والصديق صديقة. بل يوم القيامة يتمنى العبد ان يكون له حق على احد. ولو على والديه واقاربه ينذر الذين يخشون ربهم بالغيب واقاموا الصلاة. اي هؤلاء الذين يقبلون النذارة وينتفعون المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي والله هو الغني الحميد. يخاطب تعالى جميع الناس وهم بحالهم ووصفهم. وانهم فقراء الى الله من جميع الوجوه. فقراء في ايجادهم فلولا ايجاده اياهم لم يوجدوا. فقراء في اعدادهم بالقوة والاعضاء والجوارح. التي لولا اعداده اياهم بها لما استعدوا لاي عمل كان. فقراء في امدادهم الاقوات والارزاق والنعم الظاهرة والباطنة. فلولا فضله واحسانه وتيسيره الامور. لما حصل له من الرزق والنعم شيء. فقراء في صرف النقم عنهم ودفع المكاره وازالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم وتفريجه لكرباتهم وازالته لاسرهم لاستمرت عليهم المكاره والشدائد. فقراء اليه في تربيتهم بانواع التربية واجناس التدبير. فقراء اليه في تألههم له وحبهم له وتعبدهم واخلاص العبادة له تعالى. فلو لم يوفقوا لذلك لهلكوا وفسدت ارواحهم وقلوبهم واحوالهم. فقراء اليه في تعليمهم ما لا يعلمون. وعملهم بما يصلحهم. فلولا تعليمه لم يتعلموا لولا توفيقه لم يصلحوا فهم فقراء بالذات اليه بكل معنى وبكل اعتبار. سواء شعروا ببعض انواع الفقر ام لم يشعروا ولكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من امور دينه ودنياه. ويتضرع له ويسأله الا يكله الى نفسه طرفة عين وان يعينه على جميع اموره. ويستصحب هذا المعنى في كل وقت. فهذا احرى بالاعانة التامة من ربه والهه الذي هو ارحم به من الوالدة بولدها. اي الذي له الغنى التام منه جميع الوجوه فلا يحتاج الى ما يحتاج اليه خلقه. ولا يفتقر الى شيء مما يفتقر اليه الخلق. وذلك لكمال صفاته. وكونه كلها صفات كمال ونعوت جلال. ومن غناه تعالى ان اغنى الخلق في الدنيا والاخرة. الحميد في ذاته واسمائه لانها حسنى واوصافه لكونها عليا وافعاله لانها فضل واحسان وعدل وحكمة ورحمة. وفي اوامره ونواهيه فهو الحميد على ما فيه. وعلى ما منه وهو الحميد في غناه. الغني في حمده يحتمل ان المراد ان يشأ يذهبكم ايها الناس ويأتي بغيركم من الناس اطوع لله منكم ويكون في هذا تهديد لهم بالهلاك والابادة وان مشيئته غير قاصرة عن ذلك. ويحتمل ان المراد بذلك اثبات البعث والنشور. وان مشيئة الله تعالى نافذة في كل شيء وفي اعادتكم بعد موتكم خلقا جديدا. ولكن لذلك الوقت اجل قدره الله. لا يتقدم عنه ولا يتأخر اي بممتنع ولا معجز له. ويدل على المعنى الاخير ما ذكره بعده في قوله اي في يوم القيامة كل احد يجازى بعمله ولا يحمل احد ذنب احد وان تدعو مثقلة اي نفس مثقلة بالخطايا والذنوب. تستغيث بمن يحمل عنها بعض اوزارها. لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى فانه لا يحمل عن قريب فليست حال الاخرة بمنزلة حال الدنيا. يساعد الحميم حميمة بها اهل الخشية لله بالغيب. اي الذين يخشونه في حال السر والعلانية. والمشهد والمغيب واهل اقامة الصلاة حدودها وشروطها واركانها وواجباتها وخشوعها. لان الخشية لله تستدعي من العبد العمل بما يخشى من تضييعه العقاب والهرب مما يخشى من ارتكابه العذاب. والصلاة تدعو الى الخير وتنهى عن الفحشاء والمنكر اي ومن زكى نفسه بالتلقي من العيوب كالرياء والكبر والكذب والغش والمكر والخداع والنفاق. ونحو ذلك من الاخلاق الرذيلة. وتحلى بالاخلاق الجميلة من الصدق والاخلاص ابو عويلين الجانب والنصح للعباد وسلامة الصدر من الحقد والحسد وغيرهما من مساوئ الاخلاق. فان تزكيته يعود نفعها اليه ويصل مقصودها اليه ليس يضيع من عمله شيء. فيجازي الخلائق على ما اسلفوه ويحاسبهم على ما قدموه وعملوه. ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها يخبر تعالى انه لا يتساوى الاضداد في حكمة الله. وفيما في فطر عباده. وما يستوي الاعمى فاقد البصر والبصير. ولا الظلمات ولا النور ولا الاموال كما انه من المتقرر عندكم الذي لا يقبل الشك ان هذه المذكورات لا تتساوى. فكذلك فلتعلموا ان عدم تساوي المتضرر مضادات المعنوية اولى واولى. فلا يستوي المؤمن والكافر ولا المهتدي والضال ولا العالم والجاهل. ولا اصحاب الجنة اصحاب النار ولا احياء القلوب وامواتها. فبين هذه الاشياء من التفاوت والفرق ما لا يعلمه الا الله تعالى. فاذا علمت المراتب وميزت الاشياء وبان الذي ينبغي ان يتنافس في تحصيله من ضده فليختر الحازم لنفسه ما هو اولى به واحقها بالايمان ان الله يسمع من يشاء. سماع فهم وقبول. لان الله تعالى هو الهادي الموفق اي اموات القلوب او كما ان دعاءك لا يفيد سكان القبور شيء كذلك لا يفيد معرض المعاند شيئا. ولكن وظيفتك النذارة وابلاغ ما ارسلت به. قبل منك ام لا ولهذا قال انا ارسلناك بالحق اي مجرد ارسالنا اياك بالحق. لان الله تعالى بعثك على حين فترة من الرسل. وطموس من السبل واندراس من العلم ضرورة عظيمة الى بعثتك. فبعثك الله رحمة للعالمين. وكذلك ما بعثناك به من الدين القويم والصراط المستقيم. حق لا وكذلك ما ارسلناك به من هذا القرآن العظيم. وما اشتمل عليه من الذكر الحكيم حق وصدق. بشيرا لمن اطاعك بثواب الله اله العاجل والاجل. ونذيرا لمن عصاك بعقاب الله العاجل والاجل. ولست ببدع من الرسل فما من امة من الامم الماضية والقرون الخالية الا خلى فيها نذير يقيم عليها حجة الله ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة اي وان يكذبك ايها الرسول هؤلاء المشركون فلست اول رسول كذب فقد كذب الذين من قبلهم جاء رسلهم بالبينات الدالات على الحق وعلى صدقهم فيما اخبروهم به. وبالزبر اي الكتب المكتوبة المجموع فيها كثير من الاحكام والكتاب المنير اي المضيء في اخباره الصادقة واحكامه العادلة. فلم يكن تكذيبهم اياهم ناشئا عن اشتباه او قصور بما جاءتهم به الرسل بل بسبب ظلمهم وعنادهم ثم اخذت الذين كفروا بانواع العقوبات. فكيف كان نكيري عليهم؟ كان اشد النكير واعظم التنكيل. فاياكم وتكذيب هذا الرسول الكريم. فيصيبكم كما اصاب اولئك من العذاب الاليم والخزي الوخيم