بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وامام المتقين وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد حياكم الله ايها الاخوة في اللقاء الثالث من الشرح والتعليق على رسالة مختصرة في اصول الفقه وهي الرسالة اللطيفة التي صنفها والفها الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وقد توقف بنا الكلام على قوله رحمه الله ومنها مجمل ومبين فما اجمله الشارع في موضع وبينه ووضحه في موضع اخر وجب الرجوع فيه الى بيان الشارع الى اخره شرع المؤلف في الكلام على المجمل والمبين والمجمل ما يتوقف فهم المراد منه على غيره اما في تعيينه واما في بيان صفته او في بيان مقداره مثال ما يحتاج الى غيره في تعيينه قول الله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون فان القرء او القرب لفظ مشترك بين الحيض والطهر فيحتاج الى تعيين احدهما ومثال ما يحتاج الى غيره في بيان بصفته قول الله تعالى واقيموا الصلاة فان الامر بايقام الصلاة مجمل ومجهول بالنسبة لنا لكن جاءت السنة كما سيأتي ببيان ذلك ومثال ما يحتاج الى غيره في بيان مقداره قول الله تعالى واتوا الزكاة فان القدر الواجب هنا مجهول فيحتاج الى بيان وقالوا المجمل والمبين المبين هما هو ما يفهم المراد منه اما باصل الوضع او بعد التبيين مثال ما يفهم المراد منه باصل الوضع كلمة ارظ وكلمة سماء وكلمة صدق وكلمة عدل كلمة ظلم هذه الكلمات يفهم معناها باصل الوضع ولا تحتاج الى غيرها في بيان معناها ومثال ما يفهم المراد منه بعد البيان ما تقدم من قول الله عز وجل واقيموا الصلاة واتوا الزكاة فان الامر بهما مجمل جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام تارة وبفعله تارة قال رحمه الله وقد اجمل في القرآن كثير من الاحكام وبينتها السنة فوجب الرجوع الى بيان الرسول صلى الله عليه وسلم فانه المبين عن الله ونظير هذا يعني نظير ما في القرآن من مجمل ومبين ان منها محكما ومتشابه فيجب ارجاع المتشابه الى المحكم هناك محكم ومتشابه والمحكم قيل هو ما اتضح معناه هذا هو المحكم ما كان معناه واضحا والمتشابه ما خفي معناه او احتمل اكثر من معنى القرآن او الاحكام الشرعية عموما فيها محكم وفيها متشابه ويجب فيجب رد المتشابه الى المحكم. ولهذا قال الله عز وجل قلنا امور كتاب واخر متشابهات. فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله قال رحمه الله ومنها ناسخ ومنسوخ. اي ان من النصوص الشرعية ما يكون منسوخا ومنها ما يكون ناسخا والنسق هو رفع حكم شرعي او لفظه بدليل من الكتاب والسنة هذا هو النسخ ان يرفع الحكم الشرعي او ان يرتفع دليل الحكم الشرعي او لفظه بدليل من الكتاب والسنة. هذا هو حد النسخ. رفع حكم دليل شرعي او لفظه. بدليل من الكتاب والسنة. قال الله تعالى ما ننسخ من اية او نسها نأتي بخير منها او مثلها يقول المؤلف رحمه الله والمنسوخ في الكتاب والسنة قليل يعني ان غير المنسوخ ان غير المنسوخ اكثر من المنسوخ. وهو كذلك قال فمتى امكن الجمع بين النصين وحمل كل واحد منهما على حال وجب ذلك. بين المؤلف رحمه الله هنا شروط النسخ ان نسكو لا يقال به الا بشروط منها اولا تعذر الجمع بين الدليلين سعاد آآ النسخ لا يشار اليه الا بشرطين الشرط الاول تعذر الجمع بين الدليلين فان امكن الجمع بين الدليلين فانه لا نسخ. لامكان العمل بكل منهما لان في النسخ لان في النسخ ابطالا لاحد الدليلين وفي عدم النسخ اعمال في كلا الدليلين الشرط الثاني من الشروط العلم بتأخر الناسخ ان يكون الناس يكون متأخرا ويعلم ذلك اما بالنص او بخبر الصحابي او نحو ذلك ومن الشروط ايضا ثبوت ناسخ ان يكون الناسخ ثابتا فان لم يكن ثابتا فانه لا نسخ قال رحمه الله ولا يعدل الى النسخ الا بنص من الشارع. يعني ان ينص الشارع على ان هذا النص منسوخ كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها قال او تعارظي ان الصين الصحيحين الذين لا يمكن حمل كل منهما على معنى مناسب فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم فان تعذر معرفة المتقدم والمتأخر رجعنا الى الترجيحات الاخرى هذا هو الشرط الثاني ان يتعارض النصان بحيث لا يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه. فان امكن الجمع فان هذا هو الواجب لان في الجمع اعمالا لكلا الذيلين وفي القول بالنسخ ابطال لاحدهما يقول المؤلف رحمه الله فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم ومن ذلك اعني من امثلة ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان فيما انزل من القرآن عشر واما بالنسبة لنا فيكون حكمه حكم ذلك المجمل ان كان المجمل واجبا كان واجبا. وان كان المجمل غير واجب فليس بواجب فمثلا قول الله تبارك وتعالى واقيموا الصلاة هذا امر باقام الصلاة الشرور ضاعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس. وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يتلى من القرآن فان تعذر ذلك يقول المؤلف فان تعذر معرفة المتقدم والمتأخر رجعنا الى الترجيحات الاخرى اذا امكن فان لم يمكن فالتوقف والنسخ له حكم عظيمة. منها مراعاة مصالح العباد بحيث ان الله عز وجل يشرع لعباده في زمان او مكان ما هو انفع لهم في دينهم ودنياهم ومنها ايضا امتحان العباد هل يقبلون هذا الشرع وهذا الحكم الذي نزل من الله عز وجل وينتقل من حكم الى حكم او يكون عندهم تردد وتوقف ومنها ايضا التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال ثم قال المؤلف رحمه الله ولهذا اذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله قدم قوله لانه امر او نهي ثم وحمل فعله على الخصوصية له وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم تنبني على هذا الاصل اذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فان امكن الجمع بينهما فهذا هو الواجب فاذا تعارض القول والفعل فان امكن الجمع بينهما فهذا هو الواجب وان لم يمكن الجمع فانه يؤخذ بالقول ويحمل الفعل على الخصوصية هذا هو الواجب في مثل هذه الحال. اذا اذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فانه يجمع بينهما متى امكن فان لم يمكن الجمع فانه يقدم القول اولا لان الفعل يحتمل الخصوصية. وثانيا ايضا ان الفعل ربما يحتمل النسيان وان كان هذا بعيدا. قال وحمل فعله على الخصوصية فخصائص النبي صلى الله عليه وسلم بني على هذا الاصل وكذلك اذا فعل شيئا على وجه العبادة ولم يأمر به الصحيح انه للاستحباب وان فعله على وجه العادة دل على الاباحة وما اقره الى اخره افعال النبي صلى الله عليه وسلم قسمها اهل العلم من اهل الاصول الى اقسام القسم الاول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى الطبيعة والجبلة كالاكل والشرب والنوم فهذا لا حكم له في ذاته بان الله تعالى فطر الخلق جميعا وجبلهم على الاكل والشرب والنوم فهذا الفعل لا حكم له في ذاته. لكن قد يكون مأمورا به او منهيا عنه بسبب او قد يكون له صفة مطلوبة فمثلا الاكل طبيعة وجبلة. لكن له صفة مضروبة ان يأكل بيده اليمنى وان يأكل من مما يليه هذا هو القسم الاول من افعال النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله بمقتضى الجبلة والطبيعة فلا حكم له في ذاته لكن قد يكون مطلوبا من جهة اخرى القسم الثاني ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى العادة او بحسب العادة اللباس فهذا مباح ايضا في حد ذاته. لكن قد يكون مأمورا به او منهيا عنه لسبب فمأمورا به كلبس البياض ومنهيا عنه كلبس ما نزل من الكعبين ابو لبس الخيلاء او ما فيه التصاوير ونحو ذلك القسم الثالث من افعال الرسول صلى الله عليه وسلم. ما فعله صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوصية سيكون خاصا به لا يتعداه الى غيره كالوصال في الصوم وكنكاح الهبة قال الله تبارك وتعالى يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين القسم الرابع من اقسام افعال الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله تعبدا بمعنى انه فعله ويظهر فيه معنى التعبد فهذا بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم يكون واجبا حتى يحصل به البلاغ واما بالنسبة لنا فانه يدل على المشروعية لان فعل النبي صلى الله عليه وسلم له تعبدا يدل على المشروعية والاصل عدم التأثيم بالترك ومن امثلة ذلك حديث عائشة رضي الله عنها انها سئلت باي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ اذا دخل بيته قالت يبدأ بالسواك فليس في السواك عند دخول البيت الا مجرد الفعل من الرسول صلى الله عليه وسلم ويظهر في هذا معنى التعبد فيكون الدخول بالسواك او التسوق عند دخول البيت يكون سنة وليس واجبا القسم الخامس ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بيانا لمجمل فهذا بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم يكون واجبا حتى يحصل البيان وهو وهو الوجوب وبينه النبي صلى الله عليه وسلم فيكون ذلك واجبا ومثال ما ليس بواجب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين خلف المقام بيانا لقوله تبارك وتعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى اه هذه الاقسام المتعلقة في افعال الرسول صلى الله عليه وسلم يقول يقول المؤلف رحمه الله وان فعله على وجه العادة دل على الاباحة. ثم قال وما اقره النبي صلى الله عليه وسلم من الاقوال والافعال حكم عليه بالاباحة او غيرها على الوجه الذي اقره اذا اقر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فهو دليل على جوازه على الوجه الذي اقره قولا كان ام فعلا فمثال اقرار النبي صلى الله عليه وسلم على القول اقراره للجارية التي سألها اين الله؟ قالت في السماء قال اعتقها فانها مؤمنة ومثال اقراره على الفعل اقراره صاحب السرية الذي كان يقرأ لاصحابه فيختم قراءته بقل هو الله احد فقال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم سلوه لاي شيء كان يصنع ذلك؟ فسألوه فقال لانها صفة الرحمن واحب ان اقرأها فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخبروه ان الله يحبه فهذا دليل على جواز مثل هذا الفعل. ولكنه لا يدل على مشروعيته وعلى طلبه لان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك وبهذا نعلم ان المشروعية اعني طلب الفعل انما تؤخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن فعله واما اقراره فانه يدل على الجواز واقوال النبي صلى الله عليه وسلم وافعاله تدل على المشروعية. فاذا قال قولا دل على مشروعيته واذا فعل فعلا دل على مشروعيته واما اقراره على الشيب او للشيء فانه يدل على جوازه الا ان يقترن بذلك ادلة اخرى تدل على مشروعيته ثم قال المؤلف رحمه الله فصل واما الاجماع فهو اتفاق العلماء المجتهدين شرع المؤلف رحمه الله في بيان الدليل الثالث من الادلة الشرعية وهو الاجماع والاجماع هو اتفاق المجتهدين من هذه الامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي هذا هو الاجماع ان يتفق المجتهدون من امة محمد صلى الله عليه وسلم بعد موته على حكم شرعي يقول واما الاجماع فهو اتفاق العلماء المجتهدين على حكم حادثة يعني شرعية قطعنا باجماعهم وجب الرجوع الى اجماعهم ولم تحل مخالفتهم لقوله تبارك وتعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس وقوله شهداء على الناس شامل للشهادة على اعمالهم وعلى احكام اعمالهم والشهيد قوله مقبول وقال عز وجل فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول وهذا يدل على ان ما اتفقوا عليه حق ومما يدل على حجية الاجماع ايضا قول النبي عليه الصلاة والسلام لا تجتمعوا امتي على ضلالة اه قال وجب الرجوع اليهم ولم تحل مخالفتهم يعني لا تحل مخالفة هذا الاجماع يقول ولابد ان يكون هذا الاجماع مستندا الى دليل من الكتاب والسنة. كل اجماع لابد له من مستند اما من كتاب الله واما من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ان الاجماع على نوعين اجماع قطعي وهو ما يعلم وقوعه من الامة بالضرورة الاجماع على وجوب الصلاة وجوب الزكاة ووجوب الحج وهذا النوع لا ينكره احد بل يكفر مخالفه اذا كان ممن لا يجهله فلو ان شخصا مثلا قال الصلوات الخمس ليست واجبة فان هذا القول كفر لانه مخالف لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولاجماع المسلمين والنوع الثاني من اجماع الاجماع الظني وهو الذي لا يعلم الا بالتتبع والاستقراء هذا يحتاج الى تثبت ولهذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الوسطية والاجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح اذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الامة بل قال الامام احمد رحمه الله من ادعى الاجماع فهو كاذب وما يدريه لعلهم اختلفوا والاجماع انما يكون حجة بشروط الشرط الاول ان يثبت الاجماع بطريق صحيح بان ينقله العلماء الذين يوثق بنقلهم للاجماع وثانيا من شروط الا يسبقه خلاف مستقر فان سبقه خلاف مستقر فانه لا اجماع بان الاقوال لا تبطل بموت قائليها الاجماع لا يرفع الخلاف السابق وانما يمنع من حدوث خلاف ثم قال المؤلف رحمه الله واما القياس الصحيح وقوله واما القياس الصحيح هذا هو الدليل الرابع من الادلة الشرعية وقول القياس الصحيح احترازا من القياس الفاسد وهو ما اختل احد اركانه والقياس عرفه المؤلف بقوله الحاق فرع باصل لعلة تجمع بينهما هذا هو القياس الحاق اصل بفرع بعلة بينهما فيلحق الاصل آآ فيلحق الفرع بالاصل بوجود علة تجمع بينهما ويسوى بينهما بالحكم. ولهذا قال بعضهم في تعريف قياس انه تسوية فرع باصل في حكم لعلة جامعة الاصل هو المقيس عليه والفرع هو المقيس والعلة هي المعنى الذي ثبت بسببه حكم الاصل والقياس دليل معتبر شرعا قال الله عز وجل الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان والميزان هو ما توزن به الامور ويقاس بها وقال عز وجل كما بدأنا اول خلق نعيده ولهذا قال ابن القيم رحمه الله ان كل مثل ظربه الله تعالى في القرآن فهو دليل على القياس وقد ايضا جاءت السنة بما يدل على القياس او على حجية القياس فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سألته عن امها قال ارأيت لو كان على امك دين كنت قاضيته؟ قالت نعم. قال خذوا الله. فالله احق بالوفاء يقول المؤلف رحمه الله فمتى نص الشارع على مسألة ووصفها بوصف او استنبط العلماء انه شرع لذلك الوصف ثم وجد ذلك الوصف في مسألة اخرى لم ينص الشارع على عينها من غير فرق بينها وبين النصوص وجب الحاقها بها في حكمها لان الشارع حكيم لا يفرق بين المتماثلات في اوصافها كما لا يجمع بين المختلفات آآ بين المؤلف رحمه الله القياس فقال مات نص الشارع على مسألة ووصفها بوصف وذلك ان الاحكام الشرعية من حيث العلة على اقسام ثلاثة القسم الاول ما لا تعلم علته ويسمى حكما تعبديا اي غير معقول المعنى والقسم الثاني ما كانت علته منصوصة. اي ان الشارع نص على العلة والقسم الثالث ما كانت علته مستنبطة. يعني ان المجتهد او ان المجتهدين اجتهدوا في معرفة علة الحكم اذا الاحكام الشرعية من حيث العلة او الحكمة على اقسام ثلاثة القسم الاول ما لا تعلم علته وحكمته ويسمى حكما تعبديا لانا لا نعقل علته وحكمته. وان كانت له علة. لان الله عز وجل لا يشرع الشرائع عبثا سبحانه وتعالى. بل كل ما شرعه الله تعالى فهو لحكمة عالمها من علمها وجهلها من جهلها وليس جهلنا بشيء من ذلك دليل على انه لا حكمة فيها بل هو دليل على نقص علمنا وقصور من امثلة ذلك المقادير يعني التي قدرها الله تعالى من الاحكام الشرعية واعداد الصلوات فلو سألك سائل بماذا كانت صلاة الظهر اربعا والفجر ركعتان والمغرب ثلاث ركعات يقول الله اعلم لا نعقل ذلك مثل هذا المسمى حكما تعبديا. والغالب ان الاعداد والمقادير انها تعبدية القسم الثاني ما كانت علته منصوصة. يعني ان الشارع نص على العلة واضرب لذلك مثالا من القرآن والسنة قال الله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعمي يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسبوحا او لحم خنزير فانه رجس فقوله فانه رجس. هذا هو علة الحكم والمعنى الذي من اجله جاء الحكم وهو قوله فانه فانه رجس فدل ذلك على ان كل رجز يعني ان كل نجس فهو محرم ومثال من السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يتناجى اثنان دون الثالث من اجل ان ذلك يحزنه وقوله من اجل ان ذلك يحزنه هذا تعليل للحكم ويؤخذ منه ان كل ما يدخل الحزن على المسلمين فانه يكون محرما القسم الثالث من اقسام العلة العلة المستنبطة يعني التي استنبطها المجتهد ومن امثلتها قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقضي القاضي وهو غضبان نهى النبي صلى الله عليه وسلم القاضي ان يقضي وهو غضبان استنبط العلماء العلة من ذلك قالوا لان الغضب يوجب تشوش الفكر والحكم على الشيء فرع عن تصوره فاذا تشوش فكر القاضي لم يتمكن من تصور القضية كما ينبغي. ومن ثم يخطئ في الحكم اه فتبين بهذا ان العلة علة تعبدية او حكم تعبدي وحكم معلل بعلة منصوصة وحكم معلل بعلة مستنبطة يقول المؤلف رحمه الله ثم وجد وجد ذلك الوصف في مسألة اخرى لم ينص الشارع على عينها من غير فرق بينهما وبين منصوص وجب الحاقهما بها في حكمها لان الشارع لا يفرق بين متماثلين لا يفرق بين المتماثلات في كما لا يجمع بين المختلفات فمن امثلة ذلك حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير الحديث تبين هنا ان البر يجري فيه الربا يجري فيه الربا فيقاس على البر ما كان مشابها له الرز مثلا فنقول انه يجري الربا في الرز قياسا على البر بجامع بجامع ان كلا منهما مكيل ومطعوم والشارع كما قال المؤلف لا يفرق بين المتماثلات كما لا يجمع بين المختلفات والمفترقات قال وهذا القياس الصحيح هو الميزان الذي انزله الله تعالى وهو متظمن للعدل وما يعرف به العدل والقياس انما يعجل اليه وحده اذا فقد النص. فهو اصل يرجع اليه اذا تعذر غيره. وهو مؤيد للنص اه فجميع ما نص الشارع على حكمه فهو موافق للقياس لا مخالف له وفي قول المؤلف رحمه الله فجميع منص الشارع على حكمه هو موافق للقياس فيه رد على من قال من العلماء عن بعض الاحكام الشرعية انها جائزة لكنها مخالفة للقياس فكونهم يقولون عن هذا الحكم الشرعي الثابت انه مخالف للقياس لا ريب ان هذا القول باطل وذلك لان الشرع هو القياس الشرع هو الحاكم لا انه محكوم عليه ولا يمكن ان الشارع ان يشرع شيئا او ان يحكم بشيء ويكون مخالفا للقياس والنظر الصحيح يقول المؤلف رحمه الله فصل واخذ الاصوليون من الكتاب والسنة اصولا كثيرة بنوا عليها احكاما كثيرة جدا ونفعوا ونافعوا وانتفعوا بها. فمنها اليقين لا يزول بالشك ادخلوا فيه من العبادات والمعاملات والحقوق شيئا كثيرا. فمتى حصل له الشك في شيء منها رجع الى الاصل شقا آآ الشعب المؤلف رحمه الله هنا قال اخذ العلماء رحمهم الله من نصوص الكتاب والسنة قواعد جامعة تنبني عليها احكام كثيرة. هذه القواعد في الواقع هي اصول شرعية لكنها مستمدة من نصوص الكتاب والسنة فمنها اولا اليقين لا يزول بالشك اليقين يعني ان الامر المتيقن ثبوته لا يزول بالشك لا يزال حكمه بالشك والشك هو التردد بين امرين لا مزية لاحدهما على الاخر وهذه القاعدة دلت عليها السنة فان النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي يجد الشيء في الصلاة قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا او يجد هذه القاعدة تدخل في ابواب كثيرة من ابواب العبادات ومن ابواب المعاملات ونضرب امثلة من هذا وهذا فمثلا انسان تيقن الطهارة. توضأ وتيقن الطهارة ثم شك في انتقاض وضوءه فانه لا يلتفت الى هذا الشك بل حتى لو غلب على ظنه ان وظوءه قد انتقظ فانه لا يلتفت الى غلبة الظن وذلك لان الطهارة هنا يقين واليقين لا يزول الا بيقين على العكس من ذلك انسان محدث وشك هل توظأ او لم يتوضأ لا يلتفت الى هذا الشك ويرجع الى الاصل وهو انه محدث حتى لو غلب على ظنه انه قد توضأ فانه لا يعمل بغلبة الظن. لان الحدث هنا متيقن واليقين لا يزول بالشك ولا يزول بغلبة الظن كذلك ايضا لو كان انسان عنده اناء فيه ماء ثم غاب عنه ورجع اليه وشك هل تنجس هذا الماء او لم يتنجس؟ فيرجع الى الاصل وهو الطهارة لان طهارة الماء يقين وكونه تنجس شك والشك وهو اليقين لا يزول بالشك كذلك ايضا هذه القاعدة آآ تجري في ابواب النكاح فانسان مثلا شك في طلاق زوجته. هل طلقها او لم يطلقها؟ نقول لا تلتفت الى هذا الشك لان لدينا اصلا متيقنا وهو بقاء عقد النكاح انت شككت بزوال هذا الاصل والاصل بقاء ما كان على ما كان كذلك ايضا لو ان شخصا ارتظع من امرأة وشك هل هذا الرضاع محرم؟ او ليس محرما؟ فالاصل عدم التحريم لان الاصل عدم وجود آآ الركن اذا اليقين لا يزول بالشك. يقول المؤلف ادخلوا فيه. يعني في هذه القاعدة من العبادات والمعاملات والحقوق شيئا كثيرا فمتى حصل له الشك في شيء منها؟ رجع الى الاصل متيقن. وقالوا الاصل الطهارة في كل شيء الاصل في كل شيء الطهارة في الارض والملابس والمياه وغيرها والاصل ايضا الاباحة الا ما دل الدليل على نجاسته او تحريمه. فها هنا اصلان. الاصل الطهارة وثانيا الاصل اه الاباحة الدليل على ان الاصل الطهارة قول النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي. وهذا يدل على ان الاصل في جميع الاراضي الطهارة وقوله ايضا في العدول للتيمم آآ ايضا الاصل الاباحة في جميع الاشياء انها مباحة فلا يحكم بالتحريم الا بدليل وهنا ايضا زيادة للايضاح نبين ان الاشياء اربعة عبادات ومعاملات واعيان وعادات فهذه اربعة اشياء. الاول العبادات الاصل العبادات الحظر والمنع بمعنى ان الانسان لا يجوز ان يتعبد بعبادة حتى يعلم ان الشرع دل عليها قال الله عز وجل ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وعلى هذا فلو تنازع شخصان في مشروعية عبادة او في عدم مشروعيتها فالقول قول من يقول بعدم المشروعية لان الاصل عدم المشروعية فالذي يدعي المشروعية هو الذي يطالب بالدليل ثانيا المعاملات من بيع وايجارة ورهن وحوالة وضمان وغيرها الاصل فيها الحل والاباحة قال الله عز وجل واحل الله البيع وحرم الربا ولو تنازع شخصان في معاملة احدهما يقول انها محرمة والاخر يقول انها مباحة فالقول قول من يدعي اباحة بان الاصل معه واحل الله البيع وحرم الربا ثالثا الاعيان التي خلقها الله تعالى ما خلقه الله تعالى من الاعيان من من الاشجار وما فيها من الثمر ومن الحيوانات وغيرها. الاصل فيها الحل والاباحة قال الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا وقال عز وجل وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه ثمن ادعاء حرمة او حرمة حيوان فعليه الدليل على تحريمه. والا فان الاصل هو الحل والاباحة رابعا العادات ما اعتاده الناس من العادات سواء كان ذلك في مآكلهم او في مشاربهم او في ملابسهم او في مساكنهم. فالاصل فيه الحل والاباحة ما لم يكن فيه مخالفة للشرع فاذا اعتاد الناس ان يأكلوا الطعام على طريقة معينة او في اوقات معينة او بصفة معينة فالاصل في ذلك الحل والاباحة. اذا اعتادوا ان يلبسوا اللباس على صفة معينة الاصل فيها الحل والاباحة ما لم تكن في ما لم يكن في ذلك مخالفة للشرع ثم قال المؤلف رحمه الله هو الاصل براءة الذمم من الواجبات ومن حقوق الخلق حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك الاصل براءة الذمة من الواجبات ومن الحقوق براءة الذمة من الواجبات المتعلقة بحق الله عز وجل وذلك فيما اذا صدر هذا الفعل او الواجب من اهل الاصل ان ذمته تبرأ من ذلك ويكون قد برئت ذمته وسقط الطلب فمثلا لو ان شخصا صلى صلاة الظهر وهو اهل لذلك فان ذمته تبرأ بذلك حتى لو جاء انسان وشككه في هذا فلا يلتفت الى هذا الشك لان الاصل سقوط الطلب وبراءة الذمة الا ان يتيقن ان هناك خللا في هذه العبادة التي فعلها كذلك ايضا الاصل براءة الذمة من حقوق الخلق ولو ان شخصا ادعى على اخر وقال في ذمتك لي كذا وكذا. فالاصل براءة الذمة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم واموالهم ولكن البينة على المدعين وكل انسان يدعي على شخص دعوى مالية او دعوة حقوق او نحو ذلك فعليه ان يثبت هذا الشيء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من قال والاصل بقاء ما اشتغلت به الذمم من حقوق الله وحقوق عباده حتى يتيقن البراءة والاداء الاصل بقاء ما اشتغلت به الذمم الانسان مثلا اذا خوطب بعبادة وفعل هذه العبادة على وجه كامل وتيقن ذلك او غلب على ظنه فان ذمته تبرأ. لكن لو انه شك وصول خلل في هذه العبادة من عدم استقبال القبلة او عدم الطهارة او نحو ذلك فالاصل ان ذمته تبقى مشغولة حتى يتيقن البراءة والاداء ايضا اه في حقوق العباد انسان مثلا قد تيقن ان في ان في ذمته لفلان كذا وكذا من الدراهم وشك هل ادى هذا الحق او لم يؤدي فالاصل ان الحق باق وهذا كله مأخوذ من هذه القاعدة السابقة اليقين لا يزول بالشك الاصل ويتفرع عنها الاصل بقاء ما كان على ما كان وهذه القاعدة الاصل بقاء ما كان على ما كان هي من فروع اليقين لا يزول بالشك. لان ما ثبت يقينا لا يزول الشك بل لا يزول الا بيقين اه هذا ما تيسر الكلام عليه في هذا اللقاء وفي هذا الدرس ونستكمل ما تبقى من هذه الرسالة في الدرس القادم ان شاء الله تعالى اسأل الله عز وجل ان يرزقنا جميعا الاخلاص في القول والعمل. وان يهب لنا منه رحمة انه هو الوهاب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين