المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ونصرناهم فكانوا هم الغالبين. واتيناهم ها هما الكتاب المستقيم وهديناهما الصراط المستقيم يذكر تعالى من على عبديه ورسوليه موسى وهارون ابني عمران. بالنبوة والرسالة والدعوة الى الله تعالى ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون ونصرهما عليه حتى اغرقه الله وهم ينظرون. وانزال الله عليهما الكتاب المستبين. وهو التوراة التي فيها الاحكام والمواقف مواعظ وتفصيل كل شيء. وان الله هداهما الصراط المستقيم. بان شرع لهما دينا ذا احكام وشرائع مستقيمة. موصلة الى الله ومن عليهما بسلوكه. وتركنا عليهما في الاخرين. سلام على موسى وهارون. اي ابقى عليهما ثناء حسنا. وتحية في الاخرين. ومن باب اولى واحرى في الاولين انهما من عبادنا المؤمنين اذ قال لقومه الا تتقون الاولين يمدح تعالى عبده ورسوله الياس عليه الصلاة والسلام بالنبوة والرسالة والدعوة الى الله. وانه امر قومه بالتقوى وعبادة الله وحده. ونهاهم عن عبادتهم صنم من لهم يقال له بعل وتركهم عبادة الله. الذي خلق الخلق واحسن خلقهم ورباهم فاحسن تربيتهم. وادر عليهم النعم الظاهرة والباطنة وانكم كيف تركتم عبادة الله من هذا شأنه. الى عبادة صنم لا يضر ولا ينفع. ولا يخلق ولا يرزق بل لا يأكل ولا يتكلم. وهل هذا الا من اعظم الضلال والسفه والغي فكذبوه فيما دعاهم اليه. فلم ينقادوا له. قال الله متوعدا لهم اي يوم القيامة في العذاب. ولم يذكر لهم عقوبة دنيوية اي الذين اخلصهم الله ومن عليهم باتباع نبيهم فانهم غير محضرين في العذاب. وانما لهم من الله جزيل وتركنا عليه اي على الياس في الاخرين ثناء الحسن اي تحية من الله ومن عباده عليه انه من عبادنا المؤمنين فاثنى الله عليه كما اثنى على اخوانه صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله لوط بالنبوة والرسالة ودعوته الى الله قومه ونهيهم عن الشرك وفعل الفاحشة. فلما لم ينتهوا نجاه الله واهله اجمعين. فسروا ليلا نجوا الا عجوزا في الغابرين. اي الباقيين المعذبين. وهي زوجة لوط. لم تكن على دين بان قلبنا عليهم ديارهم فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود. حتى همدوا وخمدوا وانكم لتمرون عليهم اي على ديار قوم لوط مصبحين افلا تعقلون. وبالليل اي في هذه الاوقات يكثر ترددكم اليها ومروركم بها. فلم تقبل الشك المرية افلا تعقلون الايات والعبر وتنزجرون عما يوجب الهلاك يونس لمن المرسلين. وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله يونس ابن متى. كما اثنى على اخوانه بالنبوة والرسالة والدعوة الى الله. وذكر تعالى عنه انه عاقبه عقوبة دنيوية انجاه منها بسبب ايمانه اعماله الصالحة فقال اذ ابق اي من ربه مغاضبا ظانا انه لا يقدر عليه. ويحبسه في بطن الحوت. ولم يذكر الله ما غاضب عليه. ولا ذنبه الذي ارتكبه. لعدم فائدته بذكره وانما فائدتنا بما ذكرنا عنه انه اذنب. وعاقبه الله مع كونه من الرسل الكرام. وانه نجاه بعد ذلك. وازال عنه المنام وقيض له ما هو سبب صلاحه. فلما ابق لجأ الى الفلك المشحون بالركاب والامتعة فلما ركب مع غيره والفلك شاحن. ثقلت السفينة فاحتاجوا الى القاء بعض الركبان وكأنهم لم يجدوا لاحد مزية في ذلك. فاقترعوا على ان من قرع وغلب القي في البحر عدلا من اهل السفينة. واذا اراد الله امرا هيأ اسبابه. فلما اقترعوا اصابت القرعة يونس. اي مغلوبين فالقي في البحر. فالتقمه الحوت وهو وقت التقامه مليم. اي فاعل ما يلام عليه. وهو مغاضبته لربه اي في وقته السابق بكثرة عبادته لربه وتسبيحه وتحميده وفي بطن الحوت حيث قال لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين اي لكانت مقبرته ولكن بسبب تسبيحه وعبادته لله نجاه الله تعالى وكذلك ينجي الله المؤمنين عند وقوعهم في شدائد فنبذناه بالعراء بان قذفه الحوت من بطنه بالعراء وهي الارض الخالية العارية من كل احد. بل ربما كانت عارية من الاشجار والظلال. وهو سقيم. اي قد سقم مرض بسبب حبسه في بطن الحوت حتى صار مثل الفرخ المنعوط من البيضة تظله بظلها الظليل لانها بادرة باردة الظلال. ولا يسقط عليها ذباب. وهذا من لطفه به وبره ثم لطف به لطفا اخر وامتن عليه منة عظمى وهو انه ارسله الى مئة الف من الناس او يزيدون عنها. والمعنى انهم اما زادوا لم ينقصوا. فدعاهم الى الله تعالى فامنوا فمتعناهم الى حين فامنوا فصاروا في موازينه لانه الداعي لهم بان صرف الله عنهم العذاب بعدما انعقدت اسبابه. قال تعالى فلولا كانت قرية امنة امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس. لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا. ومتعناهم الى حين يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فاستفتيه اي اسأل المشركين بالله غيره الذين عبدوا الملائكة وزعموا انها بنات الله فجمعوا بين الشرك بالله ووصفه بما لا يليق بجلاله اي هذه قسمة وقول جائر من جهة جعله الولد لله تعالى ومن جهة جعلهم اردأ القسمين واخسها له. وهو البنات التي لا يرضونهن لانفسهم. كما قال في الاية الاخرى ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون. ومن جهة جعلهم الملائكة بنات الله. وحكمهم بذلك. قال تعالى قال في بيان كذبهم وهم شاهدون اي ليس الامر كذلك. فانهم ما شهدوا خلقهم. فدل على انهم قالوا هذا القول بلا علم. بل افتراء على الله. ولهذا قال الا انهم من افكهم اي كذبهم الواضح لكاذبون اصطفى البنات على البنين اصطفى اي اختار البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون. ما لكم كيف تحكمون هذا الحكم الجائر؟ افلا تذكروا وتميزون هذا القول الباطل الجائر. فانكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول اي حجة ظاهرة على قولكم من كتاب او رسول وكل هذا غير واقع ولهذا قال فان من يقول قولا لا يقيم عليه حجة شرعية فانه كاذب متعمد او قائل على الله بلا علم. وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا اي جعل هؤلاء المشركون بالله بين الله وبين الجنة نسبا. حيث زعموا ان الملائكة كتبنا الله وان امهاتهم صلوات الجن. والحال ان الجنة قد علمت انهم محضرون بين يدي الله. ليجازيهم عبادا اذلاء فلو كان بينهم وبينه نسب لم يكونوا كذلك. سبحان الله الملك العظيم الكامل الحليم عما يصفه به المشركون من كل وصف اوجبه كفرهم وشركهم فانه لم ينزه نفسه عما وصفوه به. لانهم لم يصفوه الا بما يليق بجلاله. وبذلك فكانوا مخلصين اي انكم ايها المشركون ومن عبدتموه مع الله. لا تقدرون ان تفتنوا وتضلوا احدا. الا من قضى الله انه من اهل الجحيم فينفذ فيه القضاء الالهي. والمقصود من هذا بيان عجزهم وعجز الهتهم عن اضلال احد وبيان كمال قدرة الله تعالى. اي فلا تطمعوا باظلال عباد الله المخلصين. وحزبه المفلحين