السيئة السوء. ومن عمل صالحا من ذكر او انثى وهو اولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب. ومن عمل صالحا من ذكر او انثى من اعمال القلوب والجوارح واقوال اللسان هو الذي يقضي قضاؤه القدري الذي اذا شاء شيئا كان وما لم يشأ لم يكن وهو الذي يقضي بين عباده المؤمنين والكافرين في الدنيا ويفصل بينهم بفتح ينصر به اولياءه واحبابه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانذرهم يوم الازفة اي يوم القيامة التي قد وقربت وان الوصول الى اهوالها وقلاقلها وزلازلها. اي قد ارتفعت بقيت افئدتهم هواء ووصلت القلوب من الروع والكرب الى الحناجر. شاخصة ابصارهم كاظمين. لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة ما للظالمين من حميم اي قريب ولا صاحب ولا شفيع يطاع لان الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك. ولو قدرت شفاعتهم فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم لا يقبلها. يعلم وخائنة الاعين. وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه. وهو نظر المصارقة مما لم يبينه العبد لغيره. فالله تعالى يعلم ذلك الخفي. فغيره من الامور الظاهرة من باب اولى واحرى والله يقضي بالحق. والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء الله هو السميع البصير. والله يقضي بالحق لان قوله حق وحكمه الشرعي حق وحكمه الجزائي حق. وهو المحيط علما وكتابة وحفظا بجميع الاشياء. وهو المنزه عن الظلم والنقص وسائر العيوب والذين يدعون من دونه. وهذا شامل لكل ما عبد من دون الله. لا يقضون بشيء. لعجزهم وعدم ارادتهم للخير في طاعتهم لفعله. ان الله هو السميع لجميع الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات. البصير بما كان وما يكون. وما نبصر وما لا نبصر. وما يعلم العباد ما لا يعلمون. قال في اول هاتين الايتين وانذرهم يوم الازفة ثم وصفها بهذه الاوصاف المقتضية للاستعداد لذلك اليوم العظيم عظيم لاشتمالها على الترغيب والترهيب وما كان لهم من الله منهم كانت تأتيهم رسلهم يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ومن يضلل الله فما له من هاد. لان الهدى بيد الله تعالى. فاذا منع عبده الهدى لعلمه انه غير لائق به لخبثه بينات فكفروا فاخذهم الله انه قوي شديد العقاب. يقول قال اولم يسيروا في الارض اي بقلوبهم وابدانهم سير نظر واعتبار وتفكر في الاثار. فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم من المكذبين. فسيجدونها شر العواقب عاقبة الهلاك والدمار والخزي والفضيحة. وقد كانوا اشد قوة من هؤلاء في العدد والعدد وكبر الاجسام واشد اثارا في الارض من البناء والغرس. وقوة الاثار تدل على قوة المؤثر فيها وعلى تمنعه بها فاخذهم الله بعقوبته بذنوبهم حين اصروا واستمروا عليها انه قوي شديد العقاب. فلم تغن قوتهم عند قوة الله بل من اعظم الامم قوة او معاد الذين قالوا من اشد منا قوة ارسل الله اليهم ريحا اضعفت قواهم ودمرتهم كل تدمير. ثم ذكر نموذجا من احوال المكذبين بالرسل. وهو فرعون وجنوده فقال موسى باياتنا وسلطان مبين. اي ولقد ارسلنا الى جنس هؤلاء المكذبين. موسى ابن عمران باياتنا عظيمة الدالة دلالة قطعية على احقية ما ارسل به. وبطلان ما عليه من ارسل اليهم من الشرك وما يتبعه. وسلطان مبين اي حجة بينة تتسلط على القلوب فتذعن لها كالحية والعصا ونحوهما من الايات البينات. التي ايد الله بها موسى ومن مما دعا اليه من الحق. والمبعوث فرعون وهامان وزيره وقارون الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم بماله. وكلهم ردوا عليه اشد الرد فقالوا ساحر كذاب معه واستحيوا واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين الا في ضلال. فلما جاء بالحق من عندنا وايده الله بالمعجزات الباهرة الموجبة لتمام الاذعان. لم يقابلوها بذلك ولم يكفيهم مجرد الترك والاعراض بل ولا انكارها ومعارضتها بباطلهم. بل وصلت بهم الحال الشنيعة الى ان قالوا اقتلوا ابناء الذين امنوا معه الا في ضلال. وما كيد الكافرين حيث كادوا هذه المكيدة زعموا انهم اذا قتلوا ابناءهم لم يقووا وبقوا في رقهم وتحت عبوديتهم. فما كيدهم الا في ضلال. حيث لم يتم لهم ما قصدوا بل اصابهم ضد ما قصدوا اهلكهم الله وابادهم عن اخرهم. وتدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى. اذا كان السياق في قصة معينة او على شيء معين واراد الله ان يحكم على ذلك المعين بحكم لا يختص به ذكر الحكم. وعلقه على الوصف العام ليكون اعم. وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لاجلها. وليندفع الايهام باختصاص الحكم بذلك المعين. فلهذا لم يقول وما كيدهم الا في ضلال بل قال وما كيد الكافرين الا في ضلال وقال قال فرعون متكبرا متجبرا مغررا لقومه السفهاء. ذروني اقتل موسى وليدعو ربه. اي زعم قبحه الله انه لولا مراعاة خواطر قومه لقتله. وانه لا يمنعه من دعاء ربه. ثم ذكر الحامل له على ارادة قتله. وانه نصح لقومه وازالة الشر في الارض فقال اني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد اني اخاف ان يبدل دينكم الذي انتم عليه. وهذا من اعجب ما يكون ان يكون شر الخلق ينصح الناس عن اتباع خير الخلق هذا من التمويه والترويج الذي لا يدخل الا عقل من قال الله فيهم فاستخف قومه انهم كانوا قوما فاسقين. وقال موسى اني عذت بربي وربكم من كل متكبر وقال موسى حين قال فرعون تلك المقالة الشنيعة التي اوجبها له طغيته واستعان فيها بقوته واقتداره. مستعينا بربه. اني عذت بربي وربكم. اي امتنعت بربوبيته التي دبر بها جميع الامور اي يحمله تكبره وعدم بيوم الحساب على الشر والفساد. يدخل فيه فرعون وغيره كما تقدم قريبا في القاعدة. فمنعه الله تعالى بلطفه من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب وقيض له من الاسباب من دفع به عنه شر فرعون وملأه. وقال رجل مؤمن من ال فرعون ومن جملة الاسباب هذا الرجل المؤمن الذي من ال فرعون من بيت المملكة لابد ان يكون له كلمة مسموعة وخصوصا اذا كان يظهر موافقتهم ويكتم ايمانه. فانهم يراعونه في الغالب ما لا يراعونه لو خالفهم في الظاهر. كما منع الله محمدا صلى الله عليه وسلم بعمه ابي طالب من قريش. حيث كان ابو طالب كبيرا عندهم موافقا لهم على دينه ولو كان مسلما لم يحصل منه ذلك المنع. فقال ذلك الرجل المؤمن الموفق العاقل الحازم مقبحا فعل قومه وشناعة ما عزموا عليه اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله؟ اي كيف تستحلون قتله؟ وهذا ذنبه وجرمه. ان يقول ربي الله لم يكن ايضا قولا مجردا عن البينات. ولهذا قال بينته اشتهرت عندهم اشتهارا علم به الصغير والكبير. اي فهذا لا يوجب قتله. فهلا ابطلتم قبل ذلك ما جاء به من الحق؟ وقبل البرهان ببرهان يرده. ثم بعد ذلك نظرتم هل يحل قتله اذا ظهرتم عليه بالحجة ام لا؟ فاما وقد ظهرت حجته واستعلى برهانه. فبينكم وبين حل قتله مفاوز تنقطع بها اعناق المطي. ثم قال لهم مقالة عقلية تقنع كل عاقل باي حال قدرت؟ فقال اي موسى بين امرين اما كاذب في دعواه او صادق فيها. فان كان كاذبا فكذبه عليه وضرره مختص به. وليس عليكم في ذلك ضرر حيث امتنعتم من اجابته وتصديقه. وان كان صادقا وقد جاءكم بالبينات واخبركم انكم ان لم تجيبوه عذبكم الله عذابا في الدنيا وعذابا في الاخرة. فانه لا بد ان يصيبكم بعض الذي يعدكم وهو عذاب الدنيا وهذا من حسن عقله ولطف دفعه عن موسى. حيث اتى بهذا الجواب الذي لا تشويش فيه عليهم. وجعل الامر دائرا بين تلك حالتين وعلى كل تقدير فقتله سفه وجهل منكم. ثم انتقل رضي الله عنه وارضاه وغفر له ورحمه. الى امر اعلى من ذلك وبيان قرب موسى من الحق فقال ان الله لا يهدي من هو مسرف. اي متجاوز الحد بترك الحق والاقبال على الباطل. كذاب بنسبته ما اسرف فيه الى الله فهذا لا يهديه الله الى طريق الصواب. لا في مدلوله ولا في دليله. ولا يوفق للصراط المستقيم. اي وقد رأيتم ما دعا موسى اليه من حق وما هداه الله الى بيانه من البراهين العقلية والخوارق السماوية. فالذي اهتدى هذا الهدى لا يمكن ان يكون مسرفا ولا كاذبا وهذا دليل على كمال علمه وعقله ومعرفته بربه. ثم حذر قومه ونصحهم وخوفهم عذاب الاخرة. ونهاهم عن الملك الظاهر فقال يا قومي لكم الملك اليوم اي في الدنيا ظاهرين في الارض على رعيتكم تنفذون فيهم ما شئتم من التدبير فهبكم حصل لكم ذلك وتم ولن يتم فمن ينصرنا من بأس الله اي عذابه ان جاءنا وهذا من حسن دعوته. حيث جعل الامر مشتركا بينه وبينهم بقوله. فمن ينصرنا وقوله ان جاءنا ليفهمهم انه ينصح لهم كما ينصح لنفسه. ويرضى لهم ما يرضى لنفسه وما اهديكم الا سبيل الرشاد. فقال فرعون معارضا له في ذلك ومغررا لقومه ان يتبعوا موسى ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد. وصدق في قوله ما اريكم الا ما ارى. ولكن ما الذي اه رأى ان يستخف قومه فيتابعوه. ليقيم بهم رياسته ولم يرى الحق معه. بل رأى الحق مع موسى وجحد به مستيقظ وكذب في قوله وما اهديكم الا سبيل الرشاد. فان هذا قلب للحق فلو امرهم باتباعه اتباعا مجردا على كفر وضلاله لكان الشر اهون. ولكنه امرهم باتباعه. وزعم ان في اتباعه اتباع الحق. وفي اتباع الحق اتباع ضلال وقال الذي امن يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب. وقال الذي امن مكررا دعوة قومه غير ايس من هدايتهم كما هي حالة الدعاة الى الله. لا يزالون يدعون الى ربهم ولا يردهم عن ذلك راد ولا يثنيهم عتو من دعوه عن تكرار الدعوة. فقال لهم يا قومي اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب يعني الامم المكذبين الذين تحزبوا على انبيائهم واجتمعوا على معارضتهم ثم بينهم فقال اي مثل عادتهم في الكفر والتكذيب وعادة الله فيهم بالعقوبة العالية في الدنيا قبل الاخرة. فيعذبهم بغير ذنب اذنبوه ولا جرم اسلفوه ولما خوفهم العقوبات الدنيوية خوفهم العقوبات الاخروية فقال اي يوم القيامة حين ينادي اهل الجنة اهل النار ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله قالوا ان الله حرمهما ما على الكافرين. وحين ينادي اهل النار مالكا ليقضي علينا ربك. فيقول انكم ماكثون. وحين ينادون ربهم ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون. فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون. وحين يقال للمشركين ادعوا دعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم. فخوفهم رضي الله عنه هذا اليوم المهول. وتوجه لهم ان اقاموا على شركهم بذلك ولهذا قال يوم تولون مدبرين اي ذهب بكم الى النار ما لكم من الله من عاصم. لا من انفسكم قوة تدفعون بها عذاب الله. ولا ينصركم من دونه من احد فلا سبيل الى هدايته ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب عليهما السلام من قبل اتيان موسى بالبينات الدالة على صدقه وامركم بعبادة ربكم وحده لا شريك له. فما زلتم في شك مما جاءكم به في حياته حتى اذا هلك ازداد شككم وشرككم وقلتم لن يبعث الله من بعده رسولا. اي هذا ظنكم الباطل. وحسبانكم الذي لا يليق بالله تعالى. فانه تعالى لا يترك خلقه سدى. لا يأمره وينهاهم ويرسل اليهم رسله. وظنوا ان الله لا يرسل رسولا. ظنوا ضلال. ولهذا قال وهذا هو وصفهم الحقيقي الذي وصفوا به موسى ظلما وعلوا. فهم المسرفون بتجاوزهم الحق وعدولهم عنه الى الضلال وهم الكذبة. حيث نسبوا ذلك الى الله وكذبوا رسوله. فالذي وصفه السرف كذب لا ينفك عنهما لا يهديه الله. ولا يوفقه للخير. لانه رد الحق بعد ان وصل اليه وعرفه. فجزاؤه ان يعاقبه الله بان يمنعه الهدى كما قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون. والله لا يهدي القوم الظالمين. ثم ذكر وصف المسرف الكذاب فقال الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله عند الذين امنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار الذين يجادلون في ايات الله التي بينت الحق من الباطل. وصارت من ظهورها بمنزلة الشمس للبصر. فهم يجادلون فيها على وضوحها يدفعوها ويبطلوها بغير سلطان اتاهم. اي بغير حجة وبرهان. وهذا وصف لازم لكل من جادل في ايات الله فانه من المحال ان يجادل بسلطان. لان الحق لا يعارضه معارض. فلا يمكن ان يعارض بدليل شرعي او عقلي كبر ذلك القول المتضمن لرد الحق بالباطل عند الله وعند الذين امنوا. فالله اشد بغضا لصاحبه. لانه تضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل. ونسبته اليه وهذه امور يشتد بغض الله لها ولمن اتصف بها. وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك اشد المقت موافقة بهم وهؤلاء خواص خلق الله تعالى. فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه. كذلك يطبع الله على كل قلب كذلك اي كما طبع على قلوب ال فرعون يطبع الله على فكل قلب متكبر جبار. متكبر في نفسه على الحق برده. وعلى الخلق باحتقارهم. جبار بكثرة ظلمه وعدوانه وقال في العون يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السماوات فاطلع الى اله موسى موسى وقال فرعون معارضا لموسى ومكذبا له في دعوته الى الاقرار برب العالمين. الذي على العرش استوى وعلى الخلق اعتلى. يا هامان ابن لي صرحا. اي بناء عظيما مرتفعا والقصد منه لعلي اطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا في دعواه ان لنا ربا وانه فوق السماوات ولكنه يريد ان يحتاط فرعون ويختبر الامر بنفسه. قال الله تعالى في بيان الذي حمله على هذا القول وكذلك زين لفرعون سوء عمله. فزين له العمل السيء فلم يزل الشيطان يزينه وهو يدعو اليه ويحسنه. حتى رآه حسنا. ودعا اليه وناظر مناظرة المحقين. وهو من اعظم المفسدين وصد عن السبيل الحق بسبب الباطل الذي زين له فما كيد فرعون الذي اراد ان يكيد به الحق ويوهم به الناس انه محق. وان موسى مبطل الا في تباب. اي خسار وبواب لا يفيده الا الشقاء في الدنيا والاخرة. وقال الذي امن يا قوم اتبعون يهدكم سبيل الرشاد وقال الذي امن معيدا نصيحته لقومه يا قومي اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد. لا كما يقول لكم فرعون فانه انه لا يهديكم الا طريق الغي والفساد. يا قومي ما هذه الحياة الدنيا متاع؟ يتمتع بها ويتنعم قليلا. ثم تنقطع وتضمحل. فلا تغرنكم وتخدعنكم عما خلقتم له التي هي محل الاقامة. ومنزل السكون والاستقرار فينبغي لكم ان تؤثروها وتعملوا لها عملا يسعدكم فيها من عمل السيئة من شرك او فسوق او عصيان فلا يجزى الا مثلها. اي لا يجازى الا بما يسوؤه ويحزنه. لان ان يعطون اجرهم بلا حد ولا عد. بل يعطيهم الله ما لا تبلغه اعمالهم ويا قومي ما لي ادعوكم الى النجاة بما قلت لكم وتدعون الى النار بترك اتباع نبي الله موسى عليه السلام. ثم فسر ذلك فقال تدعونني لاكفر بالله واشرك به ما ليس لي به علم انه يستحق ان يعبد من دون الله والقول على الله بلا علم من اكبر الذنوب واقبحها وانا ادعوكم الى العزيز الذي له القوة كلها. وغيره ليس بيده من الامر شيء. الغفار الذي يسرف العباد عن على انفسهم ويتجرأون على مساخطه. ثم اذا تابوا وانابوا اليه كفر عنهم السيئات والذنوب ودفع موجباتها من العقوبات الدنيوية والاخروية لا جرم اي حقا يقينا انها تدعونني اليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الاخرة. اي لا يستحق من الدعوة الي والحث على اللجأ اليه لا في الدنيا ولا في الاخرة لعجزه ونقصه وانه لا يملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا ولا نشورا. فسيجازي كل عامل بعمله وهم الذين اسرفوا على انفسهم بالتجرأ على ربهم بمعاصيه والكفر دون غيرهم. فلما نصحهم وحذرهم وانذرهم ولم يطيعوه ولا وافقوه. قال لهم ما اقول لكم ما افوض امري الى فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد فستذكرون ما اقول لكم من هذه النصيحة. وسترون مغبة عدم قبولها حين يحل بكم العقاب. وتحرمون جزيل ثواب وافوض امري الى الله اي الجأ اليه واعتصم. والقي اموري كلها لديه واتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم او من غيركم ان الله بصير بالعباد يعلم احوالهم وما يستحقون. يعلم حالي وضعفي. فيمنعني منكم ويكفيني شركم. ويعلم احوالكم فلا تتصرفون الا بارادتي ومشيئته. فان سلطكم علي فبحكمة منه تعالى وعن ارادته ومشيئته صدر ذلك اي وقى الله القوي الرحيم. ذلك الرجل المؤمن الموفق عقوبات ما مكر فرعون واهله من ارادة اهلاكه واتلافه. لانه بادئهم بما يكرهون واظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام. ودعاهم الى ما دعاهم اليه موسى وهذا امر لا يحتملونه. وهم الذين لهم القدرة اذ ذاك. وقد اغضبهم واشتد حنقهم عليه. فارادوا به كيد فحفظه الله من كيدهم ومكرهم. وانقلب كيدهم ومكرهم على انفسهم. وحاط بال فرعون سوء اغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن اخرهم. وفي البرزخ ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب. فهذه العقوبات الشنيعة التي تحل بالمكذبين لرسول الله. المعاندين لامره