظيم وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة. فان التصديق بكلمات الله يشمل كلماته الدينية والقدرية والتصديق بكتبه يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق. ولا يكون ذلك الا بالعلم والعمل. ولهذا قال من القانطين اي المطيعين لله المداومين على طاعته بخشية وخشوع. وهذا وصف لها بكمال العمل. فانها رضي الله عنها صديقة والصديقية هي كمال العلم والعمل