المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الودود اي المتودد الى خلقه بنعوته الجميلة والاءه الواسعة والطافه الخفية ونعمه الخفية والجلية فهو الودود بمعنى الواد وبمعنى المودود يحب اولياءه واصفيائه ويحبونه فهو الذي احبهم وجعل في قلوبهم المحبة فلما احبوه احبهم حبا اخر جزاء لهم على حبهم فالفضل كله راجع اليه فهو الذي وضع كل سبب يتوددهم به ويجلب ويجلب قلوبهم الى وده تودد اليهم بذكر ما له من النعوت الواسعة العظيمة الجميلة الجاذبة للقلوب السليمة والافئدة المستقيمة فان القلوب والارواح الصحيحة مجبولة على محبة الكمال والله تعالى له الكمال التام المطلق فكل وصف من صفاته له خاصية في العبودية وانجذاب القلوب الى مولاها ثم تودد لهم بالائه ونعمه العظيمة التي بها اوجدهم وبها ابقاهم واحياهم وبها اصلحهم وبها اتم لهم الامور وبها كمل لهم الضروريات والحاجيات والكماليات وبها هداهم للايمان والاسلام وبها هداهم لحقائق الاحسان وبها يسر لهم الامور وبها فرج عنهم الكربات وازال المشقات وبها شرع لهم الشرائع ويسرها ونفى عنهم الحرج وبها بين لهم الصراط المستقيم واعماله واقواله وبها يسر لهم سلوكه واعانهم على ذلك شرعا وقدرا وبها دفع عنهم المكاره والمضار كما جلب لهم المنافع والمسار وبها لطف بهم الطافا شاهدوا بعضها وما خفي عليهم منها اعظم فجميع ما فيه الخليقة من محبوبات القلوب والارواح والابدان الداخلية والخارجية الظاهرة والباطنة فانها من كرمه وجوده يتودد بها اليهم فان القلوب مجبولة على محبة المحسن اليها فاي احسان اعظم من هذا الاحسان الذي يتعذر احصاء اجناسه فضلا عن انواعه فضلا عن افراده وكل نعمة منه تطلب من العباد ان تمتلئ قلوبهم من مودته وحمده وشكره والثناء عليه ومن تودده ان العبد يشرد عنه فيتجرأ على المحرمات ويقصر في الواجبات والله يستره ويحلم عنه ويمده بالنعم ولا يقطع عنه منها شيئا ثم يقيض له من الاسباب والتذكيرات والمواعظ والارشادات ما يجلبه اليه فيتوب اليه وينيب فيغفر له تلك الجرائم ويمحو عنهما اسلفه من الذنوب العظائم ويعيد عليه وده وحبه ولعل هذا والله اعلم سر اقتران الودود بالغفور في قوله وهو الغفور الودود ومن كمال مودته للتائبين انه يفرح بتوبتهم اعظم فرح يقدر وانه ارحم بهم من والديهم واولادهم والناس اجمعين وان من احبه من اوليائه كان معه وسدده في حركاته وسكناته وجعله مجاب الدعوة وجيها عنده كما في الحديث القدسي لا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته واثار حبه لاوليائه واصفيائه عليهم لا تخطر ببال ولا تحصيها الاقلام واما مودة اوليائه له فهي روحهم وروحهم وحياتهم وسرورهم وبها فلاحهم وسعادتهم بها قاموا بعبوديته وبها حمدوه وشكروه وبها لهجت السنتهم بذكره وسعت جوارحهم لخدمته وبها قاموا بما عليهم من الحقوق المتنوعة وبها كفوا قلوبهم عن التعلق بغيره وخوفه ورجائه وجوارحهم عن مخالفته وبها صارت جميع محابهم الدينية والطبيعية تبعا لهذه المحبة اما الدينية فانهم لما احبوا ربهم احبوا انبيائه ورسله واولياءه واحبوا كل عمل يقرب اليه واحبوا ما احبه من زمان ومكان وعمل وعامل واما المحبة الطبيعية فانهم تناولوا شهواتهم التي جبلت النفوس على محبتها من مأكل ومشرب وملبس وراحة على وجه الاستعانة بها على ما يحبه مولاهم وايضا فكما قصدوا بها هذه الغاية الجليلة فانهم تناولوها بحكم امتثال الاوامر المطلقة في مثل قوله كلوا واشربوا ونحوها من الاوامر والترغيبات المتعلقة بالمباحات والراحات فصار السبب الحامل لها امتثال الامر والغاية التي قصدت لها الاستعانة بها على محبوبات الرب فصارت عاداتهم عبادات وصارت اوقاتهم كلها مشغولة بالتقرب الى محبوبهم وكل هذه الاثار الجميلة الجليلة من اثار المحبة التي تفضل بها عليهم محبوبهم وتقوى هذه الامور بحسب ما في القلب من الحب الذي هو روح الايمان وحقيقة التوحيد وعين التعبد واساس التقرب فكما ان الله ليس له مثيل في ذاته واوصافه فمحبته في قلوب اوليائه ليس لها مثيل ولا نظير في اسبابها وغاياتها ولا في قدرها واثارها ولا في لذتها وسرورها وفي بقائها ودوامها ولا في سلامتها من المنكدات والمكدرات من كل وجه