المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي واذكر في هذا الكتاب ذي الذكر عبدنا ايوب باحسن الذكر. واثني عليه باحسن الثناء. حين اصابه الضر فصبر على ضر فلم يشتكي لغير ربه ولا لجأ الا اليه. فنادى ربه داعيا واليه لا الى غيره شاكيا. فقال ربياني ثني الشيطان بنصب وعذاب. اي بامر مشق متعب معذب. وكان سلط على جسده فنفخ فيه حتى تقرح. ثم تقيح بعد ذلك واشتد به الامر. وكذلك هلك اهله وماله. فقيل له بارد اركض برجلك اي اضرب الارض بها لينبع لك منها عين تغتسل منها وتشرب. فيذهب عنك الضر والاذى ففعل كذلك فذهب عنه الضر وشفاه الله تعالى وذكرى لاولي الالباب. ووهبنا له اهله قيل ان الله تعالى احياهم له ومثلهم معهم في الدنيا. واغناهم الله واعطاه مالا عظيما. رحمة منا بعبدنا ايوب. حيث صبر فاثبناه من رحمتنا ثوابا عاجلا واجلا اي وليتذكر اولو العقول بحالة ايوب ويعتبر فيعلم ان من صبر على الضر ان الله تعالى يثيب ثوابا عاجلا واجلا. ويستجيب دعاءه اذا دعاه وخذ بيدك ضعثا اي حزمة شماريخ فاضرب به ولا تحنث. قال المفسرون وكان في مرضه وضره قد غضب على زوجته في بعض الامور. فحلف لئن شفاه الله ليضربنها مئة جلدة. فلما شفاه الله وكانت امرأته صالحة محسنة اليه. رحمها الله ورحمه. فافتاه ان تضربها بضغت فيه مئة شمراخ ضربة واحدة. فيبر في يمينه انه اواب. انا وجدناه اي ايوب صابرا. اي ابتليناه بالضر العظيم. فصبر لوجه الله تعالى نعم العبد الذي كمل مراتب العبودية في حال السراء والضراء والشدة والرخاء اي كثير الرجوع الى الله في مطالبه الدينية والدنيوية كثير الذكر لربه والدعاء والمحبة والتأله واسحاق ويعقوب اولي الايدي والابصار. يقول تعالى واذكر عبادنا الذين اخلصوا لنا العبادة ذكرا حسنا. ابراهيم الخليل وابنه اسحاق. وابن ابنه يعقوب. اولي الايدي. اي القوة على عبادة الله تعالى والابصار اي البصيرة في دين الله فوصفهم بالعلم النافع والعمل الصالح الكثير خالصة ذكرى الدار. انا اخلصناهم بخالصة عظيمة وخصيصة جسيمة. وهي ذكرى الدار. جعلنا الدار الاخرة في قلوبهم. والعمل لها صفوة وقتهم. والاخلاص والمراقبة لله وصفهم الدائم. وجعلناهم ذكر الدار. يتذكر باحوال اقوالهم المتذكر ويعتبر بهم المعتبر. ويذكرون باحسن الذكر وانهم عندنا لمن المصطفين. الذين اصطفاهم الله من صفوة خلقه. الاخيار الذين لهم كل خلق كريم مستقيم. اي واذكر هؤلاء الانبياء باحسن الذكر واثني عليهم احسن الثناء. فان كلا منهم من الاخيار الذين اختارهم الله من الخلق. واختار لهم اكمل الاحوال من الاعمال والاخلاق والصفات الحميدة والخصال السديدة هذا اي ذكر هؤلاء الانبياء الصفوة وذكر اوصافهم. ذكر في هذا القرآن ذي الذكر. يتذكر باحوالهم المتذكرون. ويشتاق الى الاقتداء باوصافهم الحميدة المقتدون. ويعرف ما من الله به عليهم من الاوصاف الزكية. وما نشر لهم من الثناء بين البرية هذا نوع من انواع الذكر. وهو ذكر اهل الخير ومن انواع الذكر. ذكر جزاء اهل الخير واهل الشر. ولهذا قال اي وان للمتقين ربهم بامتثال الاوامر واجتناب النواهي من كل مؤمن ومؤمنة اي لمآبا حسنا ومرجعا مستحسنا ثم فسره وفصله فقال جنات عدن اي جنات اقامة لا يبغي صاحبها بدلا منها من كمالها وتمام نعيمها. وليسوا بخارجين منها ولا بمخرجين. اي مفتحة لاجلهم ابواب منازلها ومساكنها. لا يحتاجون ان يفتحوها هم بل هم مخدومون. وهذا دليل ايضا على الامان التام. وانه ليس في جنات عدن ما يوجب ان تغلق لاجله ابوابها متكئين فيها على الارائك المزينات والمجالس المزخرفات يدعون فيها اي يأمرون خدامهم ان ان يأتوا من كل ما تشتهيه نفوسهم وتلذه اعينهم وهذا يدل وعلى كمال النعيم وكمال الراحة والطمأنينة وتمام اللذة وعندهم من ازواجهم الحور العين قاصرات طرفهن على ازواجهن وطرف ازواجهن عليهن. لجمالهم كله ومحبة كل منهما للاخر. وعدم طموحه لغيره. وانه لا يبغي بصاحبه بدلا ولا عنه عوضا اي على سن واحد. اعدل سن الشباب واحسنه والذه هذا ما توعدون ايها المتقون. ليوم الحساب جزاء على اعمالكم الصالحة ان هذا لرزقنا الذي اوردناه على اهل دار النعيم اي انقطاع بل هو دائم مستمر في جميع الاوقات. متزايد في جميع الانات. وليس هذا بعظيم على الرب الكريم الرؤوف الرحيم البر الجواد الواسع الغني الحميد اللطيف الرحمان الملك الديان الجليل الجليل المنان ذي الفضل الباهر والكرم المتواتر الذي لا تحصى نعمه ولا يحاط ببعض بره هذا الجزاء للمتقين ما وصفناه. وان للطاغين اي المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي اي لشر مرجع ومنقلب. ثم فصله فقال جهنم التي جمع فيها كل عذاب واشتد حرها وانتهى قرها. يصلونها اي يعذبون فيها عذابا يحيط بهم من كل وجه لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل. فبئس المهاد المعد لهم مسكنا ومستقرا هذا المهاد هذا العذاب الشديد والخزي والفضيحة والنكال فليذوقوه حميم ماء حار قد اشتد حره يشربونه قطعوا امعائهم. وهو اكره ما يكون من الشراب من قيح وصديد. مر المذاق كريه الرائحة واخر من شكله اي من نوعه ازواج اي عدة اصناف من اصناف العدد يعذبون بها ويخزون بها. وعند تواردهم على النار يشتم بعضهم بعضا. ويقول بعضهم لبعض لا مرحبا بهم انهم صالون النار. هذا فوج مقتحم معكم النصر قالوا اي الفوج المقبل المقتحم انتم لا مرحبا بكم انتم قدمتموه لنا فبئس القرار. انتم قدمتموه اي العذاب لنا بدعوتكم لنا وفتنتكم واضلالكم وتسببكم. فبئس القرار. قرار الجميع قرار السوء والشر ثم دعوا على المغوين لهم وقال في الاية الاخرى قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالوا ما لنا الا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار. وقالوا وهم في النار كان ارى رجالا كنا نعدهم من الاشرار. اي كنا نزعم انه من الاشرار المستحق لعذاب النار وهم المؤمنون. تفقدهم اهل النار قبحهم الله. هل يرونهم في النار اي عدم رؤيتنا لهم دائر بين امرين. اما اننا غالطون في عدنا اياهم من الاشرار بل هم من الاخيار وانما كلامنا لهم من باب السخرية والاستهزاء بهم. وهذا هو الواقع. كما قال تعالى لاهل النار انه كان انا فريق من عبادي يقولون ربنا امنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين. فاتخذتموهم سخريا حتى انسوكم ذكري كنتم منهم تضحكون. والامر الثاني انهم لعلهم زاغت ابصارنا عن رؤيتهم معنا في العذاب. والا فهم معنا معذبون. ولكن تجاوزتهم ابصارنا فيحتمل ان هذا الذي في قلوبهم فتكون العقائد التي اعتقدوها في الدنيا وكثرة ما حكموا لاهل الايمان بالنار تمكنت من قلوبهم وصارت صبغة لها. فدخلوا النار وهم بهذه الحالة. فقالوا ما قالوا. ويحتمل ان كلامهم هذا كلام كما موهوا في الدنيا موهوا حتى في النار. ولهذا يقول اهل الاعراف لاهل النار. اهؤلاء الذين اقسمتم لا ينالهم الله رحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون. قال الله تعالى مؤكدا ما اخبر به وهو اصدق القائلين ان ذلك لحق تخاصم اهل النار. ان ذلك الذي ذكرت لكم لحق ما فيه شك ولا مرية تخاصم اهل النار