وكثرة التضرع والدعاء رجاع اليه عندما يقع منه بعض الخلل بالاقلاع والتوبة النصوح ومن شدة انابته لربه وعبادته ان سخر الله الجبال معه تسبح معه بحمد ربها اول النهار واخره المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم والقرآن بالذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاء هذا بيان من الله تعالى لحال القرآن. وحال المكذبين به معه ومع من جاء به. فقال اي ذي القدر العظيم والشرف المذكر للعباد كل ما يحتاجون اليه من العلم باسماء الله وصفاته وافعاله. ومن العلم باحكام الله الشرعية. ومن العلم باحكام المعادي والجزاء. فهو مذكر لهم في اصول دينهم وفروعه. وهنا الا يحتاج الى ذكر المقسم عليه؟ فان حقيقة الامر ان المقسم به وعليه شيء واحد. وهو هذا القرآن الموصوف بهذا الوصف الجليل بل الذين كفروا في عزة وشقاء. فاذا كان القرآن بهذا الوصف علم ضرورة العباد اليه فوق كل ضرورة وكان الواجب عليهم تلقيه بالايمان والتصديق. والاقبال على استخراج ما يتذكر به منه. فهدى الله من هدى لهذا وابى الكافرون به وبمن انزله وصار معهم. عزة وامتناع عن الايمان به. واستكبار وشقاق له اي مشاقة ومخاصمة في رده وابطاله. وفي القدح بمن جاء به. فتوعدهم باهلاك القرون الماضية المكذبة بالرسل اهلكنا من قبلهم من قرن فنادى ولا تحين مناص. وانهم حين جاءهم الهلاك نادوا واستغاثوا في صرف العذاب عنهم ولكن اي وليس الوقت وقت خلاص مما وقعوا فيه ولا فرج ما اصابهم فليحذر هؤلاء ان يدوموا على عزتهم وشقاقهم فيصيبهم ما اصابهم وعجبوا ان جاءهم منذر منهم اي عجب هؤلاء المكذبون في امر ليس محلي عجب ان جاءهم منذر منهم ليتمكنوا من التلقي عنه وليعرفوه حق المعرفة ولان انه من قومهم فلا تأخذهم النخوة القومية عن اتباعه. فهذا مما يوجب الشكر عليهم وتمام الانقياد له. ولكنه ان عكسوا القضية فتعجبوا تعجب انكار وقالوا من كفرهم وظلمهم. وذنبه عندهم انه اجعل الالهة الها واحدا؟ اي كيف ينهى عن اتخاذ الشركاء والانداد ويامر باخلاص العبادة لله وحده. ان هذا الذي جاء به لشيء عجاب ان يقضي منه العجب لبطلانه وفساده. وانطلق الملأ منهم من امشوا واصبروا على الهتكم منه وانطلق الملأ منهم المقبول قولهم محرضين قومهم على التمسك بما هم عليه من الشرك وانطلق الملأ منهم من امشوا واصبروا على الهتكم. ايستمروا عليها وجاهدوا نفوسكم في الصبر عليها وعلى عباده عبادتها ولا يردكم عنها راد. ولا يصدنكم عن عبادتها صاد ان هذا الذي جاء به محمد من النهي عن عبادتها لشيء يراد. اي يقصد اي له قصد ونية غير صالحة في ذلك هذه شبهة لا تروج الا على السفهاء. فان من دعا الى قول حق او غير حق. لا يرد قوله بالقدح في نيته بنيته وعمله له. وانما يرد بمقابلته بما يبطله ويفسده. من الحجج والبراهين. وهم قصدهم ان محمدا ما دعاكم الى كما دعاكم الا ليرأس فيكم ويكون معظما عندكم متبوعا ما سمعنا بهذا القول الذي قاله. والدين الذي دعا اليه في الملة الاخرة. اي في الوقت الاخير فلا ادركنا عليه ابائنا ولا اباؤنا ادركوا اباءهم عليه. فامضوا على الذي مضى عليه اباؤكم فانه الحق. وما هذا الذي دعا اليه محمد الا اختلاق اختلقه وكذب افتراه. وهذه ايضا شبهة من جنس شبهتهم الاولى. حيث ردوا الحق بما ليس بحجة لرد ادنى قول وهو انه قول مخالف لما عليه اباؤهم الضالون. فاين في هذا ما يدل على بطلانه فانزل فيه الذكر من بيننا اي ما الذي فضله علينا؟ حتى ينزل الذكر عليه من دوننا ويخصه الله به. وهذه ايضا شبهة اين البرهان فيها على رد ما قاله. وهل جميع الرسل الا بهذا الوصف؟ يمن الله عليهم برسالته. ويأمرهم بدعوة الخلق الى الله ولهذا لما كانت هذه الاقوال الصادرة منهم لا يصلح شيء منها لرد ما جاء به الرسول. اخبر تعالى من اين صدرت وانهم في شك من ذكري ليس عندهم علم ولا بينة فلما وقعوا في الشك وارتضوا به وجاءهم الحق الواضح وكانوا جازمين باقامتهم على شكهم قالوا ما قالوا من تلك كالاقوال لدفع الحق. لا عن بينة من امرهم. وانما ذلك من باب الاحتفاك منهم. ومن المعلوم ان من هو بهذه الصفة يتكلم عن شك وعناد ان قوله غير مقبول ولقدح ادنى قدح في الحق. وانه يتوجه عليه الذم واللوم بمجرد كلامه. ولهذا توعدهم بالعذاب فقال اي قالوا هذه الاقوال وتجرأوا عليها حيث كانوا ممتعين في الدنيا لم يصبهم من عذاب الله شيء. فلو ذاقوا عذابه لم يتجرأوا سائل رحمة ربك العزيز الوهاب. فيعطون منها من شاؤوا ويمنعون منها من شاؤوا. حيث قالوا انزل عليه الذكر من بيننا. اي هذا فضله تعالى ورحمته. وليس ذلك بايديهم حتى يتحجروا على الله السماوات والارض وما بينهما فليرتقوا في الاسباب. ام لهم ملك السماوات والارض وما بينهما بحيث يكونون قادرين على ما يريدون. فليرتقوا في الاسباب الموصلة لهم الى السماء. فيقطع الرحمة عن رسول الله. فكيف يتكلمون وهم اعجز خلق الله واضعفهم بما تكلموا به؟ ام قصدهم التحزب والتجند؟ والتعاون على نصر الباطل وخذلان الحق هو الواقع فان هذا المقصود لا يتم لهم بل سعيهم خائب. وجندهم مهزوم. ولهذا قال هنالك مهزوم من الاحزاب يحذرهم تعالى ان يفعل بهم ما فعل بالامم من قبلهم. الذين كانوا اعظم قوة منهم وتحزبا على الباطل قوم نوح وعاد قوم هود وفرعون ذو الاوتاد اي الجنود العظيمة والقوة الهائلة وثمود قوم صالح وقوم لوط واصحاب الايكل اي الاشجار والبساتين الملتفة. وهم قوم شعيب. اولئك الاحزاب. الذين اجتمعوا بقوتهم وعددهم على رد الحق فلم تغني عنهم شيئا ان كل من هؤلاء الا كذب الرسل فحق عليهم عقاب الله. وهؤلاء ما الذي يطهرهم ويزكيهم؟ الا يصيبهم ما اصابهم اولئك فلينتظروا صيحة واحدة ما لها من فواق. اي من رجوع ورد تهلكهم وتستأصلهم ان اقاموا على ما هم عليه وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب. اي قال هؤلاء المكذبون من جهلهم ومعاندتهم الحق مستعجلين للعذاب. ربنا عجل لنا قطنا اي قسطنا وما قسم لنا من العذاب عاجلا ونجوا في هذا القول وزعموا انك يا محمد ان كنت صادقا فعلامة صدقك ان تأتينا بالعذاب. فقال لرسوله اصبر على ما يقولون كما صبر من قبلك من الرسل فان قولهم لا يضر الحق شيئا ولا يضرونك في شيء وانما يضرون انفسهم لما امر الله رسوله بالصبر على قومه امره ان يستعين على الصبر بالعبادة لله لله وحده ويتذكر حال العابدين كما قال في الاية الاخرى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن اعظم العابدين نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ذا الايد اي القوة العظيمة على عبادة الله تعالى في بدنه وقلبه اي رجاع الى الله في جميع الامور بالانابة اليه بالحب والتأله والخوف والرجاء وسخر الطير محشورة معه مجموعة. كل من الجبال والطير لله تعالى اواب. امتثال لقوله تعالى يا جبال اوبي معه والطير. فهذه منة الله عليه بالعبادة. ثم ذكر منته عليه بالملك العظيم قال وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وخصنا وشددنا ملكه اي قويناه وبما اعطيناه من الاسباب وكثرة العدد والعدد التي بها قوى الله ملكه. ثم ذكر منته عليه بالعلم فقال واتيناه الحكمة اي النبوة والعلم العظيم. اي الخصومات بين الناس